مطالب فلسطينيي سوريا باستثنائهم من تعديل قانوني يخص الأجانب
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
دمشق- أعدَّ اتحاد الحقوقيين الفلسطينيين في سوريا مذكرة تطالب رئاسة الوزراء السورية بالتراجع عن قرار معاملة الفلسطينيين المقيمين على أرضها معاملة الأجانب، واعتبر أعضاء الاتحاد -خلال اجتماع بمقرهم في دمشق قبل أيام- أن للقرار تداعيات سلبية على أوضاع الفلسطينيين الاقتصادية والقانونية والإنسانية.
وصدرت هذه المذكرة عقب تداول نشطاء وحقوقيين ووسائل إعلام محلية ومنظمات فلسطينية -الأسبوع الماضي- خبراً عن إيقاف جميع عمليات شراء العقارات للفلسطينيين في سوريا ككل، ومعاملتهم معاملة "الأجنبي" بالنسبة لتملك العقارات.
وهو ما أشارت إليه مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، في تقرير على موقعها الرسمي يوم 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بينما لم تتداول وسائل إعلام سورية رسمية، أو أي جهة رسمية أخرى، أي تفاصيل عن هذا الموضوع.
مفارقة الفلسطيني والأجنبيينص القرار رقم 1011 الصادر عن مجلس الوزراء السوري عام 2021 على تعديل الفقرة (ب) من المادة الأولى من قانون تملك الأجانب للعقارات، لتصبح "يقصد في عبارة غير السوري أي شخص طبيعي أو اعتباري لا يحمل الجنسية العربية السورية" دون استثناء اللاجئين الفلسطينيين من نص القرار.
ويقول كريم، محامٍ وناشط حقوقي بدمشق، فضّل استخدام اسمه الأول فقط، إن "القرار يعامل الفلسطيني في سوريا معاملة الأجنبي تماماً فيما يتعلق بحق ملكية العقار، ويقيّده بالشروط التي يقيّد بها الأجنبي عند رغبته بالتملك" مثل اشتراط الحصول على موافقة وزارة الداخلية، وأن يكون العقار مسجلاً كسند تمليك دائم (طابو أخضر).
كما يشترط القرار أن يكون للمالك "الأجنبي" أسرة، ويسمح له بتملك عقار واحد فقط -بغرض السكن- لا تقل مساحته عن 140 مترا مربعا.
وإثر هذا القرار على اللاجئين الفلسطينيين بسوريا، يضيف كريم في حديث للجزيرة نت، أنه يخلف تمييزا غير مبرّر بين السوري والفلسطيني "ففي حين لا يزال الفلسطيني يعامل معاملة السوري في كافة المعاملات والمجالات، يتم تمييزه على صعيد الحقوق العينية، لا سيما حق الملكية، ويضطر -وفقاً للقرار- إلى التملك حصرا في المناطق النظامية التي تضاهي أسعار العقارات فيها أضعاف ما هي عليه في المناطق الأخرى".
ويتابع الناشط الحقوقي "يقيّد هذا القرار حرية تصرف الفلسطينيين بالعقارات التي يمتلكونها، فمن يبيع منهم اليوم عقاراً مسجلاً على أنه حكم محكمة أو كاتب عدل لن يتمكن من شراء عقار آخر من النوعية ذاتها، بل سيتقيّد بالشروط التي حددها قانون الملكية للأجانب رقم 11 لعام 2011، في أن يكون العقار مبنياً برخصة نظامية وفق نظام ضابطة البناء، عدا التعقيدات القانونية التي سيواجهها في حال أراد الاستفادة من العقار عبر تأجيره".
وأشار عضو اتحاد الحقوقيين الفلسطينيين في سوريا -في حديث مع مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا- إلى أن التعليمات التنفيذية للقانون رقم 11 لعام 2011 حول تملك الأجانب للعقارات استثنت الفلسطيني من عبارة "غير السوري".
وأضاف "يبدو أن هذا الاستثناء قد أُلغي وفق قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1011 لعام 2021" موضحاً أنه لم يتسن له التأكد من صحته لعدم وجود توقيع على الكتاب المذكور، ووجود تشابه للصياغة مع مضمون القرار رقم 11567 لعام 2011.
انقلاب الوضعاعتمد الفلسطينيون في سوريا، قبل صدور القرار 1011، على تملك العقارات وفق إحدى الطرق التالية:
ورقة "حكم محكمة" وهي تثبّت شراء العقار الذي لم يتم فرزه بدوائر الدولة، لوجوده في أرض غير صالحة للبناء. أو وفق ورقة ملكية موثقة لدى كاتب عدل وغير مدرجة بالسجل العقاري. أو وفق عقد عادي بين البائع والمشتري مذيّل بالبصمة والتوقيع وتوقيع الشهود. أو من خلال ما يسمى "إذن السكن" وهو وثيقة تمنح للفلسطيني من قبل الهيئة العامة للاجئين، تشهد فيها على منحه أرضاً تتراوح مساحتها بين 50 و70 مترا مربعا.بينما لم يعد يحق للفلسطيني، بعد إصدار القرار 1011، أن يتملك عقاراً إلا وفق ورقة ملكية مسجلة بالسجل العقاري، يطلق عليها اسم "طابو أخضر" ويشترط فيها أن يكون العقار نظاميا بمنطقة عقارية نظامية، مما يعني سعراً مضاعفاً مقارنة مع سعر العقارات بالمناطق الزراعية أو مناطق العشوائيات.
ويقول عروة (26 عاما) وهو محاسب فلسطيني في شركة خاصة بدمشق، للجزيرة نت "مع هذا القرار يتبخر حلمي في شراء شقة سكنية، فأقلّ سعر لشقة سكنية بالمواصفات المذكورة ضمن القرار سيكون بحدود الـ500 مليون ليرة (35 ألف دولار تقريباً) بينما راتبي لا يتعدى 600 ألف ليرة (42 دولاراً)".
ويضيف "كما أصبح لزاماً عليّ الزواج وتكوين أسرة قبل امتلاكي شقة سكنية، وهذا تناقض صارخ مع وضعي كشخص ولد وترعرع في سوريا، وفي ذلك إهمال صريح من القرار لأوضاعنا كفلسطينيين ولدوا وعاشوا (طوال) عمرهم في سوريا، ولا يجب التمييز بينهم وبين السوريين، فهذا القرار معدّ للأجانب ولا يراعي أوضاعنا".
حراك حقوقييرى حقوقيون أن التغييرات القانونية فيما يتعلق بالتملك وغيرها ستضاعف أعباء الفلسطينيين داخل الأراضي السورية، خاصة وأنهم يتعرضون للتضييق المستمر باستثنائهم من مسابقات واختبارات التوظيف، وصعوبة حصولهم على أرقام وطنية لأبنائهم ممن هم دون سن الـ 15، مما يؤدي إلى عدم حصولهم على حصصهم من المواد التموينية عبر البطاقة الذكية التي تأخذ بعدد أفراد الأسرة وفقاً لسجلات النفوس.
وقد عرفت القوانين السورية المتعلقة بموضوع الحقوق العينية العقارية في سوريا صرامة فيما يتعلق بتملك الأجانب للعقارات ضمن الأراضي السورية، قبل أن يقرّ مجلس الشعب تعديلات على قانون الملكية عامي 2008 و2011، والتي تم السماح بموجبها للأجانب بتملك عقار بقصد السكن، شرط أن يكون الأجنبي مقيما في سوريا إقامة مشروعة.
ويستثنى الفلسطينيون من القوانين المنظمة لشؤون الأجانب المقيمين في سوريا وفقا للقانون رقم 260 لعام 1956، والذي يعرّف غير السوري على أنه كل شخص لا يحمل الجنسية السورية باستثناء الفلسطيني، وفق تعبير "السوريون ومن في حكمهم".
وتساوى اللاجئ الفلسطيني المسجل في "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب" -التي تأسست عام 1949 للإشراف على شؤون الفلسطينيين في سوريا- مع المواطن السوري في التعليم والتوظيف والتجارة والالتحاق بخدمة العلم وغيرها من الحقوق المدنية، ما عدا حق الانتخاب والترشح للبرلمان السوري وللإدارات المحلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: هذا القرار فی سوریا أن یکون
إقرأ أيضاً:
ما الدول التي يواجه فيها نتنياهو وغالانت خطر الاعتقال وما تبعات القرار الأخرى؟
أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي أوامر اعتقال ضد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بينامين نتنياهو، ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، وذلك يعني أن أكثر من 120 دولة موقعة على معاهدة روما ملزمة باعتقالهما على أراضيها.
وجاء في تقرير لصحيفة "معاريف" أن أكثر من 120 دولة موقعة على معاهدة روما ملزمة باعتقال رئيس نتنياهو غالانت، في حال دخولهما أراضيها، ويأتي القرار في ظل الشبهات حول ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
وتشمل قائمة الدول الموقعة في أوروبا 39 دولة، بينها قوى كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول المجاورة لـ"إسرائيل" مثل قبرص واليونان، التي تعتبر وجهات مفضلة للشخصيات الإسرائيلية الرفيعة، ملزمة أيضًا بالمعاهدة.
وفي أفريقيا، وقعت 30 دولة على المعاهدة، بما في ذلك دول هامة مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا وكينيا، في قارة أمريكا، انضمت 24 دولة إلى المعاهدة، من بينها قوى إقليمية مثل البرازيل وكندا والمكسيك، بينما تغيب عن المعاهدة الولايات المتحدة التي لم توقع عليها.
في آسيا، وقعت ثماني دول فقط على المعاهدة، من بينها اليابان وكوريا الجنوبية والأردن، في أوقيانوسيا، انضمت ثماني دول إلى المعاهدة، بما في ذلك أستراليا ونيوزيلندا.
وأكد التقرير أن "توقيع الدول على المعاهدة يلزمها بالتعاون مع المحكمة الدولية وتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عنها، ومعنى هذا القرار هو أن نتنياهو وغالانت قد يجدان نفسيهما محدودين بشكل كبير في حركتهما الدولية، خصوصًا في الدول الغربية المتقدمة".
وأشار إلى أن هذا الوضع قد يؤثر على قدرتهما على عقد لقاءات دبلوماسية وتمثيل "إسرائيل" على الساحة الدولية، وحتى الآن، أكد وزير الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن "أوامر الاعتقال ليست سياسية ويجب تنفيذها".
من جانبه، انضم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إلى دعوة احترام وتنفيذ قرار المحكمة، مضيفًا أن الفلسطينيين يستحقون العدالة بعد جرائم الحرب التي ارتكبتها "إسرائيل" في غزة.
في الوقت نفسه، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن رد فعل بلاده على أوامر الاعتقال سيكون وفقًا لأنظمة المحكمة، وهو انضمام مهم آخر من الدول التي تعترف بسلطة المحكمة في لاهاي.
وفي تقرير آخر للصحيفة، أكد الخبير في القانون الدولي وقوانين التسليم من كلية الحقوق في كلية الإدارة، يارون زامر، أنه "من الناحية العملية، يمكننا القول الآن أنه من المحتمل ألا يتمكّنوا من الوصول إلى أي من الدول الأعضاء في المحكمة، وهذا يشمل حوالي 124 دولة. ولحسن الحظ، أو ربما لحظنا، الولايات المتحدة ليست واحدة منها".
وفقًا للمحامي زامر، يحمل القرار تبعات أخرى: "في الأساس، يفتح هذا المجال لمحاكمة مستقبلية لأشخاص في رتب أدنى، السبب هو أن المحكمة تبعث برسالة من عدم الثقة في النظام القضائي الإسرائيلي، والتبعات التي قد نشعر بها فعلا، هي أن الدول ستسعى لتجنب العلاقات مع إسرائيل".
وأضاف "تخيلوا وجود دولة ديمقراطية تريد الآن التجارة بالأسلحة مع إسرائيل أو تقديم مساعدات أمنية لإسرائيل في الوقت الذي يكون فيه زعيم الدولة مطلوبًا من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب".
ووفقًا لبيان المحكمة، فإن نتنياهو وغالانت "يتحملان المسؤولية الجنائية عن الجرائم التالية كمشاركين في تنفيذ الأفعال مع آخرين وهي: جريمة الحرب باستخدام المجاعة كوسيلة حرب؛ وجرائم ضد الإنسانية من قتل واضطهاد وأفعال غير إنسانية أخرى".
وكانت هولندا، التي تستضيف المحكمة في لاهاي، أول دولة تعلن أنها ستلتزم بأوامر الاعتقال، وفيما يتعلق بإمكانية إصدار أوامر اعتقال إضافية، يعتقد زامر: "من الصعب أن أصدق أن المحكمة ستقوم فعلاً بمحاكمة الأشخاص في أعلى المناصب، ليس عبثًا تم إصدار الأوامر ضد رئيس الحكومة ووزير الدفاع، أشك في أنه تم إصدار أوامر ضد شخصيات أخرى، لكن من الناحية النظرية، قد يكون هناك وضع استثنائي".
وأوضح أنه "من الناحية النظرية، قد يكون هناك وضع استثنائي، لكن أعتقد أن المحكمة ستوجه اهتمامها بشكل رئيسي إلى الأشخاص في المناصب العليا، في النهاية، التوجه العام للمحكمة هو محاكمة كبار المسؤولين الذين يتحملون المسؤولية الأكبر عن القرارات السياسية والعسكرية".
وذكر زامر أنه على الرغم من التحديات التي قد يواجهها القادة الإسرائيليون في السفر إلى دول أخرى بسبب أوامر الاعتقال، فإن "إسرائيل" قد تتخذ خطوات دبلوماسية لمواجهة هذه التحديات، لكن ذلك قد يتطلب تضافر الجهود على المستوى الدولي لتخفيف الضغط، وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن بعض الدول قد تلتزم بالأوامر بينما أخرى قد تحاول تجنب ذلك لأسباب سياسية أو أمنية.
وفيما يخص تأثير هذه الأوامر على العلاقات الدولية لـ"إسرائيل"، أكد زامر إن الدول ستتردد في التعامل مع إسرائيل بشكل طبيعي إذا كانت تواجه ضغوطًا من المحكمة الجنائية الدولية، قد يؤدي ذلك إلى عواقب كبيرة على مستوى التجارة، التعاون الأمني، والعلاقات الدبلوماسية مع العديد من الدول حول العالم.
وختم أن هذه التطورات ستكون بمثابة نقطة تحول في كيفية تعامل "إسرائيل" مع العالم الخارجي، حيث ستواجه تحديات إضافية على صعيد العلاقات الدولية والشرعية القانونية.