مزج دبلوماسي عبقري بين دورس الماضي وأدوات الحاضر
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
ارتبطت زيارتا الدَّولة اللَّتان قام بهما حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ لكُلٍّ من سنغافورة والهند، في ذهني بالأُسُس والقواعد الَّتي قامت عَلَيْها النهضة العُمانيَّة المباركة، والَّتي أرسى قواعدها المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ.
المقصود هنا أنَّ النقلة النوعيَّة بالعلاقات الثنائيَّة الَّتي يسعى جلالته إلى إحداثها من خلال الزيارات واللقاءات الَّتي يُجريها مع قادة دوَل العالَم، تنبثق في الأساس من قراءة جيِّدة للتاريخ العُماني ومراحل النهوض والأفول فيه، ودراسة المُقوِّمات والأسباب بعناية؛ لاستخلاص النتائج واستخدامها في مراحل بناء المستقبل الَّذي يستحقُّه أبناء عُمان، فهو مزج عبقري بَيْنَ دروس التاريخ، وأدوات المستقبل، أدركه جلالة السُّلطان منذ توَلِّيه مقاليد الحكم، ومضَى في تطبيقه لمدِّ جسور التعاون مع كافَّة الدوَل الشَّقيقة والصَّديقة، عَبْرَ سلسلة جسور من المصالح المشتركة، الَّتي تقوِّي أواصر العلاقات وتدفعها لتحقيقِ التنمية المستدامة، ما يُحقِّق السَّلام والأمن والاستقرار المنشود، فبتلك الأُسُس يعلو البنيان وتتحقَّق الطموحات والتطلُّعات.
الأمْرُ أشْبَه بالمزج العبقري الَّتي قامت عَلَيْه النهضة العُمانيَّة المباركة، والَّتي سعى إلى بناء إنسان متمسِّك بدِينه معتزٍّ بعاداته وتقاليده الأصيلة، فخور بهُوِيَّته الوطنيَّة، لكنَّه يتفاعل مع العالَم ومستحدثاته ينهل من العلوم الحديثة، ويسعى إلى مواكبة التطوُّرات المستمرَّة، منفتح على الآخر، يحترم الاختلاف دُونَ تفريط بثوابته ومبادئه الوطنيَّة، كذلك الأمْرُ في العلاقات الدوليَّة، فالدَّولة العُمانيَّة وقائدها الحكيم يسعيان إلى استخلاص مصادر القوَّة من الماضي وعلاقاته، عَبْرَ تبادل الخبرات والاستزادة ممَّا يملكه الآخر من تقنيَّات، ستكُونُ بوَّابة المستقبل الواعد للوطن والمواطن، وستفتح آفاق الخير عَبْرَ تبادل المعرفة، الَّتي وضح للجميع دَوْرها في بناء المستقبل المنتظر، فهي أساس التقدُّم وجوهره، ومن لا يعتني بها سوف يخرج من الرَّكب ويتخلَّف عن السِّياق الحضاري. إنَّ اختيار جلالته بعناية لموعد الاستجابة للدَّعوة الَّتي قدَّمتها كُلٌّ من جمهوريتَي سنغافورة والهند هو اختيار دقيق وحكيم، وربطهما برحلة واحدة انطلقت من مسقط لتطوير علاقات راسخة مع دوَل تمتلك القدرة والمعرفة وسبقت في مراحل النهوض، وتملك طموحًا يحتاج لِما تملكه سلطنة عُمان من مُقوِّمات جغرافيَّة وطبيعيَّة وعلميَّة وعمليَّة وما تقدِّمه من حوافز مقترنة بعلاقات ممتدَّة مع محيطها الإقليمي والعالَمي، فيما تسعى السَّلطنة وفق الرؤية السَّامية إلى الارتباط بعلاقات مميزة بتلك التجارب الناجحة، والَّتي حقَّقت الفارق في الحاضر، وتمتلك رؤية تنسجم مع الرؤية العُمانيَّة في بناء المستقبل، وإقامة اتفاقيَّات ومذكّرات تفاهم تشمل كافَّة المجالات، الَّتي تُسهم في بناء منظومة تستشرف القادم بأدوات علميَّة تناسب العصر وتدرك متغيِّراته.
إبراهيم بدوي
ibrahimbadwy189@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الع مانی
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي أوروبي: التحالف عبر الأطلسي انتهى وروسيا وأمريكا تتعاونان لتدمير أوروبا
حذّر دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى من أن التحالف التاريخي عبر الأطلسي بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية يمر بمرحلة خطيرة من التفكك.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن هناك تحولات استراتيجية تهدد الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية.
وأوضح الدبلوماسي أن العلاقة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، التي كانت تشكل دعامة رئيسية للأمن العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، شهدت تراجعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة.
وتابع قائلًا: "اليوم، يوجد تحالف غير معلن بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهو تحالف يهدف إلى إضعاف وتقسيم أوروبا، بدلاً من دعمها كما كان الحال في الماضي."
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده تقف بكل قوة إلى جانب أوكرانيا في مواجهة روسيا، مشيرًا إلى أن فرنسا ستتحمل كامل مسئولياتها في ضمان السلام والأمن في القارة الأوروبية.
وأضاف ماكرون في تصريحاته الأخيرة، أن فرنسا تشارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفس الهدف في وضع حد للحرب العدوانية الروسية التي دخلت عامها الثالث، مؤكدًا ضرورة العمل المشترك لإنهاء هذه الحرب بأسرع وقت ممكن.
وتحدث ماكرون عن أهمية تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية لأوروبا، مشيرًا إلى أن بلاده مقتنعة بالحاجة إلى زيادة إنفاقها على الدفاع في ظل الظروف الحالية.