#العربية #لغة_الشعر والفنون
أ.د. #خليل_الرفوع
اليوم الثامن عشر من كانون الأول هو يوم الاحتفاء التاريخي باللغة العربية، فهو اليوم الذي قررت فيه الجمعية العامة في الأمم المتحدة عام 1973 بأن تكون العربية لغة رسمية إضافة إلى لغات خمس قد أقرت من قبلُ، إنه احتفاء بتاريخ العربية وتخليد لها، وهي التي استوعبت كل العلوم الإنسانية والعلمية، وما كانت إلا لغة الإبداع والعلم والبيان والجمال، وفي هذا العام اتخذ شعار (العربية لغة الشعر والفنون) ليكون وسما معرفيا يشف عن مكنونها وقدرتها على الحفاظ على صيرورة ما تختزله من شعر وفنون عبر العصور بدءا من بدايات تشكلها ومرورا في حقب حضارية، وأخرى منكفئة حتى يومنا هذا.
هي الذكرى الخمسون لإعلان العربية لغة رسمية عالمية، وما كانت هذه الذكرى إلا استمرارا لمكانة العربية في قدرتها على البقاء والتطور والإحياء والتجديد في ذاتيتها الحية الرصينة المتنامية، واستيعابها ضروبا من المعارف تأليفا وترجمة وتألقا دلاليا، وفي الحديث عن شعريتها وفنونها يشار إلى جماليات العربية واتخاذ الشعراء والمبدعين في الفنون كافة العربية لغة استعارية انزياحية تعبر عن عقولهم ومشاعرهم ومواقفهم ورؤاهم مما جعلها لغة ذاتية إنسانية عالمية فائقة الدلالة، وفي هذا المضمار التعبيري ليس بدٌّ من الإشارة إلى أنها كانت لغة الشعر والخطابة والوصايا والحكم قبل الإسلام حينما استند العقل العربي إلى التعبير عن مشاعره ورصد الأدوات الحضارية والبدوية معًا، فكان إذْ ذاك مؤسسا للسان العربي والشعر والفنون، وحينما تنزل القرآن الكريم زادها قدرا وبهاء ورقيا وجمالا، فأن يتحدت الله بلسان عربي مبين كان فتحا معرفيا لأهلها ولمن دخل في رواقها من الأعاجم الذين أبدعوا بها حضارة تجلت في عصر تأسيس الحضارة العربية الإسلامية في صدر الإسلام وما تبعه من عصور، لقد نقل القرآن الكريم باللسان العربي كثيرًا من محاورات الله عز وجل مع الأنبياء وغيرهم، وخطابات الأنبياء والأمم على الرغم من أنها لم تكن لغتهم، وكان ذلك تكريما للعربية وقد توج ذلك بتسمية إحدى السور بالشعراء وذكرَ مفرداتِ الشعر والشعراء في ست آيات بينات، وقد بقيت من بعد ذلك عصية على التلاشي حتى في أقسى العصور ظلاما اكتنف أهلها.
مقالات ذات صلة لؤي عبيدات يكتب .. أيمن ناصر صندوقة 2023/12/17كانت وما زالت لغة الشعر وهو الفن الأكثر رمزية واستعارة وإيحاء، وفي الفنون الأخرى من مقامات ورسائل وقصص ورواياتٍ وإبداع مسرحي وأغان ورسومات وخطوط وحكايات وأدب ساخر ونقوش وغير ذلكم من الوسائط التفاعلية ، فهي ثرية بمفرداتها وأصواتها ومعانيها وموسيقاها وصورها الفنية وأساليبها الجمالية، هي العربية التي بقيت حية لم تنكسر ولن تموت فقد تكفل الله بحفظها؛ لأنها لسان كتاب الله والدين والعبادات والشعائر، وهي كذلك هوية وتاريخ وكرامة وبيان وجمال وخلود، زادها اللهُ وأهلهَا عزة وسلاما.
الجامعة القاسمية
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: لغة الشعر الشعر والفنون العربیة لغة لغة الشعر
إقرأ أيضاً:
الأزهر في معرض الكتاب: القرآن معجزة خالدة تُدرك بالبصيرة.. واللغة العربية مُهَّدت قرونًا لحمل رسالته
نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان "البلاغة القرآنية.. الإعجاز ورد الشبهات"، شارك فيها كل من فضيلة الأستاذ الدكتور محمود توفيق سعد، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، والدكتور عبدالحميد مدكور، أمين عام مجمع اللغة العربية، وأدارها الإعلامي عاصم بكري، وسط حضور لافت من رواد المعرض.
أكد الدكتور محمود توفيق سعد، أن معجزة القرآن الكريم تختلف جوهريًّا عن معجزات الرسل السابقين، التي اقتصرت على أحداث حسية مؤقتة، بينما جاء القرآن معجزةً علميةً معنويةً خالدةً، تُدرك بالبصيرة لا البصر، قائلاً: "من تشريف الله لهذه الأمة أن جعل معجزة نبيها كتابًا باقيًا إلى قيام الساعة، يُؤخذ علمه بالتفكر والتدبر، لا بمجرد المشاهدة".
دعاء استقبال شهر شعبان .. 18 كلمة تحقق الأمنيات وهذه أفضل 110 أدعية جامعة للخيراتدار الإفتاء: بعد غد الجمعة أول أيام شهر شعبان 1446 هـ 2025 م
وأوضح أن العرب – وهم أهل الفصاحة – كانوا الأقدر على إدراك بلاغة القرآن، الذي نزل بلغتهم في عصر ذروة بيانهم، مشيرًا إلى أن دراسة بلاغة القرآن تنقسم إلى نوعين: دراسة للاقتناع بأنه كلام الله، ودراسة بعد الإيمان به لاستشراف معانيه والترقي في مدارج الإيمان، التي تبدأ بــ"الذين آمنوا" وتصل إلى "المؤمنين" عبر الجهاد الروحي والعلمي. من جانبه، سلّط الدكتور عبدالحميد مدكور الضوء على العلاقة الفريدة بين القرآن واللغة العربية، مؤكدًا أن الله أعدَّ العربية عبر عدة قرون لتكون قادرةً على حمل أعظم النصوص بلاغةً وعمقًا، قائلاً: "تهيأت اللغة بثرائها ومرونتها عبر العصور لتعبِّر بدقة عن مكنونات النفس الإنسانية وجمال الكون، وتحمل أنوار القرآن التي لا تُسعها لغة أخرى".
وأشار أمين مجمع اللغة العربية إلى أن العربية ظلت – بفضل القرآن – لغةً حيةً قادرةً على استيعاب كل جديد، مع الحفاظ على رصانتها، ما يجعلها جسرًا بين الأصالة والمعاصرة، ووعاءً لحضارة إسلامية امتدت لأكثر من ألف عام.
ويشارك الأزهر الشريف – للعام التاسع على التوالي – بجناح خاص في الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ضمن قاعة التراث رقم (4)، على مساحة ألف متر، تشمل أقسامًا متنوعة: قاعة ندوات، ركن للفتوى، ركن الخط العربي، وآخر للمخطوطات النادرة وورش عمل للأطفال، في إطار استراتيجيته لنشر الفكر الوسطي وتعزيز الحوار الحضاري.