كيف يؤثر «طوفان الهجرة العكسية» على إسرائيل؟
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
«إن انتصار إسرائيل النهائي سيتحقق عن طريق الهجرة اليهودية الكثيفة، وإن بقاءها يتوقف فقط على توفر عامل واحد؛ هو الهجرة الواسعة إلى إسرائيل»، تصريح خطير لبن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل (1948ـ 1954).
وتكمن خطورة هذا التصريح في أن الوضع في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، يواجه هجرة عكسية واسعة لنحو مليون يهودي، منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي، ما يهدد «وجود إسرائيل»، على حسب تحذير مؤسسها.
فالحرب الإسرائيلية على غزة تخفي بين طياتها «حربا ديمغرافية» حول من يكون له التفوق البشري والعددي خاصة في ظل الحروب التي لا تتوقف إلا لتشتعل بين الطرفين.
ففي ظل النقص العددي ليهود إسرائيل، تضطر تل أبيب للاعتماد على جنود الاحتياط بنسبة 65 بالمئة، إلا أن ذلك يكلفها على الصعيد الاقتصادي أموالا طائلة، ما يجعلها تفضل الحروب القصيرة، حتى تستطيع تسريحهم للعودة إلى مهنهم المدنية، وتحريك عجلة الاقتصاد ثانية.
نحو مليون شخص غادروا إسرائيل إلى الخارج في الأشهر الأخيرة بحسب إعلام عبري، وهو ما يفوق بكثير عدد من تجلبهم الوكالة اليهودية إلى داخل إسرائيل، ناهيك عن النازحين من مستوطنات غلاف غزة، وفي الشمال على حدود لبنان، حيث يخشى سكان هذه المستوطنات من تعرضهم لصواريخ المقاومة الفلسطينية في غزة أو «حزب الله» في جنوب لبنان.
فوق ما نقلته صحيفة «زمان إسرائيل»، عن سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية (حكومية) فإنه منذ بداية الحرب وإلى غاية نهاية نوفمبر، غادر حوالي 370 ألف إسرائيلي البلاد، يضاف إليهم 600 ألف سافروا إلى الخارج خلال العطلات وبقوا هناك حتى 7 أكتوبر، ليصبح المجموع نحو 970 ألفا. من بين الفئات التي سافرت للخارج ورفضت العودة؛ شباب تم استدعاؤهم للتجنيد والمشاركة في حرب غزة لكنهم تخلفوا وتواجههم عقوبات، خاصة في ظل ارتفاع معدل التخلف عن التجنيد.
ويؤكد هذا الرقم الباحث المصري في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور، في حديث مع الكاتب الصحفي سيد جبيل، على قناته على اليوتيوب (نعرف).
ويعتبر الدكتور أنور، أستاذ العبري الحديث بجامعة الإسكندرية، أن الهجرة العكسية من إسرائيل تفوق مليون شخص، غادروا البلاد «بلا رجعة»، منذ بداية الحرب، استنادا إلى تقديرات باحثين مصريين حللوا سجلات الطائرات المغادرة لمطار بن غوريون في تل أبيب.
ووفقا لموقع «فلايت رادار 24»، فإن معدل الرحلات المغادرة لمطار بن غوريون بلغ 120 رحلة يوميا، وهو المعدل الأكبر المسجل في المطار على مدى الأشهر والسنوات الأخير، بمعدل 24 ألف مسافر يوميا، وفق المصدر الذي استند إليه أنور.
وإذا أضيف للرحلات المغادرة من مطار بن غوريون، رحلات مطاري إيلات (جنوب) وحيفا (شمال)، والمغادرين عن طريق البحر من ميناءي حيفا ويافا (وسط)، فإن المجموع يصبح نحو 40 ألف مسافر مغادر يوميا.
وبناء على هذه التقديرات، يعتبر المصدر أن «رقم مليون من الهجرة العكسية في هذه الفترة (11 نوفمبر ـ 11 ديسمبر) منطقي جدا».
وهذه الأرقام أكبر قليلا من الأرقام الرسمية الإسرائيلية التي عادة ما تخضع للرقابة العسكرية زمن الحرب، لكن في جميع الحالات سواء كان الرقم 370 ألفا أو 970 ألفا أو 1.2 مليون (خلال شهر) أو 2.8 مليون (في 70 يوما) من الهجرة العكسية، فإنها كلها أرقام ضخمة في بلد لا يتجاوز عدد سكانه اليهود 7.145 ملايين نسمة، وفق دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية. لكن الحرب على غزة أدت إلى نتائج عكسية، فبدل تهجير وإبادة سكان القطاع، فإن إسرائيل تعاني من نزيف الهجرة العكسية، وكلما طالت الحرب، كانت آثارها طويلة الأمد كارثية عليها، وهذا أحد أوجه «الهزيمة الاستراتيجية» التي حذر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، قادة تل أبيب منها.
تؤثر الهجرة العكسية على قطاعين رئيسيين في إسرائيل، أولهما نقص العمالة في القطاع الاقتصادي، والثاني متعلق بالقطاع العسكري الذي يعاني من رفض الالتحاق بالجيش، لأسباب مختلفة.
كما ان الهجرة العكسية ستدفع إسرائيل للاعتماد على العمالة الأجنبية أيضا وبالتالي استمرار نزيف العملة الصعبة إلى الخارج بوتيرة أعلى.
وبالنسبة للقطاع العسكري، فالهجرة العكسية مرتبطة في جزء منها برفض التجنيد، أو ببساطة الفرار من الخدمة العسكرية.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطاع غزة فلسطين الهجرة اليهودية بنيامين نتنياهو هجرة عكسية الحرب الإسرائيلية على غزة
إقرأ أيضاً:
أسوشيتيد برس: الغارات الإسرائيلية على غزة تهدد بتوسيع دائرة الحرب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكدت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية، أن الغارات الإسرائيلية العنيفة التي استهدفت قطاع غزة، منذ صباح اليوم /الثلاثاء/، تسببت في انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ شهر يناير الماضي، وتهدد أيضًا بتوسيع دائرة الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتسببت في دمار واسع النطاق في القطاع.
وذكرت الوكالة- في تقرير- أن الهجوم الشامل الأخير قد يُعيد إحياء الحربٍ الدائرة في غزة منذ 17 شهرًا، ومن شأنه أيضًا أن يُثير التساؤلاتٍ حول مصير نحو عشرين رهينة إسرائيليًا تحتجزهم حركة حماس، ويُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
وأسفر الهجوم الذي بدأ فجر اليوم عن استشهاد وإصابة المئات من الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، وفقًا لمسئولين في مستشفى دير البلح إذ أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشن الغارات بزعم أن حماس رفضت المطالب الإسرائيلية بتغيير بنود اتفاق وقف إطلاق النار. وقال مسئولون إن العملية مفتوحة ومن المتوقع أن تتوسع. وقال البيت الأبيض إنه تم التشاور معه وأعرب عن دعمه للإجراءات الإسرائيلية.
وأمر الجيش الإسرائيلي السكان بإخلاء شرق غزة، بما في ذلك معظم بلدة بيت حانون الشمالية وبلدات أخرى جنوبًا والتوجه نحو وسط القطاع، مشيرًا إلى أن إسرائيل قد تستأنف عملياتها البرية قريبًا. وقال مكتب نتنياهو: "ستتحرك إسرائيل، من الآن فصاعدًا، ضد حماس بقوة عسكرية متزايدة".
وصرح عزت الرشق المسئولٌ الكبيرٌ في حماس، بأن قرار نتنياهو بالعودة إلى الحرب يُمثّل "حكمًا بالإعدام" على الرهائن المتبقين، واتهم نتنياهو بشن الغارات لمحاولة إنقاذ ائتلافه الحاكم اليميني المتطرف، ودعا الوسطاء إلى "كشف الحقائق" حول من انتهك الهدنة.
وأكدت "أسوشيتيد برس"، أنه لم ترد لديها تقارير حول أي هجمات من قِبل حماس بعد ساعاتٍ من القصف، مما يُشير إلى أنها لا تزال تأمل في استعادة الهدنة.
وجاءت الغارات في الوقت الذي يتعرض فيه نتنياهو لضغوطٍ داخليةٍ متزايدة، مع التخطيط لاحتجاجاتٍ حاشدةٍ ضد تعامله مع أزمة الرهائن وقراره إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي. وقد أُلغيت شهادته الأخيرة في محاكمةٍ طويلةٍ بتهم فسادٍ بعد الغارات.
واتهمت المجموعة الرئيسية التي تمثل عائلات الأسرى الحكومة الإسرائيلية بالتراجع عن وقف إطلاق النار، قائلةً إنها "اختارت التخلي عن الرهائن". وقال منتدى الرهائن والعائلات المفقودة في بيان: "نشعر بالصدمة والغضب والرعب من التفكيك المتعمد لعملية إعادة أحبائنا من الأسر المروع لدى حماس".
أما في غزة، فقد أسفرت غارة جوية على منزل في مدينة رفح الجنوبية عن استشهاد 17 فردًا من عائلة واحدة، بينهم 12 امرأة وطفلًا على الأقل، وفقًا للمستشفى الأوروبي الذي استقبل الجثث. وكان من بين الشهداء خمسة أطفال ووالديهم، وأب آخر وأطفاله الثلاثة.
وفي مدينة خان يونس الجنوبية، شاهد مراسلو "أسوشيتد برس" دوي انفجارات وأعمدة دخان في حين نقلت سيارات الإسعاف الجرحى إلى مستشفى ناصر، حيث كان المرضى ممددين على الأرض وبعضهم يصرخ. وبكت فتاة صغيرة بينما كانت ذراعها الملطخة بالدماء ملفوفة بالضمادات.
وقال العديد من الفلسطينيين إنهم توقعوا عودة الحرب عندما تلاشت محادثات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار كما كان مقررًا لها في أوائل فبراير. وبدلًا من ذلك، تبنت إسرائيل اقتراحًا بديلًا وقطعت جميع شحنات الغذاء والوقود وغيرها من المساعدات عن مليوني فلسطيني في ال طاع، في محاولة للضغط على حماس لقبول شروطها الجديدة.
وقال نضال الزعانين، وهو فلسطيني مقيم في غزة، لوكالة "أسوشيتد برس"- عبر الهاتف من مدينة غزة- "لا أحد يريد القتال. لا يزال الجميع يعاني من آثار الأشهر السابقة".
واستشهد وأصيب المئات في الغارات الجوية التي شُنت ليلًا حتى اليوم /الثلاثاء/، وفقًا لسجلات من سبعة مستشفيات. ولا يشمل هذا العدد الجثث التي نُقلت إلى مراكز صحية أخرى أصغر حجمًا ولا يزال رجال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا.
وفي واشنطن، سعى البيت الأبيض إلى إلقاء اللوم على حماس في تجدد القتال. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي برايان هيوز: إن حماس "كان بإمكانها إطلاق سراح الرهائن لتمديد وقف إطلاق النار، لكنها اختارت الرفض والحرب".
وقال مسئول إسرائيلي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة العملية الجارية، إن إسرائيل تستهدف جيش حماس وقادتها وبنيتها التحتية وتخطط لتوسيع نطاق العملية إلى ما هو أبعد من الهجمات الجوية. واتهم المسئول حماس بمحاولة إعادة بناء صفوفها والتخطيط لهجمات جديدة واستشهد بعودة عناصر حماس وقوات الأمن بسرعة إلى الشوارع في الأسابيع الأخيرة بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن "أبواب الجحيم ستُفتح في غزة" إذا لم يُفرج عن الرهائن. وأضاف: "لن نتوقف عن القتال حتى يعود جميع رهائننا إلى ديارهم ونحقق جميع أهداف الحرب".
وبحسب "أسوشيتيد برس" فإن العودة إلى الحرب ستسمح لنتنياهو بتجنب المقايضات الصعبة التي دعت إليها المرحلة الثانية من الاتفاق والسؤال الشائك حول من سيحكم غزة. كما أنها ستعزز ائتلافه، الذي يعتمد على نواب اليمين المتطرف الذين يريدون إخلاء غزة وإعادة بناء المستوطنات اليهودية هناك. وكانت غزة تعاني بالفعل من أزمة إنسانية حادة اندلعت بسبب العدوان الإسرائيلي عليها والذي أسفر عن استشهاد أكثر من 48 ألف فلسطيني، وفقًا لمسئولي الصحة المحليين، ونزوح ما يُقدر بنحو 90% من سكان غزة.