لا وصف لما منيت به الشعوب العربية والإسلامية من انتكاسة في وعيها جراء مواقف أنظمتها المتخاذلة والمتواطئة تجاه غزة التي تتعرض منذ سبعين يوما لحرب إبادة إجرامية صهيوأمريكية تتوحش بشكل يفوق الوصف الكلامي للوحشية والتوحش، تستخدم فيها كل ما يمكن للعقل البشري تصوره وما لا يمكن له تصوره من وحشية تستخدم كل أدوات القتل وأساليب الإبادة من القصف الناري المكثف والمدمر، والاستهداف المركز للبيوت والمستشفيات وحتى المقابر، والحرب المركز على لأطفال والخدج والأطباء والنازحين وسيارات الإسعاف، وقصف المدارس المكتظة بالنازحين، واقتحامها واقتياد الشبان منها وتعريتهم وسوقهم إلى ساحات الإعدام، إلى تفجير المباني والبيوت من قبل عصابات الجيش الصهيوني وصولا إلى سحق المصابين والنازحين والمرضى بالجرافات كما فعلوا في مستشفى كمال عدوان، ووصولا إلى خطف الأطفال الفلسطينيين وتعريتهم وإرغامهم على ارتداء أحزمة ناسفة متفجرة وإجبارهم على تفجيرها بأجسادهم.

. وصولا إلى ما لم تنقله الكاميرات والشهود من جرائم يقترفها الصهاينة اليهود المجرمين في غزة.
وليس انتهاء بقطع الغذاء والدواء والماء والكهرباء عن غزة وأهلها العرب المسلمين بل إلى ما هو أفظع من ذلك.
ورغم توحش اليهود أعداء الأمة ووحشيتهم التي بلغت مستويات تتصدع لها الجبال وتستثير كل حي له قلب أو سمع وبصر حيوانا كان أو بشرا، إلا أن ذلك لم يحرك ضميرا واحدا لدى هذه الأنظمة العربية والإسلامية، وذلك أمر صارخ جعل معظم الشعوب تعيش مرارة العجز والخذلان وبشكل غير مسبوق.
كل ما حدث ويحدث في غزة كان يستدعي أن تستنفر الأمة وشعوبها وجيوشها ورؤساؤها وزعماؤها وملوكها وطائراتها وصواريخها وحشدها وحرسها وتتوجه إلى ميادين القتال لمواجهة العدو الصهيوني ونصرة شعبنا في غزة، لكن ذلك لم يحدث، وما حدث كان صادما ومروعا!.
في ذروة الجولة الأولى من حرب الإبادة انعقدت قمة الرياض فخرجت ببيان هزيل لم يعبر فيه زعماء 57 دولة إلا عن العجز والهوان والذل أمام العدو اليهودي المارق، ومع بداية الجولة الثانية لحرب الإبادة استقبل الزعماء العرب رئيس الكيان الصهيوني في قمة المناخ بالمصافحات والابتسامات لكأن من يجزرهم ويذبحهم هذا الكيان في غزة ليسوا مسلمين ولا عرباً بل ليسوا بشرا، ومضوا يبتسمون في جلساتهم دون خجل!.
في ذروة حرب الإبادة وفيما كان أطفال فلسطين يستنصرون العرب والمسلمين ويستصرخون زعماءهم وجيوشهم يا للعرب ! يا للمسلمين!.
وفي المقابل كان الزعماء والملوك والأمراء والجيوش العربية في حالة سحيقة.. فبعضهم ذهب ليدشن مهرجان المسابقات للكلاب التي جلبها من أصقاع العالم، وعلى وقع بكاء الأطفال ووجيع الأمهات وأنات الممزقين والمقطعين المظلومين في غزة يدشن موسم الرقص وحفلات المجون والطرب والرذيلة..من كان يتصور أن يبلغ النظام السعودي هذا المبلغ من الانسلاخ يا أيها العرب والمسلمون!.
تسيل الدماء انهارا وأودية في غزة، تسحق غزة ويذبح أطفالها منذ سبعين يوما ولا ضمير عربي استفاق من سباته ولا ضمير زعيم مسلم آفاق كذلك.. راح عشرون ألف شهيد وسيتضاعف العدد وستنبت الأشجار من الدماء في غزة ولن يصحوا أعراب الخطيئة ومسلمي النفاق من سكرتهم وهوانهم.
اليوم يتضور أكثر من 500 الف فلسطيني في غزة جوعا وعطشا لا يجدون ما يأكلون حتى أوراق الشجر لا يجدونها..تتفشى المجاعات يوما بعد آخر فيما الحصار الصهيوني خانق ومتواصل وينوي أن يصل بالجميع إلى الموت جوعا.. فيما تتدفق البضائع والماكولات الطازجة والوقود إلى الكيان الصهيوني من تركيا والإمارات والسعودية ودول أخرى.. يا للعار!.
يتحمل اليمن وقيادته الموقف والمسؤولية فيطلق الصواريخ والمسيَّرات على أهداف صهيونية في أم الرشراش المحتلة فتستنفر جيوش عربية لاعتراضها ولحماية إسرائيل منها، من كان يتخيل أن جيش اليمن الميمون يضرب إسرائيل من على مسافة 2000 كم ويطلق الصواريخ والطائرات المسيَّرة، ومن كان يتخيل أن الجيوش العربية تحتشد لإسقاطها وحماية إسرائيل منها!.
نعم يطلق الجيش اليمني صواريخه وطائراته على إسرائيل وتقوم السعودية ومصر ودويلة الإمارات بإسقاطها وحماية إسرائيل منها!.
يغلق اليمن المياه العربية في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن وباب المندب أمام سفن الصهاينة وأمام السفن المتجهة إلى موانئهم، ويضرب حصارا بحريا شاملا على الكيان الصهيوني، حتى يرفع الحصار عن غزة التي تتضور الجوع والعطش، فيقوم أعراب الخطيئة بتسيير جسر بري لإمداد الكيان الصهيوني بالغذاء الطازج والفواكه والخضار ويوصلون طريقها من دبي إلى السعودية إلى الأردن إلى الكيان بمسافة 2000 كم.. فيما يتركون غزة تموت أمام العالم.. يا ويل العرب من شر قد اقترب! جيوش عربية لم تنفذ عملية حربية منذ زمن، أعلن ناطقوها خلال الأيام الماضية إسقاط صاروخ وطائرة مسيرة في البحر الأحمر لأول مرة منذ زمن تسمع الشعوب إعلانا كهذا فتنشد لسماع الخبر.. فاذا بها تتفاجأ بأن هذا الجيش اسقط الصواريخ والطائرات اليمنية كانت في طريقها إلى إسرائيل.. يا للعار يا عرب!.
سيتداعى زعماء العرب وجيوشهم غدا كما تتداعى الابل على قصعتها حين تدعوهم أمريكا لتشكيل حلف بحري لحماية وحراسة الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر، ولفك الحصار اليمني عن إسرائيل.. وويل لهم من الله!.
كل ما حدث ويحدث يضيف إلى تلال الأدلة ومواكب البراهين وطابور الإثباتات والشواهد أن الملوك والزعماء والحكومات والجيوش العربية والإسلامية مهمتها الوحيدة هي حراسة وحماية إسرائيل!.
فلا أسراب الطائرات الحربية ولا الدفاعات الجوية ولا أرتال الدبابات العربية والإسلامية أطلقت طلقة على صهيوني واحد لكنها احتشدت لحماية الكيان الصهيوني من صواريخ ومسيرات اليمن.
تركيا التي ينافق رئيسها يوميا بخطب الكلام ما تزال يوميا ترسل الوقود والخضار والفواكه وحتى الأسلحة تشحن من موانئها إلى الكيان الصهيوني والمذابح في غزة لم تحرك جفن الزعيم أردوغان!.
يا للعار العربي هذا يا لهذا الهوان المذل.. كنا نقول سابقا بأن يوما ما ستكون فيه وظيفة الجيوش والأنظمة العربية والإسلامية هي حماية إسرائيل وقد جاء هذا اليوم ورايناهم باعيننا يحرسون ويحمون.
نحمد الله أننا خلقنا وولدنا يمنيين وفي لحظة يقوم فيها اليمن بفعل ما يمكّنه الله من الفعل الجهادي في ضرب العدو الصهيوني ومحاصرته.. ويقول لشعوب الأمة كلها نحن قادرون لكن جيوشكم وزعماءكم ليسوا عربا ولا مسلمين بل مجندون لحراسة إسرائيل ويا للأسف!.
يا ويلكم من الله يا زعماء وقادة الجند والجيوش العربية والإسلامية.. ويلكم من الله ثم ويلكم من عذاب أسرع الحاسبين.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

العولمة تموت بالسكتة

 

 

الطليعة الشحرية

هل يمكن أن يحتفل الأمريكيون بعيد التحرير في 2 من أبريل بدلًا من 4 يوليو ويتحقق ما يتعهد به رأس البرتقالة؟ كل ما يريده الملك ترامب هو خلق معركة استقلال وتحرير من العدم ويشبه يوم استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا بيوم "المعركة التجارية الكبرى" وتحرير أمريكا من العولمة التي روجت لها، الوضع أشبه بمن يوقف نفسه عن أكل طعام قد أدمنه.

إن سياسية "رأس البرتقالة" الجمركية والتي أطلق عليها "يوم التحرير"، انطوت على تعريفات جمركية قد تشكل أكبر تغيير في معايير التجارة العالمية منذ الحرب العالمية الثانية. قد ينجح ترامب في إعادة هيكلة التحالفات القائمة والدفع نحو تحالفات تجارية جديدة مشبعة بالمهانة والاستحقار.

والحقيقة أن سياسية رأس البرتقالة أصابت العولمة الاستعمارية بسكتة دماغية تؤذن بقرب إعلان الوفاة وليس إعلان التحرير؛ حيث أصابها بسكتة دماغية مُعلنًا نهاية الأحادية الأمريكية في محاولة منه لتغيير قواعد اللعبة، وبدخول العولمة الأحادية الى الإنعاش استيقظت العولمة المتعددة الأقطاب مثل مجموعة بريكس التي تضم الصين والهند والبرازيل وروسيا والتي تتحرك لتبني بدائل اقتصادية بعيدة عن هيمنة الدولار والعملات الرقمية.

تسببت الولايات المتحدة الأمريكية في الفوضى حول العالم بدلًا من حفظ النظام والسلام ولم تتعلم من فشل وسقوط الإمبراطورية البريطانية؛ بل تستمر في طغيانها والاعتماد على نظام سياسي فاشل وقوة عسكرية لا تكفي لتنفيذ البرامج التي تدّعي الحكومة الأمريكية بأنها قد صممت من أجلها.

ما قامت به الولايات المتحدة من حروب وخصوصًا في العالم الإسلامي هي الفوضى والبربرية، ودليل على فشل كل المشاريع الأمريكية في المنطقة بدءًا من مشروع القرن الأمريكي القائم على مبدأ بوش أحادية الهيمنة المطلقة، ومنع بروز أي قوة أو تحالف يتحدى سياسات الولايات المتحدة في أي مكان في العالم. أن مبادئ الرأسمالية الأمريكية المتوحشة صالحة لكل زمان ومكان على العالم أن يكون معها أو ضدها وويل لمن يتحداها. وأعطت أمريكا الحق لنفسها بشن الحروب الاستباقية بموافقة الأمم المتحدة أو بدونها.

تكسرت الغطرسة الأحادية بعد أن أنشأت تكتلات تتحدى الهيمنة الأمريكية كدول بريكس وكدول شنغهاي، بل وقامت الصين بالتعاون مع روسيا ودول أخرى بإنشاء أدوات بديلة عن أدوات الاستعمار الأمريكي كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووضعت الخطط للخروج من منظومة الدولار الأمريكي.

وعندما خسرت الولايات المتحدة حروبها العبثية، ولم تحقق في غزوها أفغانستان والعراق أهدافها، بل تكبدت خسائر وتراكم الدين العام أوشكت تلك العبثية أن تطيح بالنظام الاقتصادي الأمريكي، فاتبعت أمريكا سياسية أهرب إلى الأمام خوفًا من فقاعات الديون المتراكمة.

ونتيجة لتعاقب إدارات أمريكية ضعيفة ابتداءً من إدارة بوش الأب وانتهاء بإدارة جو بايدن، لم تتمكن الولايات المتحدة من لعب الدور التاريخي المنوط بها عندما أصبحت القوة الكونية رقم واحد في العالم. زاد جشع النخب الرأسمالية وركب النظام الرأسمالي ثورة المعلومات وأنتج ما يعرف بـ"اقتصاد معلومالي"؛ وذلك حسب ما أورد الدكتور عبد الحي زلوم في كتابه "أزمة نظام الرأسمالية والعولمة في مأزق"؛ حيث يقول: "في هذا العالم هناك اقتصادان: "اقتصاد حقيقي منتج، واقتصاد طفيلي معلومالي يعيش على المضاربة على الاقتصاد الحقيقي ليربكه وينهكه، ويحول أسواق المال إلى كازينوهات للمقامرة تصب في جيوب بارونات المال العالميين وول ستريت".

فرض نظام العولمة الاستعماري بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ككيان طفيلي على النظام المالي العالمي بهدف استعمار مقدرات وثروات الشعوب دون الحاجة للاحتلال واستخدام قوة عسكرية أو إنشاء مستعمرات.

وبديل الاستعمار العسكري واحتلال الأراضي يسهل بسط النفوذ وفرض الهيمنة على مقدرات الشعوب بالتحكم بالنظام الاقتصادي، ولا يمكن فرض السيطرة إلا باستخدام أدوات أهمها مؤسسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الحرة لتطويع الدول لتصبح "جمهوريات الموز" تخدم الإمبراطورية الأمريكية وأباطرة المال.

وكان قد تنبأ إبراهام لينكولن قبل 150 سنة بانهيار الإمبراطوريات الرأسمالية؛ فجذور الانهيار موجود في لهفة النخبة الرأسمالية الأمريكية وطمعها المتزايد. فإذا كان بوش الأب ساهم في الحروب الصليبية النفطية للاستيلاء على النفط العربي، فإنَّ ذات الفقاعة دفعت بجورج بوش الابن إلى إعلان الحرب على الإرهاب. إنها السياسة الفاشية الأمريكية الرأسمالية العلمانية الاستعمارية سياسة الهروب إلى الأمام مخافة انفجار فقاعة الديوان الخرافية المتراكمة.

واتَّبع الرئيس دونالد ترامب النهج ذاته، رفاعًا شعار: "اهرب إلى الأمام"، وبغطرسة المطور العقاري وهوس الخلود كملك ديكتاتوري خرج للعالم "برأس البرتقالة" يحمل لوحة رسوم جمركية لتهويش والتخويف من سيجلس للتفاوض معه وأن صح التعبير الدفع بالتفاوض قبل "الحلب" العالم محلوب محلوب لا محال.

وإن كانت شعوب العالم تتطلع إلى الحرية الحقيقة والتخلص من الفقر واستغلال الشركات العالمية وحلب أباطرة المال ما عليهم إلا تسريع حالة السكتة الدماغية التي شلت نظام العولمة والدخول في تحالفات وتكتلات اقتصادية تكسر الهيمنة الأمريكية.

ترامب أعطى العالم هدية ضربة نظام العولمة الاقتصادي العالمي وادخل الإمبراطورية الأمريكية الى الإنعاش، وعلى العالم أن يستغل أن واشنطن لم تتعلم من سقوط الإمبراطوريات الاستعمارية السابقة ولم تفهم ملخص مقولة جنكيز خان "بإمكانك احتلال العالم من على ظهر حصان، ولكنك لا تستطيع حكم العالم من على ظهر حصان". قد تركب الولايات المتحدة حصان العولمة زمانًا، ولكنها لن تستطيع الجلوس طويلًا فقد انتهى تاريخ صلاحية النظام الرأسمالي وأصبح الآن مطلبًا عالميًا حتميًا لنظام اقتصادي وسياسي واجتماعي آخر.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • القوى الوطنية والإسلامية في القطاع: أهل غزة يمثلون طليعة الجيش المصري في مواجهة عدو الأمة
  • مفتي عمان يهاجم مواقف بعض الدول العربية المتماهية مع إجرام الكيان الصهيوني
  • الكيان الصهيوني يغرق برسائل احتجاج تطالب بوقف الحرب على غزة
  • س و ج.. كل ما تريد معرفته عن أكبر طرح للوحدات السكنية.. الشروط وأنظمة السداد
  • قصة شاعر أقسم ألا يتزوج حتى تموت أمه! .. فيديو
  • مظاهرات حاشدة في مدن عربية وإسلامية دعما لغزة
  • أبو عبيدة:ما زال إخوان الصدق باليمن يصرون على شل قلب الكيان الصهيوني وقوفا لجانب غزة
  • العولمة تموت بالسكتة
  • الناطق العسكري لكتائب القسام: لا يزال إخوان الصدق في اليمن يصرّون على شلّ قلب الكيان الصهيوني وقوفاً إلى جانب غزة التي تتعرض لحرب إبادة شعواء
  • جيش العدو:إطلاق صاروخ من اليمن على قلب الكيان الصهيوني