عَمان – أسدل الستار في العاصمة الأردنية عمّان، مساء الثلاثاء الماضي، عن الدورة الرابعة عشرة لمهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان، في نسخة خاصة بفلسطين بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي المدمّر على قطاع غزة، حيث عبّر المنظمون عن أهمية هذا المهرجان "كفعل مقاومة يتصدى لبروباغندا (دعاية) الاحتلال"، وشهدت شاشات المهرجان عرض 30 فيلما على مدى 8 أيام، تناولت القضية الفلسطينية بأبعادها المختلفة، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قتل وتهجير قسري وإبادة الجماعية منذ 75 عاما.

سجادة حمراء تغطي غزة

وافتتح المهرجان باستعراض ذكريات من نسخته الاستثنائية التي أقيمت في قطاع غزة إبان عدوان عام 2014، حيث فُرشت سجادة حمراء طويلة بين ركام المنازل المهدّمة، حينها، في القطاع المحاصر الذي يخلو من صالة سينما واحدة بفعل الاحتلال، ولم تسلم السجادة من الحصار الإسرائيلي، واحتجزت لفترة في ذلك الوقت في معبر بيت حانون.

ملصق مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان (الجزيرة)

"نحن نقاوم بالصورة"، بهذه الجملة عبّر منظمو المهرجان عن دورته الحالية، وكانت السجادة الحمراء عام 2015 قد وضعت لتصل إلى ساحة بين أنقاض المباني، وقد اصطفت فيها المقاعد مع شاشة كبيرة في الهواء الطلق.

وأما اليوم فإن غزة كلها تقبع على سجادة حمراء كبيرة من دماء، تغطيها من شمالها لجنوبها، وتُحارب فيها الصورة و"يُنتقم" من ناقليها بأولادهم حينا، كما حصل مع مراسل الجزيرة في غزة وائل الدحدوح الذي كانت له كلمة معبّرة خلال المهرجان، تحدّث فيها عن الحرب على الرواية، ويمتد الانتقام إلى أمهاتهم وآبائهم كما حصل مع زملاء الدحدوح وأنس الشريف ومؤمن الشرافي.

ويؤكد منظمو حفل ختام المهرجان أن الاحتلال ينتقم من الصورة باستهداف أصحابها أنفسهم في أحيان كثيرة أخرى، وهو ما جسده عرض فيلم الختام "بنك الاستهداف" للمخرج الفلسطيني الشهيد رشدي السراج، الذي استشهد في العدوان الحالي ليغدو مخرج هذا الفيلم الوثائقي جزءا من الوثيقة.

وما بين فيلم "ريد كاربت" في الافتتاح وفيلم "بنك الاستهداف"، استعرضت أيام المهرجان الأول من نوعه عالميا في مجال حقوق الإنسان عددا من الأفلام لمخرجين عرب وأجانب، تناولت قصصا مختلفة حول العالم، إضافة لعدد من الورشات والندوات حول السينما والحقوق والإنسان.

وتقول مديرة المهرجان سوسن دروزة للجزيرة نت "يأتي مهرجان كرامة هذا العام بنسخة استثنائية (نسخة فلسطين) كتكريم خاص لفلسطين وغزة -مدينة الأبطال- في ظل حرب الإبادة الجماعية، التي تهدف للقضاء عليها وتهجير أهلنا منها، وهو ما يعيدنا لواجبنا الفكري والأخلاقي في معالجة قضية فلسطين مرة أخرى".

"يلا غزة"

وعرض المهرجان في يومه الأول فيلم "يلا غزة" للمخرج الفرنسي رولاند نورير والذي فاز بـ"جائزة الجمهور"، وهو فيلم يظهر التنوع السكاني لقطاع غزة، ويؤرخ للمدينة ويتناول التنوع الثقافي والاجتماعي فيها.

كما يسلط الفيلم الضوء على التراكمات التي خلفتها الحروب الإسرائلية المتتالية على القطاع المحاصر من خلال شهادات حية للغزيين، وشهادات متنوعة لمؤرخين وباحثين عالمين، مثل المخرج البريطاني كيم لوتش الذي انضم لحركة مقاطعة إسرائيل ويعد من مناصري فلسطين.

وقد أرسل المخرج الفرنسي نورير رسالة مصوّرة للمهرجان على هامش عرض فيلمه، قال فيها إنه "يشعر بالعار من موقف الحكومة الفرنسية والمجتمع الدولي أمام حرب الإبادة الجماعية في غزة"، كما تم في هذه الدورة اختيار مجموعة كبيرة من الأفلام الفلسطينية الأيقونية الوثائقية منها والروائية، والتي ناقشت القضية تاريخيا وفي وقتها الحالي، وذلك بحضور مخرجي هذه الأفلام، التي نوقشت مع الحضور في صالات المهرجان بشكل حي، وأرسلت رسائلهم من عمان إلى غزة.

صارورة

ونال فيلم "صارورة" للمخرج الإيطالي نيكولا زامبيلي جائزة أنهار لأفلام حقوق الإنسان، ويقول المخرج للجزيرة نت إن فيلمه يحكي قصة المقاومة المستمرة منذ عقود من قبل مجتمع فلسطيني مهجّر لمحاولات الإخلاء التي يقوم بها الاحتلال، ويتناول الفيلم قصة أطفال قابلهم المخرج في عمل سابق يحمل اسم "أرض الغد"، وقد أصبحوا اليوم قادة في نضال قريتهم.

منظمو الحدث السينمائي في الأردن قالوا إن المهرجان تكريم خاص لفلسطين وغزة في ظل حرب الإبادة الجماعية (الجزيرة)

ويضيف زامبيلي "يسلط الفيلم الضوء على أصول العنف، ويتحدى السردية الإسرائيلية حول مصطلحات مثل الإرهاب"، ويؤكد المخرج أن "من يزرع الرعب هم الذين يحاولون احتلال الأراضي، ويمارسون العدوان المسلح، وإعاقة الأنشطة الرعوية والزراعية، وهي أعمال يرتكبها المستوطنون القساة، وليس الفلسطينيون".

وعن المهرجان، يقول زامبيلي "عندما أتيت إلى هنا أدركت أن التزام الصمت يشبه الاستسلام. لذا، يجب علينا أن نتحدث، ونتحدث"، ويضيف أنه ناقش في إيطاليا على مدى الشهرين الماضيين مرارا موضوع فلسطين "في كل سياق ممكن"، وأردف المخرج الإيطالي "نشعر بالعجز عندما نشاهد حكوماتنا لا تفعل شيئًا للتصدي لإسرائيل وحربها الدموية، ووقفها، لقد أهديت هذه الجائزة لجميع الصحفيين الذين ماتوا وهم يحاولون توثيق ما يحدث والذين يقاتلون على الأرض لإظهار حقيقة هذا الغزو الدموي بعد 75 عاما من الاحتلال العنيف".

كرامة

ومهرجان كرامة هو أول مهرجان سينمائي دولي لأفلام حقوق الإنسان يقام في الأردن منذ العام 2010، ويتضمن عروضا للأفلام والفنون البصرية والموسيقى، إضافة إلى الندوات والمنتديات والمعارض الفنية، كما يمنح جوائز مختلفة للأفلام المشاركة.

وتتحدّث مديرة المهرجان عن اجتماع موسّع ضم هذا العام صحفين وحقوقيين ومنتجين وسينمائيين وصناعا للأفلام، بحث آليات الالتزام بحركة مقاطعة إسرائيل الرامية إلى عزل الاحتلال على كل المستويات، حيث "تمت دعوة صناع الأفلام للالتزام بالمقاطعة الثقافية اللازمة لعزل البروباغندا (الدعاية) الإسرائيلية"، تضيف مديرة المهرجان سوسن دروزة.

وتضيف دروزة "بحثنا في آليات عمل منهجية لتوثيق كافة مناحي حرب الإبادة على غزة، وكذلك كل الجهات الداعمة سياسيا وعسكريا وإعلاميا التي توفر الغطاء لهذه الحرب، بالإضافة لتوجيه صناع الإفلام لصناعة احترافية توثق بأعمال سينمائية جرائم الإبادة للمساهمة في محاسبة هذا الاحتلال وداعميه".

ولم يقتصر تعاطي المهرجان الدولي مع الأحداث هذا العام على الكاميرا فقط، فكان أن أعلن عن تأجيل حفل الختام يوما واحدا لتزامنه مع الإضراب الشامل، الذي عمّ الأردن ودولاً أخرى تضامنا مع غزة، وذلك الاثنين الماضي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: لأفلام حقوق الإنسان حرب الإبادة

إقرأ أيضاً:

مهرجان «المانجو 2024» يختتم دورته الثالثة بنجاح

الشارقة: «الخليج»

اختتمت يوم الأحد، في مركز «إكسبو خورفكان» فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المانجو السنوي 2024، الذي نظمه المجلس البلدي لمدينة خورفكان، وغرفة تجارة وصناعة الشارقة، وبلدية مدينة خورفكان، وحضره عشرة آلاف زائر، وعرض خلاله 30 مشاركاً من المزارعين والأسر المنتجة والشركات الزراعية 150 صنفاً من المانجو وغيرها من الفواكه.

وشهد المهرجان مشاركات من دول مجلس التعاون، منها المملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، عكست التوسع في استقطاب المزارعين والشركات الزراعية المهتمة بتطوير إنتاج المانجو، والتعرف إلى مختلف التجارب للاستفادة منها ومن الإمكانات الحديثة في تحسين طرائق زراعة الفواكه والحمضيات، للإسهام في النمو الاقتصادي وتحقيق الأمن الغذائي.

مكانة مهمة

وأكد الدكتور راشد النقبي، رئيس المجلس البلدي لمدينة خورفكان، أن المهرجان يواصل مسيرته الرائدة متمكناً من حجز مكانة مهمة له على خريطة المهرجانات الزراعية والتراثية في دولة الإمارات، في ظل توجيهات القيادة الحكيمة وجهودها الرامية إلى الحفاظ على الموروث الثقافي الإماراتي، ونقله للأجيال المتعاقبة، بدعم مختلف الفعاليات التراثية والاقتصادية التي تنظم على امتداد الدولة.

مشيراً إلى أن الحدث شهد في دورته الثالثة تطوراً ونمواً كبيرين، من حيث الإقبال والمتابعة والمعروض من أنواع المانجو، ولا سيما في ظل ما حظي به من مشاركة واسعة من المزارعين والمؤسسات والجهات الحكومية والخاصة المتخصصة في القطاع الزراعي، وهو ما أسهم في استقطاب إعداد كبيرة من الزوار من داخل دولة الإمارات وخارجها.

استقطاب المشاركين والزوار

وأشار خليل المنصوري، مدير مركز «إكسبو خورفكان» المنسق العام للمهرجان، إلى أن ما حققه من نجاح تجاوز التوقعات من حيث المشاركة والحضور، ما يؤكد أهميته المتزايدة في المشهد الزراعي والاقتصادي لإمارة الشارقة ودولة الإمارات، حيث استقطب المزارعين والشركات الزراعية، ليس من داخل الدولة فقط، بل من دول الخليج الشقيقة أيضاً، في تنوع أثرى المهرجان، وفتح آفاقاً جديدة لتبادل الخبرات والتجارب في زراعة المانجو وإنتاجه.

مضيفًا أن الحدث جذب الزوار من مختلف المناطق، ونجح في تعزيز السياحة المحلية وتنشيط الحركة الاقتصادية في خورفكان والمنطقة الشرقية بشكل عام، وخدمة المزارعين وتثقيفهم وتوعيتهم بأهمية اعتماد طرائق زراعة تكفل لهم الاستدامة في الإنتاج.

أجواء تنافسية

وشهد مهرجان هذا العام، أجواء تنافسية بين المزارعين الذين عرضوا مختلف أصناف المانجو الفاخرة، واشتركوا في مسابقتي «مزاينة المانجو» و«أجمل سلة من المانجو» بجانب مشاركة نساء موهوبات في المسابقة التي خُصصت لهنّ، بالإضافة إلى اشتراك الأطفال الذين تنافسوا في مسابقة أفضل عمل فني وأظهروا شغفهم بزراعة المانجو.

إرشاد المزارعين

وتضمنت فعاليات المهرجان مجموعة من الورش التثقيفية، لإرشاد المزارعين إلى أساليب الزراعة الحديثة، فضلاً عن الأنشطة والعروض التراثية التي أبرزت خصوصية مدينة خورفكان ومدن المنطقة الشرقية، في الحفاظ على الموروث، وتعزيز اهتمام المجتمع بالزراعة، وحرص المزارعين على تبادل التجارب واتباع أفضل الممارسات الزراعية، لتطوير إنتاجهم من الفواكه وتسويقها للمستهلكين.

مقالات مشابهة

  • السفير علي أحمد: “لجنة التحقيق المعنية بسورية” منفصلة عن الواقع ومنهجيتها واستنتاجاتها تتناقض مع المنظور المهني
  • مجلس حقوق الإنسان يحذر السلطات من المخاطر المترتبة عن زلزال الحوز والتدبير السيء للأزمات في المستقبل
  • مجلس بوعياش يقدم تقريره السنوي لسنة 2023 ويرصد أهم الاختلالات
  • مهرجان الجبل الأخضر يعزز النمو السياحي
  • نادي الأسير: استخدام الاحتلال الأسرى دروعاً بشرية انتهاك للقوانين والأعراف الدّولية
  • رئيس «اقتصادية حقوق الإنسان»: الحكومة المرتقبة لديها مهام عاجلة لا تقبل التأجيل
  • مهرجان «المانجو 2024» يختتم دورته الثالثة بنجاح
  • "التحقيق الوطنية" تناقش تفعيل دور المساءلة الداخلية بوزارة الدفاع لحماية حقوق الإنسان
  • «التخطيط» تتابع نتائج البرنامج التدريبي حول الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
  • التخطيط تكرم كوادر ورشة استراتيجية حقوق الإنسان