باب المندب.. خط التجارة يضيق بين الشرق والغرب
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
مع مضي شهر على تصدّر مضيق باب المندب جنوب غربي اليمن، عناوين الصحافة العالمية، بعد دخوله على خط الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، علقت كبرى شركات الشحن البحري رحلاتها عبر البحر الأحمر خشية تعرض السفن لاستهداف جماعة الحوثي.
وفي 19 نوفمبر الماضي، أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، الاستيلاء على سفينة الشحن «غالاكسي ليدر»، المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، في البحر الأحمر، واقتيادها إلى الساحل اليمني.
حقائق
يقع مضيق باب المندب بين شبه الجزيرة العربية وإفريقيا، ويربط البحر الأحمر مع خليج عدن والمحيط الهندي.
ويبلغ عرض المضيق 20 ميلاً (32 كم) وينقسم إلى قناتين بواسطة جزيرة بريم؛ حيث يبلغ عرض القناة الغربية 16 ميلاً (26 كم) وعرض القناة الشرقية 2 ميل (3 كم). ومع بناء قناة السويس شمال مصر، اكتسب المضيق أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة، حيث شكل جزءا من الرابط بين البحر الأبيض المتوسط وشرق آسيا. وبحسب بيانات منظمة التجارة العالمية، يختصر مضيق باب المندب رحلات السفن مدة 14 يوما في المتوسط. وتعني فرضية غلق المضيق، منع الناقلات وسفن الشحن القادمة من آسيا أو منطقة الخليج العربي من الوصول إلى قناة السويس، مما يحول مسارها حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، عبر رأس الرجاء الصالح.
وبحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، فإن قرابة 10 بالمائة من النفط المنقول بحرا، يمر يوميا عبر مضيق باب المندب، وبدون هذا المضيق فإن إمدادات الخام والمشتقات النفطية ستشهد تذبذبا وفوضى في سوق الطاقة.
وتظهر بيانات منشورة على موقع «vessel tracking» المتتبع لحركة الملاحة العالمية، أن متوسط عدد القطع (سفن وقوارب) البحرية العابرة للمضيق سنويا بلغ نحو 22 ألف قطعة بحرية، أي قرابة 60 قطعة يوميا.
ويتمتع المضيق بأهمية عسكرية وأمنية كبيرة، وسبق أن أغلقته مصر أمام إسرائيل خلال حرب 1973، وإثر هجمات سبتمبر/ أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة، قامت قوة أمريكية بالعمل على تأمين الملاحة في المضيق في مواجهة تنظيم القاعدة.
تسلسل زمني
وتاليا، التسلسل الزمني للهجمات التي نفذتها جماعة الحوثي خلال التوترات الحالية، في مضيق باب المندب:
- 19 نوفمبر: أعلنت إسرائيل استيلاء الحوثيين على سفينة شحن في جنوب البحر الأحمر مملوكة لبريطانيا وتديرها اليابان.
- 3 ديسمبر: قال الجيش الأمريكي إن ثلاث سفن تجارية تعرضت لهجوم في المياه الدولية في جنوب البحر الأحمر، حيث أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على سفينتين إسرائيليتين في المنطقة.
- 9 ديسمبر: الحوثيون يحذرون من أنهم سيستهدفون جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل بغض النظر عن جنسيتها، ويحذرون جميع شركات الشحن العالمية من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية.
- 12 ديسمبر: المتحدث باسم الحوثيين يحيى سريع، قال إن الجماعة استهدفت الناقلة التجارية النرويجية «ستريندا».
- 15 ديسمبر: أعلنت جماعة الحوثي استهداف سفينتي حاويات بالبحر الأحمر، قالت إنهما كانتا متجهتين لإسرائيل، بعد «رفض» طاقميهما الاستجابة لنداءات ورسائل تحذيرية.
- 15 ديسمبر: شركة «ميرسك»، ثاني أكبر شركة شحن حاويات في العالم، تعلن تعليق رحلاتها البحرية عبر البحر الأحمر، بسبب «مخاوف من هجمات» قد تتعرض لها.
- 16 ديسمبر: الجيش الأمريكي يعلن إسقاط 14 طائرة مسيرة في البحر الأحمر انطلقت من مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.
- 16 ديسمبر: أعلنت شركة MSC، أكبر شركة شحن حاويات عالميا، وشركة CMA CGM ثالث أكبر شركة شحن حاويات، تعليق كافة رحلاتهما عبر مضيق باب المندب.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطاع غزة باب المندب الحرب الإسرائيلية الشحن البحري مضیق باب المندب البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
إقــــرار أمــريــكي بـالـفـشل
معهد واشنطن للدراسات:” خيارات النقل العسكري مكلف ومعرض للخطر
الثورة / متابعات
رغم استعراض القوة العسكرية الأكبر خلال ولاية ترامب الثانية أعلنت أمريكا فشل حملتها العسكرية التي تنفذها على اليمن ، كما فشلت في إيقاف هجمات القوات اليمنية ضد الكيان الصهيوني وتأمين ملاحة سفنها في البحر الأحمر، رغم إنفاق وزارة الدفاع الأمريكية مليارات الدولارات، إلا أن النتائج جاءت صادمة لصنّاع القرار الأمريكي، فالهجمات المستمرة للقوات اليمنية ولم تتوقف، والملاحة في البحر الأحمر لا تزال معطّلة، فيما تجد الولايات المتحدة نفسها محاصرة بتكتيكات يمنية محكمة تُربك حساباتها العسكرية والتجارية على حد سواء.
هذا ما أكده مجلتا «فورين بوليسي ومعهد واشنطن في تقريرين منفصلين، خلصا إلى نتيجة واحدة: اليمن بات يمثل تهديدًا نوعيًا على تفوّق واشنطن البحري، ويقوّض جدوى الإنفاق العسكري الأمريكي في المنطقة.
ففي تقريرها، وصفت فورين بوليسي الحملة الأمريكية في اليمن بأنها استنزاف بلا إنجاز، مؤكدة أن أهدافها الرئيسية – إعادة حرية الملاحة البحرية وفرض الردع على الحوثيين – لم تتحقق. بل على العكس، شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدًا متزايدًا في هجمات صنعاء على السفن الحربية الأمريكية والإسرائيلية، بينما واصلت القوات اليمنية استهداف خطوط الملاحة العالمية في البحر الأحمر.
التقرير سلّط الضوء أيضًا على الغياب الفاضح للشفافية، حيث لا تُعقد مؤتمرات صحفية رسمية حول العمليات، ويقتصر الإعلام العسكري على فيديوهات دعائية من حاملات الطائرات، في المقابل، تتواصل الضربات باستخدام ذخائر دقيقة التوجيه، ما يستهلك موارد بحرية توصف بـ»المحدودة»، وفق خبراء عسكريين تحدثوا للمجلة.
وحذّر تقرير لمعهد واشنطن للدراسات أعده جيمس إي. شيبارد، المقدم في القوات الجوية الأمريكية، من أن «الحظر البحري اليمني لا يُهدد فقط الملاحة التجارية، بل يُعيق قدرة الولايات المتحدة على تحريك قواتها وإمداداتها بسرعة عبر مناطق النزاع».
وأوضح التقرير، أن مضيق باب المندب يمثل شريانًا حيويًا للتجارة العالمية واللوجستيات العسكرية، حيث تمر عبره بضائع بأكثر من تريليون دولار سنويًا، إلى جانب 30% من حركة الحاويات العالمية. ولفت إلى أن أي انقطاع في هذا الطريق يُربك العمليات الأمريكية في الشرق الأوسط وأفريقيا والمحيطين الهندي والهادئ.
كما أشار إلى أن تكتيكات صنعاء الدقيقة – باستخدام طائرات مسيّرة، وصواريخ كروز وباليستية – دفعت بشركات الشحن إلى سلوك طريق رأس الرجاء الصالح، وهو مسار أطول بـ15 يومًا وأكثر كلفة بمليون دولار إضافي لكل شحنة.
فيما اعتبر تقرير معهد واشنطن أن القدرة المحدودة للبحرية الأمريكية على مرافقة السفن، حتى في ظل التهديدات المتصاعدة، تزيد من خطورة الموقف. وذكر أن بعض السفن تعرّضت للهجوم رغم وجود مرافقة عسكرية، ما يعني أن الردع الأمريكي فعليًا في حالة انهيار.
وأضاف أن النقل البحري هو العمود الفقري للعمليات اللوجستية العسكرية الأمريكية، وأن تعطيله سيؤثر بشكل مباشر على قدرات واشنطن في تنفيذ عمليات طوارئ، وإعادة الانتشار في مناطق التوتر، وهو ما يتطلب «إعادة نظر جذرية في العقيدة العسكرية البحرية الأمريكية».
ما بيّن الفشل الميداني وارتباك السلاسل اللوجستية، تشير المؤشرات بوضوح إلى أن الولايات المتحدة تواجه تحديًا نوعيًا لم تعهده منذ عقود. صنعاء لا تملك حاملات طائرات، لكنها تمتلك معادلة ردع مرنة وفعالة أربكت واشنطن وحلفاءها، وأجبرتهم على إعادة النظر في حساباتهم الاستراتيجية.
وأكد التقرير، أن “الحوثيين بفضل قدراتهم الصاروخية والطائرات المسيرة، سيستطيعون استهداف سفن الشحن في جميع أنحاء البحر الأحمر، ومعظم بحر العرب، وشمال المحيط الهندي، مع أن إصابة السفن المتحركة من مسافات بعيدة أمرٌ صعب” وبناءً على ذلك، فإن استخدام مجموعة متنوعة من طرق النقل، بالإضافة إلى باب المندب، قد يُسهم في تخفيف خطر الحوثيين”.
واقترحت شبكة عبر الجزيرة العربية (TAN) التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية إنشاء 300 مركز لوجستي – مطارات وموانئ بحرية ومراكز برية – عبر شبه الجزيرة العربية لتنويع خيارات الشحن. على سبيل المثال، يُمكن لبعض السفن تجاوز المضيق والرسو في جدة؛ ومن ثم يُمكن نقل حمولتها جوًا أو برًا. وكما ذُكر سابقًا، تقع جدة ضمن نطاق نيران الحوثيين، لكن إدخال هذه الطرق البديلة وغيرها من الطرق سيُسبب معضلات استهداف للجماعة، ويُتيح مرونة أكبر في عملية صنع القرار الأمريكية، بهدف تعزيز السلامة العامة والمرونة”. كما تم اقتراح خيار آخر هو “الممر البري بين الإمارات وإسرائيل، وهو طريق تجاري يمتد من ميناء حيفا «الإسرائيلي» عبر الأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة، ليصل إلى الخليج العربي متجنبًا البحر الأحمر تمامًا”. و”تعمل شركتا نقل بالفعل على طول هذا الطريق، وهما شركة “تروك نت” الإسرائيلية وشركة “بيور ترانس” الإماراتية، وقد تكونان من أبرز المرشحين للتعاقد مع الجيش الأمريكي”. كون الممر “مجهز حاليًا لاستيعاب ما يصل إلى 350 شاحنة يوميًا ، وهو ما ينافس أو حتى يتجاوز شبكة “تان” العاملة بكامل طاقتها.