كاثرين ماهر: قمة الويب بالدوحة فرصة للتعريف بالمنطقة العربية وفتح آفاق استثمارية
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
تستضيف دولة قطر خلال الفترة من 26 إلى 29 فبراير/شباط القادم مؤتمر "قمة الويب" التي تنظم للمرة الأولى في الشرق الأوسط، وتشمل فعالياته أحدث الاتجاهات في التكنولوجيا والابتكار، وفرصا للتواصل والتعاون بين الآلاف من رواد الأعمال والمستثمرين وقادة التكنولوجيا في العالم.
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت قالت المديرة التنفيذية لقمة الويب كاثرين ماهر إن القمة التي تنظمها قطر تمثل فرصة كبيرة للتعريف بالعالم العربي عبر التكنولوجيا، وتفتح أمام الشباب ورواد الأعمال في هذه المنطقة الجغرافية والعالم آفاقا للتعبير عن إبداعهم.
كما أشارت إلى أن "قمة الدوحة" ستكون منصة للوقوف على كيفية توظيف التكنولوجيا في وضع حلول للمشكلات داخل المجتمعات، وكيفية الاستثمار في بناء الشركات الناشئة، ووضع حلول لمسألة التغير المناخي.
الدوحة تمثل فرصة رائعة للتعريف بالمنطقة الجغرافية الناطقة بالعربية، وهنا أنا أتحدث عن أكثر من 350 مليون شخص يعيشون في هذه المنطقة، وأغلبيتهم العظمى من فئة الشباب.
وجاء تولي كاثرين ماهر رئاسة "قمة الويب" عقب استقالة مديرها التنفيذي السابق بادي كوسغريف -الذي أسس قمة الويب في عام 2009- بعد أن قال في تغريدة على منصة "إكس" -متأثرا باستشهاد آلاف المدنيين في القصف الإسرائيلي على غزة- "صدمت من خطاب وأفعال العديد من القادة والحكومات الغربية (…) جرائم الحرب هي جرائم حرب حتى عندما يرتكبها الحلفاء، ويجب أن تتم تسميتها بمسمياتها".
وبعد هذه التغريدة أعلنت شركات كبرى انسحابها من المشاركة في فعاليات "قمة الويب"، مما اضطره إلى الاستقالة.
وإلى تفاصيل اللقاء..
ما الذي تمثله استضافة قطر أول مؤتمر لقمة الويب في منطقة الشرق الأوسط؟
هذا الاختيار يعود إلى عدة أسباب:
أولا- تمثل الدوحة فرصة رائعة للتعريف بالمنطقة الجغرافية الناطقة بالعربية، وهنا أنا أتحدث عن أكثر من 350 مليون شخص يعيشون في هذه المنطقة، وأغلبيتهم العظمى من فئة الشباب الذين هم تحت سن الـ40. ثانيا- القمة تعد فرصة للتفكير جيدا في كيفية استخدام التكنولوجيا لبناء الأعمال وحل المشكلات داخل المجتمعات. ثالثا- الشيء الأهم الذي أتحمس له حقًا داخل "قمة الويب" هو ما يتعلق بالشركات الناشئة، لأن وجود نظام بيئي للشركات الناشئة، ليس كما يظهر؛ فقد يبدو الأمر سهلا، لكنه غالبا لا يكون كذلك، ويتطلب تغييرا ثقافيا في الطريقة التي يفكر بها الناس في بناء الأعمال.كما يتطلب القدرة على المخاطرة، والقدرة على جمع رؤوس الأموال والموارد من الأشخاص الذين يفهمون هذه المخاطرة، ويتطلب القدرة على التحرك بسرعة في أمور مثل تسجيل الشركات أو الحصول على البنية التحتية والدعم.
زيادة انبعاثات الكربون عن طريق السفر حقيقة لا يمكن تجاهلها، ولكن المهم أن تكون هذه الزيادة ضرورية من أجل الوصول إلى نتيجة عظيمة تتعلق بوضع حلول لهذه المعضلة.
ومن ثم، فإذا كنا معتادين على ممارسة الأعمال بطريقة تقليدية، فالأمر يحتاج إلى تغيير كبير لتكون قادرا على الاستجابة لاحتياجات الشركات الناشئة في الوقت المناسب، وأعتقد أن "قمة الويب" تقوم بعمل رائع حقا في منح الناس شعورا فوريا وحقيقيا بما يتطلبه هذا النشاط الحيوي.
وأصحاب الشركات الناشئة يمكنهم الحضور والاستفادة من كل ما توفره "قمة الدوحة للويب" من حيث الشبكات والعلاقات والوصول إلى الخبراء والمستثمرين.
والأمر أيضا يتعلق بصناع السياسات، سواء كنت عضوا في الحكومة، أو كنت مستثمرا لأول مرة في الشركات الناشئة، فحضور القمة سيساعدك على فهم ما تحتاج إليه للمساعدة على النجاح؛ ومن أجل هذا تعد "قمة الدوحة" فرصة رائعة لتعزيز كل ذلك بشكل عام.
هل ما زالت "قمة الويب" تتعرض للضغط الذي مارسته الشركات العالمية على الرئيس التنفيذي السابق بادي كوسغريف حتى قدم استقالته؟أعتقد أننا حاليا حققنا نجاحًا كبيرًا في اتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة الشركاء إلى "قمة الويب"، ولذلك نرى أن العديد من شركائنا يتطلعون إلى العودة، والتزموا بذلك بدءا من العام المقبل.
وسيكون الحدث القادم في "قمة الويب" بلشبونة قويا كما كان دائما، من حيث الأرقام القياسية والمستثمرين والشركات الناشئة والحضور؛ وبالتالي نشعر بالرضا حقًا عما يعنيه ذلك للمؤتمر القادم.
كيف يمكن توظيف التكنولوجيا في الحد من تأثير الاحتباس الحراري والتغير المناخي؟
هذه من الأمور التي أردت طرحها في "قمة الويب" الماضية في لشبونة، لذلك فأعتقد أنها إحدى القضايا المثيرة للاهتمام حاليا، لأن هناك سوقا ضخمة لتكنولوجيا المناخ.
ونحن نعرف أن الانتقال إلى الطاقة النظيفة ومصادرها سيكون انتقالا تكلفته بتريليونات الدولارات، وهذا يعني أن هناك فرصا للأعمال في جميع الأنحاء، وهذا يتعلق بالبحث والتطوير الأساسي لأمور مثل تخزين الطاقة للذهاب بعيدًا عن حلول الطاقة المتقطعة مثل الرياح أو الطاقة الشمسية إلى إنتاج مستمر للطاقة.
وهناك أمور أخرى تتعلق بكيفية الحفاظ على الشبكات الذكية وما توفره من فرص، أو ما يمكن القيام به حول حلول البرمجيات أو الشركات الناشئة وتوظيف ذلك في قضايا المناخ. ونحن في "قمة الويب" تأتي أوضاع الاحتباس الحراري والتغير المناخي في طليعة القضايا التي نتحدث عنها، ونذكّر الناس بأن هذا أمر ضروري لحياة العالم.
وفي "قمة الدوحة للويب" سنحتاج إلى تأكيد ذلك، حيث نتوقع أن ترتفع الحرارة وسنحتاج إلى المزيد من الحلول المرنة والتكيف ومعرفة الفرص التي توفرها القمة؛ لذا تأتي أهمية قمة الدوحة حتى نضع ذلك كله أمام العالم.
ألا تمثل إقامة الفعاليات الكبرى -مثل "قمة الويب"- في عواصم متعددة إسهاما في زيادة انبعاثات الكربون لكثرة انتقال المشاركين فيها؟
زيادة انبعاثات الكربون عن طريق السفر حقيقة لا يمكن تجاهلها، ولكن المهم أن تكون هذه الزيادة ضرورية من أجل الوصول إلى نتيجة عظيمة تتعلق بوضع حلول لهذه المعضلة.
لقد تابعنا قمة المناخ التي أقيمت في دبي، وما زالت مستمرة، وحضرها أكثر من 100 ألف شخص، وهذا يعد حدثا أكبر مما سنقيمه في الدوحة، ولكن الهدف هو الوصول إلى اتفاقات حول كيفية مشاركتنا في الانتقال إلى طاقة نظيفة، وكيفية الحد من إنتاج الكربون، وكيفية الاستثمار في أنواع الموارد الضرورية للقيام بذلك بطريقة عادلة تمنح الناس فرصا للوصول إلى النتائج السانحة.
وكل ذلك يستحق العناء وتوظيف الوقت وبذل الطاقة، ونأمل أن ما تقدمه "قمة الويب بالدوحة" يكون تحفيزا لإيجاد حلول تكنولوجية من أجل التغير المناخي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الشرکات الناشئة قمة الدوحة قمة الویب من أجل
إقرأ أيضاً:
إصرار على مفاوضات في الدوحة بلا أفق سياسي
لا تزال الولايات المتحدة تصر على عدم وقف المفاوضات بشأن صفقة الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، وكلما تعثرت جولة في القاهرة أو الدوحة أو أي عاصمة أوروبية، سعت إلى استئنافها، في خضم حرب يصمم رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو على مواصلتها حتى آخر فلسطيني في القطاع. فالجولة التي عقدت في قطر قبل أيام لم تتوفر لها مقومات النجاح ولم تختلف في هيكليتها عن سابقاتها.
وربما كانت الأجواء التي أحاطت بها أكثر تشاؤماً، حيث اقتصر الحديث عن صفقة متواضعة تؤدي إلى هدنة مؤقتة لمدة يومين ولا تزيد عن عشرة، مقابل الإفراج عن محتجزين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ممن يحملون الجنسية الأمريكية.تؤكد هذه المعلومة التي جرى تسريبها عمداً أن الولايات المتحدة تريد تحقيق إنجاز رمزي يساعد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات المقبلة، ويتم تسويقه باعتباره نجاحاً لإدارة الرئيس جو بايدن التي عملت لأكثر من عام على وقف إطلاق النار في غزة بلا جدوى، لأنها تواطأت في أوقات كثيرة مع نتانياهو لإنجاز مهمته، ولم تكن وساطتها فاعلة بالشكل المطلوب الذي يفضي إلى نتيجة. لكنها تشعر الآن أن هذا التقاعس أو الفشل له مردودات سلبية على المرشحة هاريس، بعد أن تيقنت واشنطن أن نتانياهو يسعى إلى تأجيل أي صفقة لما بعد الانتخابات الأمريكية، دعماً لحليفه المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
لم تخفق مفاوضات الدوحة في تحقيق تقدم فقط، بل عززت تواضع ما تريد إسرائيل التفاوض حوله، وقلة حيلة حركة حماس، التي جعلتها تقبل التفاوض على أي صفقة محدودة، بل وضعت الأولى سقفاً مرتفعاً لمطالبها في وقت سابق. وما يكشف الأوزان على الأرض أن نتانياهو لم يكتفِ بهدم غزة وتشريد سكانها وتدمير البنية العسكرية لحماس، بل تحلل من قيود وضغوط أهالي الأسرى والمعارضة، ولا توجد مواقف دولية تحضه على تعديل سلوكه، وحوّل الأنظار نحو جبهة لبنان، التي باتت غزة بجوارها شيئاً هامشياً، مع أن آلة الحرب الجهنمية لم تتوقف يوماً في القطاع.
أنقذ اشتعال جبهة لبنان نتانياهو من الحديث عن مفاوضات جادة حول ما يجري في غزة، وأرسل وفده للدوحة أخيراً وهو يعلم صعوبة الخروج بنتيجة ملموسة، لكن وفقاً لسياسته أراد الإيحاء بأنه يتجاوب مع نداء التسوية بلا تسوية، خاصة أن الزمان والمكان والحرب وكل شيء تقريباً، يلعب لصالحه. فلماذا ينخرط في عملية سياسية وهو يضع سيفه على رقبة حماس؟
يجب أن تدرك الحركة خطورة التطورات المتلاحقة التي تقف ضدها، وتعمل على تغيير خطتها التفاوضية، عبر مشاركة السلطة الفلسطينية وفصائل أخرى لتنفي فكرة تمسكها بالاستحواذ على القطاع وتمسكها بفرض هيمنتها الشاملة، وهو أحد المرامي المركزية التي أدت إلى استمرار الحرب حتى الآن.
الميزة التي قدمتها مفاوضات الدوحة أنها وضعت غزة في الضوء مرة أخرى، بعد أن انصب الاهتمام على إيران وجنوب لبنان وحزب الله. وإن لم تحقق تقدماً، فقد أكدت ضرورة وضع حد للمأساة المتواصلة في القطاع، وهذه قد تنقطع مع تزايد الزخم حول لبنان وفيه، مع وصول المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتين للمنطقة الخميس، والذي يحمل في حقيبته معالم مبادرة لوقف الحرب، أو على الأقل تهدئتها، وهو ما ستكشفه الساعات المقبلة، لأن الحديث عن خطة بدا متسارعاً أخيراً، من دون خداع بإمكانية تطبيقها.
ويكمن الخوف في تحولها إلى عملية سياسية أخرى بلا جدوى، تسعى إلى تجميل وجه إسرائيل ومنحها براحاً من الوقت لترتيب أوضاعها عسكرياً وسياسياً، وفي الوقت نفسه تستطيع الإدارة الأمريكية التي تلملم أوراقها حالياً أن تروّج لفكرة انخراطها في محاولات وقف إطلاق النار، على المنوال الذي عملت به على جبهة غزة.
تعلم العديد من الأطراف الإقليمية والدولية المتداخلة في جهود التسوية على الجبهتين (غزة ولبنان) أن الأفق السياسي لهما ليس إيجابياً، وكل الضجيج الذي يدور بشأنهما تقف خلفه أهداف متباينة، أبرزها محاولة منع حدوث انفجار كبير في المنطقة، وجعل الحرب محصورة في نطاق هاتين الجبهتين.
لكن هذه المهمة غير مضمونة، لأن نتانياهو أعلن أكثر من مرة رغبته في إعادة رسم خارطة المنطقة بالشكل الذي يحقق أهدافه الإستراتيجية، ولأن الإدارة الأمريكية أصبحت بطة عرجاء فعلاً، ولا تستطيع تحريك أيّ من الملفات المهمة خطوة إلى الأمام. ناهيك عن أن التوقف عند هذه المرحلة يعني أن إيران لم تفقد كل أذرعها الإقليمية، ويمكنها إحياء دورها لاحقاً، وهو ما تدركه إسرائيل التي تعتقد أن الصيد الثمين تكبيل طهران، أو تحجيمها بصورة تساعدها على عدم قيامها بإزعاجها في المستقبل.
لم تتشكل الملامح النهائية للموقف على جبهتي غزة ولبنان بَعْدُ، ما يشير إلى أخذ وردّ، ومدّ وجزر، وحرب ومفاوضات. فالأفق السياسي العام دخل منطقة رمادية، يصعب معه توقع المآلات، ولا يوجد من يدعم الحرب على طول الخط ومن يعمل على وقفها دائماً. فالحسابات المتغيرة، والتقديرات الغائمة، والتحالفات الخفية، تجعل من مسألة الرهان على خيار محدد عملية عصية، فكلما أنجزت إسرائيل خطوة طالبت بخطوات أخرى أشد قسوة.
كما أن فترة الانتخابات الأمريكية، إلى حين تسلم الإدارة الجديدة مهام عملها في يناير المقبل، يمكن التعامل معها على أنها مرحلة ركود، وغالباً سوف تستمر الأوضاع على حالها، ما يمنح نتانياهو فسحة من الوقت لاستكمال أغراضه، والتفاخر بعدم وجود من يلجمه أو يردعه. فحماس أُنهكت تماماً، وحزب الله ضعفت قوته، وإيران لن تكون بعيدة عن دخول بيت الطاعة الأمريكي للحفاظ على مصالحها.
ولذلك من راهنوا على أفق سياسي في الدوحة كانوا يعلمون صعوبته، ورهانهم الحقيقي انصب على الخوف من مغبة الجمود في غزة، لأن عدم وجود آلية للمفاوضات يساعد على خلق سيناريوهات أشد قتامة.
وتعلم قطر أن هناك مرحلة لحسابها آتية لا محالة بسبب علاقتها الوطيدة مع حماس، وما لم تفتح الدوحة خطوطها مع إسرائيل والولايات المتحدة بالطريقة التي تخفف من وطأة المحاسبة المنتظرة، سوف تتعرض لضغوط كبيرة، ما جعلها تسعى إلى عدم غلق نافذتها السياسية، وتبذل جهوداً لتبقى عرّابة في الحلقات الضيقة، استعداداً لمرحلة حتما سوف تتغير فيها المعطيات التي بزغ فيها دورها كجهة وسيطة وربما راعية للحركات الإسلامية خلال الفترة الماضية، وتريد حجز مكان لها في المقاعد الأمامية بدلاً من الجلوس في المقاعد الخلفية أو خارج المسرح برمته.