بتجرد:
2024-07-01@17:33:21 GMT

الفيلم السعودي “ناقة”.. حالة سينمائية متفردة

تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT

الفيلم السعودي “ناقة”.. حالة سينمائية متفردة

متابعة بتجـــرد: “ناقة”، فيلم سعودي مختلف، مثير للاختلاف، جريء، مثير للجدل، لكنه في نهاية المطاف عمل فني مبدع، وبديع، يحمل بصمة صاحبه الخاصة، التي لا تشبه غيره.

“ناقة” فيلم مشوق، يُجبر من يشاهده على البقاء في مقعده مترقباً، متوتراً، وسواء كان مستمتعاً أو ناقماً، سيواصل غير شاعر بمرور ما يقرب من ساعتين.

فيلم “ناقة” أيضاً صعب التلقي، لا يبوح بمكنونه بسهولة، يرتبط مضمونه بأسلوبه، ما يجعل تحويله إلى كلمات أو أفكار، أمر شبه مستحيل.

قصته بسيطة للغاية، لكن الطريقة التي تروى بها مركبة للغاية، يتحول فيه اليومي والعادي إلى حلم أو كابوس أحياناً، وصور تخطف البصر وتتسلل داخلك، مخلفة شعوراً بالقلق، بالانجذاب، النفور أحياناً.

ربما تحب حكايته وشخصياته، أو ربما تكرهها، لكن يصعب أن تنساها، وفي الحالتين سيترك مذاقاً حلواً ومراً في حلقك، يشبه الحلم المعلق لحظة الاستيقاظ، فهل هو فيلم سيريالي، كما وصفه البعض؟

سيريالية صحراوية!

إنه يحمل من السيريالية الكثير: بناء الحلم، وغرابة الأحداث والمواقف وطريقة تصويرها، وتركيزه على خلق حالة غامضة، عوضاً عن رواية حدوتة تقليدية، لكنها سيريالية سعودية، إذا جاز التعبير.

ربما يكون مخرج ومؤلف الفيلم، الشاب الموهوب مشعل الجاسر، متأثراً بأعمال مخرجين، مثل ديفيد لينش أو جوليرمو ديل تورو، لكنه متشرب أكثر بالثقافة المحلية، بالمكان، والبيئة، والخيال الصحراوي الخليجي، الذي يختلف عن خيال الصحراء الأميركية أو المكسيكية.

والسيريالية وصف لا مدح ولا ذم، كما يحلو للبعض أن يطلقها مرحباً أو رافضاً، معناها ببساطة التعبير عما يتركه الواقع على الوعي الباطن، على المشاعر والمزاج والتكوين النفسي، وليس ما يتركه على العقل الواعي أو سطح العين.

والواقع أحياناً، ما يكون من العبثية واللا منطق، ما يتجاوز عبثية ولا منطق الأحلام، ساعتها يكون البناء السيريالي (الحلمي) أفضل ما يعبر عن هذا الواقع.

افتتاحية محيرة

يبدأ الفيلم بـ”فلاش باك” عام 1975، يقوم فيه رجل شرقي نمطي باقتحام مشفى وارتكاب مذبحة، لأن زوجته ولدت طفلته على يد طبيب رجل!.

ننتقل بعدها إلى الزمن الحاضر لنتابع قصة لا علاقة لها بالمشهد الافتتاحي، ما يثير سؤالاً يظل قابعاً في الخلفية للنهاية: ما العلاقة؟!.

والعلاقة لا ترتبط بالأحداث والشخصيات على نحو مباشر، لكنها ترتبط بالحالة والمزاج والتكوين النفسي للثقافة، لمجتمع عانى كثيراً من الفهم الخاطئ والمتطرف للدين، ما أنتج أجيالاً تعيش في “أعراف” limbo ما بين الحاضر والماضي، الحلم والكابوس، شبيه بتلك الرحلة التي تقطعها بطلة الفيلم قبل أن تخرج من هذه “الأعراف” إلى الحاضر.

أين الطريق؟

يعتمد “ناقة” بناء فيلم الطريق، وهو نوع رائج أيضاً بين شباب صُنّاع الأفلام السعوديين، من أحدث الأمثلة على ذلك “آخر زيارة” للمخرج عبد المحسن الضبعان، و”مدينة الملاهي” إخراج وائل أبو منصور.

هذه الرحلة عبر الطريق تحقق غالباً هدفين: استخدام الصحراء والطرق السريعة الممتدة، كمكان جمالي ممتلئ بالتعبير عن الهوية، والثاني: التعبير عن فكرة الطريق الذي يقع بين زمنين أو ثقافتين، يقف الإنسان أو يتحرك حائراً بينهما، وفوق ذلك بالطبع التعبير عن حالة الرحلة الدرامية نفسها، والتحول الذي تمر به الشخصيات.

تتجسد هذه الأفكار في “ناقة”، من خلال الرحلة التي تقطعها البطلة الشابة سارة (أضواء بدر) خلال يوم واحد، حيث تمر بتجربة خطيرة تكاد تفقد فيها حياتها فعلياً أو معنوياً، إذ تقبل دعوة حبيبها سعد (يزيد المجيول)، للذهاب إلى حفل بمخيم في قلب الصحراء، فيما يفترض أبوها أنها تتسوق، ويُحدد لها موعداً محدداً ليمر عليها مصطحباً إياها إلى البيت.

ولكن الرحلة إلى المخيم والعودة تصبح بمثابة زيارة لقلب الظلام أو للجحيم، إذ تواجه خلالها كل أشباحها، من الخوف من الذكور إلى الخوف من الأنوثة ذاتها، تكتشف سارة خلال هذه الرحلة زيف حبيبها وزيف رجال آخرين، كما تعيد اكتشاف الأب الطيب، وقبل ذلك وبعده تواجه انتقام الأم المكلومة، متجسدة في ناقة يقتل سعد طفلتها بالخطأ، ما يحيلنا إلى مشهد البداية، وصورة الأم الذبيحة.. الأم التي تعرضت للقمع والقهر التي تصب غضبها على الابنة (سارة) بدلاً من أن تصبه على قاتل ابنتها الحقيقي (سعد).

جرأة متعددة 

الفيلم الذي أنتجته منصة “نتفلكس” من خلال شراكتها مع شركة “تلفاز 11″، بالتعاون مع شركتي “مناسب” و”موفيتاز” جرئ في كل عناصره، رغم أن البعض قد لا يرى من الجرأة سوى أن البطلة تدخن، وأن لها حبيباً، وأن هناك بعض الجمل التي يرددها الناس كل يوم لكنهم يخجلون حين يسمعونها في فيلم أو مسلسل.

الفيلم جرئ في فكرته الفنية والشخصية القوية التي بنيت عليها الأحداث، والتي تؤديها أضواء بدر ببراعة مدهشة، إذ تحمل ملامح وجهها المعاني كلها، دون أن تتكلم، وحين تتكلم تنفجر هذه المعاني.

والفيلم جرئ في لغته السينمائية، بداية بتصوير مشهد البداية الذي تنقلب فيه الكاميرا رأساً على عقب، وحتى مشاهد عدو البطلة في شوارع الرياض وسط الحشود في نهاية الفيلم، مروراً ببعض اللوحات الفنية للطبيعة أو للتكوينات البشرية وسط الديكور، أو لوجه سارة تحديداً في حالاتها المختلفة، أو لانعكاسات الضوء على سطح المشروب داخل كوب.

يمزج الفيلم بين الإثارة (حد الرعب أحياناً) والكوميديا الخفيفة، ومن العناصر المميزة فيه الموسيقى التصويرية التي استطاعت أن تمزج بين الرعب والكوميديا في جمل موسيقية واحدة.

من مزايا الفيلم أيضاً، كسره للتتابع الزمني الذي ينبني عليه السيناريو، فبعد نصف ساعة تقريباً يفاجئنا بقفزة زمنية إلى الأمام، قبل أن يعود مجدداً للتتابع التقليدي، وهي حيلة رفعت حالة التشويق، إذ أضافت لسؤال “ما الذي سيحدث؟” سؤال آخر هو “كيف حدث ذلك؟”.

ربما فقط كان يمكن اختصار بعض المشاهد التي طالت أكثر مما ينبغي أحياناً، مثل مشهد مطاردة الشرطة لسيارة البطلين، ومشهد مطاردة الناقة لسارة، وبعض اللقطات في قليل من المشاهد الأخرى.

“ناقة” فيلم غير تقليدي، يمكن أن يصدم بعض الذين يألفون ويحبون السينما السائدة، المصنوعة وفقاً لنماذج شعبية جاهزة، ولكن من يعطي للفيلم بعض اهتمامه، فربما يكافأ بتجربة فنية ممتعة وفارقة.

main 2023-12-18 Bitajarod

المصدر: بتجرد

إقرأ أيضاً:

فيديو من ناسا يأخذنا في رحلة مثيرة داخل “أعمدة الخلق”

#سواليف

سحرت #الهياكل_المتلألئة المكونة من #الغبار و #الغاز_الكوني في قلب #سديم_العقاب، والشهيرة باسم ” #أعمدة_الخلق”، عشاق الفلك منذ أن تم التقاطها لأول مرة بواسطة #تلسكوب_هابل.

والآن، أصدرت وكالة ناسا مقطعا ثلاثي الأبعاد هو الأكثر تفصيلا لهذه الهياكل السماوية الشهيرة، وكشفت عن جميع ميزاتها المثيرة عبر أطوال موجية متعددة من الضوء.

وباستخدام بيانات من تلسكوبي هابل وجيمس ويب الفضائيين، أنشأ علماء الفيزياء الفلكية في ناسا رحلة غير مسبوقة عبر أعمدة الخلق، حيث سافروا عبر البنية ثلاثية الأبعاد وكشفوا عن سحب الغبار والنجوم المدمجة التي تشكل معالمه التي تشبه الأصابع.

مقالات ذات صلة روسيا.. ابتكار مواد كربونية ماصة لتنقية المياه والهواء 2024/06/28

ويعتمد التصور ثلاثي الأبعاد على بيانات الرصد من ورقة بحثية منشورة في مجلة Meteoritic & Planetary Science.

ويتيح الفيديو الذي تبلغ مدته 2.5 دقيقة للمشاهدين تجربة ممتعة عبر أعمدة الخلق في كل من الضوء المرئي، كما التقطه هابل، وكذلك ضوء الأشعة تحت الحمراء، الذي التقطه جيمس ويب.

وقال فرانك سمرز، عالم التصور الرئيسي الذي قاد فريق تطوير الفيديو من معهد علوم التلسكوب الفضائي التابع لناسا، في بيان: “من خلال التحليق عبر الأعمدة وبينها، يختبر المشاهدون هيكلها ثلاثي الأبعاد ويرون كيف تبدو مختلفة في عرض الضوء المرئي بواسطة هابل مقابل عرض جيمس ويب للأشعة تحت الحمراء،. إن التباين يساعدهم على فهم سبب وجود أكثر من تلسكوب فضائي واحد لمراقبة جوانب مختلفة من نفس الجسم”.

ويرى تلسكوب هابل الأجسام التي تتوهج في الضوء المرئي عند درجات حرارة أعلى. من ناحية أخرى، تعتبر رؤية جيمس ويب بالأشعة تحت الحمراء حساسة للأجسام الباردة التي تصل درجات حرارتها إلى مئات الدرجات فقط. ونتيجة لذلك، أصبح جيمس ويب قادرا على اختراق الغبار المعتم لرؤية النجوم مدمجة في الأعمدة.

وينظر هابل إلى الأعمدة ذات اللون البني الداكن والغبار المعتم والغاز المتأين الأصفر الفاتح على خلفية زرقاء مخضرة، بينما تتميز صور جيمس ويب بغبار برتقالي وبني يكاد يكون شفافا مع غاز متأين أزرق فاتح على خلفية زرقاء داكنة.

مقالات مشابهة

  • ما حقيقة تقديم جزء رابع من “ولاد رزق”.. عمرو يوسف يجيب
  • “سنتيمتر واحد” يثير جدلاً كبيرًا في “يورو 2024”
  • أصوات من السلطة الرابعة لبايدن: “حان وقت الاستقالة”
  • “أفريكا إنتجليجنس”: شخصيات رئيسية في نظام البشير موجودة في صفوف حميدتي
  • استنكار بسبب الزيادة “الفجائية” في أسعار تذاكر القطارات
  • “حداء الإبل”.. لغة للتواصل بين الإبل وأهلها ضمن التراث الثقافي غير المادي السعودي
  • ضمن الجولة الثالثة من دور المجموعات.. “الأخضر” تحت 19 عامًا يواجه عمان بـ”كأس اتحاد آسيا”
  • معالي عبدالسلام المرشدي يكتب عبر “أثير”: كان سيدًا بأخلاقه قبل نسبه
  • فيديو من ناسا يأخذنا في رحلة مثيرة داخل “أعمدة الخلق”
  • أسمنت الوحدة “رفيق” رحلة العبقري الصغير “يسلم السعدي”