السفير الأمريكي لم يحضر الحفل.. تفاصيل هجوم في عيد ميلاد الإمبراطور!
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
اختارت حركة "توباك أمارو" في بيرو السفارة اليابانية في العاصمة ليما هدفا لهجوم كبير في 17 ديسمبر عام 1996 لعدة أسباب منها أن الرئيس حينها ألبرتو فوجيموري من أصل ياباني.
إقرأ المزيدالسفارة اليابانية أقامت في ذلك اليوم حفل استقبال بمناسبة عيد ميلاد الإمبراطور "أكيهيتو" الـ64، حضرته شخصيات رفيعة من بينها وزير خارجية بيرو، فرانسيسكو توديلا، وسفراء البرازيل وبوليفيا وكوبا وفنزويلا، في حين لم يكن سفير الولايات المتحدة لدى بيرو داخل المبنى وقت الهجوم.
الهجوم نفذ بطريقة استعراضية وماكرة، حيث تنكر 14 من مقاتلي حركة "توباك أمارو" اليسارية العنيفة التي نشطت في البيرو من مطلع الثمانينيات وحتى عام 1997، في زي الخدم ومتعهدي الحفلات، ودخلوا منزل السفير الياباني موريهيسا أوكي بمنطقة "سان إيسيدرو" الراقية، وهم يوزعون المشروبات الكحولية والمقبلات على الضيوف.
فجأة كشف الأشخاص الـ 14 عن حقيقتهم ورموا بقنابل نشر انفجارها الذعر بين الحاضرين، ثم قاموا باحتجاز 490 شخصا كرهائن، وطالبوا بإطلاق سراح أعضاء الحركة المسجونين، وفدية مقابل تحرير الرهائن، كما عبروا عن احتجاجهم على سوء معاملة السكان الأصليين الذين يعانون من أوضاع معيشية مزرية!
قوات الأمن في البيرو حاصرت على الفور المجمع السكني حيث مقر إقامة السفير الياباني، فقام مقاتلو الحركة بإطلاق سراح 170 شخصا من النساء والمسنين، إلا أنهم هددوا بقتل المتبقين وعددهم 220 إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم.
وصف صحفيون المشهد حول منزل السفير الياباني، مشيرين إلى أن رجال شرطة يحملون بنادق هجومية طوقوا المكان، فيما تربص عدد منهم خلف سياراتهم، وسمعت حينها أصوات إطلاق نار في داخل المبنى، وشوهد دخان يتصاعد من المكان.
السفير الياباني سُمح له بالاتصال بمحطة إذاعية محلية، وكان أن أبلغها بعدم وجود قتلى أو جرحى، مشيرا في نفس الوقت إلى أنه لا يستطيع التحدث بحرية.
كما اتصل أحد الأشخاص وعرف بنفسه على أنه أحد قادة حركة "توباك أمارو" قائلا: "ما نطلبه هو تحرير جميع رفاقنا، الذين يتعرضون لسوء المعاملة والتعذيب في زنزانات السجون المختلفة".
في ذلك الوقت كان العديد من قادة هذه الحركة في السجون بمن فيهم رئيسها فيكتور بولاي، الذي كان اعتقل في يونيو عام 1992، ويقضي عقوبة السجن مدى الحياة، فيما استسلم قادة آخرون في عام 1993 معترفين بهزيمة الحركة.
ألبرتو فوجيمورا الذي كان شن حملة ضارية ضد التنظيمات المتمردة اليسارية وخاصة "الدرب المضيء" و"توماك أمارو" أودت بحياة الآلاف، رفض إطلاق سراح "الإرهابيين" الذين ينتمون لتلك الحركة اليسارية، وعرض على المهاجمين مبلغا كبيرا من المال وطائرة تقلهم إلى كوبا.
محتجزو الرهائن في عاصمة البيرو أصروا على موقفهم، واستمرت عملية الاحتجاز 126 يوما أطلق خلالها المسلحون قسما من المحتجزين، ولم يتبق إلا 103 رهائن.
بإشراف مباشر من رئيس البلاد فوجيمورا الذي لاحقته تهم فساد لاحقا، تقرر تحرير الرهائن بالقوة، وقامت قوات الأمن بتحذير الرهائن سرا قبل 10 دقائق من الهجوم.
تسلل فريق من القوات الخاصة في بيرو إلى المبنى السكني بعد أن أحدثوا بواسطة انفجار ثغرة في القبو.
فاجأت القوة المهاجمة المسلحين وتم قتل الجميع وعددهم 14 شخصا بمن فيهم زعيمهم ويدعى نيستور سيربا كارتوليني، في حين قتل شخص واحد كان رهينة، وهو قاض في المحكمة العليا يدعى كارلوس جيوستي، كما توفى لاحقا اثنان من القوات الخاصة متأثرين بجروح أصيبا بها أثناء العملية، وانتهت بذلك أطول ثاني عملية احتجاز رهائن بعد تلك التي جرت للسفارة الأمريكية بطهران والتي استمرت 444 يوما.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف السفیر الیابانی
إقرأ أيضاً:
لماذا ولّت الحركة الإسلامية الأدبار شرقاً؟
منذ سطو الحركة الإسلامية على السلطة، لم تواجه تمرداً أثار حفيظتها كتمرد دارفور وكردفان، فلم تحسب له الحسبان الكافي، ظناً منها أنه مجرد صداع يزول بتناول حبّة البندول، كما قال الطيب مصطفى مهندس كراهية الجنوبيين الذي فصل الجنوب أرضاً وشعباً، حينما عقد المقارنة بين تمرد قرنق وتمرد دارفور، فلم يدري استراتيجيو المركز المتجلي في الحركة الإسلامية، بأن التحدي الأكبر هو الغرب الكبير مصدر البترول والصمغ العربي، قبل أن يكون مصدراً للرجال الأشداء، فمن لا يقرأ التاريخ لا يهتدي إلى سواء السبيل، وإهمال الكيانين الغربي والجنوبي في معادلة الثروة والحكم، ينسف أي أطروحة سياسية تستهدف المحافظة على سلطة أصحاب الامتيازات التاريخية، وكثير من منظري المركز لا يعيرون بالاً للثورة الوطنية الأولى، فيركنونها في زاوية الدروشة، وفي الواقع هي غير ذلك تماماً، لقد كانت الأساس الذي أمّن الحاضر الجامع لشتاتنا، وهذه الصخرة الصماء المرتكز عليها إرث الوطن، ما تزال ترفد نار الثورة في كردفان ودارفور بالحطب والقش، وهذا الصمود هو الذي حطّم صنم المركز في الخامس عشر من أبريل قبل سنتين، لذا يكون من المستحيل استتباع هذه الكيانات الاجتماعية والاقتصادية، للمنهاج المركزي القديم الضارب بعرض الحائط قدر إنسانها وقيمة موردها الاقتصادي، والحريص على تكريسها لتكون مزرعة خلفية يرعاها المالكون – نفس منهاجية الجار الشمالي في التعامل معنا، وذات الملامح الاستعمارية التي رفضها المهمشون فثارت ثائرة المركزيين.
الشرق متنازع الأطماع والهوية بين السودان وإرتريا، وكونه محتضناً لميناء السودان يفرض عليه ذلك أن يكون منتقصاً في سيادته على أرضه، بحكم خضوع المنافذ البحرية لرادار الملاحة الدولية، لذلك حرصت الحركة الإسلامية وقائدها علي كرتي، على أن تجلي قيادة جيشها وسكرتارية إدارة شئونها إلى بورتسودان أولاً بأول، ولم يكن الإجلاء لعطبرة أو الدامر، للحسابات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية الصرفة، وشرق البلاد لم يشهد تمرداً عسكرياً عنيفاً يجبر السكان على توحيد الجبهة الداخلية، لذا استمرت به الدعاية القديمة (جيش واحد شعب واحد)، أما الشمال فيفتقر إلى الثقل السكاني والمورد الاقتصادي، وهذان عنصران لا فكاك منهما في الحرب، فعلى الرغم من تمدد الشمال كنخبة سياسية مثّلت عمق مركز السلطة لسنين، إلّا أن للحروب تدابيرها، هذا فضلاً عن ضعف الشمال وعدم جرأته على إبداء أي نوع من الامتعاض، الذي لا يسمح به الجار الشمالي، فانخفاض مستوى الديموغرافيا وانكشاف التضاريس ومجاورة دولة (لئيمة)، جميع هذه الأسباب كانت وما تزال تمثل دافعاً للغزوين الخشن والناعم لأرض النيلين، كل هذا وذاك لا يترك للشمال درباً غير دروب السير تحت ظلال الأسوار، ومن هنا وجد أنصار الحركة الإسلامية ضالتهم في الإقليمين، باعتبارهما مهيئين لممارسة نشاطها الهادف لاستعادة ملكها المنزوع، لذلك تراها الأكثر انزعاجاً من أي وقت مضى لانتقال الحرب إلى مروي.
الحركة الإسلامية من أكثر التنظيمات السياسية حظاً في السودان، كونها حصلت على امتياز حكم البلاد شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً بلا منازع، فامتلكت كل قواعد البيانات وكذا القواعد العسكرية، وعرفت كيف تؤكل الكتف، لكن خطأها الاستراتيجي القاتل، هو أنها أكلت كتف الخروف لوحدها، ولم تترك حتى العظام اليابسة لفقراء السودان، فبدلاً من أن تحافظ على كل شيء، فقدت كل شيء، وآخر مراحل التفاف ساقها بساقها ستكون على فراش الموت ببورتسودان، أو على السرير الأبيض في مروي، وسوف يتم إخراجها من هذين الإقليمين، ليس بقوة غريمها العسكرية الغاشمة، وإنّما باتفاق أصحاب المصلحة الدوليين، الناصبين لراداراتهم بميناء بورتسودان، الحاشدين لمراكز مخابراتهم على حدودنا المتاخمة، فالحركة هربت شمالاً وشرقاً لعلمها التام بأماكن الحظر، ومواضع الخطوط الحمراء المرسومة من قبل الدوليين، ومن ظن أن جغرافيا كوكب الأرض مثل الفلاة، أو كصحراء بيوضة يسدر فيها الراعي كما يشاء، فهو جاهل، فلم تكن سطوة الحركة الإسلامية على السودان إلّا بمباركة دولية، أما الآن، فقد تغيّرت الأحوال كثيراً، كالأحوال المترتبة على قرارات أجهزة المخابرات بحق العميل الذي انتهت صلاحيته، فلقد استنفذت الحركة الإسلامية غرضها في البقاء داخلياً وخارجياً، ولم يتبقى سوى تشييعها في مراسم احتفالية، يشرف عليها سكان الشمال والشرق، حينها ترحل السحابة الداكنة، وتنقشع الغشاوة من أعين الذين ضللتهم الدعاية الكذوب (جيش واحد شعب واحد).
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com