ملامح تاريخية وتفاصيل الحكم عن أمراء الكويت منذ استقلالها
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
بدأت دورة الحكم في الكويت بقيادة الأمير الراحل عبدالله السالم الصباح (اندبندنت عربية) أصبح تاريخ الكويت بمثابة مسرح لقصة تتسم بالرؤية والحكمة منذ استقلالها في عام 1961، تعاقبت أجيال الأمراء بعدها في خدمة البلاد، إذ تجلت الرؤية القيادية لهؤلاء الحكام في بناء دولة تجمع بين العراقة التاريخية والتطور الحديث، مما يعكس تلاحماً فريداً بين ماض عريق وحاضر مزدهر.
وبدأت دورة الحكم في الكويت بقيادة عبدالله السالم الصباح، إذ شكل هذا الفصل الأول في سجل القيادة الكويتية بداية تاريخية لرحلة الإعمار والتنمية، تحملت مسؤولية البناء والتطوير بعد سنوات من الاستعمار البريطاني.
ضغوط بريطانية في مرحلة الخمسينيات تعرض الشيخ عبدالله السالم الصباح منذ بداية حكمه إلى ضغوط بريطانية شديدة بهدف الحصول على مكاسب مادية من نفط الكويت، وذكرت الباحثة نور محمد الحبش في كتابها "عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح" أن من أهم الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لاهتمامها بنفط الكويت على نحو خاص ما قام به محمد مصدق زعيم حركة تأميم صناعة النفط الايرانية آنذاك، وهو ما أدى بدوره إلى انهيار الإنتاج النفطي من الجانب الإيراني ومن ثم زادت عائدات الكويت النفطية جراء حركة التأميم.
وخلال حكمة الذي امتد قرابة 15 عاماً لقب خلالها بـ"أبو الاستقلال" نظراً إلى إنجازاته في سعيه إلى الاستقلال منذ أن تسلم مقاليد الحكم في الفترة ما بين عام 1950 وحتى 1965، وكانت تلك فترة حساسة ومحورية في تاريخ الكويت.
انضمت الدولة خلال حكمه للمرة الأولى إلى الجامعة العربية في يونيو (حزيران) 1961 وأصبحت عضواً في هيئة الأمم المتحدة، إضافة إلى تأسيس وكتابة الدستور الكويتي في عهده عام 1962، أجريت الانتخابات الأولى لاختيار أول مجلس أمة كويتي 1963.
صباح السالم الصباح
تولى الحكم بعده صباح السالم الصباح في الفترة ما بين 1965 و1977 إذ سطرت صفحة جديدة في سجل الحكم الكويتي وافتتح في عهده جامعة الكويت عام 1966 وكانت تتكون من كليتين هما الآداب والعلوم، ولم يغفل المبادرات والجهود التي استهدفت تعزيز التضامن والتعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول الخليجية والعربية، إذ أرسل الشيخ صباح السالم الصباح وحدات عسكرية إلى الأراضي المصرية والسورية للمشاركة في المعارك الدامية خلال حرب يونيو 1967 وحرب أكتوبر 1973، تجسيداً لأعلى قيم التضامن العربي والالتزام بالتحالفات العربية.
وفي إطار استخدام النفط كسلاح فعال في ميدان الحرب، أصدر الأمير حينها توجيهات بخفض إنتاج نفط الكويت بنسبة 10 في المئة رداً على حرب أكتوبر 1973 كما اعتبر هذا التحرك شعاراً حياً يعبر عن روح المساهمة الفعالة، التي سادت حينها حول "النفط من أجل المعركة".
جابر الأحمد الصباح
تولى الحكم جابر الأحمد الصباح في عام 1977 بعد أن ساءت صحة الأمير صباح السالم، وفي وقت مبكر من حكمه شدد الأمير جابر على الوحدة بين الدول العربية وسرعان ما وجد سياسته عالقة أمام تبادل إطلاق النار بين جيرانه أثناء الحرب الإيرانية - العراقية عام 1986، كما اضطر إلى التعامل مع المعارضة الداخلية وخصوصاً الأقلية الشيعية في الكويت، وفي ظل التحديات المتعددة ومع معارضة من الجمعية الوطنية (البرلمان) حينها فرض رقابة على الصحافة، مما أدى إلى احتجاجات دورية ضد السلطة الاقتصادية والسياسية.
ولم تكد ترفرف أعلام السلام في سماء السياسة الكويتية حتى غزت القوات العراقية الكويت في عام 1990، فقصد حينها الأمير السعودية التي سخرت كل مقوماتها السياسية والعسكرية والاقتصادية في سبيل تحرير الكويت، مما سمح بعودة الأمير في عام 1991 إلى بلاده بعد أن تحررت
. وعرف الأمير جابر بدعمه لحقوق المراة في عام 1999 رفض مرسومه بمنح النساء حق التصويت، ولكن في عام 2005 نفذ المرسوم بمنح النساء حق الترشح والتصويت في الانتخابات البرلمانية.
انعقد في عهده مؤتمر القمة الأول لدول مجلس التعاون الخليجي بدولة الإمارات المتحدة 1981، وتقول المصادر الكويتية إنه صاحب فكرة إنشاء مجلس التعاون وإسقاط ديون الدول الفقيرة، وإنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
وفي عام 1985 كانت هناك محاولة اغتيال فاشلة له عن طريق سيارة مفخخة حين كان الأمير جابر في طريقه إلى مكتبه في قصر السيف، وقتل في تلك العملية اثنان من مرافقيه، واتهمت أطراف إيرانية بالضلوع فيها.
سعد العبدالله السالم الصباح في الحقبة التالية كان سعد العبدالله السالم الصباح هو الذي تولى الحكم، قبل أن يتوفى في 2008 بعد أن خدم بلاده في مناصب عدة متنوعة طوال مسيرته المهنية بما في ذلك رئاسة الوزراء ما بين 1978 و2003.
وأصبح أميراً للكويت في عام 2006 ولفترة وجيزة اعتبرت أقصر مدة حكم في تاريخها. خلال فترة ولايته كرئيس للوزراء، ترأس الشيخ سعد حكومته في المنفى في السعودية خلال الغزو العراقي للكويت 1990-1991.
وعمل على إعادة بناء ما دمره الاحتلال وإنشاء مؤسسة البترول الوطنية، وأسهم بجهد كبير في تأسيس مجلس التعاون الخليجي وزيادة فاعليته إقليمياً وعربياً ودولياً.
عندما توفي الأمير جابر الأحمد الجابر الصباح في الـ15 من يناير (كانون الثاني) 2006، حل الشيخ سعد محله على الفور كأمير وفقاً للدستور، لكن تنحى عن السلطة بعد ذلك سريعاً بعد نحو 10 أيام من إعلانه أميراً، بالنظر إلى ظروفه الصحية. صباح الأحمد الصباح وشغل المنصب بعد ذلك صباح الأحمد الصباح من عام 2006 إلى 2020 الذي أدار شؤون البلاد حتى دخوله المستشفى، وكان يبلغ 91 سنة حصل حينها على وسام الاستحقاق من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، التي منحت 11 رئيساً فقط في تاريخ أميركا.
"عملاق الدبلوماسية العربية" و"رجل السلام والحوار" و"مهندس السياسة" كانت هذه أحد الألقاب التي تقلدها طوال مسيرته الدبلوماسية في مجال السياسة الخارجية ما يقارب أربعة عقود عمل خلالها على سد الفجوات ومعالجة الخلافات وتقليل الانقسامات بين الفرقاء العرب والكويتيين، خصوصاً أثناء المقاطعة الخليجية لقطر، التي تحركت بلاده في وساطة ممتدة لإنهائها والحد من آثارها.
خلال فترة حكمه شهدت الكويت تحولاً كبيراً في مجال الإصلاح القانوني، الذي كان ملحاً وضرورياً، ولم يقتصر الإصلاح على تعديل القوانين القائمة فحسب بل شمل أيضاً إنشاء عدد من الأجهزة لتعزيز الرقابة والتنظيم، ومن بين تلك السلطات هيئة أسواق رأس المال وهيئة تشجيع الاستثمار المباشر الكويتية وهيئة الكويت لمشاريع الشراكة وهيئة حماية المنافسة وهيئة تنظيم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ومن الأحداث التي تبرز في فترته التفجير المروع الذي وقع في مسجد بمدينة الكويت عام 2015، وعندما وصل الأمير الراحل إلى موقع الحادثة قام بزيارة غير متوقعة ومن دون أي ترتيبات أمنية مسبقة وقال "هؤلاء هم أطفالي"، وهو بيان أظهر تآزره مع المواطنين والمقيمين في تلك المحنة الصعبة.
نواف الأحمد الجابر الصباح بعد أن شغل منصب ولي العهد لمدة 14 عاماً أصبح الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أميراً لدولة الكويت في عام 2020 بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد، وكان أميراً للكويت لمدة ثلاث سنوات فقط، ولكنه قضى عقوداً في المناصب العليا.
في إطار حكم بيت الصباح يتميز الشيخ نواف الذي توفي أمس عن عمر يناهز 86 سنة بتوليه منصب وزير الدفاع خلال الغزو العراقي للكويت في عام 1990، مما أدى إلى اندلاع حرب استجابة دولية لإنهاء الاحتلال، كما شغل منصب وزير الداخلية عندما كافحت قوات الأمن الكويتية المسلحين المخربين في يناير 2005.
وعلى رغم أنه قضى فترة حكم قصيرة، إلا أن تاريخه الطويل في المناصب الحكومية يسلط الضوء على مسيرته المليئة بالإسهامات وسجلاً مشرفاً في تاريخ البلاد إلى جانب أسلوبه الهادئ وتواضعه الجم الذي عزز مكانته عند الناس.
مشعل الأحمد الجابر الصباح كان مشعل الأحمد الجابر الصباح ولياً للعهد منذ عام 2020 وهو الأخ غير الشقيق للراحل الشيخ نواف الصباح والابن الـ17 لحاكم الكويت العاشر وأميراً جديد لدولة الكويت، قضى معظم حياته العملية في تطوير وتعزيز أجهزة الأمن والدفاع في بلاده قبل ثلاث سنوات من تعيينه كولي للعهد، خصوصاً عندما تولى مهمات الأمير الشيخ نواف بعد مرضه في نوفمبر 2021.
وعلى المستويين الإقليمي والدولي نجح الشيخ في توقيع اتفاقات تعاون مشترك مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة في مجال الأمن، وتمثيل الحرس الوطني لدولة الكويت في الاتحاد الدولي لقوات الشرطة والدرك.
وأثناء توليه منصب نائب رئيس الحرس الوطني قام رئيس الجمهورية الفرنسية بمنحه وسام قائد جوقة الشرف، مما يعكس الاعتراف العالمي بإسهاماته ومساهمته في مجال الأمن والدفاع
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
“أديبك” يرسم ملامح مستقبل الطاقة
“أديبك” يرسم ملامح مستقبل الطاقة
بفضل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله ورعاه”، ورؤية سموه الثاقبة، وما يعتمده من استراتيجيات وطنية، تؤكد دولة الإمارات دورها القيادي على امتداد الساحة الدولية، وأهمية ما تقوم به لتدعيم ركائز المستقبل والتوافق على التوجهات الواجبة، وذلك عبر جهودها ومساهماتها والفعاليات التي تنظمها وتشكل منصات لتلاقي الأفكار والتحفيز على الإبداع ومنها معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول “أديبك 2024″، الذي يعقد برعاية سموه، وافتتح سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، بحضور سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، نسخته الأربعين، تحت شعار “تواصل العقول لتحقيق انتقال واقعي ومنظّم في قطاع الطاقة”، في مركز “أدنيك” أبوظبي، والأكبر من نوعه عالمياً، وهو ما يعكسه حجم الإقبال على فعالياته “أكثر من 200 ألف زائر بينهم كبار المبتكرين والخبراء من كافة أنحاء العالم ويشهد تنظيم 10 مؤتمرات بمشاركة أكثر من 2200 شركة عارضة تُمثّل مختلف مجالات قطاع الطاقة لعرض أحدث الابتكارات والحلول التي تسهم في رسم ملامح مستقبل الطاقة العالمي”، و30 جناحاً وطنياً للدول العارضة، و4 مناطق صناعية تركز على خفض الانبعاثات الكربونية، والتحوّل الرقمي، والقطاع البحري، والخدمات اللوجستية، والذكاء الاصطناعي.. في الوقت الذي يضم فيه للمرة الأولى مؤتمر الرقمنة والتكنولوجيا، الذي يركز على كيفية إسهام تقنيات الجيل القادم لدفع عجلة خفض الانبعاثات ورفع الكفاءة.
الإمارات وانطلاقاً من مسيرتها العريقة وحضورها العالمي ومشاريعها وتوجهاتها المستقبلية “حريصة دائماً على دعم الابتكار التكنولوجي كمحفز رئيسي في مختلف القطاعات ومنها الطاقة، من خلال إبرام الشراكات الاستراتيجية وتعزيز التعاون مع مختلف الجهات والشركات العالمية الرائدة في هذا المجال، بهدف دمج حلول الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، ودفع عجلة التحوّل العالمي نحو مصادر الطاقة النظيفة”، كما أكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، إذ تبين الدولة دائماً الأهمية القصوى لتحقيق تقدم فعلي على أرض الواقع وإحداث تغيير حقيقي، وتشدد على ضرورة تكامل الجهود وخاصة في القطاعات الحيوية التي أصبحت محركات رئيسية للتنمية، ولذلك تجمع العالم في العديد من المحافل مثل معرض “أديبك 2024″، الذي بيّن سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، أهميته كـ”منصة عالمية رئيسية لدعم الجهود الرامية إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الطاقة الحيوي وتعزيز كفاءته الإنتاجية”.
الإمارات بريادتها ونموذجها واستثماراتها الهائلة ومنها التخطيط لاستثمار ما يصل إلى 200 مليار درهم لتلبية الطلب المستدام على الطاقة في السنوات الست المقبلة لإزالة الكربون من اقتصادها والوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050، وعبر التزامها بتلبية احتياجات العالم، واستباقها للعصر.. تقود قطار المستقبل وتقوم بدور رئيسي لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة للجميع.