د.  علي جمعة العبيدي

عادت علاقات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمملكة العربية السعودية، بعد سبع سنوات من القطيعة إثر الهجوم على البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران، وبالمقابل، أعدمت سلطات المملكة العربية السعودية رجل الدين الشيعي "نمر النمر"، وهو ما أدى بدوره لاندلاع احتجاجات أمام سفارات وقنصليات المملكة في مشهد وطهران عام 2016.

وقد تمت المصالحة بين الدولتين في بكين مطلع عام 2023، وقد مهدوا لها بوساطات حثيثة من جانب العراق وقطر وسلطنة عُمان للتقريب بين وجهات نظر الدولتين، وإذابة الجليد المتراكم في طرق التفاهم والتقارب بينهما.

تعود أسباب كلًا من الطرفين لتطبيع العلاقات لعدة أسباب أهمها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، فمثلًا تُدرك طهران حجم الضغوط عليها نتيجة الغضب الشعبي من المعاناة الاقتصادية نتيجة الخسائر الاقتصادية التي لحقت باقتصادها جراء العقوبات، وهبوط حجم صادرات النفط على إثر إلغاء الاتفاق النووي من جانب إدارة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" عام 2018 إلى معدل 1.7 مليون برميل يوميًا، بعد شهر واحد من استئناف العقوبات، وقاد هذا الغضب إلى تفجّر احتجاجات بدت ذات طابع اجتماعي وحقوقي، وإن خفت في المجمل غضب الشارع الإيراني من تدهور مستوى معيشة الفرد بعد انهيار الريال إلى أكثر من 90% من قيمته خلال العشر سنوات الأخيرة، بالتالي يبدو التقارب مع السعودية منطقيًا لتخفيف تلك الضغوط فيما يتعلق بتنمية العلاقات التجارية، وكذلك مساهمة الرياض المحتملة مستقبلًا في إطار اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني يَسمح لطهران بالتخلص، ولو جزئيًا من ضغط العقوبات الغربية، لا سيما تلك التي تتعلق بعودة التصدير والاستثمار في قطاع الطاقة.

على الجانب المقابل، تعمل السعودية على تنويع اقتصادها عبر جذب مزيدٍ من الاستثمارات، وبالتالي فإن تحقيق الاستقرار الإقليمي يبدو هدفًا للمملكة. بناءً عليه يبدو تخفيف التوتر في الحدود الجنوبية مع اليمن عبر استخدام النفوذ الإيراني لجعل الحوثيين يتعاطون بإيجابية أكثر مع مبادرات خفض التصعيد التي تقترحها المملكة، وكان من أهمها مبادرة تبادل أكثر من 900 سجين بين طرفي الحكومة المدعومة من الرياض، وجماعة أنصار الله الحوثية التي تدعمها طهران.

كان الهجوم على المنشآت النفطية السعودية عام 2022م، والذي نفذه الحوثيون، ويعتقد أنه بتقنيَّات عسكرية إيرانية، خاصة فيما يتصل بالطائرات المسيرة التي كانت ضالعة فيه سببًا في تغيير موقف الأخيرة فيما يتعلق بالخصومة مع إيران، وحينها تضررت أكثر من نصف البنية التحتية لعملاق النفط السعودي (أرامكو) دون رد فعل أو مبادرة بتقديم المساعدة في منع الهجمات مستقبلًا من الجانب الأمريكي، وهو ما دفع السعودية للعمل على التقارب مع طهران لا سيَّما أن اقتصادها يعتمد بشكلٍ كبير على قطاع النفط إلى جانب الحاجة للتنسيق في ملفات أخرى على رأسها التهديد الذي يمثله التحول العالمي للاقتصاد الأخضر على صادرات الطرفين النفطية وكذلك ملف الإرهاب والاستقرار في المنطقة.

وبالتالي تَلوحُ في الأفق عدد من التساؤلات الهامة بشأن مستقبل العلاقات بين الطرفين، وأبعادها الاستراتيجية في الصعيد الخارجي على ملفات الصراع في اليمن وسورية ولبنان، والتدخلات في البحرين، وكذلك تأثير هذا التقارب على علاقات السعودية مع الكتلة الغربية و"إسرائيل" مقابل التقارب أكثر مع الصين وروسيا القريبين من طهران.

اِنطلاقًا مما سبق، نستعرض في البداية الفرص الاقتصادية التي تلوح في الأفق من المصالحة، كما نستعرض ملفات الصراع الإقليمية وأخيرًا تأثير المصالحة على احتمالات التصعيد بين إيران وإسرائيل.

أولًا ـ الانعكاسات الاقتصادية للمصالحة السعودية ـ الإيرانية

توفر المصالحة بين الجانبين فرصًا اقتصادية جاذبة لكلا الطرفين، نعمل على تفصيلها فيما يلي:

1 ـ الجانب السعودي:

توفر المصالحة عدد من المكاسب الاقتصادية للسعودية، في عدة مجالات منها ما يبدو ذو طبيعة اقتصادي ـ سياسية مشتركة مثل توفير بيئة استقرار ملائمة لتوفير النجاح لرؤية السعودية 2030 والتي تعتبر المشروع السياسي الذي يوفر غطاء شرعي يثبت من دعائم حكم ولي العهد "محمد بن سلمان" بشكل شخصي. هذا بالإضافة إلى فتح قنوات مباشرة مع الداعم الرئيسي لجماعة أنصار الله الحوثية يضمن عدم تضرر منشآت الطاقة السعودية مرة أخرى بعد الهجوم الكبير على أرامكو عام 2022، ومحاولة بناء جسور تواصل مع الصين التي يهمها تحقيق الاستقرار في المنطقة ضمن مشروعها الطموح مبادرة الحزام والطريق وحيث تستفيد السعودية من تعاونها التقني الكبير مع الصين.

ونبرز فيما يلي أبرز العوائد الاقتصادية التي تعود على الرياض من التقارب مع إيران:

أ‌ ـ تحقيق الاستقرار لإنجاح رؤية 2030:

تمثل المصالحة بالنسبة للجانب السعودي فرصة أكبر للاستقرار لمتابعة خطوات المملكة الحثيثة لمتابعة برنامج التطور الاجتماعي الاقتصادي طبقًا لرؤية 2030، والذي ضخت فيه مليارات الدولارات والذي يحتاج لبيئة استقرار لجذب الشركاء الأجانب، والحصول على مساعداتهم في تحويل السعودية إلى مركز عالمي من مراكز التكنولوجيا واللوجستيَّات والتجارة والصناعة.

ويُمثل ارتباط تلك الرؤية بولي العهد "محمد بن سلمان" يجعل نجاحها أولوية بالنسبة لصانع القرار في السعودية. تلك الرؤية التي تشير إلى اهتمام الإدارة السعودية ببناء جسور تواصل مع مجتمعها الذي يبلغ فيه نسبة الشباب أكثر من 60% حيث يبدو الانفتاح الوسيلة التي اعتمدها صانع القرار السعودي لإدماج مجتمعه الشاب أكثر، لذا فإن تطوير قطاعات اقتصادية غير تقليدية بالنسبة للسعودية مثل: السياحة والتعليم والصحة، تمثل أولوية لإيجاد فرص عمل بشكل أكبر .

يصب ذلك في صالح التأييد الكبير الذي يمكن أن يحظى به نظام الحكم في البلاد خاصة أن الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى تأييد كبير لولي العهد شخصيًا، حيث تشير الاستطلاعات أن 97% من السعوديين يعتقدون أن ولي العهد يمثل الشخص الأنسب لقيادة البلاد و90% يرون أن البلاد تسير في الطريق الصحيح للإصلاح .

ب‌ ـ تسريع وتيرة التعاون التقني مع الصين:

تهدف الصين من وساطتها بين الرياض وطهران إلى مزاحمة واشنطن في مناطق نفوذها في منطقة الخليج بالإضافة إلى دعم الاستقرار في المنطقة، وتأكيد تواجدها في الإقليم، وهو ما يدعم سياسة التوجه شرقًا التي تعتمدها، ويُعد تجاح الصين في التقارب بين الرياض وطهران فرصة لظهور الصين على مسرح منطقة الشرق الأوسط كداعم للاستقرار والتعاون بدلًا من سياسة العقوبات والتفريق التي تتبناها واشنطن. وتُعد الصين التي تولت ملف المصالحة أحد أهم الشركاء في الجانبين الاقتصادي والتقني بالنسبة للسعودية، حيث تبدو الصين مهمة لرؤية 2030 بناءً على التعاون الذي بدأ ضمن سياسة السعودية في زيادة وتيرة التعاون مع الشركاء الآسيويين في منتصف عام 2000 والتي عرفت بسياسة التوجه شرقًا أو (East Policy)، وتحتل الصين المرتبة الأولى في قائمة الدول التي تتعاون معهم السعودية تقنيًا بنسبة 28.3% تليها الولايات المتحدة وألمانيا بنسب أقل.

ت‌ ـ توفير الحماية لقطاع النفط:

يُعتبر قطاع النفط من أهم القطاعات في الاقتصاد السعودي، ولذلك فإن السعودية تسعى جاهدة لتوفير الحماية والدعم لهذا القطاع المهم. يعد النفط مصدرًا رئيسيًا للإيرادات في المملكة العربية السعودية، ويسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف، ويعتبر استقراره واستمرارية إنتاجه من أولويات الحكومة السعودية. وتصدر السعودية حوالي 10 ملايين برميل نفط خام يوميًا، وتمثل 5% من الإنتاج العالمي، وتعد صادرات النفط بالتحديد مسؤولة عن 57% من الإيرادات بالميزانية العامة للسعودية تليها الضرائب بمعظم النسبة المتبقية .

تستهدف طهران من تطبيع العلاقات السياسية السماح للعلاقات التجارية بالنمو أكثر إلى معدل حجم تجارة يبدأ من مليار دولار ويصل إلى 2 مليار دولار على المدى المتوسط. ومن أبرز المنتجات التي كانت تعاني من الدخول بشكل مباشر إلى السوق السعودية وتمثل عصب التجارة الإيرانية هي الفولاذ والإسمنت ومنتجات الفواكه المجففة والزعفران والسجاد.لكن في العام 2022 تعرضت مواقع شركة أرامكو لهجمات واسعة النطاق باستخدام أكثر من 25 مسيرة هاجمت موقعي العبقيق والخريص. وقد أدت تلك الهجمات إلى خروج أكثر من نصف قدرة البلاد الإنتاجية اليومية من النفط الخام بالتحديد 5.7 مليون برميل. وقد اتهمت السعودية طهران بدعم الحوثيين لوجستيًا واستخباراتيًا لتنفيذ الهجمات بدقة على الموقعين حيث استهدفا بشكل متعدد لإنهاك قدرات الموقعين الدفاعية وتوزعت الهجمات على نقاط هشة، فعلى سبيل المثال تم استهداف 4 مواقع بالخريص بشكل دقيق.

يُعد موقع العبقيق أحد أكبر مراكز إنتاج الخام ويقع في شرق السعودية، وبه يتم فرز الخام المعد للتصدير بقدرة قصوى تصل إلى 7 مليون برميل يوميًا، أما الخريص فيبعد 110 ميل عن العبقيق ويضخ 1.5 مليون برميل .

2 ـ الجانب الإيراني:

تعد المصالح الاقتصادية أحد أهم الدوافع الاستراتيجية بالنسبة لصانع القرار الإيراني من التقارب مع السعودية. وتأتي قضية استعادة الاتفاق النووي بوساطة الأخيرة مرة أخرى أو حتى إيجاد متنفس يخفف من العقوبات على اقتصادها على قمة الأولويات الإيرانية. بجانب هذا يبدو التطبيع التجاري وتوسيع العلاقات التجارية مع السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي أحد تلك الدوافع خاصة بعد العقوبات الدولية والثنائية. وتضمنت العقوبات قيودًا على قطاعات متعددة بما في ذلك النفط والغاز والتعدين والصناعات التحويلية. كانت هذه العقوبات تستهدف أساسًا تقليل إيرادات إيران من العملة الصعبة  لتقييد قدرتها على تطوير برنامجها النووي.

ونُفصل في ذلك فيما يلي:

أ‌ ـ التوافق حول البرنامج النووي مع الرياض:

رغم أن الموقف الرسمي للإدارة الأمريكية واضح فيما يتعلق بعدم وجود الاتفاق النووي على أجندة أعمال الإدارة الأمريكية الحالية، إلا أن إدارة الرئيس جو بايدن قامت بالعديد من محاولات جث النبض للعودة للاتفاق النووي عبر عدد من الجهود لدبلوماسيين أمريكيين. يُبرز ذلك نية إدارة بايدن الواضحة فيما يتعلق بضرورة الوصول إلى على الأقل إلى اتفاق غير رسمي مع طهران بشأن الملف النووي بجانب ملفات أخرى كان آخرها الموافقة على الإفراج عن 6 مليار دولار من الأموال المجمدة الإيرانية مقابل إطلاق سراح 5 سجناء أمريكيين في عام 2023 بوساطة قطرية . ويبدو أن هدف الإدارة الأمريكية هذه المرة هو التوصل إلى اتفاق شفهي وغير رسمي لوقف التصعيد السياسي (political cease-fire) بين الجانبين.

ويُمكن أن يساعد تطبيع العلاقات مع السعودية في صياغة تفاهم غير رسمي بين الطرفين بشأن تعهد إيران بعدم تخصيب اليورانيوم أكثر من مستوى 60% الحالي وهو مستوى يمثل 90% من نسبة التخصيب التي تسمح بإنتاج السلاح النووي، وتمتنع إيران كذلك عن التصعيد فيما يتعلق بالهجمات التي يشنها حلفائها في سوريا والعراق على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة وحتى بعض التفاهمات بالحد من التعاون مع الجانب الروسي فيما يتعلق بإمداد روسيا بالمسيرات والصواريخ الباليستية التي يعتمد عليها الجيش الروسي في أوكرانيا. في المقابل تحصل إيران على تخفيف تدريجي للعقوبات التي بالفعل خنقت الاقتصاد الإيراني، حيث يمكن أن تكون السعودية ضامنًا لتنفيذ تعهدات الطرفين.

ب ـ التخفيف من حدة العقوبات الدولية:

قامت الإدارة الأمريكية في عهد ترامب عام 2018 بإلغاء الاتفاق النووي الذي بموجبه خففت إدارة أوباما عام 2015 من حدة العقوبات المفروضة على إيران، وبعد عودة تلك العقوبات عانى الاقتصاد الإيراني في قطاعات عدة شملت:

ـ القطاع المالي والبنكي:

فُرضت عدة جولات من العقوبات على النظام المصرفي الإيراني على مر السنوات من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأخرى. بموجب هذه العقوبات، تُمنع إيران من الشراء أو الاستحواذ على الدولار الأمريكي، ومن التجارة في الذهب والمعادن الثمينة. كذلك تحظر التعاملات في بيع أو شراء العملة الإيرانية أو حتى فتح حسابات خارجية، وعقوبات أخرى تحظر معاملات الدين وحظر التأمين أو خطابات الضمان، ومعاقبة أي كيان أجنبي يتعامل مع البنك المركزي الإيراني أو أي مؤسسة مالية إيرانية أخرى. ومع ذلك، اتخذت طهران بعض الإجراءات للتكيف مع هذه العقوبات، بما في ذلك تعزيز النظام المالي الداخلي وتعزيز التعاون المصرفي والمالي مع الدول التي لم تلتزم بالعقوبات، كما استخدمت أيضًا وسائل بديلة لتنفيذ المعاملات التجارية، مثل التجارة غير النقدية واستخدام العملات البديلة.

ـ قطاع الصناعة:

بموجبها تمنع إيران من بيع أو توريد أو التجارة في المعادن الفولاذ والألمونيوم، والجرافيت والفحم وكل برامج السوفت وير اللازمة لقطاع الصناعة. وكذلك توريد الآلات وقطع الغيار. بالتالي يُمكن القول أن تأثير العقوبات على مجال الصناعة الإيرانية كان شاملاً.

وقد تضررت الشركات والمصانع بسبب صعوبة الوصول إلى التكنولوجيا والمعدات الحديثة، بالإضافة إلى صعوبات في تمويل المشاريع والتجارة الدولية. كما تضررت قطاعات الصناعة العامة والخاصة وتوقفت بعض المصانع عن العمل بسبب القيود المفروضة. وقد وجدت إيران حلاً لبعض التحديات من خلال تعزيز الإنتاج المحلي وتنويع مصادر التمويل وتطوير علاقات تجارية مع الدول التي لم تشارك في العقوبات، وهو ما عزز من الصادرات غير النفطية وتحفيز الاستثمارات المحلية في بعض القطاعات. بشكل عام، يمكن القول إن العقوبات التي فُرضت على إيران أثرت سلبًا على قطاع الصناعة، لكنها أيضًا أدت إلى تحفيز الابتكار والاعتماد على القدرات المحلية في مواجهة التحديات.

ـ قطاع التجارة:

حٌرمت إيران من تصدير السجاد ومنتجات الأغذية، وحظر الشحن من كل الموانئ الإيرانية، وحظر شراء أو بيع النفط والمواد البتروكيماوية من بعض الشركات الإيرانية، وحظر عام على قطاع الطاقة يشمل التصدير والاستثمار إلى الشركات الأجنبية، حيث  كانت طهران تصدر قبل عودة العقوبات حوالي 3.8 مليون برميل و650 ألف متر مكعب من الغاز يوميًا . وبعد إلغاء الاتفاق وسعت إدارة ترامب العقوبات لتشمل منع كل الشركات الأمريكية والتي كان بعضها مصرح لها بالتعامل مع إيران، وإعادة العمل بالعقوبات المفروضة على بعض الأفراد.

ت ـ عودة العلاقات التجارية مع السعودية:

قامت إيران مباشرة بعد الاتفاق مع السعودية بتصدير شحنة من الفولاذ بقيمة 14 مليون دولار، وعادت قطاعات بعض القطاعات العاملة في المنتجات الزراعية والغذائية للعمل مرة أخرى، وبجانب رغبة إيران في جذب شركات الشحن السعودية لاستخدام موانئها كنقطة عبور للتجارة في غرب آسيا، تأتي أهمية السوق السعودية كونها سوق كبيرة وقطع العلاقات معها في السابق كلف الشركات الإيرانية الكثير من التكاليف المتعلقة بإعادة التغليف وتغيير العلامات التجارية في الإمارات، لجعل المنتجات قابلة للتسويق في الدول التي تدور في فلك المعسكر السعودي مثل الكويت.

وتستهدف طهران من تطبيع العلاقات السياسية السماح للعلاقات التجارية بالنمو أكثر إلى معدل حجم تجارة يبدأ من مليار دولار ويصل إلى 2 مليار دولار على المدى المتوسط. ومن أبرز المنتجات التي كانت تعاني من الدخول بشكل مباشر إلى السوق السعودية وتمثل عصب التجارة الإيرانية هي الفولاذ والإسمنت ومنتجات الفواكه المجففة والزعفران والسجاد.

وتمثل الواردات السعودية كذلك فرصة لتعزيز قطاع الصناعة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الطرفين في مجال المركبات والأسمدة الكيماوية والبولي إيثيلين والمنسوجات. هذا بجانب قدرات الاستثمار السعودية الكبيرة، والتي يمكن أن تكون بمثابة فرصة خاصة مع توسع السعودية ضمن رؤية التنمية لعام 2030م .

*رئيس مؤسسة شمال أفريقيا للدراسات السياسية والاستراتيجية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الإيرانية السعودية التقارب إيران السعودية تقارب أهداف سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الأوساط الإيرانية تحذر من انزلاق المنطقة لحرب شاملة

طهران- إثر التصعيد الإسرائيلي الذي أعقب اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، وتوسيع نطاق الغارات التي بلغت العاصمة بيروت وأهدافا في سوريا والحديدة باليمن، تجمع الأوساط الإيرانية على أن المنطقة مقبلة على حرب شاملة، لكنها تنقسم بشأن دخول طهران المعركة وطبيعة ردها المحتمل.

فبين من يسعى لاستشراف مستقبل المنطقة من خلال قراءة ما بين سطور التطورات المتسارعة فيها، ومن يلقي باللوم على محور المقاومة لعدم تسديده ضربات مؤلمة للكيان الإسرائيلي بعد نقله الحرب لجبهة الشمال، يضع مهدي مطهر نيا رئيس معهد "سيمرغ باريخ" للدراسات المستقبلية تلك الأحداث في إطار النظام العالمي الحديث.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى مطهر نيا أن القوى الفاعلة في النظام العالمي الجديد ترى في إيران وحلفائها حجر عثرة أمام رؤيتها للعالم، وأن تلك الدول متفقة على ما يجرى في المنطقة طالما يسير بما يصب في مصلحة إستراتيجيتها الكبرى ومخططاتها بشأن مستقبل العالم.

نظام عالمي

ويستشرف مطهر نيا أن التنافس في النظام العالمي الجديد سوف يقتصر على 3 قوى كبرى: الولايات المتحدة كونها المتبقية من النظام العالمي القديم وأوروبا الموحدة والصين. ويقرأ الباحث الحرب المتواصلة في أوكرانيا وتطورات الشرق الأوسط في سياق الإرادة الغربية لتوريط روسيا وإيران واستنزاف طاقاتهما في الحروب بسبب سياساتهما المناهضة لتيار النظام العالمي.

ويربط بين أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 وعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويشير إلی ركوب القوى الغربية موجة الحدثين لتكوين نظام عالمي جديد، مضيفا أن "توالي التطورات خلال العام الماضي، ومنها تصعيد الهجمات على حلفاء إيران واستهداف مصالحها في المنطقة بما فيها الاغتيالات، ترمي إلى جر إيران إلى معركة شاملة".

وبرأي مطهر نيا، فإن التصعيد العسكري في المنطقة سوف يتواصل من أجل استدراج إيران إلى معركة بعد نجاحها في إفشال العديد من المخططات الغربية والإسرائيلية لجرها للحرب عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتوقع إقدام إسرائيل على تصعيد خطير ضد الفصائل المتحالفة مع إيران خلال المرحلة المقبلة لتقويض قدراتها خشية قيامها بعمليات إيذائية في حال نشبت الحرب مع إيران.

وخلص إلى أن المحور الغربي الإسرائيلي يطبق سياسة مشابهة لنهج محور المقاومة بقيادة إيران، وأن المعسكرين يراهنان على جدوى توريط الجانب الآخر في معارك استنزاف وحروب غير متكافئة، موضحا أن الجانب الغربي يريد أن يقطف ثمرة سياسة تضخيم التهديد الإيراني التي أطلقها قبل أكثر من عقدين بافتعال ملف طهران النووي.

حرب شاملة

من ناحيته، يعتقد محمد مهدي مظاهري الأكاديمي والمستشار الأسبق لرئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام أن "القوى الغربية قد أعطت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني للعبث بمنطقة الشرق الأوسط بذريعة ضمان أمن المستوطنات في فلسطين المحتلة" وأن إسرائيل ترى في الحرب الإقليمية الشاملة فرصة للقضاء على التهديدات الماثلة أمامها منذ عقود.

ويعتبر مظاهرى أن الدعم الغربي اللامحدود للكيان الإسرائيلي خلال العام الماضي شجعه على القيام بخطوات جنونية بعد أن تأكد أن حلفاءه الغربيين لم يتركوه وحيدا بمواجهة إيران وفصائل المقاومة، مؤكدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشتري الوقت من خلال التصعيد الأخير، بأمل فوز صديقه المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسيات أميركا 2024 ليحظى بدعمه لتقويض قدرات أعدائه.

وفي حديثه للجزيرة نت، يتهم المتحدث أطرافا غربية وعربية بالتواطؤ مع إسرائيل لتقويض قدرات إيران العسكرية والنووية، محذرا من أن دعاة الحرب يدفعون المنطقة إلى حافة الهاوية من خلال العمل علی إضرام نار الحرب الشاملة.

ونصح مظاهري بتفعيل دبلوماسية طهران لإحياء الاتفاق النووي في حقبة الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن مقابل احتواء التهور الإسرائيلي، واستغلال موضوع الثأر لدماء إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني الراحل الذي اغتيل في طهران، والتلويح بعصا الانتقام لردع بعض التهديدات الإقليمية للعبور بالبلاد إلى بر الأمان بدلا من الوقوع في فخ الحرب الإقليمية الشاملة.

سباق تسليحي

من ناحيته، يرى حشمت الله فلاحت بيشه الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أن التصعيد المتواصل في الشرق الأوسط سيدفع باتجاه سباق تسليحي منقطع النظير، وأن الأمور قد لا تسير وفق إرادة نتنياهو وحماته الغربيين بفرض حرب شاملة على إيران.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال المتحدث إن التصعيد الإسرائيلي سيؤدي بأغلب دول المنطقة إلى رفع ميزانيتها العسكرية ومناقشة التسلح النووي في مجالس الأمن القومي بما يتناسب والتهديدات التي يفرزها التصعيد المتواصل والدعم الغربي له.

وبرأي فلاحت بيشه أستاذ العلوم السياسية بجامعة العلامة طباطبائي، فإنه كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 سيرتفع منسوب التوتر في الشرق الأوسط، مستدركا أن إسرائيل لن تستطيع القضاء على فصائل المقاومة من خلال التصعيد الجاري.

وتابع أن العقيدة العسكرية الإيرانية لن تسمح بإطلاق حرب طالما لم تتعرض البلاد إلى تهديد عسكري، مضيفا أنه في حال مهاجمة الأراضي الإيرانية ستصبح الحرب الإقليمية لا بد منها، وأن الرد الإيراني سيكون واسعا جدا لقطع الطريق على العدو ومنعه من استهداف البنى التحتية الإيرانية.

ووفق فلاحت بيشه، فإن طهران عازمة على عدم تكرار أخطاء حلفائها في محور المقاومة في التعامل مع الهجمات الإسرائيلية، مضيفا أنه لو كان حزب الله قد أمطر الأراضي المحتلة بالصواريخ والمسيرات ردا على أول هجوم طال الضاحية الجنوبية لما بلغت الأمور التصعيد الجاري.

وتنصب القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة فخا لمحور المقاومة -وفق فلاحت بيشه- من خلال التسويف بشأن وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتشتري الوقت لإسرائيل ليتسنى لها الانقضاض على أعدائها، مؤكدا أن طهران لن تنخدع بمثل هذه الخدعة، وأن أول رصاصة تخترق السيادة الإيرانية ستكون بمثابة إعلان حرب يبرر لإيران تسديد الضربات قبل أن تتلقى ضربة موجعة.

وردا على سؤال حول الخط الأحمر الذي من شأنه أن يفتح الباب بوجه إيران للانخراط في المعركة بحال تجاوزته إسرائيل، يقول فلاحت بيشه إن استشهاد المستشارين الإيرانيين هناك جراء الهجمات الإسرائيلية يشير إلى مشاركة إيران بشكل غير مباشر في المواجهة، لكن اختراق السيادة الإيرانية من شأنه تعقيد المشهد أكثر مما هو عليه.

وتوقع بأن تبلغ الحرب ذروتها خلال الفترة القصيرة المقبلة في حال عدم سماع الأطراف الغربية التحذيرات الإيرانية الداعية إلى لجم إسرائيل واحتواء سياستها الجنونية، مؤكدا أنه في حال اندلاع حرب إقليمية شاملة فإن عواقبها ستكون وخيمة ولا يمكن التكهن بنتائجها.

مقالات مشابهة

  • ما هي مواصفات الصواريخ الإيرانية التي استهدفت الكيان الصهيوني؟
  • محلل لـCNN: إسرائيل قد تستهدف المنشآت النووية الإيرانية في إطار ردها على طهران
  • موقف الأردن إزاء الصواريخ الإيرانية التي عبرت أجواءه
  • البرلمان الإيراني: لو كنتم تعلمون ما أعد لكم لتوقفتم الآن عن تهديد إيران
  • مصادر بالجيش السوري: إسرائيل أسقطت عشرات الصواريخ الإيرانية التي حلقت فوق سوريا
  • جورجينا توضح أكثر الكلمات العربية التي تستخدمها
  • الأوساط الإيرانية تحذر من انزلاق المنطقة لحرب شاملة
  • هل زودت السعودية طائرات الاحتلال التي ضربت الحديدة بالوقود؟
  • هل زودت السعودية طائرات الاحتلال التي ضربت الحديدة بالوقود؟ (شاهد)
  • كاتب صحفي: إيران تركز على أولويات أهم من حزب الله