يوم اللغة العربية.. ما المقصود بقوله تعالى: «بلسان عربي مبين» ؟
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
يحل اليوم الاثنين، ذكرى يوم اللغة العربية العالمي، والذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام، بحسب ما حددته الأمم المتحدة، وفي السطور التالية نوضح المقصود بقوله تعالى:«بلسان عربي مبين».
ما المقصود بقوله تعالى:«بلسان عربي مبين»؟يذكر الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)، يقول: لتنذر قومك بلسان عربي مبين, يبين لمن سمعه أنه عربي, وبلسان العرب نـزل, والباء من قوله (بلسان) من صلة قوله: (نـزلَ).
وتابع: إنما ذكر تعالى ذكره أنه نـزل هذا القرآن بلسان عربي مبين في هذا الموضع, إعلاما منه مشركي قريش أنه أنـزله كذلك, لئلا يقولوا إنه نـزل بغير لساننا, فنحن إنما نعرض عنه ولا نسمعه, لأنا لا نفهمه, وإنما هذا تقريع لهم, وذلك أنه تعالى ذكره قال: وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ . ثم قال: لم يعرضوا عنه لأنهم لا يفهمون معانيه, بل يفهمونها, لأنه تنـزيل رب العالمين نـزل به الروح الأمين بلسانهم العربيّ, ولكنهم أعرضوا عنه تكذيبا به واستكبارا فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ . كما أتى هذه الأمم التي قصصنا نبأها في هذه السورة حين كذّبت رسلها أنباء ما كانوا به يكذّبون.
وفي تفسير الإمام ابن كثير، قال في قوله سبحانه: (بلسان عربي مبين) أي : هذا القرآن الذي أنزلناه إليك [ أنزلناه ] بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل ، ليكون بينا واضحا ظاهرا ، قاطعا للعذر ، مقيما للحجة ، دليلا إلى المحجة .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي بكر العتكي، حدثنا عباد بن عباد المهلبي، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه في يوم دجن إذ قال لهم : "كيف ترون بواسقها؟ ". قالوا : ما أحسنها وأشد تراكمها. قال : " فكيف ترون قواعدها؟ ".
قالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها. قال: "فكيف ترون برقها، أوميض أم خفو أم يشق شقا؟". قالوا : بل يشق شقا. قال : " الحياء الحياء إن شاء الله ". قال: فقال رجل: يا رسول الله، بأبي وأمي ما أفصحك، ما رأيت الذي هو أعرب منك. قال: فقال: "حق لي، وإنما أنزل القرآن بلساني، والله يقول: (بلسان عربي مبين ) .
وقال سفيان الثوري: لم ينزل وحي إلا بالعربية ، ثم ترجم كل نبي لقومه ، واللسان يوم القيامة بالسريانية ، فمن دخل الجنة تكلم بالعربية . رواه ابن أبي حاتم .
اليوم الدولي للغة العربيةتُعدّ اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة.
ويتوزع متحدثو العربية بين المنطقة العربية و عديد المناطق الأخرى المجاورة كا تركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا، حيث أن للعربية أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة (لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها. كما أن العربية هي كذلك لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية حيث كتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى.
وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات، كما أنها أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء. وسادت العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر في كثير من اللغات الأخرى، من مثل: التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية، وبعض اللغات الإفريقية مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وبخاصةً المتوسطية منها من مثل الإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.
وفضلا عن ذلك، مثلت اللغة العربية كذلك حافزاً إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة.، كما أتاحت إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.
في إطار دعم وتعزيز تعدد اللغات وتعدد الثقافات في الأمم المتحدة، اعتمدت إدارة الأمم المتحدة للتواصل العالمي — عُرفت سابقا باسم إدارة شؤون الإعلام — قرارا عشية الاحتفال باليوم الدولي للغة الأم بالاحتفال بكل لغة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة. وبناء عليه، تقرر الاحتفال باللغة العربية في 18 كانون الأول/ديسمبر لإنه اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة 3190(د-28) المؤرخ 18 كانون الأول/ ديسمبر 1973 بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.
والغرض من هذا اليوم هو إذكاء الوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافاتها وتطورها بإعداد برنامج أنشطة وفعاليات خاصة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: يوم اللغة العربية المقصود بقوله تعالى اللغة العربیة الأمم المتحدة قوله تعالى
إقرأ أيضاً:
رمضان شهر اغتنام الفرص
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يصادف الإنسان في حياته كثيرًا من الفرص السانحة، التي يجب أن يندم عليها إذا ما ضيعها أو لم يقتنصها أو لم يفز بها، وعمر الإنسان هو أكبر فرصة يجب ألا يفوتها، فعليه أن يستغله في طاعة الله سبحانه وتعالى، لاسيما إن عَلِم وتيقن أنً العمر مهما طال فهو قصير، وعرف أن هذا العمر سيسأل عنه كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
«لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه».
وإذا كنا نعيش هذه الأيام المعدودات المباركات من شهر رمضان المعظم، فهو بلا شك شهر الفرص الغالية وجني الثمار اليانعة. فإذا ما أكرم الله تعالى الإنسان وأنعم عليه بطول العمر حتى أدرك الشهر فعليه أن يقتنص هذه الفرصة، ويفوز مع الفائزين فيه، ويغنم مع الغانمين، ويخرج من تحت مظلة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له".
ولو تحدثنا عن الفرص التي يجب أن يغتنمها الإنسان خلال شهر رمضان ما وسعنا المقام، ولكن نذكر بعضًا منها على سبيل المثال:شهر رمضان فرصة لبداية جديدة مع الله سبحانه وتعالى، فيعود الإنسان فيه إلى ربه، ويتوقف عن معصيته، ويكثر من طاعته، فيصل بذلك ويحقق المقام الأسمى، مقام العبودية لله تعالى.
رمضان فرصة أن يزكي الإنسان نفسه فيه ويرتقي بها، فإن كان الصوم حرمان للنفس من رغباتها وشهواتها، واستطاع الإنسان أن يكبتها ويمنعها من أعز شهواتها - شهوتي البطن والفرج- فإنه بذلك استطاع أن ينتصر على تلك النفس، فلا تغرقه في الملذات والشهوات، ويصل بنفسه للنقاء والصفاء الذي يصل به إلى الله تعالى.
رمضان فرصة أن يقلع الإنسان عن بعض عاداته السيئة، ويرتقى بأخلاقه، فإن كان من مقتضيات الصوم، أن تصوم جوارح الإنسان، فيصوم لسانه عن كل قول مذموم من الغيبة والنميمة والكذب وقول الزور، ويصوم بصره عن النظر إلى ما حرم الله، ويصوم سمعه عن كل ما لا يرضى الله تعالى، فإذا ما استطاع الإنسان ذلك وصل به الأمر إلى مكارم الأخلاق التي وصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانت مكارم الاخلاق يجب أن يتحلى بها الإنسان دومًا، إلا أن الصوم ورمضان فرصتان للرقي بالأخلاق.
ورمضان فرصة للتكافل الاجتماعي والبذل والعطاء، فشهر الصوم من المفترض أن يشعر فيه الإنسان بحاجة أخيه الإنسان عند فقد أهم مقومات الحياة من الطعام والشراب، فيكون رمضان فرصة للعطاء والبذل والتكافل الاجتماعي، لاسيما أن الحسنات تتضاعف في هذا الشهر الكريم.
فعلى المسلم أن يغتنم هذه الفرص، ويفوز خلال الشهر الكريم، فينال عفو الله ومغفرته ورضاه، رزقنا الله حسن العمل وقبوله.
د. إسماعيل عبد الله - عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية