افتتاح المعرض التشكيلي «نداء الستارة» بمتحف المكان والناس
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
مسقط ـ «الوطن»:
نظم متحف المكان والناس في ولاية مطرح بمدينة مطيرح معرضا تشكيليا بعنوان « نداء الستارة» للفنان التشكيلي الفنلندي ماتي سيرفيو تحت رعاية الروائي والإعلامي محمد بن سيف الرحبي، يضم المعرض حوالي عشرين لوحة زيتية على القماش.
حول اختيار الفنان لعنوان « نداء الستارة» يقول بأن هذا العنوان مرتبط بالعديد من المعاني والرموز، فعندما نشاهد عرضا مسرحياً ما سواء طويلا أو قصيرا لنصل إلى المشهد النهائي ومعه تنتهي المسرحية؛ ليأتي جميع الممثلين لتحية الجمهور وقبل اغلاق الستارة يصفق الجميع، وقد يستمر التصفيق إلى ما بعد إغلاق الستارة لثوان قليلة، رغم أن ذلك التصفيق الذي يستمر لثوان أو دقائق قليلة فقط إلا أنه يعني الكثير بالنسبة للإنسان، ففي قلب كل إنسان هناك تلك الرغبة ليظهر عمله أو يُعترف به ولو لمدة قصيرة جدا، الجمهور يهتف لك وهم شاهدوا ذلك، إنها ثواني المجد الخاصة بك فلا تفوتها.
ويضيف الفنان ماتي على الصعيد ذاته بأن الستارة هنا ستبقى مفتوحة لرؤية الأعمال الفنية والاستمتاع بها وهي نوافذ مفتوحة لواقع ما، المشاهدون والحاضرون سيتعرفون على العلاقة بين عنوان المعرض واللوحات من خلال تحليلهم وتذوقهم للعمل الفني.
الفنان ماتي لديه رسالة ما أو سؤال مفتوح واحد للجماهير ويدعوهم للبحث عن الإجابة أو الإجابات حسب ما يرونه مناسبا.
بالإضافة إلى ذلك الألوان في لوحات المعرض دافئة والبرتقالي هو اللون السائد، فهو لون أرضي يدعو للتفائل وهو أحد ألوان شمسنا الجميلة، كذلك تحمل اللوحات عناوين متنوعة منها: حزن المساء، أنا أولاً، لقد بذلت قصارى جهدي، الجنة والأرض في داخلي، حصاد، عندليب جريح، وغيرها..
وقام الفنان ماتي سيرفيو بتنظيم العديد من المعارض داخل سلطنة عمان، هناك مجموعة منها بالتعاون مع متحف المكان والناس،
والمعرض الأخير كان بعنوان « نحن نشعر بك» أقيم منذ شهر، وفي 13 يناير المقبل ينظم الفنان معرضا تشكيلياً بعنوان «الليلة الصامتة2».
الجدير بالذكر أن الفنان ماتي سيرفيو هو من مواليد 1956 – بسوتكامو فنلندا وهو من رواد الفن التشكيلي أسلوبه شبيه بالتجريدية التعبيرية وهو أسلوب يعكس انطباعاته عن الشرق والغرب لما تذوقه فنياً من خلال رحلاته المتواصلة بين القارات. وقد ملئت هذه الرحلات حياته بالألوان والأفكار لتتجسد على أشكال وخطوط متمايلة وألوانٍ تدمج الواقع بلوحاته التجريدية، وقد قام بتأسيس صالة للفنون داخل سلطنة عمان قبل ست سنوات.
أما متحف المكان والناس فيقع بجوار قلعة مطرح التاريخية على الشارع البحري وتسرد مقتنياته ومعروضاته حكاية الإنسان العماني المرتبط ببيئته ومجتمعه وعشقه للتراث وللفن والجمال، وقد ترجمت هذه المفردات إلى نقوش وزخارف بديعة في منزله وأدواته، وملابسه ذات الألوان الجميلة، وأعطت تلك المفردات للفضة رونقها وأشكالها المبهرة، وقد تم افتتاحه رسميا في عام 2011م، وقامت بتأسيسه صاحبة السمو السيدة الدكتورة غالية بنت فهر بن تيمور آل سعيد، ويساهم المتحف في إثراء الساحة العمانية الثقافية من خلال تنظيم عدد من الفعاليات الفنية والأدبية ومنها المعارض التشكيلية.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الفن التشكيلي السوداني- النشأة، الرواد، ومدرسة التشكيل السودانية لمحة
الفن التشكيلي السودانين- قراءة معاصرة لإحياء الحوار
ليس هذا المقال توثيقًا تقليديًا لمسيرة الفن التشكيلي في السودان، بل هو محاولة لإعادة قراءته بعيون أكثر معاصرة، تفتح أفقًا جديدًا للحوار حول تطوره ودلالاته في سياقنا الراهن. فالفن التشكيلي السوداني، بتنوع مدارسه وأساليبه، لم يكن يومًا مجرد انعكاس بصري للواقع، بل ظل فضاءً للتعبير عن الهوية والتاريخ والتجربة الإنسانية. وفي ظل التحولات التي شهدها السودان، يصبح من الضروري استكشاف كيف تفاعل هذا الفن مع التغيرات الثقافية والسياسية والاجتماعية، وكيف يمكن أن يكون بوابة لإعادة التفكير في مفاهيم الجمال والانتماء والإبداع.
يُعتبر الفن التشكيلي السوداني واحدًا من أكثر التجارب الفنية إثارة في أفريقيا والعالم العربي، حيث يجمع بين الأصالة الأفريقية والتراث الإسلامي والعربي، مع تأثيرات حديثة ومعاصرة. بدأ الفن التشكيلي السوداني في التبلور في منتصف القرن العشرين، وتطور ليصبح مدرسة فنية مميزة تعكس الهوية الثقافية السودانية بكل تنوعها وتعقيداتها.
بدايات الفن التشكيلي السوداني
بدأ الفن التشكيلي السوداني بشكل رسمي في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، مع تأسيس كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم عام 1946. كانت هذه الكلية أول مؤسسة أكاديمية تُعنى بتدريس الفنون في السودان، وقد لعبت دورًا محوريًا في تشكيل الحركة الفنية السودانية.
قبل ذلك، كانت الفنون في السودان تعتمد بشكل رئيسي على الفنون الشعبية والحرف التقليدية، مثل النقش على الخشب، والرسم على الجدران، وصناعة الفخار، والتي كانت تعكس الثقافة المحلية والتراث الأفريقي. كما تأثر الفن السوداني بالفنون الإسلامية والزخرفة العربية، وهو ما ظهر في التصاميم الهندسية والخطوط التي تزين العمارة التقليدية. ومع دخول الاستعمار البريطاني، بدأت التأثيرات الأوروبية في الظهور، مما أدى إلى ظهور فن تشكيلي حديث يدمج بين المحلي والعالمي.
رواد الفن التشكيلي السوداني
حسين جمعان (1915-1986)
يُعتبر حسين جمعان أبو الفن التشكيلي السوداني، حيث كان أول فنان سوداني يدرس الفن في الخارج (في كلية سليد للفنون في لندن). أعماله تتميز بالجمع بين الأسلوب الأكاديمي الأوروبي والموضوعات السودانية المحلية، مثل الحياة الريفية والطبيعة.
إبراهيم الصلحي (مواليد 1930)
يُعتبر إبراهيم الصلحي أحد أشهر الفنانين السودانيين على مستوى العالم. بدأ مسيرته الفنية في الخمسينيات، وتأثر بالفن الإسلامي والخط العربي، بالإضافة إلى الفن الأفريقي التقليدي. أعماله تتميز باستخدام الخطوط الهندسية والألوان الأرضية، ويعتبر من مؤسسي "مدرسة الخرطوم".
أحمد شبرين (1931-2017)
كان أحمد شبرين من أوائل الفنانين الذين درسوا الفن في السودان وخارجه. تتميز أعماله بالتركيز على الإنسان السوداني وثقافته، مع استخدام الألوان الزاهية والخطوط الواضحة.
كمالا إبراهيم إسحق (مواليد 1939)
تُعتبر كمالا إبراهيم إسحق من أبرز الفنانات السودانيات، وقد ساهمت في تطوير الفن النسوي في السودان. أعمالها تتميز بالتركيز على قضايا المرأة والهوية الثقافية.
رواد آخرون
بالإضافة إلى هؤلاء، برز فنانون مثل شفيق دهب، راشد دياب، ومحمد عمر خليل ومحمد المهدي الغبشاوي وهو خزاف وهؤلاء الذين لعبوا دورًا في تطوير الفن التشكيلي السوداني ونقله إلى الساحة العالمية، حيث مزجوا بين التأثيرات المحلية والتوجهات الفنية العالمية.
مدرسة الخرطوم للفن التشكيلي
تُعتبر "مدرسة الخرطوم" واحدة من أهم المدارس الفنية في أفريقيا والعالم العربي، وقد ظهرت في الخمسينيات والستينيات كحركة فنية تجمع بين التراث السوداني والفن الحديث. تتميز هذه المدرسة بالخصائص التالية:
الجمع بين التراث والحداثة
حاول فنانو مدرسة الخرطوم التوفيق بين التراث السوداني (مثل الرموز الأفريقية، والخط العربي، والفن الإسلامي) والتقنيات الحديثة في الرسم والنحت.
التركيز على الهوية السودانية
اهتمت المدرسة بتجسيد الهوية السودانية بكل تنوعها، من خلال تصوير الحياة اليومية، والطقوس الدينية، والمناظر الطبيعية.
استخدام الرموز والخطوط
استخدم فنانو المدرسة الرموز الأفريقية والخط العربي كعناصر أساسية في أعمالهم، مما أعطى لفنهم طابعًا مميزًا.
الألوان الأرضية
تتميز أعمال مدرسة الخرطوم باستخدام الألوان الأرضية، مثل البني والأصفر والأخضر، والتي تعكس طبيعة السودان وتراثه.
القضايا التي تناولها الفن التشكيلي السوداني
الهوية الثقافية
تناول الفنانون السودانيون قضية الهوية الثقافية بكل تعقيداتها، حيث حاولوا التوفيق بين المكونات الأفريقية والعربية والإسلامية في أعمالهم.
الاستعمار والتحرر
في فترة الخمسينيات والستينيات، ركز العديد من الفنانين على قضايا الاستعمار والتحرر، حيث صوروا معاناة الشعب السوداني ونضاله من أجل الاستقلال.
المرأة والمجتمع
تناول بعض الفنانين، مثل كمالا إبراهيم إسحق، قضايا المرأة ودورها في المجتمع السوداني، مع التركيز على التحديات التي تواجهها.
الطبيعة والبيئة
تميزت العديد من الأعمال الفنية السودانية بالتركيز على الطبيعة والبيئة، حيث صور الفنانون المناظر الطبيعية السودانية، مثل النيل والصحراء.
تطور الفن التشكيلي السوداني في العصر الحديث
مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، شهد الفن التشكيلي السوداني تطورًا كبيرًا، حيث ظهرت أجيال جديدة من الفنانين الذين استخدموا تقنيات حديثة مثل الفيديو آرت والتركيبات الفنية. كما أصبح الفن السوداني أكثر انفتاحًا على العالم، حيث شارك العديد من الفنانين السودانيين في معارض دولية وحصلوا على جوائز عالمية.
الفن التشكيلي الحديث في السودان لا يقتصر على الرسم والنحت فقط، بل أصبح يشمل فنونًا متعددة مثل الجرافيتي والتصميم الرقمي، ما يعكس تطور أدوات التعبير الفني مع الزمن. كما ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز انتشار الفن التشكيلي السوداني وجعله أكثر تفاعلًا مع القضايا السياسية والاجتماعية الراهنة.
الفن التشكيلي السوداني هو تعبير عن الهوية الثقافية المعقدة للسودان، حيث يجمع بين التراث الأفريقي والعربي والإسلامي، مع التأثر بالحداثة العالمية. من خلال أعمال رواد مثل إبراهيم الصلحي وحسين جمعان، ومدرسة الخرطوم، استطاع الفن السوداني أن يترك بصمة واضحة على خريطة الفن العالمي، وأن يصبح مرآة تعكس تاريخ وثقافة شعب غني بتنوعه وتقاليده. وفي ظل التغيرات الراهنة، يظل الفن التشكيلي السوداني في حالة تطور مستمر، مستلهمًا من ماضيه العريق ومستشرفًا آفاق المستقبل.
zuhair.osman@aol.com