فايننشال تايمز: جواسيس الصين يجندون النخب الأوروبية
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
أوردت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن جواسيس صينيين يمارسون نشاطا واسعا في أوروبا وكندا وأستراليا وسط الأكاديميين والمشرعين والسياسيين ورجال الأعمال للتأثير عليهم، من أجل تشكيل النقاش السياسي حول القضايا التي تهم بكين.
وركزت الصحيفة، في تقرير لها كتبه 4 كتاب، على تجربة أحد الجواسيس الصينيين ويُدعى دانييل وو مع أحد السياسيين البلجيكيين كمثال على طريقة عمل التجسس الصيني.
وقال الكتاب ديمتري سيفاستوبولو، وهنري فوي، وجون بول راثبون، وجو ليهي إن دانييل وو الضابط في وكالة تجسس وزارة أمن الدولة الصينية جند فرانك كريلمان عضو مجلس الشيوخ البلجيكي السابق، ولمدة 3 سنوات، للتأثير على المناقشات في أوروبا حول قضايا تتراوح بين قمع الصين للديمقراطية في هونغ كونغ واضطهادها الأيغور في إقليم شينغيانغ.
إثارة الانقسامات بين أميركا وأوروباوزعم الكُتاب أنه بينما كان المستشار الألماني أولاف شولتس على وشك إجراء زيارة إلى الصين في أواخر عام 2022، طلب وو من كريلمان إقناع اثنين من الأعضاء اليمينيين في البرلمان الأوروبي بالقول علنا إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تقوضان أمن الطاقة الأوروبي، وكتب وو في رسالة نصية إلى كريلمان: "يتمثل هدفنا في إثارة انقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا".
وذكر الكُتاب أن العلاقة بين الضابط الصيني ووكيله البلجيكي وثقت من خلال رسائل نصية يعود تاريخها إلى ما بين عام 2019 إلى أواخر عام 2022، وتم الحصول عليها من مصدر أمني غربي في تحقيق مشترك أجرته "فايننشال تايمز" البريطانية و"دير شبيغل" الألمانية و"لوموند الفرنسية"، ولم يستجب كريلمان لجهود التواصل معه عبر الرسائل النصية والهاتف والبريد الإلكتروني.
قلق الغربوبيَّن الكُتاب أن التبادلات النصية تكشف بشكل واضح كيف تحاول المخابرات الصينية التأثير على المناقشات السياسية في جميع أنحاء العالم لصالح بكين، وهو القلق الذي تشير إليه وكالات الأمن الغربية بشكل متزايد.
ونقل الكُتاب عن أليكس جوسكي مؤلف كتاب جواسيس وأكاذيب، وهو كتاب عن وزارة أمن الدولة الصينية، قوله إن هذه الوزارة أمضت عقودا من الزمن في محاولة تشكيل السياسة والخطاب العالمي بشأن الصين.
ويعمل وو من فرع تشنغيانغ لجهاز الأمن القومي، وفقا لمسؤولي استخبارات من 4 دول غربية، كما تعقبته المخابرات الغربية وهو ينشط في بولندا ورومانيا.
الإيغور وكوفيد-19 وتايوانوأفاد الكُتاب بأنه في إحدى المحادثات المتبادلة في عام 2021، أخبر وو كريلمان أنه تم تكليفه "بمهاجمة أدريان زينز"، الباحث الذي ساعد في الكشف عن كيفية احتجاز الصين لمئات الآلاف من أقلية الإيغور ذات الأغلبية المسلمة في منطقة شينغيانغ في أقصى غرب البلاد.
وأضاف الكتاب أن وو طلب من كريلمان المساعدة في تعطيل مؤتمر حول تايوان، وناقش الاثنان دفع أموال لوسيط للتأثير على كاردينال كاثوليكي للتحذير من تسييس كوفيد-19 مع تعرض الصين لضغوط بشأن الفيروس الذي انتشر في ووهان، وقال مسؤولون سابقون في المخابرات الأميركية لديهم خبرة في وزارة أمن الدولة الصينية، إن الرسائل تحمل السمات المميزة لعملية التأثير السياسي الكلاسيكية التي تقوم بها الوزارة.
السياسيون ذوو الرتب الدنياوأوضح أحد عملاء وكالة المخابرات المركزية السابقين ذوي الخبرة في أوروبا إن وزارة أمن الدولة الصينية تميل إلى التركيز على تجنيد أو اختيار السياسيين ذوي الرتب الدنيا في القارة "الذين يتعاطفون مع قضية الصين أو الذين يستفيدون من سخاء الصين".
وقال ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية: "لقد تمكن هؤلاء السياسيون ذوو الرتب الدنيا من الوصول إلى كبار المسؤولين، ويناقشون معهم بانتظام مواضيع حساسة، ثم -عن قصد أو عن غير قصد- يتشاركون مع وزارة الأمن الداخلي ما حصلوا عليه".
وقال مصدر استخباراتي غربي إن قسم وزارة أمن الدولة الصينية في مقاطعة تشنغيانغ يضم ما يقدر بنحو 5 آلاف ضابط مخابرات يجتمعون عادة في مدينة سانيا بأقصى جنوب الصين، مضيفا أن الصين تتمتع بقدرة كبيرة على جمع المعلومات البشرية والإلكترونية في بروكسل، التي يُنظر إليها على أنها بيئة غنية بالأهداف بسبب كثافة وجود المنظمات الدولية، بما في ذلك المفوضية الأوروبية وحلف شمال الأطلسي.
بروكسل مركز رئيسي للتجسسوذكر تقرير فايننشال تايمز أن سلطات التجسس الصينية تميل أيضا إلى تحمل المزيد من المخاطر في أوروبا، لأنها تدرك أن عواقب اكتشاف أمرها هناك أقل خطورة من الولايات المتحدة. وقال أحد كبار ضباط المخابرات الغربية السابقين إن بروكسل كانت موضع تركيز خاص، لأن أجهزتها الأمنية لم يكن لديها الموارد الكافية.
وأضاف أن بلجيكا أصبحت مركزا رئيسيا للعمليات الاستخباراتية من قبل مجموعة متنوعة من الدول المعادية بسبب سهولة العمليات هناك، وأكد متحدث باسم الحكومة البلجيكية أن السلطات المعنية على علم بقضية كريلمان لكنه لم يقدم أي تعليق آخر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فایننشال تایمز فی أوروبا الک تاب
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: أمريكا غارقة في حالة ضارة من الهوس بنظريات المؤامرة
يمن مونيتور/وكالات
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا للصحفي الأمريكي ديفيد والاس ويلز أكد فيه أن الأميركيين عالقون في شبكة واسعة من التفكير التآمري، وأن الولايات المتحدة باتت مهووسة بنظرية المؤامرة في التعامل مع الواقع السياسي.
وشدد على أن الهوس والارتياب السياسي السائد في البلاد يشي بحالة ضارة من انعدام الثقة على مستوى القاعدة الشعبية، ناهيك عن العلل الهيكلية التي أصابت بيئة المعلومات الجديدة.
وتساءل “هل نظرية المؤامرة نابعة من ثقافة المجتمع، أم موروثة من التاريخ؟ وهل هي مسألة متعلقة بتدفق المعلومات، أم أنها سقط متاع وجد طريقه إلينا؟”.
ومن الأمثلة التي أوردها الكاتب للاستدلال على ما ذهب إليه، ما عُرف في الإعلام بملفات الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي، التي أفرجت عنها إدارة الأرشيف الوطني الأميركية الأسبوع الماضي.
ورغم أن الرئيس دونالد ترامب كان قد وعد بالإفراج عن 80 ألف صفحة من السجلات المتعلقة باغتيال الرئيس كينيدي في 1963، فإن ما نُشر منها لم يتجاوز 64 ألف صفحة.
ووصف الكاتب الصفحات التي رُفعت عنها السرية في قضية كينيدي بأنها عديمة القيمة.
وأوضح أن المؤرخ آرثر شليزنغر كتب مذكرة عام 1961 يحذر فيها الرئيس كينيدي من أن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) قد بلغت درجة من التطور والنفوذ بحيث أصبحت لاعبا دبلوماسيا -في عديد من أرجاء العالم- يفوق وزارة الخارجية أهمية.
ووفقا لمقال نيويورك تايمز، فلربما كانت تلك المذكرة تثير فيما مضى كثيرا من علامات الدهشة، وهي تتضمن اعترافا لا لبس فيه آنذاك بأن الإمبراطورية الأمريكية الصاعدة كانت موبوءة بالسرية والدسائس بالطول والعرض.
وأكد كاتب المقال أن الأمريكيين يعيشون الآن العصر الذهبي لنظرية المؤامرة التي شاعت في البلاد منذ اغتيال كينيدي قبل أكثر من 60 سنة، وليس أدل على ذلك من شيوع منظمات مثل حركة “كيو أنون”، وصيغ نمطية من قبيل “الدولة العميقة” و”روسيا غيت”.
وبرأيه يبدو أن الكشف عن الأعمال السرية للسلطة لم يعد يُحدث صدمة دائمة كما كان يحدث في السابق، وربما يرجع ذلك إلى أن الواقع خلال السنوات الأخيرة اتخذ منحى صريحا من الارتياب والهوس بالمؤامرة.
وضرب الكاتب مثلا على ذلك بتفشي فيروس كوفيد-19، الذي قلب الحياة اليومية لمليارات البشر في جميع أنحاء العالم، والذي قيل إن علماء صينيين اختلقوه في مختبر قبل أن يتسرب إلى الخارج.
وأشار إلى أنه مع مرور الوقت، أصبحت نظرية التسرب المختبري لأصول الجائحة أقرب إلى الإجماع ليس فقط في الولايات المتحدة، بل حتى وكالة المخابرات الألمانية، على سبيل المثال، تعتقد الآن أن الفيروس ربما خرج من المختبر، وهو رأي يتماشى إلى حد كبير مع ما استنتجته الاستخبارات الأمريكية.
ولفت الكاتب إلى أن القصة الأكبر ربما تتمثل في ما يقوم به الملياردير إيلون ماسك، الذي عُين في الحكومة الأمريكية الحالية ولم يُنتخب.
فقد أمضى أغنى رجل في العالم الشهرين الأولين من ولاية ترامب الرئاسية الثانية في محاولة إعادة تحجيم وإعادة برمجة آليات عمل البيروقراطية الفدرالية بأكملها، معتمدا على فريق من العملاء الخفيين الذين يعملون في سرية ويخفون هوياتهم، لدرجة أن ماسك يتهم كل من يتعرف عليهم بالتحرش الجنائي.
وفي حين أن المقولة التقليدية تضع نظرية المؤامرة على الهامش السياسي، تشير بعض الأبحاث الحديثة إلى أن المكان المناسب لها هو بين أصحاب المعتقدات الاقتصادية اليسارية والأيديولوجيات الثقافية اليمينية.
ويفسر الكاتب ما يجري بأن الناس تخلوا عن القراءة والكتابة، التي أرست إحدى سمات التفكير النقدي، وحل محلها اليوم ما يشبه الثقافة الشفهية.