جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-28@16:39:55 GMT

لا تتحالفوا على من ثأر لكرامتنا

تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT

لا تتحالفوا على من ثأر لكرامتنا

 

علي بن سالم كفيتان

يا من لم تُحركهم استغاثات النساء والأطفال في غزة منذ 70 يومًا ولم تهتز شعرة من كبريائهم المسلوب للجرائم المشينة التي ترتكبها عصابة نتنياهو وجانتس وبن غفير، ما بالي أراكم اليوم تتنادون للتحالف على اليمن الذي مسح شيئًا من العار الذي لحق بصمتكم المُشين على ما يحدث في فلسطين؟

تأكدوا أن ضربكم لليمن الذي قطع خطوط التجارة عن تلك العصابة وأربابهم ليستنجدوا بكم بحجة تأثر تجارتكم لتهبوا نيابة عنهم لحراسة تجارتهم والسفن التي تمدهم بالسلاح والمؤونة لقتل أهل غزة ليل نهار، إن هبتكم مع الأعداء والخونة ستكون الحلقة الأخيرة بينكم وبين شعوبكم، ولسان حالهم يقول: نحن الشعوب نتنازل عن دخل موانئكم وكساد تجارتكم وفقدان وظائفكم حتى يتوقف المغتصب عن قتل إخواننا في فلسطين، ولا جزاكم الله خيرًا، ولا نصركم إن أقدمتم على ضرب اليمن الذي ثأر لكرامتنا التي أهدرتموها بمواقفكم المخزية.

الغرب لا يعترف بلغة الاستنكار والشجب وطلباتكم المتراكمة في الأمم المتحدة التي لفظت أنفاسها الأخيرة بعد عجزها عن لجم تعطش الصهاينة للدم الفلسطيني وإمداد أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا بالسلاح والمؤونة للعدو المغتصب، فيما أغلق اليمنيون باب المندب أمام السفن التي تعزز من أرباح الكيان الصهيوني، فاليمنيون قد ثارت حميتهم للحق وإنصاف المظلوم ونجدة الملهوف، فهبوا بقواربهم ليسحبوا أموال بني صهيون ومصالحهم إلى ميناء الحُديدة، ومن لم يستجب نال حظه مما يستحق. واشترط اليمنيون وقف الحرب وفتح المعابر وإدخال الماء والغذاء والدواء الى غزة لكي يسمحوا بمرور المصالح الصهيونية مُجددًا، فلا يستقيم أن تُحرس السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال، فيما هو يقتل إخواننا، ولا يستقيم أن نمرر لهم شحنات الغذاء والدواء وهم يمنعونها عن أهالينا المنكوبين في غزة، فهل من العدالة أن يُجيِّشكم الغرب الظالم المنحاز لبني صهيون لضرب اليمن الذي مسح عاركم منذ بداية الأزمة؟

أتعلمون لماذا اختلفت لهجة بايدن وعادت فرنسا وبريطانيا وألمانيا للحديث عن ضرورة وقف الحرب، بكل تأكيد لم تكن نتاج استنكاراتكم وشجبكم ولا شعوركم بالأسف، وحتمًا ليست من مكاسب وفودكم التي تجوب عواصم الغرب لاستجداء السلام؛ بل هي حصيلة صمود الفصائل الفلسطينية وقتل المزيد من الصهاينة والمرتزقة الغربيين في أزقة الشجاعية وتل الزيتون وجحر الديك، والذين باتوا يهيمون على وجوههم الى غير هدى ليصطادهم قناصو القسام وسرايا القدس. هنا نرى حصاد من خطط للمعركة ومن بدأها فهو يريد إلحاق أكبر قدر من الضرر بالمغتصبين اليهود الذين أكلوا الطعم وقدموا بخفهم وحافرهم- كما تقول العرب- الى غزة؛ ففي الماضي كان الصهاينة يقصفون كل ما على الأرض عن بعد ويقتلون أعدادًا كبيرة، ولا يكاد يُصاب منهم جندي، أما اليوم فقد باتوا غنائم يمكن صيدها بالحبل والعصا، والعشرات منهم في الأَسْرِ والبقية، يُقضى نحبهم في الأزقة والحواري.

وهذا هو النصر بعينه أيها المتخاذلون الخانعون، وفي الجانب الآخر استلم بني يمن نداء الاستغاثة، فدخلوا خليج باب المندب ليجروا منه مصالح بني صهيون ومن والاهم إلى موانئهم. هذه الثنائية هي التي يفهمها الصهاينة وأمريكا؛ لذلك لَانَت كلمتهم وخفت حِدَّة دعمهم لطفلهم الذي لا يكبر؛ فباتوا يستجدون من مندوب قطر التوسط لوقف جديد لإطلاق النار؛ لأن الدوحة تشكل زاوية السلام وبوابة الغوث للمنكوبين في فلسطين، عندما أغلقتم جميع أبوابكم ولم يصبح لكم عنوان.

لهذا.. ندعوكم يا من تأبطتم بدلكم الغربية وربطات أعناقكم الأنيقة واستحضرتم بزاتكم العسكرية المرصعة بالنياشين والأنواط من خزائنكم المُحكمة، تدفعكم حمية الغرب لنجدتهم من مستنقع باب المندب، ندعوكم للتريث في مواجهة اليمن حمايةً لمصالح بني صهيون والغرب، دعوا عنصر الضغط اليمني يعمل، ولنتنازل عن النقود والتبعات المالية، لاقتياد بضع سفن إلى ميناء الحديدة، ما دمنا تنازلنا عن عزتنا وكرامتنا لنصرة لفلسطين.

إن استنهاض جيوشكم وبوارجكم وطائراتكم لقصف اليمن سيكون عارًا، لن يمحوه الزمن ولن يغفره التاريخ.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العشاء الذي أسهم في إنقاذ أوروبا

في عام 1979، خلال الزيارة الأولى ليوحنا بول الثاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد تربعه على كرسي البابوية الكاثوليكية، التقى بول الثاني بالرئيس جيمي كارتر في البيت الأبيض. ولم يمض وقت طويل على ذلك، حتى وجه البابا دعوة إلى زبجنيو بريجينسكي، مستشار الأمن الوطني للرئيس كارتر، لحضور عشاء في سفارة الفاتيكان بواشنطن. كان كارتر قد رغب خلال مناقشته مع البابا حديث الانتخاب في تناول مسألة انحدار الأخلاق بجانب الشؤون العالمية، أما بريجينسكي فكانت في ذهنه مواضيع أكثر نزوعا إلى العملية.

كان الهاجس المشترك الذي يسيطر على البابا والمستشار هو الاتحاد السوفييتي. وفيما يتناولان عشاء بسيطا في السفارة البابوية للكرسي الرسولي، استكشفا السبل التي يستطيعان بها معا إضعاف قبضة موسكو على الأمم الواقعة في أسرها. أصيب بريجينسكي بالذهول من فرط معرفة البابا بالشؤون الجيوسياسية وسعة اطلاعه عليها. فقال مازحا: إن كارتر أقرب إلى زعيم روحي بينما البابا أشبه برجل دولة دنيوي. فإذا بالزعيم اليسوعي يؤكد المزحة بضحكة ارتج لها بطنه حسبما كتب بريجينسكي في يومياته الخاصة التي حصلت عليها بصفة حصرية.

ابتداء بذلك العشاء، جمع تحالفا وثيقا بين الرجلين بولنديي المولد، اللذين كان أحدهما أول بابا للكنيسة الكاثوليكية من خارج إيطاليا منذ أربعمائة وخمسة وخمسين عاما وكان الثاني أول أمريكي بولندي الأصل يتولى منصبا استراتيجيا رفيع المستوى (ولعله الوحيد إلى الآن).

وتبين في أواخر عام 1980 أن تلك العلاقة وليدة الصدفة شديدة الأهمية، وذلك عند إثناء السوفييت عن غزو بولندا التي كانت (حركة التضامن) قد ظهرت فيها للتو بوصفها تحديا جسيما للحكم الشيوعي. ودامت الشراكة من خلال التحاور في زيارات بريجينسكي للفاتيكان، وفي مراسلات مطولة بخط اليد، واتصالات عبر الهاتف. حتى أن هاتف بريجينسكي في البيت الأبيض كان فيه زر للاتصال السريع عليه حرف الباء من كلمة البابا.

علاقة البابا يوحنا بول مع بريجينسكي مثال ناصع لنجاح الدبلوماسية عند توافر الثقة المتبادلة. وقد يندر التوافق الغريزي، لكنه يكون عظيم الأثر عند توافره. والحوار الدائم سواء بين الأصدقاء أو بين الخصوم أمر شديد الأهمية في عالمنا المتقلب اليوم. والقدرة في لحظة التوتر على تناول الهاتف مع العلم بإمكانية الوثوق في الطرف الآخر أمر لا يتحقق إلا نتاجا لعمل وجهد مستمرين.

غير أن صعوبة تخصيص الوقت اللازم لذلك أمر يزداد صعوبة. كما أن التكنولوجيا تتيح وجود المبعوثين الرئاسيين على مقربة من البيت الأبيض ليستجيبوا لسيل الطلبات المتنافسة. والعالم بات أشد تعقيدا مما كان عليه الحال قبل أربعين سنة، ولم يتدن وضع الدبلوماسيين في الولايات المتحدة قط بقدر ما هو اليوم. والرصد الإعلامي المستمر على مدار الساعات الأربع والعشرين يجعل الخصوصية والسرية أمرا شديد الصعوبة. فزيارة كزيارة هنري كيسنجر السرية إلى بكين سنة 1971 لتمهيد التقارب مع ماو تسيتونج أمر يصعب تصوره اليوم.

كما أن كيسنجر أقام علاقات قوية مع نظرائه السوفييت (في حين كان بريجينسكي مكروها هناك، فأبقاه الرئيس كارتر بعيدا عنهم). وحتى مع قيام الرئيس ريتشارد نيسكون بإغواء الصين لتبتعد عن كتلة الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة، كان كيسنجر يتودد إلى وزير الخارجية السوفييتي المتزمت أندريه جروميكو، ويتناول العشاء بين الحين والآخر مع أناتولي دوبرينين السفير السوفييتي القديم في واشنطن. فاستطاعت الولايات المتحدة إبعاد الصين عن الاتحاد السوفييتي مع ترسيخ الوفاق مع موسكو فكان ذلك مأثرة للدبلوماسية. وكان أيضا ثمرة لاستثمار الوقت في تمتين العلاقات الشخصية.

من الأمثلة القليلة الحديثة على الحوار الدائم بين الخصوم مثال جيك سوليفان ـ مستشار الأمن الوطني للرئيس جو بايدن ـ ووانج جواي كبير الدبلوماسيين الصينيين. ففي النصف الثاني من ولاية بايدن، التقى الرجلان في فيينا، ومالطا، وبانكوك، وبكين، وواشنطن لإجراء محادثات وصلت إلى خمسين ساعة بحسب ما قال سوليفان. غير أن سعي جيك سوليفان إلى إضفاء طابع الاستقرار على العلاقات الأمريكية الصينية انتهى فجأة بانتصار دونالد ترامب في نوفمبر الماضي. ولم يستجب الرئيس ترامب حتى الآن لطلب الصين منه تعيين مبعوث خاص.

بدون الثقة التي تنجم عن صلابة العلاقة بين المسؤولين، تزداد كثيرا خطورة أن يقع بالصدفة حادث عسكري ناجم عن سوء التواصل أو الجهل. فيجب في المقام الأول ألا توجد مفاجآت. والحديث المسهب يوضح نوايا الجانب الآخر ويقلل فرص حسابات خاطئة قد تكون مهلكة. وحتى بدون أولويات الرئيس ترامب المتغيرة التي لا يمكن التنبؤ بها، فإن عالمنا اليوم أشد صعوبة على أي رئيس أمريكي من مناورة الانقسام بين القطبين في أثناء الحرب الباردة.

لم يكن دأب المناورات السياسية الأمريكية قط أن تتوقف عند حدود البلد. لكن السياسة الخارجية لم تكن مسيَّسة خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بقدر ما هي اليوم.

فلقد بلغ الخطر على بولندا سنة 1980 نقطة الذروة بعد أن خسر كارتر الانتخابات أمام رونالد ريجان. ففي السادس من ديسمبر، حذر رئيس المخابرات الأمريكية ستانسفيلد تيرنر الرئيس الأمريكي من احتمال قيام الاتحاد السوفييتي بغزو بولندا في غضون ثمان وأربعين ساعة. وكان للسوفييت قرابة خمس عشرة كتيبة على حدود بولندا. وكان بريجينسكي والبابا يوحنا بول يعملان معا منذ أسابيع عبر الهاتف لتحذير حركة التضامن وزعيمها الكاريزمي ليخ فاونسا من أجل كبح الخطاب المعادي للسوفييت. إذ قالا له إنه لا ينبغي إعطاء السوفييت ذريعة لعبور الحدود.

في الوقت نفسه، أوضحت واشنطن وزعماء الأمم المتحالفة والفاتيكان للسوفييت أن بولندا أمر غير قابل للهضم. فخلافا لغزو السوفييت للمجر سنة 1956 ولتشيكوسلوفاكيا سنة 1968، سوف يقابل الجيش الأحمر مقاومة ثقيلة من العمال المنتمين إلى نقابة فاونسا العمالية الجماهيرية، ومن الكنيسة الكاثوليكية، بل ومن عناصر في الجيش البولندي. وفي أثناء ذلك، كان بريجينسكي يطلع فريق الرئيس التالي على المستجدات. ووافق مستشار الأمن الوطني القادم ريتشارد ألن على تأكيد تحذيرات كارتر لموسكو.

لم يقتصر انتفاع علاقة بريجينسكي بالبابا يوحنا بول على أصولهما البولندية فقط، وإنما انتفعت أيضا من التوقيت: فقد انتخب كاروف فويتيلا لمنصب البابوية سنة 1978. وعندما أعلن الفاتيكان النتيجة، أمر يوري أندروبوف ـ رئيس جهاز كيه جي بي ـ بإعداد تقرير عن الانتخابات، فكشف التقرير عن مؤامرة بريجينسكي لتزوير اجتماع الكرادلة. لم يكن من أساس لذلك الزعم. ولكن علاقة البابا وبريجينسكي جاءت تعويضا لجنون موسكو. وبسبب التنسيق بينهما في التكتيكات، وهو التنسيق القائم على الثقة والصداقة، ساعدا في الحيلولة دون وقوع غزو كان يمكن أن يغير

مسار التاريخ.

إدوارد لوس صحفي إنجليزي يعمل محررا للشؤون الأمريكية وكاتب عمود في فايننشال تايمز.

** خدمة نيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • العشاء الذي أسهم في إنقاذ أوروبا
  • قيادي حوثي يوجه انتقادا لاذعاً للحوثيين ويوكد ان القرارات التي ورطت اليمن جاءت بدوافع طائفية ضيقة بعيدًا عن المصلحة الوطنية العليا
  • «وقفة».. أهداف الصهاينة في الفترة القادمة «٢»
  • من هو القيادي الحوثي عبدالله الرصاص الذي استهدفه الجيش الأمريكي في اليمن؟
  • ياويل عبدالرحيم دقلو الذي لن يجد جحراً يلوذ به
  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟
  • باكستان تتهم الصهاينة بتأجيج التوتر مع الهند وتلوح باستخدام السلاح النووي
  • موقع الحرب الأمريكي: ما هي الدفاعات الجوية التي يمتلكها الحوثيون في اليمن فعليًا؟ (ترجمة خاصة)
  • عائلات الأسرى الصهاينة تؤكد: الضغط العسكري بغزة يقتل أبناءنا!
  • ما الذي ستكشف عنه قوات صنعاء في بيانها بعد اقل من ساعة..!