بينما كان الإعلام العربي يغطّي احتفالَ شوارع الضفة الغربيّة بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من الأطفال والنساء خلال الهدنة المؤقتة، كان المراسلون في القدس يغطون الحدثَ نفسه من زاوية مختلفة تمامًا، فبالرغم من أن القدس كان لها النصيب الأكبر من أعداد الأسيرات والأسرى الأطفال الذين أطلق سراحهم، فإن ما غطّاه الإعلام في تلك الفترة تمحور حول المحاولات المستميتة للاحتلال لمنع أيّ مظاهر للاحتفال بحُرية الأسرى والأسيرات في القدس خاصة.

وبدت مشاهد جنود الاحتلال المدججة بالسلاح، مثيرةً للاستغراب والسخرية، وهي تحتشد وكأنها في عملية عسكرية كبرى، لا لشيء إلا لمنع مشهد سعادةٍ أو فرح عائلي بسيط بحرية طفلٍ أو سيدة من أفراد العائلة.

منع الاحتلال مدارس القدس من قَبول الطلبة الذين أُفرج عنهم في هذه الصفقة، ومنعهم من استكمال دراستهم، فيما يبدو وكأنه انتقام منهم لخروجهم من السجن رغم أنف حكومة الاحتلال

هذا المشهد – وإن بدا غريبًا عن الجو الذي ساد في مناطق الضفة الغربية عمومًا- إلا أن من يعرفون طبيعة قضية القدس، وتعامل الاحتلال معها لم يستغربوا هذه الحساسية العالية جدًا لدى الاحتلال.

ذلك أنّ أي متابع مدقّق للأحداث يعلم تمامًا أن الحرب  -وإن كانت فصولها الأعنف والأقسى بشكلها العسكري والإنساني تدور في قطاع غزة- فإن وجه الصراع الأيديولوجي العميق فيها يدور في القدس.

فالحرب بمجملها تدور حول شعار "المقدسات" في القدس، وقد أطلقت المقاومة الفلسطينية على عمليتها في السابع من أكتوبر الماضي اسم "طوفان الأقصى". وإسرائيل تفهم هذه المعادلة، ولذلك فإنها تحرص على أن تكون فصول الحرب بشكلها السياسي والاجتماعي متمحورةً حول القدس خاصةً.

هذا الأمر ظهر بوضوح في كثير من التصرفات التي تقوم بها إسرائيل في القدس، منذ بداية الحرب، فقد اعتقلت قواتُ الاحتلال أعدادًا كبيرة من المؤثرين المقدسيين، وهدمت، بالفعل، أو أعلنت نيتها هدم عدد من المنازل، منها ثلاثون منزلًا في سلوان وحدها، وبعضها لرموز مقدسية معروفة كالشيخ عكرمة صبري. وقدمت بعض الشخصيات المقدسية المؤثرة للمحاكمة دون تهم واضحة، كالشيخ ناجح بكيرات، نائب مدير دائرة الأوقاف بالقدس.

وفيما يخصُّ الأسرى المفرج عنهم، فالأمر لم يقف عند منع الاحتفال بخروج الأسيرات المقدسيات، والأطفال المقدسيين من السجون الإسرائيلية فحسب، وإنما تعداه إلى أن يمنع الاحتلال مدارس القدس من قَبول الطلبة الذين أُفرج عنهم في هذه الصفقة، ومنعهم من استكمال دراستهم، فيما يبدو وكأنه انتقام منهم لخروجهم من السجن رغم أنف حكومة الاحتلال.

كما أن الأمر نفسه ينطبق على عملية الحصار المطبق على المسجد الأقصى المبارك منذ بداية الحرب، وكذلك منع المقدسيين من التنقل بحريةٍ داخل مدينتهم، ومنعهم من الوصول إلى البلدة القديمة، خصوصًا من يسكنون خارجها. وهذا يؤكد أن الاحتلال يرى معركته في القدس لا تقل ضراوةً عن معركته في غزة.

عندما أعلنت الفصائل الفلسطينية أهدافها من عملية "طوفان الأقصى"، جعلت وقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك والقدس أول بندٍ من هذه الأهداف، وأضافت بعدها تبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين كافةً، ورفع الحصار عن قطاع غزة. وهي بهذا رفعت لواء المعركة في القدس قبل أن ترفعه في غزة، وبذلك وضعت حكومة الاحتلال في موقفٍ ضاغطٍ لا تحسد عليه.

عندما يتم الحديث عن ملفَي الأسرى والحصار، فإن اليمين واليسار الإسرائيليين يتفقان على إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأنهما. فالعالم بمجمله اليوم -لا إسرائيل فقط- يكاد يجمع على ضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة، بعد أن رأى أن نتيجة هذا الحصار لم تفضِ إلى النتائج التي أرادتها إسرائيل، وإنما تسببت في انفجار الأوضاع في وجه حكومة الاحتلال في السابع من أكتوبر.

إذن، فالموضع الأبرز الذي يتّفق عليه أقطاب المجتمع الإسرائيلي: يمينه ويساره، هنا، هو مدينةُ القدس وبقاؤُها العاصمة الموحدة لإسرائيل، وهنا يكمن سرّ تصرفات الاحتلال في مدينة القدس خلال هذه الحرب

النقاش في هذا الموضوع في كواليس السياسة العالمية اليوم لا يدور حاليًا حول الحصار نفسه، بل حول كيفية رفع الحصار دون أن يعتبر ذلك انتصارًا للمقاومة الفلسطينية.

أمّا ملف الأسرى، فإن المجتمع الإسرائيلي اليوم لا يرى مشكلةً في إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين، وتبييض السجون في مقابل جميع أسراه في غزة، بل إن الأشد تطرفًا -من الذين يتناولون هذا الموضوع في الإعلام الإسرائيلي- لا يعترضون على فكرة الإفراج عن الأسرى، بل إن بعضهم يدعو إلى الإفراج عن الأسرى جميعًا في مقابل أسراه جميعًا، ثم يدعو لتدمير غزة والفلسطينيين بالكامل بعد ذلك (بغض النظر عن سطحية هذه الفكرة).

وبالتالي فإن مبدأ إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين بالكامل صار مطروحًا على طاولة النقاش في المجتمع الإسرائيلي، وهذا ما يعطي إشارة لإمكانية الوصول إليه بالفعل، وأنه ليس مستحيلًا كما كان يُظَن سابقًا.

لكن الأمر بالنسبة لقضية القدس مختلف تمامًا، فهي في الجزء الأكبر منها موضع اتفاقٍ وإجماعٍ إسرائيلي، وإن كان هناك خلاف بين أقطاب المجتمع الإسرائيلي في جزء آخر منها؛ حيث ينبغي هنا التفرقة بين موضوع مدينة القدس نفسها، باعتبارها عاصمة دولة الاحتلال، وفكرة تغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة عمومًا من ناحية، وفكرة اقتحام المسجد الأقصى المبارك من ناحيةٍ أخرى.

فإذا كان الاحتلال مجمعًا على أن القدس ينبغي أن تبقى عاصمة الدولة، وعلى أن فتح المسجد الأقصى المبارك لصلوات اليهود مسألة مطلوبة، فإنه في الوقت ذاته يختلف على فكرة الاقتحامات الاستفزازية التي يقوم بها تيار الصهيونية الدينية للمسجد الأقصى.

وقد بدأنا نسمع أصواتًا- في المجتمع الإسرائيلي العلماني المعارض لحكومة اليمين الحالية، وبعض المجتمعات المتدينة تدينًا تقليديًا- تلوم اليمين المتطرف على تصرفاته في المسجد الأقصى المبارك، وترى أن محاولات أفراد هذه الجماعات، استفزازَ المسلمين في المسجد الأقصى باستمرار، تصبّ الزيت على النار، وتمنع تهدئة الأوضاع، فهم يختلفون على الكيفية، وإن اتفقوا على المبدأ.

إذن، فالموضع الأبرز الذي يتّفق عليه أقطاب المجتمع الإسرائيلي: يمينه ويساره، هنا، هو مدينةُ القدس وبقاؤُها العاصمة الموحدة لإسرائيل، وهنا يكمن سرّ تصرفات الاحتلال في مدينة القدس خلال هذه الحرب.

وبما أن حكومة الاحتلال ترى أن القدس هي واحدة من المحركات الأساسيّة لهذه الأحداث، حسب ما أعلنته المقاومة الفلسطينية في بداية الحرب، وبما أن القدس هي النقطة الكبرى التي تتفق جميع أطياف مجتمع الاحتلال على عدم إمكانية التنازل عنها، فإن أحد أهم مشاهد انتصارها في هذه الحرب -من وجهة نظرها- هو انتصارها في القدس.

وهذا الأمر يزداد شدة وضراوة عندما يتعلق الأمر باليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل اليوم؛ لأنه يعلم أن قاعدته الانتخابية المركزية تتمحور حول القدس جغرافيًا وأيديولوجيًا، وخاصةً تيار الصهيونية الدينية الذي يشكل القاعدة الأساسية التي تستند إليها الحكومة الحالية. ولذلك فإنها تصرّ على ألا تسمح للمقاومة الفلسطينية بالحصول على أي صورة انتصارٍ في القدس.

وكما أسلفنا، فإن المجتمع الإسرائيلي بدأ يميل مبدئيًا إلى الموافقة على التخلص من عبء ملف الأسرى الفلسطينيين، وعبء ملف الحصار على غزة.

أما القدس فإنها لا تقع ضمن هذه المعادلة، وأي خسارةٍ في ملف القدس تعتبر إعلان فشلٍ واستسلامٍ في الحرب. وعندما يتعلق الأمر بالمقدسات وما يفعله تيار الصهيونية المتطرف في المسجد الأقصى المبارك، فإن مسألته تعتبر قضيةً شخصيةً بالنسبة لنتنياهو ذاته، الذي يسعى للمحافظة على قاعدته المتطرفة التي تشكل عمود حكومته.

وبناء على ما سبق، لم يكن مستغربًا أن يتم التعامل بمنتهى العنف والشدة مع المقدسيين المفرج عنهم في صفقة الهدنة الأخيرة. وليس مستغربًا محاولات الاحتلال المستميتة منعَ التمحور الإسلامي حول المسجد الأقصى المبارك كل يوم جمعة، حيث يُمْنَعُ المسلمون من استعراض قوتهم العددية في القدس من قلب المسجد الأقصى، كما كان يجري سابقًا، وذلك منعًا لأي صورة انتصارٍ إسلامي أو فلسطينيٍّ هناك.

فبالنسبة للمسلمين، يعتبر المسجد الأقصى المبارك هو موضع الاتفاق والإجماع الكامل الذي يمثل في الوقت نفسه الإجماع على قضية القدس.

وهذا يعني ضرورة أن يعمل الجانب الفلسطيني، والعربي، والإسلامي، على إظهار قوته من خلال كسر هذا الحصار المشدد على المسجد الأقصى المبارك، الذي يعتبر -لدى المسلمين عامة والفلسطينيين خاصةً- العنوانَ الأبرز والأقوى في قضية القدس.

لذا، ينبغي استغلال الخلاف الإسرائيلي على قضية استفزاز المسلمين في المسجد الأقصى من قبل جماعات المعبد المتطرفة، وتيار الصهيونية الدينية، وتعميقِ هذا الشقاق وإثباتِ صحته عبر زيادة الضغط الشعبي الفلسطيني على الاحتلال في المسجد الأقصى، ردًا على ما يجري فيه.

كما ينبغي جعْل المسجدِ الأقصى عنوان التصعيد الشعبي في القدس كلها، لتثبيت صحة رأي منتقدي تيار الصهيونية الدينية في الجانب الإسرائيلي، وهذا ما سيؤدي في النهاية إلى اضطرار الاحتلال للتراجع، ولو قليلًا تحت الضغط.

فإذا لم يحصل الاحتلال على صورة انتصار في القدس، وفشل في منع المسلمين من استعراض قوّتهم داخل القدس -عبر المسجد الأقصى- فإنه يكون قد أعلن فشله في الملف الوحيد الذي يُجمِع الإسرائيليون على عدم التسامح مع الفشل فيه، وهو القدس.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المسجد الأقصى المبارک المجتمع الإسرائیلی الأسرى الفلسطینیین فی المسجد الأقصى المسجد الأقصى ا حکومة الاحتلال الاحتلال فی قضیة القدس فی القدس أن القدس الذی ی جمیع ا

إقرأ أيضاً:

كيف رمضان بدون الأقصى؟ سؤال ينكأ جراح فلسطينيي الضفة

انتصف شهر رمضان المبارك، ومرت الجمعة الثانية في المسجد الأقصى بحضور 80 ألف مصل فقط، في انخفاض واضح مقارنة بالسنوات الماضية، حيث سجلّت الجمعة الثانية عام 2023 حضور 250 ألف مصل، وذلك بفعل تضييقات الاحتلال غير المسبوقة للعام الثاني على التوالي على دخول فلسطينيي الضفة الغربية المدينة الفلسطينية المقدسة المحتلة.

ورغم أن الدخول لم يكن متاحا وسهلا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإنه لم يكن بهذه الصعوبة، حيث حصر الاحتلال دخول فلسطينيي الضفة إلى القدس في رمضان بيوم الجمعة، وحدد عدد المسموح لهم أسبوعيا بـ10 آلاف فقط.

كما اشترط توفر تصريح دخول وبطاقة ممغنطة (بطاقة ذكية تصدرها سلطات الاحتلال) سارية المفعول، ومغادرة القدس قبل حلول المساء، وحدد أعمار الداخلين بمن تجاوزت أعمارهم 55 عاما للرجال و50 عاما للنساء وأقل من 12 عاما للأطفال، مما يعني حظرا تاما لدخول عنصر الشباب، وانتقاء 10 آلاف من أصل  نحو 3 ملايين و400 ألف نسمة هم سكان الضفة المحتلة.

#صابرون: اعتقال 11 شاباً من عمال الضفة الغربية غرب القدس المحتلة بحجة الدخول دون تصاريح. pic.twitter.com/76DgBkCn72

— صابرون (@SabronPS) February 25, 2025

إعلان من صعب إلى أصعب

خلال السنوات الماضية، كان السبيل أمام الممنوعين من دخول القدس عدة طرق للوصول إلى الأقصى: القفز من فوق جدار الفصل العنصري ، أو المرور من ثغرة فيه، أو دفع مبالغ كبيرة والاختباء داخل مركبة تمر من الحاجز العسكري وسط مخاطر عالية قد تصل حد الاعتقال والسجن أو الأذى الجسدي.

وحتى تلك الطرق الخطيرة لم تعد متاحة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث شدد الاحتلال إجراءاته على الحواجز ومحيطها، وصاعد من تنكيله بحق من يتم القبض عليهم خلال محاولتهم دخول القدس أو بعد نجاحهم في الدخول.

كما عمدت شرطة الاحتلال -في انتهاك غير مسبوق- إلى اقتحام المسجد الأقصى ومصلياته خلال ساعات الفجر أو صلاة القيام، والبحث بدقة عن أي مصل من الضفة يحمل الهوية الفلسطينية، الأمر الذي أنهى حالة الأمان التي كان يعيشها الفلسطيني داخل المسجد ممن استطاع الوصول بشق الأنفس.

شذى حسن: أكثر ما أشتاق إليه وأفتقده جدا هو اعتكاف العشر الأواخر بالمسجد الأقصى (الجزيرة) "خسرنا الفرصة الذهبية"

وفي ظل ذلك المنع والتقييد، سألت الجزيرة نت بعضا من فلسطينيي الضفة الذين اعتادوا الاعتكاف في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وحرموا هذا العام. فأجابوا أن رمضان كان على الدوام فرصة ذهبية لوصال الأقصى الشريف، وسط تخوفات أن يصبح هذا المنع أمرا واقعا بسبب تمريره للعام الثاني، مستذكرين أهالي قطاع غزة الذين يحظرون تماما عن المسجد الأقصى.

"يوميا أشاهد الصور ومقاطع الفيديو التي كنت التقطتها في الأقصى، وأعيش على ذكرياتها، وأبكي شوقا" هذا ما قالته شذى حسن من مدينة رام الله شمال القدس، مضيفة أنها تنتظر رمضان سنويا بفارغ الصبر "لأنه كان الأمل الوحيد لدخول المسجد".

وتصف المواطنة رمضان الحالي والماضي بـ"الموحش" مضيفة أن المسجد الأقصى هو الدواء لقلبها. وأكملت "أكثر ما أشتاق إليه وأفتقده جدا هو اعتكاف العشر الأواخر، وبالرغم من كل التحديات التي كانت تواجهنا آنذاك إلا أن لتلك الأيام والليالي سعادة خاصة".

نحو 80 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة الثانية في رمضان هذا العام بالمسجد الأقصى (الجزيرة) أول رمضان بدون الأقصى

أما إباء شريدة من مدينة نابلس شمال الضفة، فقالت إنها تذهب إلى المسجد الأقصى برفقة عائلتها منذ عمر السادسة، ومنذ ذلك الحين حتى عمر الـ23 لم تقطع الصلاة في المسجد الأقصى في رمضان أبدا.

إعلان

وأضافت بتأثر "بالنسبة لي رمضان هو المسجد الأقصى، والمسجد الأقصى هو رمضان، أنا بدون المسجد الأقصى حرفيا كالسمكة بدون ماء، وهذا أول رمضان يمر عليّ بدون الأقصى".

واختنقت العبرات في عيني براءة وأثرت على صوتها الذي ارتجف قائلا "أحاول أن أتناسى، وألا أشاهد أي مقطع متعلق بالأقصى.. لقد كان رمضان يشحننا لسنة كاملة، فوجودنا في الأقصى المبارك كان يشعرنا بقيمة الرباط ، كنا نُذل في الطريق ونتعب كثيرا لكن ذلك كان يزول بمجرد رؤية القبة الذهبية".

#شاهد | مسن فلسطيني يتحدث بحرقة عن منع الاحتلال دخوله إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى في الجمعة الثانية من رمضان pic.twitter.com/BE1ONss4jz

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 14, 2025

الأقصى حياة كاملة

يستذكر محمد النتشة من مدينة الخليل (جنوب الضفة) رفقاءه في الاعتكاف وشد الرحال إلى الأقصى والذين غيّبتهم سجون الاحتلال أو استشهدوا برصاصه خلال الأشهر الماضية، ويقول "لم تكن الطريق يوما معبّدة إلى الأقصى، ومهما ضاعفوا العقبات سنحاول بعون الله ونأمل أن نصله ونعتكف فيه، كلما ذهبنا إلى الأقصى ازداد الشوق.. إنه حياة كاملة".

وفور أن سألنا "ب ش" التي فضلت عدم نشر اسمها: ماذا يعني رمضان بدون الأقصى؟ وانهمرت دموعها ودعت "يارب لا تحرمنا، يا رب رُدّنا إليه وأكرمنا" وكان التأثر واضحا على الشابة وهي ترى المستوطنين من جميع أنحاء الضفة يقتحمون المسجد الأقصى بكل سهولة، بينما تمنع هي بشكل كامل منذ عامين.

وقد وصفت صعوبة الوصول قائلة" كنا نتعرض لأعلى درجات القهر والذل والإهانة أثناء محاولتنا الوصول إلى المسجد الأقصى سابقا، وكنا ندفع مبالغ مالية وصلت إلى 140 دولارا على الفرد لقطع مسافة قصيرة نحو القدس".

وختمت قائلة "الأقصى بوصلة الأمة، فإذا ضاعت البوصلة ضاعت الأمة، كل الطوفان قام لأجل الأقصى، ووفاء للدماء النازفة يجب أن نحافظ عليه، وكلنا يقين بأن الله سيردنا إلى المسجد الشريف قائمين معتكفين بصحبة إخواننا في غزة".

إعلان

مقالات مشابهة

  • 60 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
  • عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى
  • مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي
  • كيف رمضان بدون الأقصى؟ سؤال ينكأ جراح فلسطينيي الضفة
  • 90 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
  • 90 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في رحاب المسجد الأقصى المبارك
  • علماء فلسطين تدعو لنصرة الأقصى تدين تصاعد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحقه
  • بالصور.. قوات الاحتلال تعيق وصول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك
  • قوات الاحتلال تفرض قيودا مشددة على دخول المصلين إلى القدس
  • حماس تحذر من التصعيد الإسرائيلي في الأقصى وتدعو للنفير العام