حزب الله على المشكّكين في جدوى مواجهاته الحدوديّة: الارقام تتكلم
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": في الساعات الـ48 الماضية وجدت قيادة" حزب الله" نفسها أمام مهمة ليست يسيرة وهي الإجابة عن أسئلة محورية بدأت تطل برأسها أخيراً بإلحاح وسط القاعدة الجماهيرية للحزب وفي وسط بيئته الحاضنة التي ساورها القلق، وهي تتركز على جدوى فاعلية الدعم الذي دأب الحزب على تقديمه كفعل إسناد لغزة ومقاومتها التي تخوض مواجهة لا هوادة فيها مع آلة الحرب الاسرائيلية منذ ما يتعدّى السبعين يوماً.
وأوكلت قيادة الحزب المهمة الدفاعية تلك الى محمد عفيف المستشار الإعلامي للحزب وقيادته المركزية فما كان منه إلا أن أجرى إطلالة إعلامية نادرة مع الإعلام الروسي ليقدّم إجابات أولية عن تلك الأسئلة والشكوك المقرونة بها سعياً الى تبديد مناخات الغموض والالتباس .
المفارقة أن عفيف أفرد مساحة واسعة من الكلام وهو يقر بحجم المعاناة المتأتية عن هذه الحرب لكنه استدرك بأن "التأثير المباشر لها على القطاع الاقتصادي اللبناني لا يزال تحت السيطرة" وأنه لم يتأثر سلباً أكثر مما هو متوقع.
وفي محاولة واضحة للتخفيف من تداعيات تلك الضربة تبنّى عفيف استنتاجاً فحواه "أن آثار هذه الحرب المتوالية فصولاً على الاقتصاد الإسرائيلي أكبر بكثير من انعكاساتها على دول الجوار أي الأردن أو مصر أو لبنان".
والعنصر الجديد الذي شاء المسؤول الإعلامي في الحزب أن يلفت إليه هو أن الحزب لم يستخدم في هذه الحرب إلا 5 بالمئة فقط من قوته وقدراته الميدانية فيما الإسرائيلي اضطر مكرهاً تحت وطأة أداء الحزب الميداني المضبوط والمدروس على سبيل المثال إلى أن:
- يزجّ بـ7 منظومات من القبة الحديدية التي لديه في مواجهة الحزب، وهذا برأيه رقم قياسي إذا ما قورن بباقي الجبهات في غزة والضفة الغربية حيث تعمل في كل منهما منظومتان وفي إيلات 3 منظومات.
- كرر أن ثمة ما يُقدّر بـ120 ألف إسرائيلي اضطروا إلى أن ينزحوا من مستوطنات الشمال (الجليل الأعلى) تحت وطأة ضغوط الحزب العسكرية ويرفضون العودة خشية ورعباً وعدم ثقة بالجيش الإسرائيلي.
- الحزب لم يسقط من حساباته نهائياً احتمال رفع وتيرة المواجهات، إذ إن المسألة عنده مرهونة وفقاً لما قاله باكراً السيد نصرالله بأمرين اثنين وهما تقدير الموقف في غزة، واحتمال أن يبادر الإسرائيلي نفسه الى توسيع نطاق المواجهات ويشرع في هجوم مفتوح.
ولقد أوضح المسؤول عينه أن تقدير الموقف في غزة يعتمد بدرجة كبيرة على التواصل اليومي مع المقاومة فيها، "وثمة اطمئنان لدى الحزب في الموضوع الآخر مبنيّ على فرضية أن العدو الذي لم يجرؤ على توسيع نطاق الحرب لن يجرؤ لاحقاً لأنه يعلم قوة المقاومة وردة فعلها".
- أن الحزب يرى مصلحته "في المحافظة على وتيرة حرب الإسناد والتضامن الحالية مع الشعب الفلسطيني".
وخلاصة التقدير، عجزت إسرائيل عن تحقيق أي هدف يُعتدّ به من أهدافها المعلنة من حربها في غزة "في مقابل أن تلك الحرب ألقت بآثار عميقة جداً على الوعي الإسرائيلي تجاه جيشه وحكومته".
وفي كل الأحوال ثمة من يعتقد أن الحزب أجاب مبدئياً عن التساؤلات التي ثارت في وجهه أخيراً من جانب الحلفاء والخصوم وهي أسئلة بدت مشروعة أمام أمرين واقعين:
- أن زمن الحرب قد طال على نحو غير معتاد عند جمهور الحزب إذ تجاوزت أيامه نحو ضعفي أيام حرب تموز عام 2006 التي عُدّت في حينها أطول الحروب العربية – الإسرائيلية قاطبة (33 يوماً).
- أن موجة التهديدات الإسرائيلية الأخيرة في وجه الحزب ولبنان حملت رقماً قياسياً إذ بلغت نحو 65 تهديداً على لسان أكثر من مسؤول، وهي ربما بدأت تترك آثارها.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
الأولوية القصوى هي لقضية إيقاف الحرب (15 – 15)
دمرت الحرب معظم بلادنا، وقتلت الالاف من شعبنا، وأدت لنزوح الملايين داخليا وخارجيا. وسميت آثارها أكبر مأساة في عصرنا. ثم صعدت الفلول واجهزتهم الأمنية والإعلامية خلاف الكراهية، بهدف اكمال مشروع الحرب الأهلية الشاملة، حيث يحارب الكل ضد الكل. ويتم القتل بناء على الهوية والسحنة واللهجة. ليتم تدمير السودان تماما وتقسيمه لدويلات صغيرة فاشلة ومنشغلة بالحرب صد شعبها والدول المجاورة. هذا طريق كارثي ومصير أسود لا نتمناه لبلادنا العزيزة. الواقع اثبت ان لا منتصر في هذه الحرب. وديمومتها هو استمرار وتصعيد للدمار والمعاناة. واثبتت تجارب العالم كله وتجارب بلادنا ان كل الحروب تنتهي باتفاق سلام. ولن يتحقق أي اتفاق سلام، بدون وحدة القوي المدنية، لتخاطب المتحاربين والعالم بصوت واحد. ورغم الخلافات بين القوى السياسية، فلا طريق آخر غير الاتفاق. ولنبدأ بالمطابة بإيقاف الحرب جميعا، ومن يود ان ينسق لفترة ما بعد الحرب فهذا ممتاز، ومن لا يريد ان ينسق حول ذلك فذاك جيد ومفهوم.
اننا نقرأ التاريخ لنتعلم منه، وإذا لم نتعلم نه لا فائدة لنا من قراءته. فقد مرت الحركة السياسية السودانية، خلال تطورها، بفترات من الصعود والهبوط، صدامات كثر وتحالفات متعددة. وقدمنا، خلال عرضنا للتحالفات، كيف تحالف الحزب مع حزب الامة بعد ان هاجمه، بعنف، وبالرغم من كل ما مارسه الحزب الوطني الاتحادي ووزير الارشاد من عداء للحزب الشيوعي ولاتحاد العمال، وما تم في مذبحة عنبر جودة، وتشريد العاملين، دعم الحزب الحكومة الوطنية ورفض الصراع الذي أدى لانشقاق الحزب الوطني الاتحادي. أما بيان الحزب حول انتخابات المجلس المركزي فهو يعبر عن موقف عقلاني وموضوعي، لان التحالف يتم بين قوى تحمل رؤي مختلفة. أما حل الحزب وطرد نوابه وهجوم الأنصار على دوره لم يمنع تحالفه مع حزبي الامة والاتحادي قبل الانتفاضة. وكانت الموقف خلال الانتفاضة، تجربة ملهمة وجديرة بالدراسة فرغم كل التعقيدات والمصاعب والتنكر للوعود، لم يرفض الحزب التحالف، بل أصر على استمرارية وتقوية قوى الانتفاضة في وجه الداعين لوحدة قوى اليسار. تجربة مظاهرات السكر فهي أوضح مثال على رفض المواقف غير الناضجة والتمسك بالمبادي، والنظر للإطار الأكبر وعدم الإغراق في التفاصيل. وجاءت كل بيانات الحزب خلال مقاومة حكم الاسلامويين لتوضح ايمانه، الذي لا يتزعزع، بالعمل المشترك والجبهة الواسعة.
أعتقد بان أفضل ما اختم به هذه المقالات، لأنني ركزت في هذه المقالات الاعتماد على الوثائق، هو ما ورد في الورقة التي قدمها الحزب الشيوعي الى المؤتمر الثاني للتجمع الوطني الديمقراطي، وتم نشرها في القاهرة بتاريخ 8 نوفمبر 1998:
" اهتم ميثاق التجمع بالفترة الانتقالية، وافرد لها حيزا كبيرا، وذلك إدراكا منه لحقيقة ان إقامة حياة مستقرة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا في السودان، عقب اسقاط نظام الجبهة، وفق تطلعات شعبنا للسلام والديمقراطية والوحدة الوطنية، ووفق التزامات التجمع، تتطلب ليس فقط إزالة آثار حكم الجبهة، وانما أيضا التخلص من العوامل المختلفة التي أدت الى انتاج الأزمة منذ الاستقلال، وتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية وتشريعية واجتماعية وإدارية، كان غيابها وراء تلك الازمة.\وهذه مهمة عسيرة تتطلب أعلى درجات التوحد والعزم لإنجازها. انها الجهاد الأكبر مقارنة بمهمة الإطاحة بنظام الجبهة. ذلك لأنها ستكون محفوفة بكل مغريات ومخاطر المنافع الحزبية والذاتية الضيقة. ولهذا فان على التجمع ان يعد اعدادا دقيقا لكيما تصبح الفترة الانتقالية فترة حاسمة نتجنب ونتفادى كل السلبيات التي خبرناها في الفترات السابقة، وترسى الأسس السليمة والقويمة لسودان ديمقراطي موحد ومتصالح مع نفسه"
ثم تركز الورقة حول معالجة الاختلافات اثناء الفترة الانتقالية، فتقول:
" ليس مستبعدا، بل الأرجح، ان تقوم خلافات بين الفصائل وداخل أجهزة الحكم خلال الفترة الانتقالية، فالتجمع ليس تنظيما شموليا، وانما هو تحالف مؤسس على اتفاقات محددة.
ان الاختلاف في الفترة الانتقالية جائز، بل ضروري أحيانا بين أعضاء المجلس الوطني ومجلس الوزراء، وسيكون خلافا بين اشخاص (وربما حزاب) يجمعهم برنامج واحد. ولذلك سيكون على الأرجح خلافا حول تفسير أو تنفيذ البرنامج لا ضده. وفي حالة الاختلافات الخطيرة يمكن رد الأمر الى هيئة قيادة التجمع لتحلها وفق منهج التراضي. "
siddigelzailaee@gmail.com