سودانايل:
2024-12-04@19:26:35 GMT

رسائل تائهة بين القاهرة والخرطوم وبورتسودان

تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT

ناح القمري على الغصون
ذكرني الدر المصون
فريد عصرو المامتلو شيء
ملاك محروس داخل الحصون
شمس الكون تشبه وشيه
فريد عصرو المامثلو شيء
جميل مثلك ما أظن يكون
حياء وعفة ورقة وسكون
فريد عصرو المامثلو شيء
قاسي سماع لهجه الحنون
عظيم كالمال حلو كالبنون
فريد عصرو المامثلو شيء
سيد عبد العزيز

افتقدناك يا دكتور أوشيك .

.أنا وولي ادم وعثمان حسن وهاشم الهارب من صقيع العاصمة الكندية أوتاوا ..يا حليلك ذكراك العطرة كانت حاضرة ترفرف فوقنا كالغيم ونحن جلوس على الرمال البيضاء للخور الصغير أمام الراكوبة ونحن نحلق حول حلة (القطر قام ) نزيدها كوزا من فوق وأعوادا من المسكيت من تحت في قريتنا الوادعة كليناييب 8 ( كيلومترات جنوب بورتسودان) أو حينما نحتسي فناجين الجبنة وسط قفشات أخونا عثمان حسن. تحيط بنا الخضرة من كل جانب بعد الامطار الشتوية غير المسبوقة التي ضربت المنطقة ولكنها وان كانت قد كست الأرض جمالا وبهجة الا انها جائت مصحوبة بجحافل من الذباب والناموس لوثت البيئة وأحدثت دمارا شاملا ببقايا البنية التحتية حتى أصبحت القيادة والسير في شوارع بورتسودان التعيسة البائسة بعد نزوح النازحين بسياراتهم قطعة من العذاب وشيئا من المعجزة .
(2)
ولو أن الأمر اقتصر على تشوهات البيئة والبنية التحتية لهان الأمر ولكنه الوضع السياسي الذي يلفه الغموض ويكتنفه الضياع أصبح أكثر تعقيدا من شوارع بورتسودان التي اختفت ملامحها تحت وطأة البثور والأخاديد يتزاحم فوقها بالأكتاف بشر تائهون حائرون قادمون من كل فج عميق (لو رأيتهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) ..فيهم من اختار المساجد والساحات و برندات الأسواق للتسول ولكن معظمهم نازحون ولاجئون يكافحون للهروب من الباخرة المثقوبة ولكن الى أين بعد أن أصبح السودان الطارد لأهله عبئا على الدنيا .. الآن توقفت مفاوضات جدة (الأمل الوحيد) لتباعد موقف الطرفين فحينما طلب وفد الجيش انسحاب ميلشيات الدعم السريع من بيوت الناس جاء الرد معجونا بالصلف والعجرفة والعزة بالإثم (لن ننسحب من بيوت الناس) full stop .
(3)
في أديس أبابا كان المشهد أكثر بشاعة فحينما سأل أحد الصحفيين ممثل حميدتي في مفاوضات الاتحاد الأفريقي عزت إبراهيم لماذا تعلنون الحرب علي الشعب السوداني البريء ؟ و لماذا وبأي حق ترتكب قواتكم كل الفظاعات و الموبقات من الاستيلاء على بيوت الناس الى قتل الأبرياء الى انتهاك أعراض بنات الناس فرد دون أن ترف له شعرة جفن أين جيشكم الذي تهتفون به (جيش واحد شعب واحد) ولماذا لا يتقدم للدفاع عنكم ؟
(4)
رغم ذلك فلا نشك أننا نحسدكم ولا شك أنكم تحسدوننا ..نحسدكم لأن البيئة التي تتواجدون فيها أفضل ولأن الخدمات من تعليم وعلاج وترفيه أفضل ولأن المستقبل هناك أكثر اشراقا كما نرى وتحسدوننا لأننا متواجدون في الداخل ولا نكتوي بالغربة حتى ان كنا نحتمي بوطن منحوس منكوب بأبنائه (ضل راجل ولا ضل حيط) ولكن صدقني نحن نخوض معركة خاسرة الغلبة فيها لغول الجهل وتجار البضائع الفاسدة ..هنا كل يتفاخر بتأريخه ولكن ذمة التأريخ أصبحت مطاطة وجروحه مثل جروح مريض السكر صعبة الاندمال .. نحن عاجزون عن صنع مشروع وطني نتدثر به ونلتف حوله لأننا نعيش سياسة رزق اليوم باليوم .
(5)
تحضرني في مجال الحديث عن منافي الاغتراب رسائل جرت بين اثنين من عمالقة الكلمة في السودان هما الفارس الامردماني والمفكر الكبير خالد الكد الذي اتهم بالمشاركة في انقلاب أيام حكومة نميري قبل تبرئته من قبل العميد عمر الحاج موسى والثاني هو الكاتب الفذ ورئيس تحرير جريدة الأيام الفاتح التيجاني لما للمقالين من علاقة بحالة سودانيو الدياسبورا . في نهاية نوفمبر 1997 كتب خالد الكد وقبل أيام من مصرعه تحت إطارات سيارة مجنونة في أحد شوارع لندن وهو في طريقه للمشاركة في ندوة الى زميله الفاتح التيجاني عن مرارات الغربة تحت عنوان (تقدم السن والغربة يجعلان الانسان طريدا للشجن) يقول :
(6)
تمتد الخضرة على مد البصر وذلك الغدير الذي عرفت تتراقص خيوط الشمس الذهبية على صفحته التي يرجها رفيف أجنحة الأوز والبجع قائما أو هابطا أو سابحا والحسناوات في ملابس التريض تحدثا بنعمة الله وتسبيحا بعظمة الصانع . .وأنا أحوم حول ذلك الغدير تمنيت أن أغمض عيني فلا أفتحها الا في أمدرمان وأغمضت عيني بالفعل وجائتني رائحة العشب الندي ومر الهواء على جبهتي باردا ومنعشا ولكنني كنت في حالة من الوجد تمنيت أن أكون فيها أضرب على قدمي ليس للتريض وانما لشح المواصلات ..وينهمر العرق المالح جداول على وجهي فلا تجففه الا كتاحة تحيل وجهي وملابسي الى طبقة من طين ..وبعد أشتاق اليه ..نعم ذلك لأننا ياصديقي أشتاق اليه ..نحن هنا وان كنا من حيث المعايش أفضلا حالا ..
(7)
تنفق علينا جلالة الملكة وحكومتها ..نجد الرغيف واللبن والسكر واللحم وحتى الفول المصري والسوداني دون كبير عناء الا أننا تيقنا أيضا من صحة المقولة التي تقول (ليس بالخبز وحده يحيا الانسان) ..نحن هاهنا يا صديقي بلا هوية يحيط بنا الضياع والفاقه الروحية وعلى تكاثر أعدادنا في هذا الوطن المستلف نظل بقية العمر كله غرباء ..الشبان هنا يدهشهم شوقي الى بلاد يزحف الليل فيها على الدور في رابعة النهار ويفطم أطفالها عقب الولادة مباشرة لانعدام اللبن في أثداء الأمهات وصودرت الأغاني بفرمانات الوالي وأطبقت على الأفق ذرات اليأس والخوف والزؤام .. ورغم ذلك أقول لهم أ شتاقها لأني أنا هناك .
(8)
معذورون هؤلاء الشباب الذين بفضلون أن يكونوا أرقاما في دفاتر ال N H S في بريطانيا ..لقد انزعج الكبار من كلمة كتبتها تحسرت فيها على حالة الضياع وأعلنت فيها عن توجس من الموت هاهنا في هذه البلاد فيصلي على أمام باكستاني ب(الأوردو) ثم يستلم حقه ب(الإسترليني) ..نحن في هذا الشتات السودانيون صاروا جاليات تمتد من الاسكا الي رواندا وبوروندي وكل تلك الأسماء التي كانت تبعث الضحك في حصص الجغرافيا وها هي تمسكنج وبراري كندا تتصدر أنباء السودان .
(9)
وجاء رد عليه الفاتح التيجاني رحمه الله من الامارات يقول (حالك في هايد بارك ليس بأشق من حالنا فنحن نختبيء في هايد بارك العمارات الزجاجية والغرف المكيفة ..لا نعرف أن نواجه أنفسنا ناهيك عن مواجهة الآخرين ..نتوسل لليل أن ينجلي ونتوسل للنهار أن ينقشع ..لسنا كسيزيف ما حملنا صخرة ولا حاولنا الصعود ..نحن بدأنا المسيرة بالانحدار المنظم والعشوائي خطوة الى الخلف وخطوتان الى الخلف ثم الى الخلف در حتى أصبح الخلف وفي غياب التقدم أماما .
(10)
رسالتك هزتني من الأعماق وأحدثت ثغرة في جدار بنيته بنفسي ومع سبق الإصرار والترصد بيني وبين الماضي .أذا لم يكن الحصول على المونة والطوب عسيرا فخيبات الأمل المتلاحقة والإحباط واليأس وفقدان الثقة تكفي لكل مغالق السودان .
لك تحياتي
كان الله رحيما بهما حينما قبض ارواحهما قبل حلول الطوفان الذي اجتاحنا .. ترى ماذا قالا اذا مد الله في أعمارهما وعاشا معنا الكارثة بكل تفاصيلها ؟؟؟؟؟

oabuzinap@gmail.com
///////////////////////  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ما هو اليمين الغموس الذي لا يدخل صاحبه الجنة؟.. اعرفه

أوضحت الدكتورة هبة إبراهيم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن "اليمين الغموس"، هو نوع من الكذب يعد من أكبر الكبائر، وهو ما يعمد فيه الشخص إلى الكذب في أخذ حق ليس له، مما يؤدي إلى ظلم الآخرين.

وأضافت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، خلال تصريح لها اليوم الإثنين، أن "الغموس" كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، هو الكذب الذي يغمس صاحبه في النار، لأنه يستبيح حقوق الآخرين بشكل متعمد، مما يؤدي إلى خسارة عظيمة في الدنيا والآخرة.

وقالت: "الكذب الغموس يعني أن الشخص يكذب عمدًا ليأخذ حقًا ليس له، أو ليؤذي غيره في حقوقه، ويجب على هذا الشخص أن يتوب إلى الله توبة صادقة، في الحديث الشريف، نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن من يطعن في حقوق الناس باستخدام اليمين الكاذبة، فإن الله سبحانه وتعالى يحرم عليه الجنة ويدخله النار، وهو وعيد شديد للغاية."

وأشارت إلى أن الفقهاء اختلفوا في مسألة كفارة الكذب الغموس، حيث يرى البعض أن الكفارة تكمن في الاستغفار والتوبة الصادقة، لأن هذا الكذب يتضمن استباحة حقوق الآخرين باستخدام اسم الله، وهو أمر خطير للغاية.

وأضافت: “يجب على من ارتكب هذا الفعل أن يكثر من الاستغفار وأن يعزم على عدم العودة إلى مثل هذه المعاصي مرة أخرى”.

ونوهت إلى أن الفقهاء يعتبرون التوبة من هذا النوع من الكذب أمرًا واجبًا على من وقع فيه، وأن التوبة الصادقة هي السبيل الوحيد للنجاة من عواقب هذا الفعل.

وأضافت: “الكفارة قد تكون مرتبطة بتكفير اليمين إذا كانت تتعلق بحلف كاذب، ولكن في حالة الكذب الغموس، التوبة والندم على ما فعل هو الطريق الوحيد لإصلاح الأمر.”

مقالات مشابهة

  • سوريا.. الحلبة التي تبدّلت فيها قواعد اللعبة.. ورقة أخرى في معركة إلغاء حزب الله
  • سوريا.. الحلبة التي تبدّلت فيها قواعد اللعبة.. ورقة أخرى في معركة إلغاء حزب الله - عاجل
  • نتنياهو: لن نعود إلى الوضع الذي كان قبل 7 أكتوبر 2023
  • وقت صلاة الضحى وحكم دعاء القنوت الوارد فيها
  • رسائل مؤتمر القاهرة الدولي لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة
  • مختار غباشي: رسائل مؤتمر القاهرة الدولي لتعزيز الإستجابة الإنسانية بغزة.. مألوفة ومعروفة
  • هجوم سوريا الصادم.. ما الذي يعنيه لمستقبل المنطقة والعالم؟
  • خبير عسكري: خروقات اتفاق لبنان رسائل سياسية وقد نعود للمربع الأول
  • ما هو اليمين الغموس الذي لا يدخل صاحبه الجنة؟.. اعرفه
  • سلطان بن حمدان: مناسبة عظيمة نستذكر فيها مسيرة الخير والنماء