كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من "حزب الله" وإيران، أن اتفاق السلام بين السعودية وجماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، جاهز للتوقيع، بعدما وضع الطرفان ملاحظاتهما الأخيرة عليه.

جاء ذلك، رغم أن السعودية تمر في مرحلة اختبار صعب بين خيارين كلاهما مرّ، فإما أن تخرج من المستنقع اليمني وفق خارطة طريق متفق عليها مع صنعاء، وإما أن تخضع للإملاءات الأمريكية وتنخرط في التحالف البحري الدولي، وهذا يعني بقاءها عرضة للابتزاز، وفق الصحيفة.

قبل أن تنقل أن المؤشرات تفيد بأن المملكة، رغم تعرّضها لضغوط أمريكية، ماضية في مسار السلام بالاستفادة من التجارب السابقة، وهي تعمل على صدّ دعاة الحرب ووكلاء المشاريع الخارجية التي تسعى لإبقاء المنطقة مشتعلة، وتسعى حتى هذه اللحظة للإسراع في إنجاز ملفات الاتفاق للتوقيع عليه، تجنباً للمزيد من عرقلة الإماراتيين أو الوكلاء المحليين.

وتنقل الصحيفة عن مصدرين مطّلعين في صنعاء والرياض، القول إن اتفاق السلام جاهز للتوقيع، وإن الطرفين وضعا ملاحظاتهما الأخيرة عليه.

ويضيف المصدران: "سُلِّمت النسخة المنقّحة إلى مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ، لأن التوقيع سيكون برعاية الأمم المتحدة".

اقرأ أيضاً

بما فيها العرب.. مستشار عسكري للحوثيين يهدد الدول الداعمة لإسرائيل

وتابعت المصادر، أن غروندبرغ شرع بالفعل في إجراءات التنسيق للترتيبات والمراسم البرتوكولية الخاصة بتوقيع اتفاق خارطة السلام، بما فيها تحديد مكان وزمان التوقيع، في أقرب وقت ممكن، وإن كان الاتفاق في سباق مع تصاعد التوتر في البحر الأحمر وباب المندب.

وكان وفد من جماعة الحوثي، زار السعودية في سبتمبر/أيلول الماضي، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها للمملكة منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2014، وناقش مع مسؤولين سعوديين الاتفاق الذي يمهد الطريق لإنهاء الصراع الدائر في اليمن منذ نحو 8 سنوات.

ويخوض الحوثيون حربا ضد التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، منذ 2015، في صراع أودى بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، وترك 80% من سكان اليمن يعتمدون على المساعدات الإنسانية، حسب الأمم المتحدة.

كما تنقل الصحيفة عن مصادر صنعاء، القول إن خيارات عدة مطروحة لمكان التوقيع، والكرة في ملعب الرياض التي تتعرّض لضغوط أمريكية لتأخير التوقيع والدخول في تحالف حربي ضد اليمن في البحر الأحمر.

وأضافت المصادر: "المملكة لا تزال تتحايل على تلك الضغوط حتى اللحظة، ومن المفترض، في حال صمدت أمامها، أن يُوقّع الاتفاق قبل نهاية السنة".

اقرأ أيضاً

الغارديان: أمريكا حذرت الحوثيين من فشل اتفاق السلام مع السعودية بسبب هجماتهم على السفن

لكنّ مصادر دبلوماسية أخرى، قالت إن "ترتيبات التوقيع على اتفاق السلام في اليمن تأجّلت بشكل مفاجئ بعد أن تم تحديدها الأسبوع الجاري، بضغوط أمريكية على المبعوث الأممي".

وأشارت إلى أن "هناك تأييداً روسياً وسعودياً وعمانياً لتوقيع الاتفاق بعد أن سلّمت الأمم المتحدة أطراف الصراع اليمنية نسخة من صيغة الاتفاق الذي سيجري التوقيع عليه في مسقط، إلا أن واشنطن تعمل على مقايضة تعديل موقفها بوقف صنعاء هجماتها على إسرائيل".

وتفيد مصادر الطرفين، بأن الاتفاق مقسّم إلى ثلاث مراحل ويستجيب في مرحلته الأولى لمطلب صنعاء القديم بخصوص الملف الإنساني، وينهي الحصار المفروض على البلد، ويلحظ أيضاً آلية توافقية ترضي الطرفين بشأن تسليم رواتب موظفي الدولة في عموم المحافظات اليمنية، وكذلك تصدير النفط المتوقف حالياً بقرار من حكومة صنعاء.

وترى المملكة، وفق المصادر، أن الوقت الحالي مثالي لها للانتهاء من عبء الحرب لأن أنظار العالم بأكمله منصرفة إلى الحرب على غزة، وفق المصادر، التي تكشف أن الضغوط لتأجيل الاتفاق ليست مقتصرة على واشنطن، إذ ثمة أطراف يمنية قريبة من الإمارات تسعى لعرقلته.

وتنقل الصحيفة عن مساعد رئيس تحرير صحيفة "عكاظ" السعودية عبدالله آل هتيلة، القريب من دوائر القرار، عبر حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقا)، حينما كتب أن "الطرف اليمني الذي سيتعاطى بسلبية مع جهود إحلال السلام هو من سيدفع الثمن غالياً وسيكون خارج المعادلة".

اقرأ أيضاً

امتداد حرب غزة يقلق السعودية على مستقبل محادثات السلام في اليمن (تحليل)

كما تخشى المملكة، وفق المصادر ذاتها من أن دخولها إلى جانب الأمريكيين في التحالف الحربي، سيؤدي بالضرورة إلى العودة إلى مربع الحرب، مع ما يعنيه ذلك من استهداف لمنشآتها الحيوية والنفطية.

وتضيف المصادر: "السعودية تعلم علم اليقين أن ليس لدخولها التحالف البحري أي قيمة مضافة يمكن أن تغيّر موازين القوى أو تؤثّر في رسم جديد للخارطة السياسية في المنطقة، يكون لها فيه حظ أوفر، فضلاً عن أن حلف واشنطن سيزيد من تعقيد الموقف في البحر الأحمر، ويمكن أن يعرّض موانئها، ولا سيما ميناء جدة، للاستهداف".

ووتتابع المصادر: "يبدو أن الثقة السعودية متزعزعة بالأمريكيين الذين يحشدون حالياً دول العالم لدعم إسرائيل في البحر الأحمر، وفي أنها ستُترك وحيدة في نهاية الحرب على غزة، من دون النظر إلى مصالحها".

وخلافاً للتغطية الإعلامية السعودية المنحازة بالمطلق إلى السردية الأميركية حول البحر الأحمر وباب المندب، يظهر أن الموقف السعودي من الأحداث الجارية من استهداف للسفن الإسرائيلية، لا يجاري الموقف الأمريكي، وفق الصحيفة اللبنانية.

ففي الوقت الذي كان مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، يزور الرياض، علّق وزير خارجية السعودي فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحفي للجنة الوزارية العربية المشتركة، ووزير الخارجية النرويجي في أوسلو، على هجمات "أنصار الله" في البحر الأحمر بالقول إن المنطقة لا تحتاج إلى مزيد من التصعيد.

وفي موقف آخر، ذكر الوزير السعودي أن بلاده تمضي مع اليمن في مسار السلام.

اقرأ أيضاً

اجتماع ثلاثي.. أمريكا تضغط لحل الخلافات بين السعودية والإمارات منعا لتخريب سلام اليمن

ونقلت وكالة "رويترز"، عن مصدرين مطّلعين أن السعودية طلبت من الولايات المتحدة ضبط النفس في الرد على هجمات "أنصار الله".

جاء ذلك، بعد أن ترددت أنباء أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تدرس توجيه ضربة للحوثيين، وسط اعتقاد بين الكثيرين داخل وزارة الدفاع (البنتاجون)، أن الصراع في المنطقة قد تصاعد بالفعل، وأن الولايات المتحدة على الأرض والبحر في الشرق الأوسط، معرضة للخطر بشكل متزايد.

ووفق الصحيفة، من الواضح أن الخلاف الأمريكي السعودي حول استهداف اليمن، هو ليس على أصل العدوان، فكلا الطرفين متفقان على إعادة اليمن إلى عهود الوصاية وإلغاء دوره ومنعه من توظيف موقعه، وفق الصحيفة، لكنّ الخلاف يدور حول توقيت الخروج من الهدنة والعودة إلى الحرب.

وحول أسباب التردّد السعودي في الدخول في حلف عسكري، فيعود حسب "الأخبار" إلى أن الرياض لطالما طالبت أمريكا بالتدخل المباشر في الحرب وكانت واشنطن ترفض، بل كانت أيضاً في كثير من الأحيان تستخدم الحاجة السعودية للابتزاز السياسي والمالي، إضافة إلى أن السعودية لا تريد أن تظهر أمام الرأي العام بأنها تنضم إلى حلف هدفه دعم إسرائيل.

وخلال الأسابيع الماضية، نفذت الجماعة اليمنية عدة هجمات ضد سفن تبحر في البحر الأحمر، بذريعة أنها إسرائيلية أو متوجهة لإسرائيل، ردا على عدوان الأخيرة المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول.

ودفعت هجمات الحوثيين بعض شركات الشحن لوقف عملياتها عبر البحر الأحمر، وهو ممر مائي حيوي للتجارة العالمية وشحنات الطاقة بين أوروبا وآسيا، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة شحن البضائع عبر البحر الأحمر الذي تدرجه سوق التأمين في لندن الآن ضمن المناطق عالية المخاطر.

وأمام ذلك، كشف المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، أن الولايات المتحدة تريد تشكيل "أوسع تحالف بحري ممكن" لحماية السفن في البحر الأحمر، وإرسال "إشارة مهمة" إلى الحوثيين بأنه لن يتم التسامح مع المزيد من الهجمات.

اقرأ أيضاً

اختتام محادثات السلام بين السعودية والحوثيين.. وجولات أخرى قادمة

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية اليمن الحوثيون ضغوط أمريكا الحرب في اليمن السلام إسرائيل البحر الأحمر تحالف بحري فی البحر الأحمر الأمم المتحدة اتفاق السلام وفق الصحیفة اقرأ أیضا فی الیمن

إقرأ أيضاً:

معهد أمريكي: تهديدات صنعاء على “إسرائيل” وأمريكا لن تنتهي بتوقف الحرب في غزة

الجديد برس|

قال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن التهديد الذي تشكله قوات صنعاء على “إسرائيل” والولايات المتحدة لن ينتهي بتوقف الحرب في غزة، وتوقع أن يقوم “الحوثيون” بتطوير وتوسيع صناعاتهم العسكرية، مقترحاً أن تقوم واشنطن بتشكيل تحالف يتضمن دولا إقليمية كالسعودية ومصر من أجل ردعهم.

ونشر المعهد مساء أمس الثلاثاء تقريراً، جاء فيه أنه “حتى لو أدى وقف إطلاق النار في غزة إلى انخفاض ملحوظ في الهجمات في البحر الأحمر، فلن يغير ذلك من الطبيعة الانتهازية للحوثيين أو عدائهم تجاه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل”، حسب تعبير التقرير.

وأضاف: “على الرغم من الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية العديدة ضد المواقع العسكرية للجماعة في اليمن، فإن الحوثيين لا يزالون يمتلكون ترسانة متطورة تشمل الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وطائرات بدون طيار هجومية بعيدة المدى”.

واعتبر التقرير أنه “نظراً لتاريخ الحوثيين في استخدام وقف إطلاق النار لإعادة التجمع وإعادة التسلح، فقد يعتزمون استغلال التوقف الحالي في الأعمال العدائية للتحضير لهجمات مستقبلية”.

وقال إنه من المتوقع أن تعمل قوات صنعاء على “توسيع صناعاتها العسكرية بشكل أكبر وإنتاج تصاميم أسلحة متقدمة بكميات كبيرة وبكفاءة واستقلالية”.

وقال إنه: “حتى الأسلحة الحالية التي تمتلكها الجماعة تشكل خطراً شديداً على السفن التجارية والعسكرية على مسافات كبيرة، حتى وسط البحر الأحمر وغرب بحر العرب، وقد كانت قواربها غير المأهولة المحملة بالمتفجرات- والتي غالباً ما يتم توجيهها بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي أو التحكم فيها عن بعد- صعبة بشكل خاص للكشف عنها واعتراضها، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى عمليات الأمن البحري في المنطقة”.

واعتبر أن “مثل هذه الأسلحة تشكل أيضاً مخاطر على البنية التحتية الحيوية في الدول الشريكة للولايات المتحدة في المنطقة”.

وخلص المعهد إلى إنه “يتعين على الولايات المتحدة وشركائها اتخاذ خطوات حازمة منها: الحفاظ على وجود بحري منسق ومستمر يهدف إلى الحفاظ على حرية الملاحة في المنطقة، والاستثمار في التقنيات المتقدمة للكشف وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتدابير المضادة”.

وتضمنت اقتراحات المعهد أيضاً: “إنشاء تحالفات جديدة تضم دول البحر الأحمر مثل مصر وإريتريا والمملكة العربية السعودية والسودان لتنسيق التدابير الدفاعية والحفاظ على الممر الآمن” حسب تعبيره.

مقالات مشابهة

  • البحرية الأمريكية: مررنا باختبار حقيقي في البحر الأحمر
  • ضباط أمريكيون: المواجهة البحرية مع اليمن الأكثر تعقيدًا وخطورة منذ الحرب العالمية الثانية
  • ضباط أمريكيون: المعركة البحرية مع اليمن أكثر كثافة وخطورة منذ الحرب العالمية الثانية
  • عسكريون أمريكيون: الحوثيون أول من أطلق صاروخًا باليستيًا مضادًا للسفن
  • آل جابر يؤكد للأوروبيين التزام السعودية بتحقيق السلام في اليمن
  • معهد أمريكي: تهديدات صنعاء على “إسرائيل” وأمريكا لن تنتهي بتوقف الحرب في غزة
  • “لويدز لست”: “لويدز لست”: رغم إعلان اليمن وقف الهجمات البحرية إلا أن قطاعات صناعية لم تعد للمنطقة
  • صحيفة “لويدز لست”: رغم إعلان اليمن وقف الهجمات البحرية إلا أن قطاعات صناعية لم تعد للمنطقة
  • “الانتقام لأمريكا وإسرائيل” عنوانًا للتحشيد الإقليمي ضد اليمن: مرارة الهزيمة تفضحُ أهدافَ واشنطن
  • اندلاع حريق في سفينة قبالة اليمن