غزة- تخشى ولاء مسعود أن يفوت الوقت، قبل أن تتمكن من السفر للعلاج بالخارج من إصابة خطرة تعرضت لها في غارة جوية إسرائيلية، وتهدد قدرتها على المشي مجددا.

ونجت ولاء من تحت الأنقاض، إثر غارات جوية عنيفة دمرت مربعا سكنيا بأكمله في مخيم جباليا للاجئين، شمال قطاع غزة، وتسببت لها بإصابة خطرة في عظام قدمها، وتحتاج إلى العلاج خارج القطاع، كي لا تلازمها إعاقة حركية لبقية حياتها.

ولا يتوفر العلاج المناسب لها في مستشفيات غزة التي تواجه انهيارا كليا جراء الاستهداف العسكري الإسرائيلي المباشر، والحصار المطبق ومنع توريد الأجهزة والأدوية والمستهلكات الطبية.

ولاء مسعود تخشى من إعاقة دائمة مع عدم سماح الاحتلال لها بالسفر للعلاج خارج القطاع (الجزيرة) آلية عقيمة

وتقول وزارة الصحة في غزة إن الآلية المتبعة في مغادرة الجرحى للعلاج بالخارج من خلال معبر رفح البري مع مصر، عقيمة وغير مجدية وتساهم في قتل مئات الجرحى، ويتفق معها في ذلك "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، الذي صنف تعمد إسرائيل عرقلة سفر آلاف المرضى والجرحى بـ "حكم مسبق بالإعدام".

وتنتظر ولاء بفارغ الصبر سفرها لتلقي العلاج المناسب، الذي ينقذها من إصابة هشمت "رمانة" قدمها، وتقول، "مش بيكفي خسارتي لابني وعائلتي، وكمان أعيش بقية حياتي معاقة؟".

وفقد جرحى ومرضى حياتهم أثناء انتظارهم الطويل للموافقة على سفرهم للعلاج بالخارج، ويفيد رئيس لجنة الطوارئ الصحية في مدينة رفح الدكتور مروان الهمص بأنهم يرسلون إلى الجانب المصري كشفا يوميا يضم 300 اسم لمرضى وجرحى بحاجة ماسة للعلاج غير أنه تتم الموافقة على 20 إلى 50 اسما فقط.

ونقل المرصد الأورومتوسطي، ومقره جنيف عن الهمص، أن هذه الموافقات تأتي متأخرة من 24 إلى 72 ساعة، وهو ما يؤدي إلى وفاة بعض من يحصلون على الموافقات الأمنية اللازمة.

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يغلق الاحتلال معبر بيت حانون (إيرز) المخصص للأفراد والحالات الإنسانية، أمام حركة المسافرين، بمن فيهم المرضى والجرحى، إضافة إلى إغلاقه معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد، ومنع توريد كل الاحتياجات الإنسانية بما فيها الطبية.

وخلال أول أسبوعين من العدوان غير المسبوق قتلا ودمارا، ظل معبر رفح -وهو المنفذ البري الوحيد للغزيين مع العالم الخارجي عبر الأراضي المصرية- مغلقا، قبل أن يعاد فتحه في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بشكل جزئي، لسفر المرضى والجرحى وإدخال إمدادات إنسانية.

وأوضح رئيس "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" رامي عبدو -للجزيرة نت- أن حركة مغادرة المرضى والجرحى تتسم ببطء شديد وتخضع لقيود إسرائيلية تعسفية، نظرا للحاجة إلى الموافقة الأمنية من جيش الاحتلال على كل اسم شخص يحاول السفر للعلاج.

الاحتلال أخرج 22 مستشفى و52 مركزا صحيا عن الخدمة ودمر 102 سيارة إسعاف واعتقل 38 كادرا طبيا في غزة (الجزيرة) "جريمة حرب"

وحتى أواخر الأسبوع الماضي، وثقت وزارة الصحة تمكن 491 جريحا و214 مريضا من المرور عبر معبر رفح إلى مصر للعلاج، وهو ما يشكل أقل من 1% من إجمالي جرحى الحرب، ويقدر عددهم بأكثر من 50 ألفا.

وأكد عبدو أن حوالي 8 آلاف جريح من إجمالي الجرحى بحاجة إلى تدخل طبي عاجل، وأن تقييد سفرهم يعني حكما إسرائيليا مسبقا بإعدامهم.

ويأتي تقييد سفر الجرحى والمرضى في وقت تتعرض فيه المنظومة الصحية في غزة لحالة انهيار شاملة، حيث يعمل حاليا وبشكل جزئي 13 مستشفى فقط من أصل 36، في ظل معوقات كثيرة ومحدودية الإمكانات الطبية، وفقا لعبدو.

وبحسب وزارة الصحة، فقد انخفضت القدرة السريرية من 3600 إلى أقل من 1400 سرير، وتصل معدلات الإشغال حاليا إلى 206% في أقسام المرضى الداخليين و250% في وحدات العناية المركزة.

وقال رئيس لجنة الطوارئ الصحية في رفح مروان الهمص -للجزيرة نت- إن الاحتلال يستخدم القيود على حركة سفر الجرحى والمرضى، وكذلك الإمدادات الطبية، كسلاح للقتل مرة ثانية، بعد القتل بالقذائف والصواريخ.

ويتفق عبدو مع الهمص على أن تصعيد قيود سفر المرضى والجرحى وعرقلة تدفق الإمدادات الطبية في وقت يتعرض فيه القطاع إلى هجمات مميتة، "هو شكل من أشكال العقاب الجماعي ويمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ويرقى إلى جريمة حرب".

وأضاف، أن القيود المفروضة على سفر المرضى والجرحى ترتبط ارتباطا مباشرا بزيادة أعداد ضحايا العدوان، وقد تشكل عاملا إضافيا في تعميق جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة".

انتهاكات متعمدة

وتشير أحدث إحصاءات وزارة الصحة إلى ارتقاء 18 ألفا و800 شهيد وأكثر من 51 ألف جريح، ومن بين الشهداء 300 كادر صحي.

واستهدف جيش الاحتلال 138 مؤسسة صحية، وأخرج 22 مستشفى و52 مركزا صحيا عن الخدمة، ودمر 102 سيارة إسعاف، إضافة إلى اعتقال 38 كادرا طبيا.

وتؤكد وزارة الصحة أن الاحتلال يتعمد تصفية الوجود الصحي في شمال القطاع لإجبار السكان على النزوح، وأن الوضع الصحي في مستشفيات جنوب القطاع هو الأسوأ نتيجة فقدانها القدرات الاستيعابية والعلاجية.

وتضيف أن الطواقم الطبية تفاضل بين الحالات الخطيرة لإنقاذ حياة ما يمكن إنقاذه من بين الأعداد الكبيرة التي تصل إلى مستشفيات الجنوب.

ويتعمد الاحتلال إبقاء المنظومة الصحية في حالة انهيار مستمر، ويتحكم في حجم ونوعية المساعدات الطبية.

ولوقف هذا الانهيار، يقول الهمص، إنه مطلوب على نحو عاجل توفير ممر إنساني آمن يضمن تدفق الإمدادات الطبية والوقود ووصولها لكافة مستشفيات القطاع في شماله وجنوبه، واتباع آلية سريعة لسفر الجرحى والمرضى للعلاج بالخارج.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للعلاج بالخارج المرضى والجرحى وزارة الصحة الصحیة فی

إقرأ أيضاً:

"إسرائيل" تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ194 على التوالي

غزة - صفا

تواصل القوات الإسرائيلية، يوم السبت، احتلال معابر غزة وإغلاقها، ومنع سفر الجرحى والمرضى للعلاج أو إدخال أي مساعدات إنسانية للقطاع لليوم الـ194 على التوالي.

ويغلق الاحتلال المعابر منذ اجتياحه مدينة رفح جنوبي القطاع وسيطرته على معبري رفح البري وكرم أبو سالم، رغم تحذيرات المنظمات الإنسانية والإغاثية ومطالبات دولية بإعادة فتح المعابر لتلافي حصول مجاعة بسبب انقطاع المساعدات، ولإنقاذ أرواح آلاف المرضى والجرحى.

وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن مليوني فلسطيني بقطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية، مدمرة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، معربًا عن قلقه إزاء تقليص حجم عمليات تقديم المساعدات لغزة.

وقال متحدث المنظمة الأممية طارق يساريفيتش إن "هناك أكثر من 10 آلاف شخص بحاجة إلى الإجلاء، وتلقي الرعاية الطبية خارج غزة".

وشدد يساريفيتش على ضرورة إعادة فتح معبر رفح وأي معبر حدودي آخر لإخراج المرضى والجرحى حتى تظل حياتهم آمنة.

وطالب المكتب الإعلامي الحكومي بفتح معبري رفح وكرم أبو سالم وإدخال المساعدات والبضائع وإنهاء حرب الإبادة الجماعية المستمرة للشهر العاشر على التوالي.

وأشار المكتب إلى أن شبح المجاعة يُهدد حياة المواطنين بشكل مباشر، مما يُنذر بارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع خاصة بين الأطفال، حيث بات 3,500 طفل يتهددهم الموت بسبب سوء التغذية وانعدام المكملات الغذائية والتطعيمات التي أصبحت في إطار الممنوعات من الدخول إلى قطاع غزة. 

وكانت وزارة الصحة قالت، إن نحو 20 ألف جريح ومريض في غزة حاليًا بحاجة للسفر للعلاج في الخارج، مؤكدة عدم تمكن أي منهم من مغادرة القطاع منذ احتلال القوات الإسرائيلية للمعابر، ما يعرض حياة الآلاف منهم للمضاعفات والموت.

وفي السياق، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من التأثير الكارثي والوضع المزري الذي يواجهه أطفال غزة بسبب إغلاق المعابر التي تمر منها المساعدات، والعمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في القطاع.

ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 يشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا همجياً على قطاع غزة خلف عشرات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين، معظمهم أطفال ونساء.

مقالات مشابهة

  • مجزرة جديدة.. 17 شهيدًا وعشرات الجرحى بقصف الاحتلال منزلًا في بيت لاهيا
  • غزة: 12 ألف مصاب بحاجة للعلاج خارج القطاع
  • "إسرائيل" تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ196 على التوالي
  • «الإغاثة الطبية بغزة»: إسرائيل دمرت كل شيء وتحاصر السكان بالتجويع
  • وقفة بغزة تطالب بحماية الصحفيين والسماح بسفر الجرحى للعلاج بالخارج
  • «الإغاثة الطبية» بغزة: إسرائيل دمرت كل شيء في شمال القطاع وتحاصر السكان بالتجويع
  • "إسرائيل" تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ195 على التوالي
  • "إسرائيل" تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ194 على التوالي
  • 11 شهيدا وعشرات الجرحى بغارات الاحتلال الإسرائيلي على غزة ورفح
  • 11 شهيدا وعشرات الجرحى في غارات الاحتلال على غزة ورفح