الجزائر ـ العُمانية: تنقلُ التشكيليّة الجزائرية، رجاء صغير، من يُشاهد لوحاتها على أجنحة من عبق الماضي، برؤى فنانة مرهفة الإحساس. وتُشكّل النقلة التي قامت بها هذه الفنانة، من الهندسة المعمارية إلى الفن التشكيلي، لحظة انعطاف حافظت فيها على روح الإبداع التي تُميّزُها، ولو أنّ الهندسة المعمارية والفن التشكيلي، يُعدّان مجالين يلتقيان في الكثير من التفاصيل.

وعن هذا التحوُّل في المسار، تقول الفنانة، رجاء صغير في تصريح، لوكالة الأنباء العُمانية، «بدأتُ الرسم عام 2019، بعد ممارستي لمهنة الهندسة المعمارية لمدة 23 سنة. وقد كان الرسم هوايتي، منذ الصغر، وحدث أن مررت بمرحلة مهنيّة صعبة كان الرسم فيها ملجأ لي، وسبيلًا أساسيًّا لتجاوزها». وتلتقي أعمال هذه الفنانة التي تنحدر من مدينة قسنطينة (شرق الجزائر)، مع عدد من الفنانين الجزائريين، في اعتمادها على التراث كمصدر أساسيّ للإلهام؛ فهي تتّخذُ منه الجواد الرابح في الوصول إلى الجمهور المتعطّش لرؤية تاريخه، وماضيه العريق مجسّدًا في أعمال فنيّة، ولذلك تؤكّد ابنة مدينة الجسور المعلّقة بالقول «قسنطينة، هي مسقط رأسي، وأحياؤها، وشوارعها، وأسواقها وجسورها الشهيرة، كانت مسرحًا لحياتي منذ نعومة أظفاري، وصار يربطني بها رابط عاطفي قوي،… لطالما جلستُ وأنا صغيرة أتأمل جدتي أو إحدى نساء عائلتي، وهي ترتدي «الملاية»، وفق روتين دقيق لا يحتمل أدنى تغيير، وقد كان لهذه اللّحظات الصّدى الكبير في مخيّلتي، وهو ما انعكس بصورة جليّة على أعمالي».
ويُلاحظ جمهورُ هذه الفنانة بوضوح تركيزها في أعمالها على تصوير المرأة القسنطينيّة وهي ترتدي اللّباس التقليدي المعروف في الشرق الجزائري، كما أنّها خصّصت جزءا من لوحاتها لإعادة تصوير التراث العمراني الذي تشتهر به هذه المدينة العريقة، مثل الجسور المعلّقة المعروفة، فضلًا عن بعض العمائر التي ظلّت عصيّة على الزوال والاندثار. ولأنّ الفنانة، رجاء صغير، تعرف قسنطينة من كثب، فهي لا تخجل من الإقرار بأنّها لم تعد مثلما كانت، وهي تفقد شيئا فشيئا معالم وجهها الأصيل، إذ تقول «شيءٌ مؤسف أن تتلاشى تدريجيًّا كلُّ مظاهر الجمال في هذه المدينة العريقة. إنّنا نرى الأحياء القديمة تكاد تندثر، يومًا بعد يوم، والبيوت العتيقة تنهار، واحدا تلو الآخر، ويتلاشى معها الكثير من تراثنا وهويتنا، وهذا ما جعلني أحاول، خلال السنوات الماضية، إيقاف نشاط مكتبي للدراسات المعمارية لأكرّس كلّ وقتي لممارسة الرسم، وهذا للفت الأنظار من خلال العديد من لوحاتي، إلى التراث القسنطيني، لعلّنا نسارعُ إلى إنقاذ بعض ما يُمكن إنقاذه».
وتعترف هذه الفنانة بأنّ مغامرتها هذه لن تكون سهلة، ومع ذلك فهي تصرُّ على خوضها إلى النهاية، إذ تقول «من المعروف عالميًّا أنّ الفنّ ليس من أيسر، ولا من أضمن الطرق لكسب العيش، والجزائر لا تُمثّل استثناء في هذا الميدان، لكن، الحمد لله، لاحظتُ أنّ الجمهور الجزائري، أو على الأقل فئة كبيرة منه، متعطشٌ لكلّ ما هو إنتاج ثقافي جيّد، وهذا ما يُشجّع الفنان على الاستمرار في مساره ويدفعه إلى التحسُّن دوما لإرضاء جمهوره، وهو الأمر الذي يدفعني رفقة الكثير من الفنانين على مواصلة حمل المشعل، ومن هؤلاء الفنانين أخصُّ بالذكر حسين زياني، ورشيد طالبي، وفايزة مغني، وغيرهم». وتعتبرُ رجاء صغير أنّ الجزائر تعرّضت في تاريخها القريب لهجمة استعمارية شرسة سعت لمحو هويتها، ولذلك كان على الفنانين والمثقفين استرداد هذه الهوية بالبحث والحفاظ على التراث الوطني وإدماجه في أعمالهم الفنيّة، وهي الأمانة التي حملها العديد من الفنانين لعلّ أبرزهم إيسياخم، وخدة، وباية، ومرزوقي، وبن يحي، وغيرهم، وكان لكلّ واحد من هؤلاء العمالقة لمستُه الفريدة. يُشار إلى أنّ الفنانة رجاء صغير تُعدُّ من الفنانات الجزائريّات اللّواتي لا يُخفين تأثُّرهنّ بالفنانة الجزائرية باية محي الدين (1931/1998)، مع فروقات في الأسلوب الفني، وقد شاركت رجاء صغير في العديد من المعارض، أهمُّها معرضٌ فرديٌّ بمتحف الفنون والتعابير الثقافية التقليدية الحاج أحمد باي (2022)، ومعرض جماعي بمنعة بولاية باتنة، ضمن تظاهرة ثقافية لإحياء تراث الأوراس، (2022)، ومعرض جماعي في متحف سيرتا بقسنطينة (2023)، ومعرض جماعي ضمن فعالية ثقافية بمكتبة بوكزون لإحياء تراث مدينة قسنطينة (2023).

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الهندسة المعماریة هذه الفنانة

إقرأ أيضاً:

60 مليون جنيه لتمويل 896 مشروعًا صغيرًا في دمياط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تابعت المهندسة شيماء الصديق، نائب محافظ دمياط ، انجازات جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر للتعرف على الأنشطة والخدمات التي يقدمها الجهاز لأهالي المحافظة خلال الفترة من 1 يناير إلى نهاية  أغسطس الماضى ، حيث جاء ذلك خلال لقائها اليوم مع  حسام شبكة، رئيس فرع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بالمحافظة.

واطلعت المهندسة شيماء الصديق، على خدمات وحدة تقديم الخدمات، حيث تم إصدار عدد 64 رخصة مؤقتة جديدة و 37 رخصة توفيق أوضاع و 133 شهادات تصنيف و 132 شهادات مزايا.

كما تم استصدارعدد 3 بطاقة ضريبية و استصدار عدد 18 شهادة تأمينات الاجتماعية.

واطلعت على خدمات التسويق والمعارض والتدريب حيث تم الاشتراك في عدد 6 معارض داخلية، باجمالي عدد 89 عارضا، منهم 1 مرحلة لمعرض صنع في دمياط بإجمالي 72عارضا، حققت مبيعات أكثر من 52 مليون جنيه.

كما تم إقامة عدد 9 ندوه تعريفية عن أنشطه الجهاز وتم تنظيم عدد 3 دورة تدريبية بالتعاون مع شركاء التنمية.
كما تابعت "نائب محافظ دمياط" الخدمات المالية المقدم من الجهاز لأهالي المحافظة، حيث تم تمويل 896 مشروعًا بإجمالي 60.627.850 جنيه لتوفير فرص عمل تصل إلى 3404 فرصة، وتم عرض تعريفي عن الخدمات والأنشطة غير مالية التي يقدمها الجهاز في ضوء قانون رقم 152 لسنة 2020، وكذلك الإنجازات والخدمات التي تمت ضمن مبادرة حياة كريمة.

وأوضح حسام شبكة، أن الجهاز يتيح تمويل للمشروعات المختلفة بشروط ميسرة وفائدة مناسبة حسب الاحتياج طبقا للضوابط المقررة و المساهمة في استخراج مستندات المشروع كالسجل التجارى والبطاقة الضريبية،  إصدار رخصة تشغيل لمدة سنة يمكن تجديدها لسنة أخرى بإجراءات مبسطة ورسوم إصدار مخفضة، وذلك للمشروعات الجديدة.

إلى جانب توفيق أوضاع المشروعات غير الرسمية والتي تعمل قبل ١٥ يوليو ۲۰۲۰ وإصدار رخصة تصل إلى 5 سنوات لحين انتهائها من توفيق الأوضاع و سيتم إتاحة الاشتراك في برامج تدريب ريادة الأعمال التي يقيمها الجهاز، توفير الدعم الفني اللازم والاستشارات والمعلومات التي يمكن أن يحتاجها أصحاب المشروعات، توفير دراسات الجدوى الاسترشادية للمشروعات المتميزة بالإضافة الى مساعدة أصحاب المشروعات في عمل دراسات الجدوى الخاصة بهم،استخراج شهادتي التصنيف والمزايا لهذه المشروعات، والتي تمكنها من التمتع بحوافز قانون ١٥٢ لسنة ۲۰۲۰ ،تنفيذ دورات تدريبية تلبي الاحتياجات الفعلية لسوق العمل.

وناقشت "نائب المحافظ" خطة الجهاز للمشاركة بالمبادرة الرئاسية للتنمية البشرية “بداية جديدة لبناء الإنسان” لتقديم خدمات الجهاز بكافة المناطق، ودعت نائب المحافظ، الجهاز بتبني الأفكار الخاصة بمشروعات ريادة الأعمال لاستكشاف الأفكار الجديدة لدى الشباب، وكيفية تبنيها إلى أن تصل إلى مشروع ناجح يصب إلى سوق العمل، مما يساعد في دعم خدمات المجتمع، وبهدف تحويل الأفكار المبتكرة إلى منتجات وخدمات قابلة للتنفيذ والتطوير وذات قيمة اقتصادية واجتماعية.

مقالات مشابهة

  • الإرياني وتركي يكرمان عدد من الفنانين والمبدعين في محافظة لحج
  • 60 مليون جنيه لتمويل 896 مشروعًا صغيرًا في دمياط
  • وزير الطيران يلتقي مسؤولي الشركة الصينية للهندسة المعمارية لبحث أوجه التعاون
  • غلق نفق جبل الوحش في قسنطينة
  • صندوق الاستثمارات يؤسس شركة "قَصص" لتطوير تجارب تفاعلية تجسد تراث المملكة
  • تراث صوفي وفلكلور مصري للإنشاد الديني بأوبرا الإسكندرية.. غدًا
  • إندلاع حريق داخل قاعة للعلاج بمستشفى قسنطينة
  • غرامات مالية وإزالات.. عقوبات صارمة على مخالفي ضوابط الرسم على الجدران
  • غرامات مالية وإزالات.. عقوبات صارمة على مخالفي ضوابط الرسم على الجدران - عاجل
  • قمر صغير سيدور حول الأرض لمدة شهرين ثم يتركها