هل كانت تجربة دولة قطر في التصدي لجائحة كورونا (2020-2023) ناجحة؟ كيف تعاملت وزارات الدولة مع تداعياتها؟ ما الدور الذي قام به الجيش الأبيض؛ المتمثل في موظفي المستشفيات والمراكز الصحية وأطبائها وممرضيها في التصدي لهذا الوباء؟ أسئلة محورية يجيب عنها كتاب «كورونا بعين قطرية» من إعداد أحمد بن محمد الجابر (ولد 1992)، والصادر عن دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع، في 303 صفحة من القطع الكبير، وفيه يحاول الإجابة على هذه الأسئلة، وذلك بتقسيمه إلى ستة فصول، تسبقها مقدمة، وتلحقها خاتمة، وقبل هذا كله تقديم بقلم سعد بن محمد الرميحي، رئيس المركز القطري للصحافة، يشير فيه إلى أن قطر تمكنت بفضل قيادتها وحكومتها من تحدي كورونا، والانتصار على كل الظروف، وأن المؤلف يعود للتحدي، فبعد كتابه عن زيارته لكوريا الشمالية، يدون رحلة هذا الوباء الخطير، ويسجل كيف تمكنت قطر من احتوائه والتغلب عليه.

 
ينطلق الكاتب في المقدمة من الحديث عن أن العالم عامة، وقطر خاصة، قد عاش أكثر من ثلاث سنوات صعبة، في ظل جائحة كورونا، التي انطلقت شرارتها الأولى من مدينة يوهان الصينية، ثم يعود إلى التاريخ ليؤكد على أنه حفظ الكثير من الحوادث والكوارث والأوبئة والطواعين والجوائح، التي تعرضت لها البشرية، ونجحت في اجتيازها، ويؤكد ذلك على قدرة الأرض على التعافي، والعودة لطبيعتها مرة أخرى، ومن ثم فإن هدفه هو تناول تداعيات كورونا على قطر اجتماعيًا واقتصاديًا، وتأثيرها على الحياة العامة، ويوضح التدابير الاحترازية التي اتخذتها هيئات الدولة ووزارتها، لأجل أن يكون مرجعًا موثقًا لها، تستفيد منه الأجيال القادمة، وتتعرف على وتيرة الحياة في ظل الجائحة، لتستفيد من التدابير التي تم اتخاذها في تجاربها وحياتها. 
يُعرّف الكتاب في الفصل الأول بالمقصود بكورونا (كوفيد 19)، وأعراضها وتحصيناتها، ونبذة عن ما يحفل به التاريخ الإنساني من الأمراض والأوبئة، التي هددت المجتمعات والحضارات، وتسببت في وفاة الملايين من البشر؛ كالطاعون الدبلي، وعمواس، ووباء الجدري، والكوليرا، والإنفلونزا الأسبانية، وإنفلونزا الخنازير، ويؤرخ لإعلان منظمة الصحة العالمية لكورونا وباءً عالميًا في 11 مارس 2020، ويضم أول مقالات وأخبار نشرت في الصحف القطرية عن كورونا، ويسلط الضوء على الاستراتيجيات، التي تبنتها الحكومة القطرية؛ للتصدي للجائحة، والتعامل مع مخاطرها الصحية، وتداعياتها الاقتصادية، والإجراءات الاحترازية التي قامت بها وزارة الصحة العامة في قطر، بهدف السيطرة على الفيروس، والحد من انتشاره، وتضافر جهود الكادر الطبي، لأجل استيعاب الأعداد المتزايدة، وصولا إلى اعتماد اللقاح في أواخر عام 2020، وتنفيذ برنامج وطني للتطعيم.
يتناول الفصل الثاني تداعيات الجائحة على الحياة العامة دينيًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا، وصحيًا وتعليميًا، فيذكر أن التداعيات الدينية تتمثل في إغلاق المساجد، وتوقف إقامة صلوات الجماعة والجمعة، وأن يحضر المصلي مع سجادته الخاصة، وأن يرتدي الكمامة، وأن يبرز تطبيق «احتراز»، ويبين أن اللجنة الشرعية بوزارة الأوقاف أصدرت عددًا من الفتاوى تتعلق بتداعيات الجائحة؛ كإجازة أخذ لقاح كوفيد 19، واسقاط وجوب الجمعة وحضور الجماعات عن المصابين بكورونا، وعمن يخشى الإصابة، أما على المستوى الاجتماعي؛ فقد تغيرت عادات التحية والسلام، وانتشرت بعض المفردات والكلمات التي لم تكن معروفة من قبل، واستبدلت الكثير من الأدوات المنزلية بأدوات كرتونية وبلاستيكية تستخدم لمرة واحدة فقط، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي وسيلة التواصل، وتغيرت سياسة السفر، ثم يبين أن الجائحة كانت لها إيجابيات، منها رواج التجارة الإلكترونية، وبروز شركات التوصيل، ونشاط السياحة الداخلية، والأنشطة التجارية للأجهزة الرياضية والإلكترونية، وتحول التعليم إلى تعليم عن بعد، ثم التعليم المدمج، وأقيمت الندوات افتراضيًا، وحظيت الجائحة باهتمامات المثقفين، ونظمت المؤتمرات والندوات التي تتناولها، وأنشد بعض الشعراء أبياتًا في التوعية بمخاطرها، وغير ذلك.
يوثق المؤلف في الفصول من الثالث حتى السادس ليوميات الجائحة في قطر من بدايتها في يناير 2020، حتى نهايتها في يونيو 2023، وذلك من خلال مضابط مجلس الوزراء، وبيانات مكتب الاتصال الحكومي، والبيانات الصحفية، التي كانت تصدرها لجنة الأزمات، والمنشورة بالصحف والجرائد، وموقع وزارات: الصحة العامة، الأوقاف، التربية والتعليم والتعليم العالي، وذلك بهدف أن يرتحل القارئ إلى تلك الأيام ويتعرف على يوميات الجائحة وكيف عاشتها قطر.
ويؤكد الكاتب في المقدمة أن «هذا الكتاب لم يجمع كل شيء عن جائحة كورونا، وإنما ما وقفت عليه فقط، وما استطعت الوصول إليه، ولعلها دعوة للمؤلفين ليتناول كل منهم الجائحة من زاوية تخصصه، فالكثير من الجوانب والتداعيات الخاصة بهذه الجائحة بحاجة للمزيد من الدراسات والكتابات والبحوث، خاصة أن عالم ما بعد كورونا يختلف عن عالم ما قبلها، فما تركته الجائحة من تأثير على جوانب الحياة سيظل أثره ممتدًا». 
وأخيرًا نرى أن الكتاب بحق توثيقي، يجمع بين دفتيه الكثير من القرارات والبيانات الرسمية، والمقالات والأخبار الصحفية، ولهذا فإن به الفائدة لمن عاشوا تلك الأيام الصعبة؛ ليستعيدوا ذكرياتها، وللأجيال القادمة؛ ليتعرفوا كيف عانى الآباء؟ وكيف تعاملوا مع هذه الجائحة؟ لعلهم يتعلمون الدرس، ويستفيدون التجربة، وهذه هي أهمية التدوين التاريخي، فالأحداث التاريخية ليست قصة وانتهت في الماضي، وإنما يجب أن نأخذ منها العبرة والعظة، ونتعلم دروس التاريخ، يقول الحق سبحانه وتعالى: «لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب» (يوسف: الآية 111).

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر جائحة كورونا دار الشرق

إقرأ أيضاً:

الإنتفاضة العظيمة.. والعودة إلى الحياة

نتذكر بكل فخر وعزة الثورة العظيمة التى عصفت بالإرهاب وأطاحت بالجماعة الإرهابية، إنها ثورة 30 يونيو 2013، الثورة المشرقة التى كانت حدثاً وما زالت محوراً جلياً فى تاريخ البلاد الحديث، هذه الثورة التى أظهرت إحتقان ومرارة الشعب المصرى من جماعة إرهابية سامة تريد دائماً وفى كل وقت تدمير مقدرات الشعب المصرى، وطمس هويته وتقييد حريته فحاولت مراراً نشر أفكار الإرهاب ولكن أبى الشعب المصرى هذه المحاولات البغيضة، ورد عليهم ببسالة وشجاعة تفوق التوقعات.

بدأت القصة بتسلل جماعة إرهابية إلى مقاليد الحكم، وحكمت مصر لمدة عام واحد شهد إنعدم الأمن وساد الخوف والعنف وتدهورت الأوضاع لمحاولة الجماعة تخريب البلاد بالإنقضاض على زمام الدولة ومحاولة النيل من سلطات الدولة ومؤسساتها، وتفاقمت الأزمات فى مصر وتدهورت الخدمات العامة وتقيدت الحريات مما جعل المواطن لا يشعر بالإستقرار داخل وطنه.

فأنتفض الملايين شيوخاً وشباباً رجالاً ونساءاً بميادين الجمهورية دافعاً عن الوطن ضد جماعة إرهابية كانت تريد إختطاف الوطن، لأنها كانت تعمل لمصالحها الخاصة فأتخذت من الإرهاب والعنف والسيطرة سبيلاً لتحقيق مصالحها على حساب مصالح الشعب.

فأستجاب الجيش المصرى العظيم لنداء الوطن، وأعلن وزير الدفاع حينها سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، البيان العظيم الذى جاء فيه عن مراحل مستقبلية لبناء مؤسسات الوطن على نحو ديمقراطى، وبعد مرحلة إنتقالية مرت فيها البلاد بمواجهات مع الإرهاب حتى تولى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم عام 2014 بإنتخابات رئاسية، فكان فى سباق مع الزمن وإصرار قوى من قيادة سياسية حكيمة على النهوض بمصر فى مختلف المجالات مع مواجهة قوية من الدولة ضد الإرهاب والإرهابيين، وذلك بعد أن كانت الدولة قبل حكم سيادته فى حالة من الفوضى العارمة فى المرافق والخدمات والمؤسسات والإصرار فى الدخول لحرب أهلية، فأصبحت الدولة المصرية يشار إليها بالبنان وسط محيط إقليمى شديد الخطورة.

وكل هذا التطور الذى حدث فى مصر جعلها تستعيد قوتها أمام العالم من خلال مجهودات عظيمة قامت بها الدولة وتنفيذ العديد من المشاريع القومية والبنية التحتية التى جعلت الدولة المصرية قادرة على بناء الجمهورية الجديدة التى هى فخر لكل مواطن يعيش على تلك الأرض الطيبة، وإستعادت مصر دورها الإقليمى والدولى وعززت علاقتها مع العديد من الدول العربية والغربية التى تم تدميرها خلال حكم الجماعة الإرهابية.

ولن نسمح بأى حال من الأحوال إلى الرجوع للخلف بعد التقدم والنهضة الحقيقية، ولن نسمح بإختراق المؤسسات المصرية وفرض الرأى الغاشم على الشعب المصرى، لن نسمح بحصار الرأى كما حدث بمدينة الإنتاج الإعلامى من قبل، لن نقبل بتقوية ودعم الجماعات الإرهابية المعروفة كما حدث فى الإحتفال بعيد السادس من أكتوبر بحضور علني للإرهابيين أثناء حكم الجماعة الإرهابية، لن نسمح بأى فكر متطرف بعد ذلك أو وجود جماعة ترتدى الأقنعة المزيفة للسيطرة ونشر الدمار وتفكيك المؤسسات وتحطيم العقول بنشر الأكاذيب والأشاعات المغرضة التى تعمل على محاولة هدم الدولة.

وفى الختام دعوة وأمنية صادقة منى كمواطنة مصرية عاشقة لأرض بلادها الحبيبة مصر أن نذكر أبنائنا والأجيال الجديدة بقوة وبسالة الشعب المصرى فى عدم السماح لأى عدو وخائن أن يمس أرض الوطن لأن الوطن كالعرض، فلابد من المحافظة عليه بكل إستماتة وإصرار بالعمل الجاد والمعرفة الحقيقية لعلوم الجيل الجديد لمواكبة التطور والتقدم لنعلو بمصر بالعلم ونبدأ تكوين حضارة جديدة تكون لما بعدنا فخر وعزة.

اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يحذر من انزلاق المنطقة إلى دائرة غير مسبوقة من الصراع

وقف أمام الإخوان ورحل صائمًا.. ذكرى استشهاد «محامي الشعب» هشام بركات

مقالات مشابهة

  • الإنتفاضة العظيمة.. والعودة إلى الحياة
  • رئيس الباطنة بـ "طب عين شمس" يبرز جهود الدولة للنهوض بقطاع الصحة بعد 30 يونيو
  • كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي
  • ذكرى 30 يونيو.. جهود الدولة في تطوير القطاع الطبي (فيديو)
  • استشاري صحة يكشف جهود الدولة في القطاع الطبي عقب ثورة 30 يونيو (فيديو)
  • استشاري صحة يستعرض جهود الدولة في تطوير القطاع الطبي بعد ثورة 30 يونيو
  • محافظ الإسكندرية ووزيرة الثقافة يفتتحان معرض كتاب الكاتدرائية
  • محافظ الإسكندرية ووزيرة الثقافة يفتتحان "معرض كتاب الكاتدرائية المرقسية"
  • محافظ الإسكندرية ووزيرة الثقافة يفتتحان معرض كتاب الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية
  • 30 يونيو.. تعرف إلى جهود الدولة للحفاظ على الأمن الغذائي وزيادة الرقعة الزراعية