احتفل التركي نجم الدين أربكان أكيوز (21 عاما)، أمس الأحد 17 ديسمبر/كانون الأول 2023، بفوزه بالبطولة الأوروبية في الكونغ فو التي أقيمت في مدينة إسطنبول برفع العلم الفلسطيني وأداء "رقصة أصحاب الأرض" المعروفة بـ "الدبكة".

وأظهر مقطع فيديو اللاعب التركي وهو يصعد إلى منصة التتويج ليقوم أحد منظمي البطولة بتعليق الميدالية الذهبية في رقبته، بعدها قام أكيوز بإعطاء شهادة الفوز لزميله ثم أخرج العلم الفلسطيني من تحت قميصه ورفعه عاليا بكلتا يديه.

ولم يكتف أكيوز بذلك بل فاجأ الجميع بأداء رقصة "الدبكة" الشهيرة تعبيرا عن تضامنه مع حرية فلسطين ونضالها ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما هتف قبيل نزوله "إسرائيل إرهابية".

وكتب أكيوز على منصة إنستغرام، "بغض النظر عن مدى عدم ارتياحهم، أردت أن أذكرهم وأنا على منصة التتويج في بطولة أوروبا، أنني فزت بلقبين من خلال هتافي (إسرائيل الإرهابية)".

View this post on Instagram

A post shared by Necmettin Erbakan Akyüz (@necmettinerbakanakyuz)

وحسب وسائل إعلام تركية، فإن والد بطل أوروبا في الكونغ فو -عبد الرحمن أكيوز- اختار اسم نجم الدين أربكان لابنه تبركا بالراحل نجم الدين أربكان، رئيس وزراء تركيا السابق، إذ كان والد أكيوز حارسا شخصيا له.

"رقصة أصحاب الأرض"

وقبل عدة سنوات، انتشر مقطع فيديو لشاب فلسطيني يقوم بأداء الرقصة عقب اشتباكات مع جنود الاحتلال الإسرائيلي، حيث شبهها البعض بـ"رقصة الحرية" أو "رقصة النصر" أو "رقصة أصحاب الأرض" عند الهنود الحمر السكان الأصليين في أميركا.

ومنذ أداء الشاب الفلسطيني لهذه الرقصة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي وبدأت تنتشر في ميادين مختلفة في بلدان العالم وبين اللاعبين الرياضيين، وأصبحت علامة من علامات التضامن مع فلسطين.

وفي ديسمبر/كانون الأول الجاري، أدرجت الدبكة الفلسطينية على اللائحة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، خلال الدورة الـ18 للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو".

وتعتبر الدبكة موروثا يلازم الفلسطينيين في أفراحهم، ويحرصون على توريثه من جيل إلى آخر خوفا عليه من الضياع وحفاظا على هويتهم من الاندثار.

والدبكة رقصة فولكلورية شعبية منتشرة في بلاد الشام، وتمارس غالبا في المهرجانات والاحتفالات والأعراس، وتتكون فرقة الدبكة من مجموعة تزيد عادة على 10 أشخاص يدعون "الدبيكة"، وعازف اليرغول أو الشبابة والطبل.

والدبكة رقصة شرقية جماعية تشتمل على ثياب وأدوات ومعدات تقليدية، وهي معروفة في فلسطين، ولبنان وسوريا والأردن وتركيا والعراق، وكذلك شمال السعودية، حيث يتميز أداء المشاركين فيها بالتناغم.

وهناك "دبكات" مختلفة، أكثرها تأثيرا ما يشعل حماس الجمهور ويكرس معاني الشهامة والفروسية والإيثار والتسامح.

ويحمل تشابك الأيدي وترديد هتافات متصاعدة دلالات على القوة والتماسك والتكاتف وسد الفراغ، في تعبير رمزي عن صد محاولات التفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

عندما تتكلم الأرض: خواطر من لحظات الزلزال

لكل شيء في هذا الكون لغة، حتى الأرض الصامتة تحت أقدامنا تحدثنا أحيانا.. بطريقتها. بالأمس تكلمت الأرض في تركيا بصوت مسموع، فاهتزت بقوة 6.2 على مقياس ريختر، وترجمت حركتها إلى لغة فهمتها القلوب قبل العقول. رجت الأرض رجا، وهز الخوف النفوس هزا، فهرع الناس إلى الخلاء، وباتوا في المساجد والشوارع والمدارس، يلتمسون الأمان تحت سقف السماء المفتوح.

همسات الأرض.. وصرخات الفطرة

"إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا" (الزلزلة: 1-3).

في تلك اللحظات التي تميد فيها الأرض، يتساءل الإنسان في دهشة: "ما لها؟".. سؤال الحيرة والعجز. تساؤل يختصر الموقف الإنساني أمام قوى الطبيعة، لكن السؤال الأعمق الذي ينبغي أن نسأله: "ماذا تقول الأرض؟ ما هي رسالتها؟".

الأرض تتكلم بصمت عن عظمة خالقها، تحدثنا عن قدرة من أمسك السماوات والأرض أن تزولا. تهمس في أعماقنا أننا عابرون على ظهرها، وليس لنا فيها مقام دائم. قال تعالى: "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ" (الأنبياء: 34).

في هذه الهزات العنيفة، تصرخ الفطرة الإنسانية وتتجلى في أنقى صورها. ففي لحظات الخطر، لا يتذكر الإنسان إلا ربه، ولا يلهج لسانه إلا بذكره. "وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدا أَوْ قَائِما فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ" (يونس: 12).

لغة الأرض.. وأبجدية السماء

لو أنصتنا جيدا للغة الأرض، لوجدناها تنطق بكتاب الله المسطور. تتجلى فيها آيات الكون، وتتضح معاني القرآن. فالزلزال يجعلنا نفهم معنى قوله تعالى: "يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ" (النازعات: 6-8).

لعل أجمل ما في هذه اللغة الكونية، أنها تحييي فينا لغة أخرى كادت تندثر.. لغة السماء، لغة الدعاء والتضرع والإنابة إلى الله. فجأة، وجد الناس أنفسهم يرددون أدعية كانوا قد نسوها، ويلهجون بأذكار ربما هجروها
ولعل أجمل ما في هذه اللغة الكونية، أنها تحييي فينا لغة أخرى كادت تندثر.. لغة السماء، لغة الدعاء والتضرع والإنابة إلى الله. فجأة، وجد الناس أنفسهم يرددون أدعية كانوا قد نسوها، ويلهجون بأذكار ربما هجروها.

شهد أحد شهود العيان أن كثيرا من الناس تجمعوا في ساحات المساجد، يصلون ويدعون بخشوع نادر. كأن الزلزال أثار في النفوس غبارا من الخشية تراكم فوق فطرتهم، فكشفه وأظهر ما تحته من جوهر التوحيد الصافي.

صرخة الأرض.. ويقظة القلوب

الزلزال ليس مجرد حركة في القشرة الأرضية.. إنه صرخة توقظ القلوب الغافلة، ونداء يخترق جدران اللامبالاة. عندما تهتز الأرض، تستيقظ فينا معانٍ عميقة:

معنى العبودية الحق: حين تتزلزل الأرض، نكتشف حقيقتنا كعبيد ضعفاء أمام قوة الله. نتخلى عن أوهام القوة والسيطرة، ونعود إلى الافتقار إلى الله.. "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" (فاطر: 15).

معنى الأخوة الإنسانية: في لحظات الخطر، تذوب الفوارق الطبقية والاجتماعية. لا فرق بين غني وفقير، ولا بين قوي وضعيف. الكل يواجه المصير نفسه، ويشعر بالخوف ذاته. رأينا في تركيا كيف تلاحمت القلوب، وتكاتفت الأيدي، وصار الناس كالجسد الواحد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (رواه البخاري ومسلم).

معنى زوال الدنيا: الزلزال يذكرنا بحقيقة هذه الدنيا.. أنها دار ممر لا دار مقر. فالبيوت التي كانت آمنة مطمئنة، أصبحت في لحظات مصدر خوف ورعب. والشعور بالاستقرار الذي بنيناه على أساس مادي، تبخر في لحظات. قال تعالى: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" (الرحمن: 26-27).

شهادات من قلب الزلزال.. دروس من رحم المعاناة

من بين أنات القلوب ونظرات العيون، ومن ساحات المساجد المكتظة بالمصلين، ومن قلب المعاناة، تتجلى شهادات حية تروي لنا دروسا في الإيمان:

- تروي إحدى السيدات كيف كانت تصرخ "الله أكبر" طوال مدة الزلزال، وكيف لم يخطر ببالها سوى هذا الذكر. إنها حقيقة الفطرة التي تبرز وقت الشدة.

- يحكي عم خلف أن أحد الشباب كان همه نطق الشهادتين وقد نطقهما، بينما يعتب هو على نفسه أنه كان مشغولا بالفرار من الموقف عن التشهد.

- يحكي أحدهم أنه كان مشغولا بتخليص أهله.. زوجه المريضة وابنته الحامل في الشهر الأخير وحفيدته الصغيرة، وكان يطمئنهن بسلوكه أكثر من حديثه.

- يحكي الأستاذ الجامعي كيف بات في المسجد الجميل المدفأ بخدماته الراقية ليلة صعبة على النفس يسميها تجربة الـ 1/1000، بينما أهلنا في غزة الأبية في العراء لا يملكون من حطام الدنيا غير حطام منازلهم دون خدمات إنسانية تذكر.

وحكايات أخرى ملأى بالعبر..

رسائل الأرض.. خواطر للقلب

لو ترجمنا همسات الأرض إلى رسائل روحية، ماذا ستقول لنا؟

1- رسالة التواضع: لا تغتر بقوتك وعلمك وثرائك.. فأنا أهتز فجأة فتصبح كل هذه الأشياء بلا قيمة.

2- رسالة التوازن: تستخرجون مني الثروات، وتبنون فوقي ناطحات السحاب، لكن احذروا الإسراف والبطر.. فأنا أهتز لأذكركم بالتوازن.

3- رسالة الاستعداد: اعملوا لآخرتكم كما تعملون لدنياكم، واستعدوا للقاء ربكم، فقد يأتي الأجل فجأة كما يأتي الزلزال دون سابق إنذار.

4- رسالة التضامن: في لحظات المحن، تتلاشى الفروق بينكم، وتتوحد قلوبكم.. فلماذا لا تعيشون هكذا دائما؟

5- رسالة الرجاء: مهما بلغت شدة الزلزال، فإنه ينتهي ويأتي بعده سكون.. "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا" (الشرح: 5-6).

6- رسالة العودة للفطرة: في لحظات الخوف، تعودون إلى فطرتكم النقية.. فكل الحجب التي بناها العقل تسقط، وينكشف جوهركم الحقيقي. هذه هي حقيقتكم، فلا تنسوها في أوقات الأمان.

7- رسالة تجديد العهد: اهتزازي يذكّركم بالعهد الأول الذي قطعتموه قبل أن تأتوا إلى الدنيا.. "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ" (الأعراف: 172).

8- رسالة الإصلاح: ما أصابكم من مصائب فبما كسبت أيديكم.. فراجعوا علاقتكم بربكم وبأنفسكم وبالأرض التي استخلفكم الله فيها. واعلموا أن إصلاح ما بداخلكم هو طريق إصلاح ما حولكم.

9- رسالة الرضا والتسليم: قدّر الله فعل ما يشاء.. والإيمان الحق هو الرضا بالقضاء مع الأخذ بالأسباب. فاجمعوا بين التوكل والأخذ بالأسباب، بين الإيمان بالقدر والسعي للوقاية.

10- رسالة الحضور: في لحظات الخطر، تعيشون في اللحظة الحاضرة تماما، وتستشعرون معنى الحياة بعمق.. فتذكروا هذا الحضور في كل لحظة، ولا تضيعوا أعماركم بين أوهام الماضي وقلق المستقبل.

الزلزال يهز الأرض، لكنه لا يستطيع أن يهز الإيمان الراسخ في القلوب. قد تتصدع المباني، لكن روح المؤمن تبقى ثابتة تستمد قوتها من الله. وتلك هي الحكمة العظمى التي تهمس بها الأرض في أذن كل من يصغي
11- رسالة التجدد: كما تتجدد قشرتي بعد كل زلزال، فإن روحكم بحاجة للتجدد بعد كل محنة. الاهتزاز ليس نهاية بل بداية جديدة، فلا تخافوا التغيير، بل اجعلوه فرصة للنمو والارتقاء.

12- رسالة الترابط الكوني: أنا جزء من منظومة كونية متكاملة، وما يصيبني يؤثر في كل شيء من حولي.. كذلك أنتم، فكل فرد فيكم مرتبط بالآخرين، وما تفعلونه يؤثر في الكون بأسره. هذه هي حقيقة الميزان الكوني.

الثبات وسط الاهتزاز.. سر السكينة

في النهاية، يبقى السؤال: كيف نجد السكينة وسط اهتزاز الأرض من حولنا؟

الجواب يكمن في قلب صاف متصل بالله، وفي يقين راسخ بأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا. وفي ذكر دائم يثبت القلب حين تهتز الأرض.

قال تعالى: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (الرعد: 28). وقال: "وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ" (البقرة: 115).

الزلزال يهز الأرض، لكنه لا يستطيع أن يهز الإيمان الراسخ في القلوب. قد تتصدع المباني، لكن روح المؤمن تبقى ثابتة تستمد قوتها من الله. وتلك هي الحكمة العظمى التي تهمس بها الأرض في أذن كل من يصغي.

خاتمة.. حوار القلب مع الأرض

تكلمت الأرض بلغة الاهتزاز، فلنتحدث نحن بلغة الإيمان. ولنهمس في أعماق تربتها أننا فهمنا الرسالة.. أننا سنكون أفضل، أرحم بأنفسنا وبالآخرين وبالطبيعة من حولنا.. وأننا لن ننتظر زلزالا آخر لكي نستيقظ من غفلتنا.

الأرض همست.. والقلوب استجابت.. فهل من مدكر؟

اللهم احفظ بلاد المسلمين وسائر بلاد العالم من الزلازل والكوارث، واجعلنا ممن يعتبرون ويتعظون، ويستمعون القول فيتبعون أحسنه، آمين.

مقالات مشابهة

  • كوزموس 482 تهدد الأرض بعد نصف قرن في المدار
  • «الوطنية لحقوق الإنسان» تناقش دعم وتمكين أصحاب الهمم
  • دبي تطلق «سند السياحية» للزوار من أصحاب الهمم
  • عَميدُ الشُهَداء
  • بيان رسمي| اتحاد الكونغ فو يوضح الحقائق في واقعة بدر مرجان.. ويفضح أكاذيب المدرب
  • إنريكي يرفع راية التحدي قبل مباراة باريس سان جيرمان ضد أرسنال
  • «جوجيتسو الإمارات» يرفع الحصاد إلى 16 ميدالية في «باريس الجائزة الكبرى»
  • عندما تتكلم الأرض: خواطر من لحظات الزلزال
  • مزمل أبوالقاسم ظلّ مدافعاً ومنافحاً عن السودان الأرض والوطن
  • المستشار أحمد سعد الدين يرفع أعمال الجلسة العامة لمجلس النواب