بمراسم حزينة.. الكويت تودع أمير العفو الشيخ نواف الأحمد
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
ودعت الكويت أميرها الراحل الشيخ، نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي ووري الثرى، الأحد، غداة وفاته بحضور أفراد الأسرة الحاكمة، يتقدمهم أخوه الشيخ مشعل الذي نودي به أميرا، السبت.
في مقبرة الصليبخات بشمال غرب العاصمة، حُمل نعش الأمير الذي رحل السبت عن 86 عاماً، على الأكتاف وقد لفّ بعلم الكويت.
ونقل التلفزيون الكويتي وقائع صلاة الجنازة في مسجد بلال بن رباح، التي وقف خلالها أفراد الأسرة بخشوع على رأسهم الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح (83 عاماً).
وشارك رئيس مجلس الأمة في الجنازة، فيما أدت مساجد الكويت صلاة الغائب على الأمير الذي رحل بعد ثلاث سنوات من توليه الحكم.
وقال بدر السيف، أستاذ التاريخ في جامعة الكويت، إن حجم المراسم "يعكس شخصية الأمير الراحل الذي لم يكن محبا للأضواء".
وأعلنت الكويت الحداد 40 يوما ونكست الأعلام، كما أغلقت المؤسسات الحكومية حتى الثلاثاء. وعمّ الهدوء أرجاء البلاد مع تلاوة آيات من القرآن، وخيم عليها الحزن فيما علت في الشوارع شاشات أشادت بمناقب الأمير الراحل كُتب على بعضها "رحم الله أمير الحكمة والتسامح والسلام".
بعد الجنازة، الأحد، استقبل الأمير مشعل، قادة أجانب جاؤوا لتقديم تعازيهم له من بينهم ولي العهد السعودي، الأمير، محمد بن سلمان، وأمير قطر، الشيخ، تميم بن حمد آل ثاني، وملك الأردن عبد الله الثاني، وملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة.
وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، ورئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني من بين كبار المسؤولين الذين استقبلهم العاهل الجديد.
ووصل وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، على رأس وفد أميركي إلى الكويت لتقديم التعازي قبل جولة إقليمية تشمل البحرين وقطر. وقال إن الأمير نواف "أظهر التزاما دائما اتجاه الدبلوماسية لنزع فتيل التوترات في الشرق الأوسط".
وجاء في بيان للبيت الأبيض أن "الشيخ نواف كان شريكا قيما وصديقا حقيقيا للولايات المتحدة لعقود من الزمن".
وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن الكويت فقدت بوفاته "قائدا عظيما كان يحترم قيم السلام والاعتدال التي جسدها".
وخُصص يوما الاثنين والثلاثاء، لتقبل التعازي في الكويت بالأمير نواف الذي عُرف بتواضعه ونال لقب "أمير العفو" لأنه أصدر الكثير من قرارات العفو خلال سنوات حكمه الثلاث، آخرها مرسوم أقره مجلس الوزراء أواخر الشهر الماضي للإفراج عن عشرات السجناء السياسيين.
وقال غانم السليماني، أمام مسجد بلال بن رباح لوكالة فرانس برس "نشعر بحزن شديد بعد رحيل قائد التواضع والعفو... لقد ترك إرثًا كبيراً من أعمال الخير والعطاء وامتاز بحبه الكبير لشعبه.. كان يقف دائمًا مع الضعفاء ويحرص على زيارة أبناء شعبه في بيوتهم".
أداء اليمين
وسيؤدي الأمير المشعل اليمين الدستورية، الأربعاء، أمام مجلس الأمة.
اقرأ أيضاً
بن سلمان وأمير قطر والسيسي أبرز المعزيين في وفاة أمير الكويت الراحل
وتولي شؤون البلاد ليس بالأمر الجديد على الشيخ مشعل، الذي سلمه الشيخ نواف المهام الدستورية الرئيسية بعد حوالى 14 شهرا من تعيينه أميرا. وهو تولى مناصب في الأجهزة الأمنية، ونأى بنفسه عن الخلافات المريرة في كثير من الأحيان داخل العائلة المالكة.
فقد كان نائباً لرئيس الحرس الوطني الكويتي من 2004 إلى 2020 بعدما أمضى سنوات عدة في وزارة الداخلية، حيث تدرج في الرتب حتى ترأس إدارة المباحث العامة من عام 1967 حتى عام 1980، وكان له الفضل في تعزيز وظيفتها كجهاز لأمن دولة.
ومع توليه رسميا قيادة الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) يُنتظر منه أن يدير شؤون الكويت التي تعاني من عدم استقرار سياسي. فهو يرث دولة شهدت تشكيل 5 حكومات خلال سنة واحدة وتنظيم ثلاثة انتخابات برلمانية في ثلاث سنوات.
وينجم عدم الاستقرار عن خلافات بين شخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان، ولا يؤدي فقط إلى إبعاد المستثمرين وإنما يعوق كذلك الإصلاحات التي يحتاج اليها الاقتصاد الكويتي المعتمد على النفط بغرض تنويع موارده.
ومن ثم، ستُناط به أيضاً مهمة إنعاش اقتصاد يعوقه الإنفاق العام المتضخم.
وبات الشيخ مشعل، وله خمسة أبناء وسبع بنات، الحاكم السابع عشر للكويت. وسيكون أمامه عام لتسمية ولي العهد، وسط تكهنات بشأن اختيار شخصية من الجيل الأصغر سنًا، والسير على خطى المملكة السعودية.
وقال الأستاذ الجامعي، بدر السيف، إن اختيار ولي العهد سيعكس "الديناميكيات الداخلية للأسرة الحاكمة. وسواء شهدت الكويت أول تحول جيلي منذ عقود أم لا... فإن البلاد ستحتاج إلى تحقيق إنجازات على صعد عدة".
اقرأ أيضاً
إيقاف جميع منافسات كرة القدم الكويتية لأجل غير مسمى
المصدر | فرانس برسالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد مقبرة الصليبخات
إقرأ أيضاً:
بالفيديو.. عيترون الجنوبية تودع شهداءها بين ركام الحرب
جنوب لبنان- من داخل مقبرة عيترون، وقفت الحاجة أكرم منصور تحتضن صورة ابنها الشهيد حسين عواضة، الذي ظل جسده 40 يوما على الأرض قبل أن يُوارى الثرى.
بعينين مغرورقتين بالدموع وحزن ظاهر، نعت فلذة كبدها بصوت متهدج تخنقه العبرات، واستذكرت شبابه وأحلامه التي خبت قبل أوانها، ووصفته بالبطل.
وقفت الأم عاجزة أمام الوجع، وفي حديثها للجزيرة نت، لم تُخفِ الحسرة على الثمن الباهظ الذي دفعه الشباب بدمائهم، مؤكدة أن العودة إلى عيترون اليوم ما كانت لتتحقق لولا تضحيات الشهداء.
وعلى كرسيها المتحرك، تجلس خديجة السيد وتحمل في عينيها وجعا تعجز الكلمات عن وصفه، لم يكن هذا حالها دائما، لكن قذائف الاحتلال الإسرائيلي قلبت حياتها رأسا على عقب في بلدة عيترون، حيث كانت تعيش بأمان مع بناتها الخمس، قبل أن يسقط صاروخ غادر على منزلها، ويتركها بجراح لا تلتئم جسديا ولا نفسيا.
بصوت يختلط فيه الغضب بالحزن تقول للجزيرة نت "تعرضت للقصف أنا وبناتي الخمس، إسرائيل دولة عدوانية لا تستقوي إلا علينا".
لم تكن خديجة وحدها من دفع الثمن، فقد ودّعت عائلتها 5 شهداء، وفقدت إخوتها الذين سقطوا تحت نيران الاحتلال. ورغم الألم توجه رسالة لا تعرف الانكسار "وراء هؤلاء الشهداء الخمسة، هناك 50 شخصا سيأخذون بثأرهم".
بالدموع والورود، ودعت بلدة عيترون الواقعة في قضاء بنت جبيل، الجمعة، 104 شهداء وشهيدات من أبنائها في موكب جنائزي مهيب جسد فداحة الخسارة.
إعلانونقلت الجثامين من مدافن "الوديعة" إلى مقبرة جماعية خصصت لشهداء العدوان الإسرائيلي الأخير الذي أسفر عن سقوط 123 شهيدا، وهو العدد الأكبر بين بلدات وقرى الجنوب اللبناني.
ومع ساعات الصباح الأولى، جمعت الجثامين في مقام النبي ساري في عدلون حيث انطلقت قافلة الشهداء موحدة باتجاه بلدة عيترون، وخلال مرور الموكب في عدد من البلدات الجنوبية أقيمت نقاط تكريمية لتقديم التحية الأخيرة لهؤلاء الشهداء.
ووفق ما أعلنت منصة "عيترون الإعلامية" فقد بلغ عدد الشهداء 78 مقاتلا من حزب الله، إضافة إلى 45 شهيدا مدنيا، بينهم 11 طفلا و20 امرأة، فضلا عن وجود عدد من المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم بعد.
وتعد عيترون الواقعة عند الحدود الجنوبية للبنان، من أكثر البلدات اللبنانية التي دفعت ثمنا باهظا في هذا العدوان، حيث شهدت أكبر حصيلة من الشهداء مقارنة بغيرها من قرى الجنوب.
ولم يقتصر تشييع شهداء بلدة عيترون على أهلها فقط، بل توافد عليها أبناء البلدات المجاورة والبعيدة ليشاركوا في موكب تشييع مهيب، تعبيرا عن تضامنهم مع أبناء البلدة.
وفي هذا السياق، قال غسان حجازي للجزيرة نت "لا تربطنا علاقة قرابة مع الشهداء لكنهم جميعا أبناء لنا، لقد دفعنا جميعا ثمنا باهظا بالدماء من أجل العودة إلى بلداتنا الجنوبية".
وأضاف "نحن في خندق واحد، وقد واجهنا العدو الإسرائيلي بكل شجاعة، واليوم نرفع رؤوسنا بفخر واعتزاز بشهدائنا الذين قدموا أرواحهم فداء لأرضنا".
يقول رئيس بلدية عيترون الجنوبية سليم مراد "بلدة عيترون، بلدة الشهداء، قدمت أغلى التضحيات حيث بلغ عدد شهدائها نحو 123 شهيدا، ونودّع اليوم 104 منهم على طريق الحرية".
ويضيف في حديثه للجزيرة نت "نحن نودّع شهداءنا اليوم وكلنا يقين بأن خيارنا هو المقاومة، فهذه الأرض لا تنحني بفضل تضحيات أبنائها ودمائهم الطاهرة، سنزرع أجسادهم ودماءهم لتزهر انتصارا حاضرا ومستقبليا وسنحمي أرضنا بدمائنا وشموخنا".
إعلانويشير رئيس البلدية إلى أن بلدة عيترون تعرضت للقصف والدمار الشديد، مما أدى إلى تدمير البنى التحتية والمنازل والممتلكات لتصبح شاهدة على إجرام العدو.
ويوضح أن الأضرار العامة في البلدة تتراوح بين 60% و65%، إضافة إلى الانهيار الكامل للحركة الاقتصادية. ويستدرك أن الدماء التي سالت تبقى هي الأثمن".
وخلف العدوان الإسرائيلي دمارا واسعا في الأحياء القديمة، حيث توغلت الجرافات الإسرائيلية داخل البلدة، ودمرت عددا كبيرا من المنازل التاريخية التي يعود عمرها لعقود طويلة. وكانت غالبية البيوت مشيدة بحجارة صخرية صلبة تجسد تاريخ البلدة وإرثها العمراني.
وامتد الدمار ليصل ما يقارب ألف منزل من أصل آلاف المنازل المنتشرة في أرجاء البلدة، التي لا يزال جزء من محيطها محتلا حتى اليوم، ضمن 5 نقاط لا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي يحتفظ بها.