صدى البلد:
2025-03-11@22:46:09 GMT

تفاصيل دورة اللغة العربية في وحدة الأمة

تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT

تلعب اللغة العربية دورًا بارزًا في وِحدة الأمة، باعتبارها شخصية الأمة الناطقة بها والتي تصف حاضرهم من تقدم ورقي، أو تخلف وانحطاطٍ، وتسجل آمالهم وآلامهم، فلا عجب أن تکون اللغةُ هي المعبرةَ عن ماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها.

وتعتبر اللغة العربية في ذلك کله شأنها شأن بقية اللغات، نقرأ أدبها الجاهلي، فنتعرف من خلاله على حياة العربي، طبيعتِها، وخصائصها، وما کان يحبه العرب ويألفونه، وما يکرهونه ويأنفون منه، وكذلن نعرف عاداتهم في أفراحهم وأحزانهم، وحربهم وسِلمهم، ودياناتهم، وأخلاقِهِم، وشعائرِهم وطقوسِهِم، وأسواقِهِم، وترکيبتهم الاجتماعية القَبَلِيةَ، ورحلاتِهِم داخل الجزيرة العربية وخارجها.

وللغة العربية دورًا رياديًا في تحقيق النهوض بالأمة، بل تعد الركيزة الأولى في هذا النهوض؛  فمستوى تقدم الأمم في حضارتها يقاس بمستوى تقدم لغتها وإبداعها وعدد المتكلمين بها والنطاق الواسع الذي يشتمل على عدد كبير من مستعمليها.

والثقافة بجميع مكوناتها تعد حجز الزاوية التي تقوم عليها اللغة، وهي المحرك الأول لتقدم الأمم والمجتمعات، إلا أنه وللأسف لم يدرك ذلك كثير من واضعي السياسات التعليمية في مختلف المستويات في البلاد العربية، حتى وإن وجدت فهي محدودة، ولا تلقى الاهتمام المطلوب.

ونظراً لأهمية اللغة العربية ودورها في النهوض بالأمة، فقد تناول موضوع كبار اللغويين العرب قديما وحديثا، في دراسات تأصيلية معمقة، من أشهر ما أٌلِّف حديثاً، كتاب: اللغة العربية أساس النهضة وركن الحضارة، ومن الأبحاث التي أجريت في هذا الشأن: دور اللغة العربية في وحدة الأمة، وبحث دور اللغة العربية في تكامل الوطن العربي ووحدته.

ومن حلقات النقاش في هذا الشأن، حلقة بعنوان: النهضة العربية واللغة مسارات متلازمة، عقدتها جمعية تونس الفتاة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية وغيرها كثير.

ومن أهم تلك الكتب؛ كتاب: لغة الأمة ولغة الأم، حيث درس علاقة اللغة بالمجتمع ووظائفها فيه، وأجاب عن ثلاثة أسئلة سؤال مرتبط بشؤون التنمية والنهضة وعلاقتها باللغة، وسؤال عن التعدد اللغوي وكيفية إدارته سياسيا واجتماعيا وثقافيا، وسؤال عن مصير الأمة في ظل الواقع اللغوي القائم، والمستقبل المأمون، ومن ذلك بحث بعنوان: اللغة العربية وعلاقتها بالهوية،  حيث أكد على أن من أهم أسس وحدة الأمة ومظهر هويتها عبر التاريخ هي الثقافة، وأن اللغة العربية وأساليبها هي مكون موحد قوي للهوية العربية والثقافة العربية معا، إضافة إلى ذلك بحث بعنوان: دور اللغة العربية في وحدة الأمة، فقد تحدثت في بحثها بأن اللغة العربية تساعد على إيجاد التقارب الفكري بين أبناء الأمة الإسلامية، وتربط بين متحدثيها في مشارق الأرض ومغاربها، برباط فكري ولفظي معا؛ فاللغة بغزارة مفرداتها وطاقتها وتراثها؛ لجديرة بأن تكون أقوى رابط للتفاهم بين الشعوب المتحدثة بها في كل مكان.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: اللغة العربية وحدة الأمة اللغة العربیة فی وحدة الأمة

إقرأ أيضاً:

بين اللغة والتحليل النفسي

لا يتناول كثيرون في البلاد العربية مسألة علاقة اللغة بعلم النفس أو بالتحليل النفسي خصوصا، مع أن هذا الأخير لا يكاد يكون ممكنًا من غير فهم جيد للغة؛ فكيف قد يستطيع طبيب نفسي أن يشخّص أحدًا دون جملة من الأسئلة يطرحها عليه ليسبر أعماقه ويلقي نظرة فاحصة إلى مكنونه؟

وأعتقد أن قصور الاهتمام في مواضيع كهذه ليس في الحقيقة نابعا من صعوبتها في السياق الأكاديمي ولا من تعذّر آلات التحليل فيها، وإنما هو نابع برأيي من أمرين اثنين: الأول هو النظرة السطحية إلى اللغة بوصفها مجرد وعاء لأفكار الإنسان شأنها شأن الإناء الذي يُحمَل فيه الطعام، وهذه نظرة مجردة بعيدة عن الصحة في سياق اللغة؛ فرغم اختلاف باحثي وعلماء اللسانيات في هذا الشأن، إلا أن أكثر الخلاصات البحثية تثبت وجود تشابك أعمق بين اللغة وتفكير الإنسان، وتأثير أبعد مدىً للمدخلات اللغوية في سلوكيات البشر. أما السبب الثاني فهو البُعد الأسطوري في مسألة اللغة العربية تحديدا، فالخلاف قديم في مسألة نشأة اللغة، ولكن سهولة الرأي القائل بأن اللغة إنما هي وحيٌ وتوقيف ألهمها الله آدم، جعلته أوسع انتشارًا وقبولا، وأقعدت العرب عن دراسة جوهر لغتهم ومحاولة فهم تجذُّراتها في النفس البشرية. ولا يفوتني أن أضيف الثورات التقنية والصناعية التي يشهدها العالم منذ قرون كسببٍ بالغ الأثر في انصراف الناس عن غالب فروع العلوم الإنسانية، وبما أن الريادة في الصناعة والتقانة أصبحت اليوم من نصيب غير العرب فلا عجب أن تتذيّل اللغة قائمة اهتماماتنا، ونلهث في محاولة اللحاق بفتات العلوم التجريبية من هندسة وحوسبة كي لا نُوصم بالرجعية. وهكذا أُخذنا بالكون الذي هو خارجنا عن الكون الذي هو داخلنا، ولم تعد محاولة فهم الإنسان تشغلنا، «أتحدث عن الإنسان وأعلم أنني أتحدث عن أشد الأشياء تعقيدا في هذا العالم» كما قال روسو.

ولا يمكننا الحديث عن علم النفس دون ذكر (سيغموند فرويد)، الطبيب النمساوي المؤسس للتحليل النفسي ورائد علم النفس الحديث، ولكن حتى فرويد نفسه أسيئت قراءته من قبل كثير من دارسيه، الأمر الذي جعل هذه العلاقة التي لم ينفكّ فرويد يصرّح ويلمّح بها في كتبه غائبةً عن دائرة الضوء، حتى جاء المحلل النفسي الفرنسي (جاك لاكان) الذي أعاد قراءة فرويد قراءة فاحصة لم يستطع خلالها إلا الانبهار بهذا التشابك الهائل بين شؤون الكلمات وشؤون النفس في مؤلفات النمساوي فرويد، لاسيما فيما يتعلق بالجزء اللاواعي من النفس «اللاشعور منتظم بنيويًّا على هيئة لغة». وفي هذا يقول لاكان عن كتاب تفسير الأحلام لفرويد: «افتحوا أي صفحة من صفحات هذا الكتاب، فلن تجدوا فيها إلا حديثا عن شؤون الكلمات»، بل إنه يصل للقول إن مؤسس اللسانيات البنيوية (دي سوسير) لم يكن إلا «ناقلاً متحمّسًا» وليس مخترعًا لقوانين البُنية، وإنما يعود الفضل في ذلك إلى مؤسس التحليل النفسي. كما أنّ الفرنسي لاكان خلَص إلى فكرة مثيرة للاهتمام وهي أن اللغة سابقة على الذات، وأن الطفل على حد قوله لا يصبح ذاتًا إنسانية إلا بعد دخوله النسق الرمزي للثقافة وهو اللغة، وهو جواب لاكان عن سؤال: أيهما يصنع الآخر، هل الإنسان يصنع اللغة أم اللغة تصنع الإنسان؟ فاللغة عند لاكان ليست مجرد أداة يستخدمها الإنسان للتعبير، بل هي التي تشكّل ذاته وهويّته، وفي ذلك قال: «الدالّ هو ما يمثّل الذات لدالٍّ آخر» مشيرًا إلى أن هوية الإنسان وذاته تتشكل من خلال شبكة الدوال (الكلمات والرموز) التي تتفاعل فيما بينها.

ولكن ما هي مظاهر هذا التشابك بين اللغة والنفس وكيف بوسعنا أن نفيد منها؟ وجد فرويد أن اللغة تشبه القناة التي تتسرب منها مكونات اللاوعي الإنساني، وقد تجلى ذلك في عدة ظواهر لغوية، منها مثلاً زلّات اللسان، تلك الأخطاء العفوية التي اعتبرها فرويد خيانات من اللاوعي تكشف عن مخاوف أو رغبات مكبوتة. وبالحديث عن أبعاد العلاقة بين اللغة وعلم النفس تجدر الإشارة إلى دورين مهمّين تلعبهما اللغة في هذا الحقل، دور تشخيصي ودور علاجي، فبالنسبة للأول تمثل اللغة أداة تشخيصية بالغة الأهمية في التحليل النفسي، ومن أشكال ذلك: تحليل المحتوى للموضوعات التي يتحدث عنها المريض وتلك الموضوعات التي يتجنبها، ودراسة الأسلوب اللغوي الذي يكشف عن سمات الشخصية واضطراباتها، مثل الخطاب المتشظي عند مرضى الذهان، والخطاب المتماسك ظاهرياً لكنه فارغ دلالياً عند مرضى الهستيريا، والدقة المفرطة والتكرار عند الوسواس القهري. وبالنسبة للعلاج، فإن العملية العلاجية في التحليل النفسي تعد لغوية بامتياز، ومن خطواتها: تحويل المعاناة من حالة جسدية أو عاطفية غامضة إلى كلمات، ثم يأتي دور إعادة الصياغة حيث يساعد المعالج المريض على إعادة صياغة قصته الشخصية بلغة جديدة وفهم إيجابي مختلف لتجاربه، كما من المهم كسر الصمت، ومحاولة إثارة الحديث عن الصدمات التي ظلت حبيسة الكتمان طويلا. ومع تطور علم النفس اللغوي ظهرت تطبيقات عصرية في كلا الجانبين التشخيصي والعلاجي، أفادت من السجلات الكثيرة للمرضى لملاحظة أنماط تشخيصية، لتفحص لغة المريض بشكل أكثر دقة وترفد المعالج بوسائل لغوية تمثل طرقا أنجع للعلاج.

وهذا غيض من فيض يصوّر لنا أهمية اللغة ومحوريّتها في فهم النفس البشرية وحتى في صنع الشخصية وبنائها، فكم لها من تطبيقات عملية ينتبه لها البعض ويغفل عنها الكثيرون، وكم استُخدمت تطبيقات علم اللسانيات لبناء وعيٍ وهدم آخر، ونخر حضارة وإرساء أخرى، وهذا ما يجعل دول الاستعمار أكثر ريادةً في أبحاث علم اللسانيات لمعرفتها بقوة هذا السلاح، فمن لا لغة له لا ذاكرة له، ومن لا ذاكرة له لا حضارة له.

مقالات مشابهة

  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يشارك في معرض لندن الدولي للكتاب 2025م
  • رئيس جامعة الأزهر: اللغة العربية تاج البيان وأعظم وسيلة للتعبير عن الندم في القرآن
  • “روتشستـــر دبـــي” تسلط الضوء على دور الأسرة في الحفاظ على اللغة العربية بالإمارات
  • بين اللغة والتحليل النفسي
  • “الإيسيسكو” و”مقياس الضاد” يعززان شراكتهما بمجال تعليم اللغة العربية
  • مركز الإبداع الثقافي بجامعة طنطا ينظم دورة تدريبية بعنوان «كيف تكون إعلاميا متميزاً»
  • كيف يحقق فقه الميزان وحدة الأمة وحمايتها من عوامل الفرقة؟
  • شيخ الأزهر: تعلم اللغة العربية عبادة لأنها تُعين على فهم كتاب الله تعالى
  • «الإيسيسكو» و«مقياس الضاد» يعززان شراكتهما بمجال تعليم اللغة العربية
  • دول أوروبية ترحب بالخطة العربية لإعمار غزة