صواريخ عراقية على سفارة أميركية!
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
آخر تحديث: 18 دجنبر 2023 - 9:45 صبقلم: خيرالله خيرالله لا يمكن أن يُؤخذ على محمل الجدّ الكلام الصادر عن الحكومة العراقية في شأن إلقاء القبض على أشخاص شاركوا حديثا في إطلاق صواريخ على السفارة الأميركيّة في بغداد. يتجاوز الموضوع موضوع هجوم على السفارة الأميركية في العاصمة العراقيّة في هذه الظروف بالذات، ظروف حرب غزّة وسعي إيران إلى الاستفادة منها إلى أبعد حدود.
الموضوع، بكلّ بساطة موضوع وضع يد إيرانيّة كاملة على العراق على غرار ما حصل ولا يزال يحصل في لبنان أو ما حصل ولا يزال يحصل في سوريا. كذلك الأمر بالنسبة إلى ما يحصل في شمال اليمن حيث بات الحوثيون يشكلون خطرا على الملاحة في البحر الأحمر. كشفت الأحداث وتطورها في اتجاه معيّن، في السنوات التسع التي تلت سيطرة “جماعة أنصارالله” على صنعاء وميناء الحديدة، كيف صار شمال اليمن قاعدة عسكريّة إيرانيّة ولا شيء غير ذلك. صار شمال اليمن موطئ قدم لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة” في شبه الجزيرة العربيّة بموافقة أميركيّة وغربية وأوروبيّة تحديدا. كان أفضل تعبير عن هذه الموافقة، التي ارتدّت لاحقا على الأميركيين والأوربيين، مسارعة إدارة جو بايدن بعد أيّام من دخوله البيت الأبيض مطلع العام 2021 إلى رفع الحوثيين عن قائمة الإرهاب الأميركيّة. قبل ذلك لعب الأوروبيون، خصوصا بريطانيا، دورا في منع استعادة “الشرعيّة” أو أي قوات يمنيّة تدور في فلكها، ميناء الحديدة في العام 2018 وذلك عن طريق التوصّل إلى اتفاق مع الحوثيين في ستوكهولم. كانت النتيجة الفعليّة لذلك الاتفاق توفير غطاء دولي لسيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة الذي بات قاعدة عسكريّة بحرية تستخدم في الوقت الحاضر في ابتزاز العالم عن طريق مهاجمة سفن في البحر الأحمر. يتذرّع الحوثيون في تبرير مهاجمة سفن معيّنة وإجبارها على تغيير مسارها بدعم “حماس” في حربها مع إسرائيل، كما لو أن لمثل هذه الأفعال تأثيرا يذكر على مجريات ما يحدث في غزة أو في فلسطين. يظلّ، لدى إلقاء نظرة إلى ما يدور في المنطقة، أنّ العراق يمثّل الجائزة الكبرى التي حصلت عليها إيران بفضل إدارة جورج بوش الابن. ليس ما يشير، منذ الاجتياح العسكري الأميركي للعراق في 2003، إلى استعداد “الجمهوريّة الإسلاميّة” للتخلي عن هذا البلد، خصوصا في الظروف الراهنة. تحتاج إيران أكثر من أيّ وقت من كلّ ورقة تمتلكها في المنطقة من أجل إفهام إدارة جو بايدن أنّها مرجعية الشرق الأوسط والخليج والقوّة المهيمنة عليهما وأن المطلوب التفاوض معها وليس مع أيّ طرف آخر. ليست السيطرة على العراق وليدة حرب غزّة بمقدار ما أنّها وليدة جهود دؤوبة بذلها “الحرس الثوري” في العقدين الماضيين من أجل نقل التجربة الإيرانيّة إلى العراق، أي تجربة “الحرس الثوري” ودوره في السيطرة على مفاصل السلطة وجانب من الاقتصاد.يعيش العراق حاليا على وقع انقلاب حدث بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في تشرين الأوّل – أكتوبر 2021، وهي انتخابات أشرفت عليها حكومة مصطفى الكاظمي. ما لبثت حكومة الكاظمي أن دفعت ثمن تنظيم انتخابات نظيفة وشفافة إلى حدّ كبير بشهادة المراقبين الدوليين الذين كانوا، وقتذاك، حاضرين في معظم أنحاء العراق. المهمّ أن الكتلة الصدرية، التي كان يتزعمّها مقتدى الصدر، احتلت الموقع الأول من ناحية عدد المقاعد. كان مفترضا في تلك الكتلة تقرير من يكون رئيس الوزراء الذي سيخلف مصطفى الكاظمي… أو ما إذا كان الكاظمي نفسه سيشكل حكومة جديدة. كانت مفاجأة المفاجآت خروج مقتدى الصدر من المشهد السياسي ما غيّر موازين القوى داخل مجلس النواب الذي أنتجته انتخابات تشرين الأوّل – أكتوبر 2021. لماذا خرج مقتدى الصدر من المشهد السياسي في توقيت معيّن؟ لا يزال ذلك لغزا باستثناء أن المطلوب في تلك المرحلة كان التخلّص من الكاظمي من جهة ومنع العراق، من جهة أخرى، من لعب دوره على الصعيد الإقليمي، خصوصا في محيطه العربي من دون أن يكون على عداء مع “الجمهوريّة الإسلاميّة”. كُشف مطلقو الصواريخ في اتجاه السفارة الأميركية أمْ لم يكشفوا، كُشف الذين يطلقون قذائف في اتجاه القواعد، التي للأميركيين وجود عسكري فيها في العراق أو في سوريا، أم لم يكشفوا، ليس ذلك مهمّا. المهمّ أنّ العراق بات تحت الهيمنة الكاملة لإيران. ظهر ذلك واضحا في القمة العربيّة – الإسلاميّة التي انعقدت في الرياض في تشرين الثاني – نوفمبر الماضي بعد شهر على اندلاع حرب غزّة. في تلك القمّة، سجل العراق كلّ الاعتراضات التي تريد “الجمهوريّة الإسلاميّة” تسجيلها على نص البيان الختامي الصادر عن القمّة فيما وافقت إيران على خيار الدولتين وعلى كون منظمة التحرير الفلسطينيّة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. كان لافتاً “تحفّظ جمهورية العراق عن عبارة حلّ الدولتين أينما وجدت في القرار كونها تتعارض مع القانون العراقي”. لم يكن الموقف العراقي في قمّة الرياض سوى تأكيد لواقع في غاية الوضوح يتمثّل في أنّ طهران باتت صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في بغداد وأنّ “الحشد الشعبي” صار الدولة العراقية بمباركة من حكومة محمّد شياع السوداني.في سياق حرب غزّة، التي عرّت إسرائيل، يقوم نظام إقليمي جديد يُعتبر العراق الذي يحكمه “الحشد الشعبي” جزءا لا يتجزأ منه. صار البحر الأحمر مكانا يسعى فيه الحوثي إلى إثبات أنّه يتحكّم بأمنه. لا يمكن تجاهل ورقة توسيع حرب غزّة في حال شاءت ذلك “الجمهوريّة الإسلاميّة” التي لديها “حزب الله” في جنوب لبنان!ليست قضيّة صواريخ ومسيّرات تطلق في اتجاه الأميركيين وسفارتهم في بغداد. المسألة مسألة منطقة تمرّ بمخاض. هل تحكم إيران المنطقة في مرحلة ما بعد حرب غزّة وهل مسموح لها بذلك مثلما باتت تحكم العراق وتتحكّم به؟ أم أن إيران تخشى من ولادة شرق أوسط جديد تهيمن عليه أميركا، نسبيا، وتريد أن تكون لها حصة من هذه الهيمنة؟
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی اتجاه
إقرأ أيضاً:
العراق وحرب إسرائيل - إيران.. إجراءات حكومية جدية لتأمين مناطق انطلاق الهجمات ضد الكيان - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
كشف مصدر مطلع، اليوم الاربعاء (20 تشرين الثاني 2024)، عن تحركات حكومية لتأمين مناطق يشتبه بانها تنطلق منها مسيرات خارج العراق.
وقال المصدر في حديث لـ "بغداد اليوم"، إن "هناك إرادة حكومية بمنع انزلاق بغداد في الصراع الدائر الان في الشرق الأوسط والسعي الى الضغط باتجاه انهاء الحرب في لبنان وفلسطين مع إبقاء خطوط الدعم الإنسانية مستمرة".
وأضاف ان " هناك تحركات فعلية بأوامر حكومية بتأمين مناطق محددة في العراق لتأمينها بعد الاشتباه بانها قد استخدمت في اطلاق مسيرات خارج حدود العراق".
وأشار الى ان" هناك بالفعل جملة من القرارات الميدانية التي تم تفعليها في ضوء سعي حكومي لتجنيب بغداد الانخراط في دائرة الحرب والسعي لتجنيب البلاد ويلاتها مع دعوة الجانب الامريكي الى اخذ دوره في انهاء الصراع وإيقاف الإبادة الجماعية التي تسحق يوميا مئات الأبرياء في فلسطين ولبنان".
وكثفت الفصائل العراقية المنضوية ضمن "المقاومة الإسلامية في العراق"، خلال الفترة الماضية عملياتها العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بواسطة الطيران المسير والصواريخ، ما أدى الى مقتل عدد من الجنود وإصابة العشرات، وبحسب مسؤولين إسرائيليين فان هذه العمليات لن تبقى دون رد.