عقاب قاس من دولة الاحتلال تجاة مدرس إسرائيلي تعاطف مع غزة.. ماذا فعل؟
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
لم تعد جرائم دولة الإحتلال الإسرائيلية تجاة المدنيين في قطاع غزة قاصرة على قتل المئات يوميًا أو تدمير منازلهم والبنية التحتية للمخيمات التي لا يتوفر بها أدنى مقومات الحياة، بل امتد الأمر إلى اضطهاد كل من يظهر الحد الأدنى من التعاطف مع أهالي غزة حتى لو كان إسرائيليًا، وهو ما حدث مع مائير باروشين مدرس التاريخ والتربية المدنية في أحد المدارس الثانوية الإسرائيلية في مدينة القدس، والذي سُجن لمدة 4 أيام وتم اعتباره محتجز عالي خطورة، وتم وضعه في الحبس الانفرادي، وخسر وظيفته ولا تزال قضيته مفتوحة، فما القصة؟.
يقول مائير في حديثه لموقع «democracynow»: الفلسطينيون مجرد صورة غامضة بلا أسماء أو وجوه أو عائلات أو وجود لا أمل ولا خطط وأنا أحاول أن أعطيهم أسماء ووجوه وتقديمها إلى الإسرائيليين حتى يتمكنوا من رؤية الفلسطينيين كبشر.
هذا ما أفعله على فيس بوك، لكن الشرطة لم يعجبها هذا الأمر، فتم اعتقالي.
ملابسات اعتقال مائير باروشنوأوضح باروشن أنه في التاسع من نوفمبر تلقيت اتصالا من الشرطة الإسرائيلية للتحقيق في تهمة التحريض، واتصلت بالمحامي، الذي قال أنه لاستجواب مواطن إسرائيلي بتهمة التحريض لابد من موافقة النائب العام والتي طلبتها الشرطة، لكن طلبهم قوبل بالرفض.
لذلك قرروا استجوابي بتهمة «نية ارتكاب الخيانة» والإخلال بالنظام العام، منذ لحظة دخولي مركز الشرطة، قاموا بتكبيل يدي ورجلى بالأصفاد، وأروني أمر تفتيش منزلي، وأخذني 5 من المحققين إلى منزلي، وعبثوا بمحتوياته، ثم تم إعادتي إلى مركز الشرطة مرة أخرى.
وتم التحقيق معي للمرة الأولي لمدة 4 ساعات ثم تم نقلي إلى السجن الانفرادي "العزل" وكنت مصنفًا كمحتجز عالي الخطورة، معزولا عن الجميع، لم يسمح لي باحضار أي شيء حتى لو كان كتاب ، أمضيت هناك 4 أيام وحتى لا أشعر بالجنون سمحوا لي بممارسة الرياضة كل ساعتين.
في مساء الأحد الثاني عشر من نوفمبر تم استجواب للمرة الثانية، وكانت تقنيات طرح الأسئلة غريب، فهو لم يكن أسئلة بالمعني المتعارف عليه لكن أقرب للخطابة، عندما تضع الإجابة داخل السؤال فأنك لا تترك للشخص الأخر إمكانية الرد أو اختيار إجابته.
وأيضا في استجوابي الثاني، في نقطة معينة قالوا إن منشوراتي على الفيس بوك تشبه بروتوكلات حكمياء صهيون، أنا مدرس تاريخ لذا سألتهم هل قرأتم بروتوكولات حكماء صهيون من قبل؟ لم يكن هناك تعليق.
ثم تم إعادتي إلى السجن، وفي الثالث عشر من نوفمبر أطلق سراحي بقرار من القاضي، ومع ذلك تم احتجازي لمدة 3 ساعات ونصف الساعة إضافية.
كيف تناول الإعلام الإسرائيلي قضية مائير؟ وماذا فعل زملاؤه المعلمون؟ويتحدث مائير بخيبة أمل أن وسائل الإعلام الإسرائيلي تبنت بيان المتحدث باسم الشرطة، الذي اتهمني بتبرير وشرعنة الاغتصابات التي ارتكبتها حماس في السابع من أكتوبر.
أما بالنسبة لزملائي المعلمين، فأن المئات منهم يتواصلون معي يوميًا ويخبرونني أنهم يدعمونني وأنهم متفقون معي في الرأي لكن لديهم قروض عقارية، أو أن ابنته ستتزوج، أنهم خائفون من أن يتحدثوا حتى لا يفقدوا وظائفهم، يرون بوضوح أنه في هذه الأيام الموطنون الإسرائيلييون الذي يظهرون أدني تعاطف مع أهالي غزة ويعارضون قتل المدنيين يضطهدون سياسيا ويتعرضون للتشهير العلني ويفقدون وظائفهم ويوضعون في السجن.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة فلسطين إسرائيل مدرس تاريخ
إقرأ أيضاً:
جنرال إسرائيلي يحذر: خطة تهجير الفلسطينيين من غزة قد تنفجر في وجه الاحتلال
تتزايد الاعترافات الإسرائيلية بأن التهجير القسري لفلسطينيي قطاع غزة يشكل انتهاكا خطيرا لاتفاقية جنيف، وحتى لو غادر الكثيرون منهم طواعية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: من سيبقى، مع ترجيح أن يكونوا من أصحاب الأفكار المعادية، مما سيمنع أي فرصة للسلام وحسن الجوار على المدى الطويل، وهذا خبر سيئ للاحتلال.
الجنرال الإسرائيلي ليرون ليبمان، المحاضر بكلية سابير والجامعة العبرية، والرئيس السابق لقسم القانون الدولي السابق في جيش الاحتلال، والمدعي العام العسكري الرئيسي، أكد أنه "من بين ردود الفعل العديدة على تصريح الرئيس ترامب بشأن نيته إخلاء سكان غزة لدول أخرى، اعتبار ذلك انتهاكا للقانون الدولي، وبالتالي سيكون صعبا تنفيذ الخطة بالكامل في إطار هذا القانون، كما أن تنفيذها الجزئي يثير تساؤلات حول جدواها".
وأضاف في مقال نشره موقع "ويللا" العبرية، وترجمته "عربي21"، أن "المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر طرد السكان، أو نقلهم قسراً من الأراضي المحتلة أثناء الحرب، ويُعرف ذلك بأنه انتهاك جسيم لها، أي جريمة حرب، مما يفرض مسؤولية جنائية شخصية على المتورطين، بما يتجاوز مسؤولية الدولة، وبموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الترحيل الذي يتم كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية".
وأكد أن "هذه التعريفات لخطة تهجير الفلسطينيين من غزة، تعني أننا أمام تطهير عرقي لها، لأن تفسير الصليب الأحمر لاتفاقية جنيف الرابعة يضيف كلمة قسري لعبارة الطرد أو النقل، وقررت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري بشأن وضع الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، أن الإكراه لا يوجد فقط عندما يتم استخدام القوة البدنية، بل أيضاً عندما لا يكون أمام السكان أي خيار سوى المغادرة، وأكدت أن قوانين الحرب لا تنطبق فقط على الحالة الفلسطينية، بل أيضاً قوانين حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون الدولي".
وأشار إلى أن "المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على أن لكل شخص يقيم بصفة قانونية داخل دولة ما الحق في حرية التنقل، واختيار مكان إقامته، والحق في مغادرة أي بلد، بما فيها بلده، كما لا يجوز حرمان أي شخص تعسفاً من حق العودة إليها، ووفقاً للمادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فلا يجوز حرمان الشخص من هذا الحق بشكل تعسفي".
وأوضح أنه "في سياق غزة، حتى لو قبلنا الحجة القائلة بأن إخلاء الفلسطينيين ضروري لأمنهم، ولإعادة إعمارها بعد الحرب، فإن القاعدة العامة أن مثل هذا الإخلاء يجب أن يتم داخل أراضيها، لأن إخلاءهم خارجها ممكن فقط إذا "كان من المستحيل تجنبه، وهذا يتطلب من أصحاب الخطة أن يوضحوا لماذا من المستحيل ضمان أماكن آمنة للسكان للإقامة المؤقتة داخل القطاع أثناء إعادة الإعمار".
وأكد أن "وجود منطقة إنسانية في المواصي يثير تساؤلات حول مدى مصداقية الإخلاء الكامل من القطاع، وحتى لو كان من المبرر إخلاء سكانه بالكامل خارجه من أجل إعادة الإعمار، فإنه يجب أن يكون مؤقتاً فقط، وفي نهاية إعادة الإعمار يجب السماح للسكان بالعودة، لأن اتفاقية جنيف لا تقتضي السماح للسكان الذين تم إجلاؤهم بالعودة فحسب، بل يحظر قانون حقوق الإنسان حرمان أي فرد بشكل تعسفي من ممتلكاته الخاصة، أو من القدرة على العودة لبلده".
وأضاف أن "المصادرة الإسرائيلية للممتلكات الفلسطينية في غزة، والحظر الشامل على جميع سكانها ممن يرغبون بالعودة إليها بعد إعادة إعمارها، يصعب تبريرها على أنها عمل غير تعسفي وتمييزي، رغم مزاعم ترامب بأن هدف خطته هو إفادة الفلسطينيين، الذين سيتمتعون بظروف معيشية أفضل في أماكن أخرى، ومهما كانت دوافعه، فإن هناك تصريحات عامة من جانب سياسيين، بما في ذلك وزراء إسرائيليين، وحتى وثيقة وزارية حكومية إسرائيلية، تعبر عن الرغبة بتشجيع "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة، وإقامة مستوطنات فيها".
وحذر أنه "من السهل تفسير هذا السلوك الإسرائيلي باعتباره نية للتطهير العرقي للفلسطينيين، ودليلا على هدف غير مشروع، مما يؤكد أن الأجواء الدولية، بما فيها المؤسسات القانونية، لا تبشر بالخير بالنسبة دولة الاحتلال، لأن العديد منها يبذل جهداً لنسب كل جريمة يمكن نسبها إليها، حتى أن المحكمة الجنائية الدولية اتهمت بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت بتجويع الفلسطينيين في غزة كأحد أساليب الحرب، وسيكون من غير المسؤول أن نتجاهل هذا الواقع".
وأوضح أن "الرئيس المصري السيسي أعلن أن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى بلاده خط أحمر، لأن خروج الفلسطينيين عبر معبر رفح، حتى عندما كان مفتوحا، كان بأعداد قليلة، خاصة للأجانب والجرحى، مما يثير مخاوف من أن حقوق الإنسان لسكان غزة، وحقهم في مغادرة القطاع، والسعي لحياة أفضل في مكان آخر، يتم التضحية بها على مذبح المصالح السياسية، وهذه أيضًا سياسة غير مقبولة ومخالفة للقانون الدولي".
ولفت إلى أنه "حتى في حالة إفساح المجال أمام هجرة الفلسطينيين من غزة، فإن السؤال عمن سيغادر، ومن سيبقى، لأن العديد من البلدان تقبل أصحاب التعليم والمهارات، وتتجنب قبول غير المتعلمين والمشتبه بصلاتهم المسلّحة، لأنه أصبح واضحا مؤخرا أنه حتى الدول الصديقة لحماس ليست في عجلة من أمرها لقبول الأسرى المفرج عنهم في صفقة التبادل".
وختم بالقول إن "هذا يعني أن من سيبقى في غزة هم اليائسون وغير المهرة، ومغسولو الأدمغة، وكارهو الاحتلال الصريحون، وفي غياب العناصر البراغماتية والمتعلمة، تتباعد فرص مستقبل من السلام وحسن الجوار مع الإسرائيليين، حتى على المدى الطويل، ومن المشكوك فيه أن يخدم هذا مصالحهم".