توقفت كبرى شركات الشحن العالمية عن نقل البضائع عبر قناة السويس حتى تصبح الملاحة في البحر الأحمر آمنة.

تم اتخاذ مثل هذا القرار من قبل كبرى شركات نقل الحاويات في العالم MSC (سويسرا/إيطاليا)، وكبرى شركات النقل البحري Maersk (الدنمارك)، وHapag-Lloyd (ألمانيا)، وCMA CGM (فرنسا)، وZIM (إسرائيل). كما أعلنت شركة تشغيل الحاويات OOCL المملوكة لشركة COSCO الصينية وقف رحلاتها إلى إسرائيل.

إقرأ المزيد انهيار اقتصادي عالمي في 2024 أو انقلاب بالولايات المتحدة في 2025

 ووفقا للشائعات التي تنتشر في الصحافة الغربية والإسرائيلية، فقد يتم تشكيل تحالف من الولايات المتحدة ودماها خلال الأيام المقبلة لمحاربة الحوثيين. سيطول القتال على الأرجح، على الرغم من أنه لا يمكن استبعاد استئناف الشحن بعد فترة من الوقت، ولكن على الأرجح ليس لفترة طويلة، والسبب فيما يلي.

 إن التجارة (التقسيم الدولي للعمل) هي محرك تطور الحضارة الإنسانية، وقد خلقت طرق التجارة دولا مرت بها، وعلى العكس من ذلك، أدى توقف التجارة إلى ضياع حضارات بأكملها في غياهب النسيان.

ولا يزال طريق الحرير العظيم، طريق التجارة بين آسيا وأوروبا، هو القلب الاقتصادي للإنسانية الحديثة. وخلال عصور الظلام، عندما عرقل القراصنة التجارة البحرية، انتقلت التجارة برا، ما أدى إلى إنشاء قوى برية غنية وقوية. وخلال الفترات التي ضمنت فيها أوروبا، ومن ثم بريطانيا العظمى والولايات المتحدة، الأمن وسيطرتها على التجارة البحرية العالمية، أصبحت القوى البحرية، وشبه الجزيرة الأوروبية الصغيرة، ثم بقية الجزر مهيمنة، وضعفت القوى البرية.

 وبغض النظر عن كيفية تطور الوضع حول اليمن والبحر الأحمر الآن، في السنوات المقبلة، فإن التنافس والقتال الرئيسي في العالم سيحدث في البحر. إن الصين والولايات المتحدة كبيرتان وبعيدتان عن بعضهما البعض، بحيث لا يمكنهما الحديث عن حرب برية. ستتخذ حرب الولايات المتحدة (وتحالف AUKUS) ضد الصين شكل حصار عسكري بحري بهدف التسبب في انهيار الاقتصاد وانهيار الصين من الداخل.

وسيتم شن هذه الحرب في جميع المحيطات، بما في ذلك ضد السفن التجارية، وستنخفض التجارة البحرية في جميع أنحاء العالم بشكل كبير أو بعشرات الأضعاف، إذا لم تتوقف تماما.

إقرأ المزيد ماذا ينتظر الأرجنتين؟

والواقع أن الانهيار الموازي لهرم الديون العالمية والتضخم المفرط في العملات الغربية الرئيسية لا بد أن يؤدي أيضا إلى توقف أو ما يقرب من توقف التجارة العالمية لبعض الوقت. إلا أن هذا ليس جوهر القضية الآن.

سيؤدي تطوير المسيرات وانخفاض تكلفتها في السنوات المقبلة، لا سيما القوارب المسيرة، إلى تغيير جذري في الوضع في البحر.

فالآن، تقوم القوارب المسيرة المحملة بالمتفجرات، التي بنتها أوكرانيا بمساعدة بريطانيا، بمهاجمة السفن الحربية الروسية أو جسر القرم. وفي حالة نشوب حرب بين القوى العظمى، سيقوم عدد من القوارب المسيرة برصد وإغراق السفن التجارية المعادية بعيدا في المحيط. ونحن نرى فقط الآن الخطوات الأولى لأساطيل الدول المختلفة في هذا المجال، وسوف يتطور هذا المجال بسرعة الآن.

علاوة على ذلك، وبغض النظر عن نتيجة المواجهة الصينية الأمريكية، ففي غضون 10 سنوات، سيتمكن الصوماليون والماليزيون وأي قراصنة آخرون يجلسون على الشاطئ من الاتصال بمقرات شركات النقل العالمية (إن وجدت حينها) والمطالبة بدفع مقابل للحصول على إذن بالمرور بجانبهم. وسيكون لكل قرية صومالية ويمنية على الساحل عدد من العصابات التي يمكنها أن تملك أسطولا من القوارب أو الطائرات المسيرة الانتحارية، التي لا تستطيع حاملة طائرات واحدة إيقافهم.

إن عصر التجارة البحرية يتركنا لبعض الوقت ومعه تتركنا الهيمنة الحالية للحضارة الأنغلوساكسونية.

إننا نعتبر الوضع الراهن طبيعيا لأننا اعتدنا عليه، ولكنه في الواقع نادر إلى حد ما، كما أن درجة الأمان الحالية للتجارة البحرية فريدة من نوعها. ففي معظم تاريخ البشرية، لم تكن الطرق البحرية آمنة. ونتيجة لذلك، سوف تتطور طرق التجارة البرية بسرعة في العقود المقبلة.

ربما ستتمكن الصين، في غضون 20 عاما، أو الهند في غضون 50 عاما، أو أي أحد آخر في غضون 100 عام من إعادة توحيد العالم تحت حكمه، وضمان أمن التجارة العالمية، لكن في العقود المقبلة، لا أعتقد أن هذا سيحدث.

وهذا يعني أنه لن يكون هناك مثل هذا النقل الرخيص، ومثل هذا التقسيم الواسع للعمل بين البلدان المختلفة. وستصبح السلع أكثر تكلفة، وسينخفض مستوى رفاهية الإنسان. ومرة أخرى ستعتمد البلدان على مواردها الخاصة، وستشهد البلدان التي تعاني من نقص الموارد صدمة اقتصادية واجتماعية. وسيشهد العالم ثورات عنيفة وحروبا أهلية وهجرات ضخمة. سينخفض تعداد السكان في العالم، وسينتقل مئات الملايين من الأشخاص من المناطق التي لا تتمتع بموارد كافية إلى أراض جديدة.

باختصار، يدخل العالم تدريجيا عصر القرون الوسطى الجديدة، وهو انتقال من عصر قيادة الحضارة الأوروبية إلى عصر جديد لم تتضح معالمه بعد.

واليمنيون في كل هذا ليسوا أكثر من أداة للتاريخ. ومع ذلك فهي أداة فعالة للغاية.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الدنمارك ألمانيا فرنسا إسرائيل الصينية ألكسندر نازاروف أخبار اليمن ألكسندر نازاروف البحر الأبيض المتوسط البحر الأحمر الحوثيون عبد الملك الحوثي قناة السويس مضيق باب المندب التجارة البحریة فی غضون

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد الدولي: الاقتصاد الأسترالي يواجه تباطؤًا وتضخمًا في ظل اضطرابات التجارة العالمية

المناطق_واس

كشف صندوق النقد الدولي عن توقع اضطرابات اقتصادية لأستراليا، وتراجع في النمو الأسترالي بنحو 13 مليار دولار بحلول 2025، وارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة الرسوم الجمركية.

وخفّض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الأسترالي إلى 1.6%، وزاد تقديراته للتضخم إلى 2.5%، محذرًا من دخول العالم في “عصر اقتصادي جديد” تتزايد فيه المخاطر المالية.

أخبار قد تهمك صندوق النقد الدولي يؤكد تفوّق المملكة في عدد مراكز البيانات ويشيد بجهودها في إصدار نظام حماية البيانات الشخصية 12 أبريل 2025 - 5:33 مساءً «جاكسون هول العُلا»… منصة عالمية لتمكين الاقتصادات الناشئة 18 فبراير 2025 - 2:38 صباحًا

مقالات مشابهة

  • الصين : الرسوم الجمركية الأمريكية بمثابة تسونامي للتجارة العالمية
  • وفد أممي يطّلع على حجم الأضرار التي تعرض لها مبنى هيئة الشؤون البحرية بالحديدة
  • صندوق النقد الدولي: الاقتصاد الأسترالي يواجه تباطؤًا وتضخمًا في ظل اضطرابات التجارة العالمية
  • مبادرة الحضارة العالمية: شراكة جديدة بين الحضارتين الصينية والعربية
  • واشنطن: أكثر من 100 دولة تواصلت معنا لإعادة توازن التجارة العالمية
  • وزير المالية: التغيرات المقبلة في التجارة العالمية تجعل إفريقيا «وجهة مثالية» للاستثمارات الأجنبية المباشرة
  • معلومات الوزراء: مؤسسات دولية تتوقع تراجع التجارة العالمية وانخفاض النمو الاقتصادي
  • «كجوك»: التغيرات المقبلة في التجارة العالمية تجعل أفريقيا وجهة مثالية للاستثمارات الأجنبية المباشرة
  • وزير المالية: التغيرات المقبلة في التجارة العالمية تجعل إفريقيا «وجهة مثالية»
  • من وجهة نظر صينية: كيف زعزع اليمنيون مكانة الولايات المتحدة الأمريكية عالمياً؟