شارك الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، في فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي نظمته جامعة الأزهر بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر.

وقال الأمين العام في كلمته التي ألقاها خلال الحفل، إن هذا اللقاء يأتي في وقت نشعر فيه جميعًا بمزيد من الأسى والحزن والإحباط، ولعل ذلك يرجع إلى طبيعة هذه اللغة التي أراد الله عز وجل لها أمرًا؛ وأراد لها منسوبيها أمرًا آخر، كما أن الواقع الذي نحياه في هذا الزمان وما يحدث في بلادنا العربية والإسلامية في فلسطين الحبيبة وغزة الأبية؛ من أوضح الأمور على ضرورة النظر في مزيد عناية بهذه اللغة العربية، والشعور بشرف الانتساب إليها، مضيفًا أن الله تبارك وتعالى أنزل القرآن الكريم بهذه اللغة، ووحد المنتسبين إلى هذا الدين بهذه اللغة؛ إلا أن الواقع يشهد بالإعراض عنها والشعور بالدونية لدى المستغربين ومن يدور في فلكهم؛ إلا أن الله عز وجل أراد لهذه اللغة العلو والسيادة والقدسية ما ليس لغيرها.

أضاف عياد أن الاحتفال باللغة والحديث عنها من أوجب الواجبات في هذه الآونة سيما مع هذا الغزو الصهيوني الغاشم، والذي يحاول أن يفصل بين الدين وأهله، وهذا الغزو الثقافي الذي يحاصرنا من كل جهة رغبة منه في قطع أي صلة بين هذه اللغة وبين الناطقين بها، مشيرًا أن كل أمة من الأمم تفتخر بلغتها وتعتز بها وتعتقد أنها أفضل اللغات، ولا عجب في ذلك، فاللغة هي هوية الأمة وسبيل مجدها وتاريخ حضارتها، كما أنها بالنسبة للأمم جميعًا أداة تواصلها وطريقة تفكيرها، ورمز عزتها، ومصدر فخرها، وأسلوب حياتها؛ مؤكدًا أن اللغة للأمة العربية هي كل هذا وتزيد عليه أنها لغة دينها وكتاب ربها، جعل الله فهمها ضرورة وتعلمها شرفا، لهذا كان ارتباط المسلم بلغته مختلفًا عن ارتباط أي إنسان بأية لغة أخرى، إذ لا يستطيع المسلم أن يقرأ كتابه بغير لغته التي نزل بها، كما لا يتأتى له القيام بأداء شعائره وإتمام عباداته بدونها.

أوضح الأمين العام أن اللغة العربية وسيلة المسلم لفهم مقاصد النص القرآني ومعانيه وغاياته الكبرى المتمثلة في تلقي الأحكام الشرعية منه؛ ولذلك استعان العلماء باللغة العربية وفنونها في فهم مراد الله في كتابه والكشف عن أسراره، وتحديد دلالاته، والوقوف على مراميه ومقاصده، ونظر إليها العلماء على أنها من الدين، حيث إن فهم مراد القرآن والسنة من أوجب الواجبات، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، مشيرًا أن اللغة العربية مهمة جدًا للعلوم الشرعية بشكل عام، ولعلوم القرآن والتفسير بشكل خاص؛ ومن ثم فقد أولاها العلماء موفور العناية، ومزيد الاهتمام؛ حيث حرص العلماء على دراسة اللغة وارتبط ذلك بحرصهم على فهم القرآن من جهة ودراسة لغته من جهة أخرى باعتبارها مصدر العقائد والأحكام والتشريعات.

وأشار عياد إلى أن اللغة العربية فضلها كبير وشأنها عظيم؛ حيث انتقلت من كونها لغة خاصة إلى لغة كونية حين أصبحت لغة القرآن الكريم، وحوت عقيدة كونية أعلنت عن نفسها عقيدة للبشر عامة؛ وهذا ما جعلها في أقل من قرن، لغة عالمية كبرى تشكلت في أطرها وسياقاتها أسس الحضارة الكونية العظمى التي سادت العالم قرونا عديدة، وامتدت على مساحات شاسعة من قارات العالم القديم، وغدت لغة الحضارة الإنسانية التي انحلت في بوتقتها لغات وحضارات متعددة، وشكلت حلقة محورية في الحلقات الحضارية الإنسانية الكبرى، وظلت عبر القرون لغة الحياة والعلم والفكر الإنساني.

وختم الأمين العام كلمته بالتأكيد على ضرورة التمسك باللغة العربية، والحفاظ عليها والعمل على استعادة مكانتها؛ خصوصًا مع كثرة التحديات وتعدد المعوقات التي تعمل على وأد اللغة والاستهانة بها والخروج بها والدعوة إلى استبدالها أو العمل على تغييرها أو على الأقل مسخها باعتبار ذلك يؤدي إلى مسخ الهوية، موضحًا أن العربية تعاني ما تعانيه الأمة، ولكنها تملك على الرغم من كل ما أصابها ويصيبها من وهن ومن جناية أبنائها عليها عناصر قوة تمكنها من التجدد والانتشار، لكونها مرتكز العقيدة الإسلامية، ولغة حضارة كونية ما زالت تفرض حضورها في العالم حتى يومنا هذا، ولغة تمتاز بمرونة وقابلية غير محدودة للتعبير عن الفكر والعلم والمعارف الإنسانية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البحوث الإسلامية اللغة العربية جامعة الأزهر اللغة العربیة الأمین العام أن اللغة

إقرأ أيضاً:

من خلال مجسمات تحاكي المناسك.. البحوث الإسلامية ينظم ورشة عمل لواعظات الأزهر

نظم مكتب شؤون الواعظات بمجمع البحوث الإسلامية ورشة عمل لواعظات الأزهر الشريف للتدريب العملي على مناسك الحج والعمرة من خلال المحاكاة الواقعية، تمهيدًا للانتشار في الموانئ والمطارات لتوعية الحجاج قبل سفرهم لأداء فريضة الحج، وذلك في إطار توجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب – شيخ الأزهر بتكثيف فعاليات التوعية في المواسم الدينية والمجتمعية.

وقال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. محمد الجندي، إن ورشة العمل التي عقدها المجمع بمدينة البعوث الإسلامية في هذا الشأن تعتمد على أنظمة تدريب مختلفة تقوم على استخدام المجسمات المرتبطة بأعمال الحج كالكعبة المشرفة وجبل الصفا والمروة  إلى غير ذلك، وذلك لشرح المناسك عليها بشكل عملي يبسط المادة العلمية ويساعد على توضيحها للحجاج بصورة ميسرة.

فيما قالت د. إلهام محمد شاهين الأمين المساعد لشؤون الواعظات بالمجمع، إن التدريب على التوعية بمناسك الحج والعمرة عن طريق التطبيقات العملية يساعد على ترسيخ المعلومة، مضيفة أن واعظات الأزهر الشريف يشاركن الوعاظ في الانتشار والتواجد بمختلف الموانئ والمطارات للتواصل مع الحجاج قبل سفرهم إلى الأراضي المقدسة لشرح مناسك الحج والرد على أسئلتهم واستفساراتهم. 

مقالات مشابهة

  • توفيق عكاشة: سلام الشعوب العربية مع إسرائيل يمثل فرصة لإنقاذ الوضع
  • أمين مجمع اللغة العربية: تعريب العلوم الطبية يعيد «العربية» إلى مكانتها (حوار(
  • هل يجوز الذهاب لأحد الشيوخ لعلاجي بالقرآن.. أمين الفتوى يجيب
  • «البحوث الإسلامية» يعقد الاختبارات التحريرية للترقيات الأدبية لوعاظ الأزهر
  • البحوث الإسلامية ينظم ورشة عمل لواعظات الأزهر للتدريب العملي على مناسك الحج
  • البحوث الإسلامية ينظم ورشة لتدريب الواعظات على مناسك الحج والعمرة
  • البحوث الإسلامية يعقد الاختبارات التحريرية للترقيات الأدبية لوعاظ الأزهر
  • «البحوث الإسلامية» يعقد الاختبارات التحريرية للترقيات الأدبية لوعاظ الأزهر
  • من خلال مجسمات تحاكي المناسك.. البحوث الإسلامية ينظم ورشة عمل لواعظات الأزهر
  • “الشؤون الإسلامية” تقيم الحفل الختامي لتكريم الفائزين والفائزات بمسابقة القرآن في سيرلانكا