قالت صحيفة "التايمز" البريطانية، في تقرير لها: "إن تحركات الحوثيين ضد السفن في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر بدأت حيث قاموا بالسيطرة على سفينة شحن تجاري، في تحرك صدم العالم وكان بداية لسلسلة من هجمات لمسلحين في البحر الأحمر". 

وأضافت الصحيفة، في التقرير الذي أعدته كل من الباحثة في مجموعة "إي أر كي"، ومؤلفة مشاركة في كتاب عن الحركة الحوثية صدر العام الماضي، حيث كتبت الفصل المخصص عن إعلام الحوثيين، هانا بورتر، أنه: "بحسب لقطات الفيديو للعملية، فإن المقاتلين الحوثيين وهم يدخلون السفينة "غالاكسي ليدر"، رفعوا العلمين اليمني والفلسطيني".

 

وتابعت: "شوهد الجنود الذين دخلوا غرفة القيادة في السفينة المملوكة من بريطانيا، والمشغلة من اليابان، في عملية انتقامية ضد الهجوم الإسرائيلي ضد غزة، حيث أشهروا أسلحتهم ضد الطاقم المكون من بحارة بلغاريين وأوكرانيين وجنسيات أخرى، ولم يكن من بينهم أي إسرائيلي". 

وأردفت: "سيطروا على السفينة وحرفوا اتجاه مسيرها باتجاه ميناء الحديدة حيث لا تزال راسية هناك. وحول الحوثيون السفينة إلى مركز سياحي، فني وثقافي، وسط بقاء طاقمها رهن الإعتقال عليها، حيث تجلب القوارب يوميا جماعات من اليمنيين للتجول على سطحها. استخدموا في حملتهم الإعلانية شخصيات معروفة على يوتيوب، ووضعوا وقدموا أغاني بثتها القنوات التابعة لهم".

وفي نفس الوقت، زاد الحوثيون من هجماتهم على القوارب في البحر الأحمر مستخدمين المسيرات والصواريخ. وفي 3 كانون الأول/ ديسمبر استهدفوا ثلاث سفن تجارية بعلاقات ضعيفة مع إسرائيل، وفي يوم الثلاثاء ضرب صاروخ حوثي سفينة تحمل العلم النرويجي حيث تحمل زيت النخيل في طريقها إلى إيطاليا. وأسقطت أمريكا مسيرات حوثية واستجابة لنداءات إغاثة من سفن أثناء هذه الفترة". 

وأطلق الحوثيون صواريخ ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي. ولم يقتل أحد في هذه الهجمات وكان الضرر المادي محدودا. لكن كلفة تأمين السفن العابرة للبحر الأحمر تضاعف، ولا أحد يضمن متى ستكون الضربة المقبلة. للتخفيف من المخاوف، أعلنت الولايات المتحدة أنها فعلت قوة مهام خاصة متعددة الجنسيات لحماية السفن التجارية ومن خلال الرد على التهديدات بالمنطقة".

إلى ذلك، حذّر وزير الدفاع الإيراني، من أن "هذه القوة ستواجه مشاكل غير عادية"، فيما توعد الحوثيون بتكرار هجماتهم الصاروخية. 


من جهتها، أعلنت شركتين مالكتين لهذه السفن وهما: مارسك الدنماركية، والألمانية هاباغ- لويد، عن وقف الرحلات عبر باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر إلى حين إشعار آخر. وهما من أكبر شركات الشحن البحري في العالم، وربما شجع قرارهما شركات أخرى.

وربما زاد تكرر استهداف السفن التجارية لزيادة كلفة التأمين، ممّا يترك تأثيره على نقل المواد الضرورية عبر واحد من أكثر الطرق التجارية العالمية ازدحاما. وأعلن وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، السبت، عن إطلاق البحرية الملكية البريطانية لمسيرة هجومية في البحر الأحمر.

تجدر الإشارة، إلى أنه هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها النار على هدف جوي منذ حرب الخليج الأولى عام 1991. ولم تنشر وزارة الدفاع البريطانية تفاصيل عن المسيرة ولمن تعود.

وتعتبر الجماعة الحوثية التي تسيطر حاليا على العاصمة صنعاء، واحدة من الأطراف المسلحة في النزاع اليمني، الذي يعاني منه أفقر بلد في العالم العربي، حيث يشهد عددا من الأزمات وكارثة إنسانية. وبسط الحوثيون سلطتهم على شمال وغرب البلاد حيث تعيش نسبة 70 في المئة، من سكان البلاد.

ومنذ سيطرتهم على صنعاء قام الحوثيون بتحييد كل الأصوات المعارضة لهم. وتتهم القوات التابعة للحركة بالاعتقالات التعسفية لكل من الناشطين والصحافيين. 

وأكدت الحركة التي ظهرت في التسعينات، من القرن الماضي، على معارضة دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتأكيد على التقارب مع إيران. وفي أثناء الإنتفاضة الثانية، بدأ الحوثيون يرفعون شعارا "الله أكبر، الموت لأمريكا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود والنصر للإسلام". 


وخاضت الحركة في الفترة ما بين 2004- 2010 سلسلة من الحروب مع الحكومة المركزية في صنعاء، قتل فيها زعيمها حسين الحوثي، وتولي الأخ غير الشقيق عبد المالك الحوثي. 

وبعد الإطاحة بعلي عبد الله صالح، في عام 2012، تعاون الرئيس المعزول، مع الحركة، للتخلص من عبد ربه منصور هادي، في اتفاق مصلحة، لكن الزواج استمر حتى سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وبعد ذلك قتلوا صالح في 2017.

ولم تنجح الجهود التي قادتها السعودية عام 2015 لإخراج الحوثيين من العاصمة وإعادة هادي، وبعد سنوات من القتال الذي دعمته بريطانيا تم التوصل إلى هدنة في 2022. وأدت الحرب إلى مقتل أكثر من 19.000 يمنيا.

ورغم التكهنات حول العلاقة الأيديولوجية بين الحوثيين وإيران، إلا أن دعم طهران العسكري زاد للحركة بعد الحملة بقيادة السعودية عام 2015. ولدى الحركة تكنولوجيا عسكرية إيرانية واستفادوا من التدريب في مجال الإعلام من الجمهورية الإسلامية. 

وتعتبر إيران، الحركة الحوثية، مكونا مهما في محور المقاومة الذي يضم حزب الله وحماس وسوريا. فيما ترى الصحيفة أن "المناورات التي تقوم بها الحركة في البحر الأحمر، هي بمثابة دعاية لها وتصويرا لتضامنها مع حلفائها بالمنطقة ومع الفلسطينيين، وربما كانت محاولة لتحسين صورتها بين اليمنيين الذين تسيطر عليهم ومن هم خارج سيطرتها". 

ويتناقض الدعم الواضح من الحوثيين للفلسطينيين مع الصمت النسبي من الأحزاب السياسية اليمنية الأخرى. بينما لا أحد يعرف حجم الدعم اليمني لمناورات الحوثيين في البحر الأحمر، إلا أن دعم الفلسطينيين واضح بين اليمنيين ويظهر من التظاهرات الحاشدة التي انطلقت في معظم المدن اليمنية. إلا أن هجمات الحوثيين ضد سفن مدنية، ولا علاقة لها بإسرائيل لن تقود لتحسين حياة الفلسطينيين.

ويخشى اليمنيون أن يقعوا وسط نزاع دولي، بسبب مناورات الحركة في صنعاء، ولا يريدون والحالة هذه تدخل دولة أجنبية جديدة في بلادهم. وبعيدا عن هذه المخاوف، فعندما يستهدف الحوثيون، السفن في أكثر المعابر البحرية نشاطا بالعالم هو استعراض لتأثير وقوتهم. ولو كان الحوثيون قادرين على عرقلة الملاحة البحرية عبر باب المندب، فستكون لديهم أوراق ضغط في جولات المفاوضات القادمة مع السعوديين وبقية الأطراف.

ما الطريقة التي سيرد فيها العالم؟ 
بحسب المبعوث الأمريكي لليمن، تيم ليندربرغ، فالمبادرة المتعددة الجنسيات ستكون رسالة للحوثيين. وتعلق الكاتبة بالقول: "إن لغة كهذه هي محبطة لأي شخص يتابع الأحداث باليمن، خلال العقد الماضي"؛ حيث يطلق المسؤولون الغربيون وبشك دائم إنذارات غامضة للحوثيين، والتي نادرا ما تتحقق. 

والدورة تجري كالتالي: يقوم الحوثيون بعمل عدواني في الداخل أو الخارج، ويتم شجبه، ويطالب المراقبون ضغطا من المجتمع الدولي ليتراجع الحوثيين، ويهدد الغرب بتداعيات غير واضحة، ويواصل الحوثيون بالتصرف دون خوف. والمشكلة هي أن الحوثيين ليسوا حكومة ولا جماعة تمرد، مما يجعل من الصعوبة معاقبتهم أو تحفيزهم، وهناك عدد قليل من الخيارات، لا أحد منها كان نافعا، مثل تصنيف الحركة كجماعة "إرهابية"، وهو ما فعله دونالد ترامب في الأيام الأخيرة من رئاسته وألغاه جو بايدن، وهو عمل غير فعال لتأديب الحوثيين، ومضر بالمدنيين لأنه سيقيد حصولهم على المساعدات المدنية. 

وفشلت المحاولات العسكرية لإضعاف الحوثيين، كما بدا من الحرب الكارثية التي حاولت الحكومة الغربية إخراج نفسها منها. ويبقى خيار التفاوض مع الحوثيين وهو أمر جيد لكنه لم يؤد لتنازلات. وعندما لا يمكن هزيمة جماعة سيطرت على السلطة بالقوة العسكرية ولا يمكن الضغط عليها لتقديم تنازلات، فهذا دليل على الإنتصار. لكن هذا واقع غير مريح، والأهم من هذا فإن الحركة قامعة ومنتهكة للسكان الذين تحكمهم، وتشمل انتهاكاتهم تعذيب السجناء وتجنيد الأطفال وحرف المساعدات الإنسانية. 


وتعي الدول الغربية بعلاقات الحوثيين مع إيران، ووجودهم في شمال اليمن هو تهديد على الأمن الإقليمي. وحتى الآن فالضرر الذي حدث بسبب هجمات الحوثيين على السفن التجارية بالبحر الأحمر والصواريخ ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي لم يكن مهما، لكن التهديد بمواصلة الهجمات قد يغير الواقع.
 
ولا يبدو أن هناك خطة للرد على الحوثيين لو اخترقت صواريخهم الدفاعات الإسرائيلية، أو قتلت مدنيين على متن سفن تجارية. كل هذا يستدعي تركيز مزيد من الإنتباه على الحوثيين والتواصل معهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية اليمني غزة سفن تجارية غزة اليمن سفن تجارية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

رويترز تنقل تفاصيل مثيرة: اليمن يطبق قرار حظر السفن في البحار .. برسالة.!!!

وكشفت وكالة “رويترز” في تقرير لها اليوم الخميس، إطلاق القوات المسلحة اليمنية، تحذير لشركات شحن دولية عبر رسائل إيميلات بشأن استهداف سفنها التي خالفت قرار الحظر اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية أو التعامل مع “إسرائيل”

وبحسب تقرير رويترز فإنه و “في ليلة ربيعية دافئة في أثينا، وقبل منتصف الليل بقليل، لاحظ أحد كبار المديرين التنفيذيين في شركة شحن يونانية وصول رسالة إلكترونية غير عادية إلى صندوق الوارد الخاص به.

وحذرت الرسالة، التي أُرسلت أيضًا إلى عنوان البريد الإلكتروني التجاري للمدير، من أن إحدى سفن الشركة المسافرة عبر البحر الأحمر معرضة لخطر الهجوم من قبل القوات المسلحة اليمنية.

ووفقا للوكالة فإنه “جاء في الرسالة المكتوبة باللغة الإنجليزية والتي اطلعت عليها رويترز أن السفينة التي تديرها اليونان انتهكت حظر العبور الذي فرضه “اليمنيون” بالرسو في ميناء إسرائيلي وسوف “تستهدفها القوات المسلحة اليمنية بشكل مباشر في أي منطقة تراها مناسبة”.

وتضيف الوكالة “وجاء في الرسالة الإلكترونية الموقعة من قبل مركز تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن، وهو هيئة أنشئت في فبراير/شباط للتواصل بين قوات “اليمنية” وشركات الشحن التجاري، “أنتم تتحملون المسؤولية والعواقب المترتبة على إدراج السفينة في قائمة الحظر”.

وتابعت رويترز بأنه “وحذرت الرسالة الإلكترونية، التي وردت في نهاية شهر مايو/أيار، من “عقوبات” على أسطول الشركة بأكمله إذا استمرت السفينة “في انتهاك معايير الحظر والدخول إلى موانئ الكيان الإسرائيلي المغتصب”.

مشيرة إلى رفض المسؤول التنفيذي والشركة الكشف عن هويتهما لأسباب أمنية.” ولفتت إلى أن “رسالة التحذير هي الأولى من بين أكثر من اثنتي عشرة رسالة إلكترونية تهديدية متزايدة أُرسلت إلى ست شركات شحن يونانية على الأقل منذ مايو/أيار وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وفقًا لستة مصادر في الصناعة لديهم معرفة مباشرة بالرسائل الإلكترونية واثنين لديهم معرفة غير مباشرة.”

وذكرت أن العمليات العسكرية اليمنية ضد السفن التابعة لـ”إسرائيل” أو سفن الشركات العالمية المرتبطة بها والتي تم تحذير تلك الشركات باستهداف جميع سفنها لخرقها قرار الحظر اليمني، وهذا دفع “العديد من الشحنات إلى اتخاذ مسار أطول بكثير حول أفريقيا.

وأظهرت بيانات لويدز ليست إنتليجنس أن حركة المرور عبر قناة السويس انخفضت من حوالي 2000 عملية عبور شهريًا قبل نوفمبر 2023 إلى حوالي 800 في أغسطس.”

وتشير رويترز إلى أن التحذيرات التي ترسلها القوات المسلحة اليمنية لشركات الشحن لتحذيرها أثار الذعر لدى بعض الشركات مضيفة “أن تكاليف التأمين لأصحاب السفن الغربيين قفزت بالفعل بسبب هجمات “اليمنيين”، مع تعليق بعض شركات التأمين للتغطية بالكامل.”

وأوضحت : ” أوقفت شركة كونبولك شيب مانجمنت كوربوريشن اليونانية رحلاتها في البحر الأحمر بعد أن تعرضت سفينتها “إم في جروتون” لهجوم مرتين في أغسطس/آب.

وقال ديميتريس دالاكوراس الرئيس التنفيذي لشركة كونبولك لإدارة السفن في مؤتمر كابيتال لينك للشحن في لندن في العاشر من سبتمبر أيلول “لا توجد أي سفينة (كونبولك) تعمل في البحر الأحمر.

الأمر يتعلق بشكل أساسي بسلامة الطاقم. وبمجرد تعرض الطاقم للخطر تتوقف كل المناقشات.”

ونقلت الوكالة عن “توربن كولن المدير الإداري لمجموعة ليوناردت آند بلومبرج الألمانية للشحن قوله ” إن البحر الأحمر وخليج عدن على نطاق أوسع منطقة “محظورة” على أسطولهم.

وذكرت : “تستطيع أغلب السفن الصينية والروسية – والتي لا يرونها تابعة لـ”إسرائيل” – الإبحار دون عوائق وبتكاليف تأمين أقل. وبحسب تسجيل صوتي لرسالة حوثية تم بثها إلى السفن في البحر الأحمر في سبتمبر/أيلول، اطلعت عليها رويترز، “نطمئن السفن التابعة لشركات ليس لها صلة بالعدو الإسرائيلي بأنها آمنة ولديها حرية (الحركة) و(ضرورة) إبقاء أجهزة AIS قيد التشغيل طوال الوقت”.

مقالات مشابهة

  • "البنتاغون" يُخصص 1.2 مليار دولار لصيانة السفن العسكرية المنتشرة في البحر الأحمر
  • الحوثيون يوجهون رسائل تهديد لأصحاب السفن عبر البريد الإلكتروني
  • مجلة هندية: القوات المسلحة اليمنية تشكل مساراً مرعباً للشحن في البحر الأحمر
  • الحوثيون يبعثون رسائل تهديد لأصحاب السفن عبر البريد الإلكتروني
  • رويترز تنقل تفاصيل مثيرة: اليمن يطبق قرار حظر السفن في البحار .. برسالة.!!!
  • الحوثيون يوجهون رسالة عبر البريد الإلكتروني للسفن بالبحر الأحمر: استعدوا للهجوم مع أطيب التحيات (ترجمة خاصة)
  • صحيفة أوتلوك الهندية: قوات صنعاء أنشأت مسار مرعب على البحر الأحمر
  • الكشف مضمون رسائل تهديد بعثها الحوثيون وصلت عبر البريد الإلكتروني.. الجماعة ترفض التعليق بمبرر انها ''معلومات عسكرية سرية''
  • ميليشيا الحوثي تهدد أصحاب السفن عبر البريد الإلكتروني
  • صحيفة هندية: قوات صنعاء أنشأت مسار مرعب على البحر الأحمر