«30 يونيو».. بداية الانطلاق نحو الجمهورية الجديدة
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
انطلق أساس الجمهورية الجديدة بقاعدة شعبية وجماهيرية كبيرة في 30 يونيو، بعد احتشاد الملايين لإنهاء مرحلة كادت أنَّ تقود مصر إلى الهاوية، لتصبح نقطة انطلاق لعصر جديد من البناء والتعمير، إذ شهدت مصر، طفرة تنموية كبيرة ونهضة شاملة بالقطاعات كافة، فأرست ثورة 30 يونيو أول لبنة لبناء الجمهورية الجديدة، مرورًا بتحديات واسعة محليا وعالميا، وصولًا إلى الاستقرار، لتتوالى الإنجازات واحدة تلو الأخرى.
ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من مصير مجهول مظلم على يد الجماعة الإرهابية، وحمت البلاد من مخططات ومؤامرات كان تحاك ضدها من قبل الجماعة الإرهابية التي مثلت جمرة خبيثة تنهش في جسد الوطن، فوضعتها على المسار الصحيح بعد محاولات اختطافها وإفقادها هويتها على يد جماعة الإخوان الإرهابية، وخلدت الدور الوطني العظيم لقواتنا المسلحة بقيادة المشير عبدالفتاح السيسي حينها، والشرطة المصرية التي حمت ثورة شعبها، وأعادت مصر للمصريين وفتحت الطريق نحو آفاق أرحب لانطلاقة جديدة تليق بمكانة مصر العالمية والإقليمية.
نهضة اقتصاديةوأحدثت ثورة 30 يونيو نهضة اقتصادية فارقة، مكّنت مصر من الخروج إلى بر الأمان، من خلال تبني القيادة السياسية استراتيجية عملاقة، أطلقها الرئيس السيسي خلال توليه المسؤولية لحكم الدولة، وهي «رؤية مصر 2030» والتي تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة بالمجالات كافة، وتوطينها بجميع أجهزة الدولة المصرية.
وأكّد طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية الدولية، أنَّ 30 يونيو كانت بمثابة طوق النجاة، من مصير فوضوي محتوم؛ وحققت العديد من الإنجازات، في شتى الملفات، على رأسها الصحة والتعليم والطرق، مشيرًا إلى أنَّ ملف السياسيات الخارجية، حقق نجاحات غير مسبوقة عقب 30 يونيو؛ لافتًا إلى أننا الآن نجني ثمار تحركات القيادة السياسية على مدار 10 سنوات.
المبادرات الرئاسيةوأشار أستاذ العلوم السياسية إلى جميع المبادرات الرئاسية التي أطلقتها الدولة المصرية، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، للاهتمام بصحة المواطن المصري، على رأسها مبادرة 100 مليون صحة، الكشف المبكر عن سرطان الثدي، القضاء على قوائم الانتظار، والقضاء على فيروس سي الذي يعد إعجاز ينسب للدولة المصرية إضافة إلى التأمين الصحي الشامل، فضلًا عن الإنجازات التي تحققت على المستوى السياسي والدولي، مكنت الدولة المصرية من استعادة ريادتها مرة أخرى.
وقال «فهمي» لـ«الوطن» إنَّ 30 يونيو كانت بداية انطلاقة الجمهورية الجديدة نحو الإصلاح والتقدم والتنمية في كل المجالات والقطاعات، بفضل سياسة ورؤية حكيمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى أعاد لمصر الأمن والأمان والاستقرار بالتصدي للإرهاب ومحاربته والقضاء عليه، بالإضافة إلى المشروعات التنموية التي نفذتها الدولة في المحافظات كافة.
وأضاف أنَّ المشروعات العملاقة الحالية، نتاج 30 يونيو، والتي كانت بمثابة انطلاقة للتنمية وقاعدة الانطلاق نحو واقع ومستقبل أفضل من خلال تعزيز مسيرة الاقتصاد الوطني، فعلى مدار السنوات الماضية، حققت مصر تقدمًا كبيرًا في مجالات عديدة، وتم تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في قطاعات البنية التحتية والطاقة والصحة والتعليم، كما شهدت البلاد تحسنًا في المؤشرات الاقتصادية وزيادة في فرص العمل ، بالإضافة للتنمية ومشروعات البنية التحتية في كل شبر.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أنَّ مصر شهدت تحولًا كبيرًا في مجالات عدة، في السنوات التي تلت ثورة 30 يونيو، من خلال إنشاء أكبر شبكة للطرق بعشرات آلاف الكيلومترات من الطرق الجديدة بمواصفات عالمية، وإضافة ملايين الأفدنة للرقعة الزراعية، وإنشاء العشرات من المدن السكنية الجديدة، إنشاء أكبر مشروع للصوب الزراعية، إطلاق مشروع ضخم من الصوامع لتخزين الحبوب، وإنشاء المجمعات الصناعية، لتوفير آلاف فرص العمل للشباب، إلى جانب تحديث وتطوير القوات المسلحة التي يشهد لها العالم بالكفاءة والتطور المستمر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية عبدالفتاح السيسي عبدالسند يمامة حازم عمر فريد زهران الجمهوریة الجدیدة ثورة 30 یونیو
إقرأ أيضاً:
تشخيص الذهنية السياسية السودانية والحلول الممكنة
لقد كشفت حقبة ما بعد الاستقلال في السودان، بدءًا من عام 1956، عن إشكالية التأسيس السياسي للأحزاب في البلاد. هذه الإشكالية تجسدت في أن الصراع كان يتمحور حول الشعارات الكبرى مثل الاستقلال أو الاتحاد، دون وجود مشروع سياسي واضح أو برامج عملية تعالج قضايا الحكم والتنمية وبناء الدولة. هذه الظاهرة ظلت تتكرر عبر الفترات المختلفة من تاريخ السودان السياسي.
إن الأهداف الوطنية الكلية، في شكلها المجرد، يمكن أن تكون قاعدة لتكوين جبهات وائتلافات سياسية. لكن الأحزاب تحتاج إلى تفصيل برامجي وفكري ذي محتوى اجتماعي يميزها عن بعضها البعض ويخدم مصالح قواعدها بشكل مباشر. بدون ذلك، تصبح الممارسة السياسية مجرد لعبة فوقية خاضعة للمزايدات، منفصلة عن الواقع الاجتماعي وتفاعلاته.
منذ تأسيس السياسة في السودان بعد وأد تجربة جمعية اللواء الأبيض في ثلاثينيات القرن الماضي، انحصر الصراع حول من يدير جهاز الدولة: المستعمر الأجنبي أم الأفندي الوطني. وأصبح الهدف السياسي الأساسي هو من يحكم، دون اهتمام كبير بسؤال: ماذا نصنع بجهاز الدولة؟ وكيف يمكننا إعادة هيكلته لخدمة المصالح الاجتماعية والتنموية؟ هذا النهج استمر حتى بعد الاستقلال، ما أدى إلى فشل متكرر في تأسيس نظام سياسي مستدام.
خلال فترات الديمقراطية الثلاث في السودان (1956–1958، 1964–1969، و1986–1989)، استُهلك الوقت في نقاشات حول قضايا فوقية مثل الدستور الإسلامي أو العلماني، ونظام الحكم البرلماني أو الرئاسي، بدلاً من التركيز على بناء مؤسسات تخدم تطلعات الشعب. مثل هذه النقاشات لم تثمر سوى عن إضعاف النظام الديمقراطي، وتهيئة المسرح لانقلابات عسكرية أطاحت بتلك الديمقراطيات.
في الديمقراطية الثانية، على سبيل المثال، جاء حل الحزب الشيوعي السوداني في عام 1965 كمحطة مفصلية. برغم الادعاءات بأن الحزب الشيوعي كان يروج للإلحاد، إلا أن الحقيقة كانت أن الأحزاب الكبرى تخوفت من تنامي نفوذ اليسار السياسي في البلاد بعد ثورة أكتوبر 1964. هذا القرار، الذي اتُّخذ خارج الإطار القانوني والدستوري، مثّل طعنة قاتلة للنظام الديمقراطي. وأدى ذلك لاحقًا إلى استقالة رئيس القضاء احتجاجًا على عدم تنفيذ قرارات المحكمة ببطلان حل الحزب.
هذا الحدث وغيره من الأخطاء السياسية، التي تجاهلت العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، أسست لجذور الانقسامات العميقة التي يعيشها السودان اليوم. لم يُعالج إرث الاستعمار المتمثل في سياسات "فرق تسد"، التي عزلت مناطق واسعة من السودان وركزت التنمية في مناطق محددة. هذا الإرث ساهم في ظهور خطاب إثني وسياسي حاد أدى إلى نشوب النزاعات المسلحة.
واليوم، في ظل حرب أبريل 2023 الكارثية التي تُعد أكبر أزمة وجودية تمر بها البلاد منذ الاستقلال، لا يزال التفكير السياسي محصورًا في سباق على السلطة، دون رؤية واضحة لإعادة بناء الدولة.
إن معالجة هذه الأزمة تتطلب تغييرًا جذريًا في الذهنية السياسية، والانتقال من التركيز على الصراع حول السلطة إلى بناء مشروع وطني متكامل. الحلول الممكنة تشمل
إعادة هيكلة جهاز الدولة بما يخدم المصالح الوطنية بعيدًا عن النزاعات الإثنية أو الإقليمية.
إطلاق مبادرات للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية لمعالجة آثار النزاعات السابقة.
التركيز على التنمية المتوازنة لتوفير الخدمات والفرص لكافة السودانيين.
على السياسيين السودانيين أن يدركوا أن السلطة ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق العدالة والتنمية والاستقرار. بدون هذا الفهم، سيظل السودان يدور في دائرة من الأزمات المتكررة.
zuhair.osman@aol.com