يولد الإنسان في هذه الحياة ويتعلق بها، فمنذ أن يخرج من بطن أمه تبدأ ساعة الصفر والتعرف على الدنيا وكلما كبر ازداد تعلقاً بها وارتفع سقف الطموحات لديه، ففي المرحلة الابتدائية يحلم ماذا سيكون عليه في المستقبل ويبدأ برسم حياته مع المقارنة بمن هم في سنه، ثم يدب الوعي في قلبه بالمرحلة المتوسطة وترتفع الهمة ومستوى الإدراك والفهم لديه، ثم ينتقل بعدها إلى المرحلة الثانوية التي تهتم بتكون الشخصية وتثيبت القواعد وإكمال المسيرة، فتبدأ عينه ترقب إلى أين سيمد بصره وما هو مستقبله؟ وعند المرحلة الجامعية تبدأ مرحلة الانفتاح والمطالعة وسعة الأفق فيجد التحدي في عدم التوافق فيما بناه وخطط له وما يتمناه!! ولكن حتماً سيتكيف ويخطط لمستقبله بشكل يتسم بالعلمية والعقلانية.
وفي الحياة الوظيفية يبدأ احتكاكه بذوي الخبرات والتطلعات وينخرط في الأعمال الإدارية، وتعد هذه المرحلة مرحلة الحصاد والإنتاج ، وما قبلها هي مرحلة غرس البذرة ، ثم ينتقل بعد ذلك إلى مرحلة تكوين الأسرة والانفصال عن أهله في بيت مستقل وحياة جديدة ويرتفع مستوى الوعي لديه ويتسع أفقه ، كلما تقدم في العمر تمر عليه العواصف والمحن والمصائب والابتلاءات التي تصنع منه الصبر، ثم يكبر حتى يصل إلى سن الأربعين وهو سن الرشد، من هنا تبدأ الحياة مختلفة عما كانت عليه قبل هذه المرحلة، هي المرحلة العمرية التي يبدأ يفكر فيها: عن ماذا قدم؟!! ، وهل ما يحصل عليه من راتب يتناسب مع متطلبات الحياة؟ في ظل تنامي أسرته وعدم امتلاكه لبيت، وما يقتضي ذلك من التزامات وحاجيات ضرورية وهو يرى أصحابه قد تخلوا عنه لطبيعة الحياة فكل واحد منهم لديه ما يشغله!
ويبدأ بالمقارنة فلان كنت معه في مرحلة من العمر وهو الآن في المنصب أو الدرجة الفلانية ويقيس على نفسه ويرى المفارقات فيزداد ألمه وتتأزم نفسيته فيهيم في الأرض حيران قد أوجعته ما يعرف بحمى منتصف العمر وينطوي على نفسه يتذكر أموراً كان يفعلها في العشرين والثلاثين، والآن قد تصعب عليه لظروف الحياة وتستمر آثار تلك الأزمة وتطول وتزداد أزمته حينما يصل عمره نهاية الأربعين، ينشغل عنه أهل بيته، الزوجة مع أبنائها في الحياة، و الأولاد في شق طريقهم وبناء مستقبلهم، ويتقاعد الخمسيني ويبدأ يعيش وحيداً لا يدري ماذا يفعل وقد علا الشيب مفرقه!!* ويكثر النقد على تصرفاته وكلماته وانفعالاته وأنها من خوارم المروءة التي كانت في وقت مضى من عمره من المسلمات والأمور العادية، وبعد الستين يسلم أمره لله فيعيش وكأن أجله قد اقترب، وحول رحلة العمر التي قمت بسردها أقف معك أخي القارئ في قبسات من نور لتجاوز كل المراحل السلبية التي قد يمر بها الإنسان في حياته الدنيوية.
1- ارضَ بما قسم الله لك وقدره لك في حياتك الدنيا وعلق قلبك بالله عز وجل وانظر إلى هذه الدنيا في إطارها الرباني وأنك لن تخلد فيها ، ولا تنظر إلى ما في يد غيرك، فالله هو أحكم وأعلم بعباده وما قدره لك ثق بأنه خير ولن يضيعك الله .
2- لكل عقد من الزمن جماله فاستمتع به، فسن العشرين هو مرحلة التجربة والتعلم والمعرفة ، والثلاثين هي مرحلة النتائج والثروة وبناء البوصلة الذاتية ، والأربعين مرحلة الرشد و العطاء والتجدد ،والخمسين هي مرحلة الاستشارات ونقل الخبرات واستكشاف العالم .
3- هناك قواسم مشتركة بين الأعمار فالعبادة والقراءة والسفر وغيرها من جماليات الحياة اجعلها أساساً في حياتك، واحرص على الرياضة في كل مراحل عمرك فهي تعطيك الأمل في الحياة وتجنبك الكثير من الأمراض بعد توفيق الله.
4- لاتدع الشيب يدب في شعرك فينعكس على نفسك وتصرفاتك و أنك قد كبرت واقترب أجلك تجدد كلما استطعت بما أحل الله لك وغيروا الشيب وجنبوه السواد كما قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام ، فهو عامل نفسي له تأثير سكيلوجي على النفس.
5- اهتم بأبنائك وأهل بيتك واصنع منهم قدوات ولكن رفه عن نفسك ولاتدعها أسيرة في المنزل وخالط الناس وكن اجتماعياً خفيف الظل والروح.
6- لا تحدث نفسك بأنك قد كبرت ثم تبدأ بالانعزال وترك الهوايات الجميلة واللحظات الماتعة من نزهة برية وغيرها فالحياة مليئة بالسرور والجمال فلا تبخل على نفسك بالاستمتاع بها طالما أنها من المباحات.
7- اقترب من الله واجعل حياتك عامرة بالإيمان واحرص على الأذكار وأن يكون لك ورد تستلذ به فيعطيك الله القوة والمنعة بإذنه ، واسعَ في خدمة الناس فالله في عون العبد ما دام العبد في خدمة أخيه.
8- لاتلتفت إلى أحاديث الناس والمنظرين والمحللين التي تجعلك في تعاسة دنيوية (هل اشتريت بيتاً، ماهو رصيدك ، لماذا لم تستثمر… .إلخ) عش لحظتك واستمتع بماكتب الله لك وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم { من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا }.
9- لكل عمر قوته ونشاطه فتدارك قبل أن تأسرك الأمراض المزمنة فهي غالبًا تنتج من تراكمات في رحلة عمرك من سوء تغذية فحافظ على صحتك ولياقتك .
10- إذا تقاعدت عن العمل احرص على أن لا تعود إلى العمل التنفيذي كن مستشاراً أو أسس لك عملاً استثماريًا وإن كان لابد فعملا جزئياً، فالجسم له طاقة لاتستنزفها.
11- اجتمع مع أصحابك وأقاربك بشكل دوري، خاصة الذين تكنّ لهم الود وتزول بينكم الكلفة والرسميات واحرص على تكوين الصدقات المخلصة وأنت في العشرين والثلاثين فهي الباقية .
12- كن هادئا ودودًا حكيمًا ولاتستثيرك المواقف ولاتتعالى فيمقتك أهل بيتك ومن يصحبك .
13- كن واصلاً لرحمك وتذكر أنها سبب لسعة الرزق ويؤخر لك في أجلك ويبارك الله في أهلك.
نسأل الله أن نكون ممن طال عمره وحسن عمله.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن تفجيرات البيجر التي هزت حزب الله
ديسمبر 23, 2024آخر تحديث: ديسمبر 23, 2024
المستقلة/-“تحت عنوان كيف خدع الموساد الإسرائيلي حزب الله لشراء أجهزة استدعاء متفجرة”، نشرت شبكة “سي بي إس نيوز” الأمريكية، مساء الأحد، تقريرا سلطت فيه الضوء على عملية استخبارية معقدة نفذها الموساد الإسرائيلي.
التقرير، الذي استند إلى شهادات عميلين سابقين، كشف عن تفاصيل جديدة حول استخدام أجهزة البيجر كأداة لاستهداف حزب الله، وهي عملية هزت لبنان وسوريا بعد أن استهدفت عناصر الحزب خلال سبتمبر/أيلول الماضي.
وفي التفاصيل التي كشف عنها العميلان خلال ظهور مقنع وبصوت معدل ضمن برنامج “60 دقيقة” على الشبكة الأمريكية، أوضح أحدهما أن العملية بدأت قبل عشر سنوات باستخدام أجهزة “ووكي توكي” تحتوي على متفجرات مخفية، والتي لم يدرك “حزب الله” أنه كان يشتريها من إسرائيل، عدوته.
وعلى الرغم من مرور السنوات، ظلت هذه الأجهزة خامدة حتى تم تفجيرها بشكل متزامن في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد يوم واحد من تفجير أجهزة الإرسال المفخخة “البيجر”.
أما المرحلة الثانية من الخطة، وفقًا لما كشفه العميل الثاني، فقد بدأت في عام 2022، عندما حصل جهاز الموساد الإسرائيلي على معلومات تفيد بأن حزب الله يعتزم شراء أجهزة البيجر من شركة مقرها تايوان.
وأوضح العميل أنه “لتنفيذ الخطة بدقة، كان من الضروري تعديل أجهزة البيجر لتصبح أكبر من حيث الحجم ولتتمكن من استيعاب كمية المتفجرات المخفية بداخلها”.
وأضاف أن “الموساد أجرى اختبارات دقيقة على دمى لمحاكاة تأثير الانفجار، لضمان تحديد كمية المتفجرات التي تستهدف المقاتل فقط، دون إلحاق أي أذى بالأشخاص القريبين”.
هذا وأشار التقرير أيضًا إلى أن “الموساد أجرى اختبارات متعددة على نغمات الرنين، بهدف اختيار نغمة تبدو عاجلة بما يكفي لدفع الشخص المستهدف إلى إخراج جهاز البيجر من جيبه على الفور”.
وذكر العميل الثاني، الذي أُطلق عليه اسم غابرييل، أن إقناع حزب الله بالانتقال إلى أجهزة البيجر الأكبر حجمًا استغرق حوالي أسبوعين.
وأضاف أن العملية تضمنت استخدام إعلانات مزيفة نُشرت على يوتيوب، تروّج لهذه الأجهزة باعتبارها مقاومة للغبار والماء، وتتميز بعمر بطارية طويل.
وتحدث غابرييل عن استخدام شركات وهمية، من بينها شركة مقرها المجر، كجزء من الخطة لخداع شركة غولد أبولو التايوانية ودفعها للتعاون مع الموساد دون علمها بحقيقة الأمر.
وأشار العميل إلى أن حزب الله لم يكن على علم بأن الشركة الوهمية التي تعامل معها كانت تعمل بالتنسيق مع إسرائيل”.
وأسفرت تفجيرات أجهزة البيجر وأجهزة اللاسلكي التي نفذتها إسرائيل في سبتمبر الماضي عن مقتل وإصابة الآلاف من عناصر حزب الله والمدنيين والعاملين في مؤسسات مختلفة في لبنان وسوريا.
وكان موقع “أكسيوس” قد ذكر بعد أيام من تنفيذ الضربة، أن الموساد قام بتفجير أجهزة الاستدعاء التي يحملها أعضاء حزب الله في لبنان وسوريا خوفًا من اكتشاف الحزب الأمر، بعد أن كشف الذكاء الاصطناعي أن اثنين من ضباط الحزب لديهم شكوك حول الأجهزة.
وفي خطاب ألقاه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، تعليقًا على الضربات التي وقعت قبل أيام من اغتياله، وصف نصر الله الهجوم بأنه “عدوان كبير وغير مسبوق”. وأضاف: “العدو قد تجاوز في هذه العملية كل الضوابط والخطوط الحمراء والقوانين، ولم يكترث لأي شيء من الناحيتين الأخلاقية والقانونية”.
وأوضح أن “التفجيرات وقعت في أماكن مدنية مثل المستشفيات، الصيدليات، الأسواق، المنازل، السيارات، والطرقات العامة، حيث يتواجد العديد من المدنيين، النساء، والأطفال”.