نظمت وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، مؤتمرا لإحياء اليوم العالمي للغة العربية، بالتعاون مع وزارة الثقافة ومنظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة "اليونسكو" في قصر الأمير طاز بالقاهرة، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام.

 

جاء ذلك بحضور الدكتور هشام عزمي، رئيس المجلس الأعلى للثقافة، ود.

نوريا سانز، المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة، ود. وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة،  ود. جمال مصطفى، مدير قصر الأمير طاز،  ومجموعة من كبار الكُتاب والأدباء والمفكرين والشخصيات العامة.

وألقت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، كلمة خلال المؤتمر أعربت فيها عن خالص اعتزازها وتقديرها للتعاون الجاري بين وزارة الهجرة، ووزارة الثقافة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، قائلة: "إن مصر هي إحدى الدول المؤسسة لمنظمة اليونسكو، وتجمعنا علاقة وطيدة في مساعينا المشتركة للحفاظ على موروثنا الثقافي والطبيعي في آن واحد".

وتابعت: "إن اللغة العربية واحدة من أكثر خمس لغات تحدثًا في العالم فهي اللغة التي يتحدث بها أكثر من 400 مليون شخص حول العالم وهي اللغة الرسمية لـ 22 دولة أعضاء في جامعة الدول العربية، وهي أيضًا واحدة من لغات الأمم المتحدة الست، فضلا عن أنها واحدة من لغات الاتحاد الأفريقي وأحد أغنى لغات العالم، فقد وصل عدد مفرداتها دون تكرار إلى ما يزيد على 12 مليون كلمة. فاللغة العربية لغة غنية وملهمة ولذلك ركز شعوبها على إظهار إبداعاتهم في مجالات الثقافة والأدب والفنون، كان من بينهم كوكبة من الأدباء والمبدعين المصريين مثل نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، وطه حسين، وعباس العقاد، ومصطفى صادق الرافعي.

وأضافت السيدة الوزيرة أنه إيمانًا بأهمية دور اللغة العربية في تشكيل وجدان الأجيال القادمة وحرصُا منا على تعميق الولاء والانتماء لدى أبناء المصريين بالخارج، فقد أطلقت وزارة الهجرة المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" والتي تشرف برعاية فخامة السيد رئيس الجمهورية لفعالياتها وتستهدف مواجهة حرب طمس الهوية لدى أبناء مصر في الخارج من الأجيال الثاني والثالث والرابع والخامس وتعزيز وتأصيل الروح الوطنية بداخلهم، علاوة على ترسيخ قيم التعايش السلمي والمواطنة وقبول الآخر، مشيرة إلى أنه قد نجحت المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية لتشجيع أبناء المصريين في الخارج للحديث باللغة العربية "اتكلم عربي"، على الوصول لأكثر من 200 مليون مشارك من مختلف أنحاء العالم.

وتابعت سيادتها أنه خلال العام الجاري، أطلقت وزارة الهجرة المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" تحت شعار "جذورنا المصرية" لتعريف أبناء المصريين بالخارج أيضًا بتراث وطنهم مصر الضارب بجذوره في عمق التاريخ وحضارتها العريقة، وذلك من خلال المعسكرات التفاعلية والتي كان آخرها في سبتمبر الماضي باستضافة ورعاية المتحف القومي للحضارة المصرية ومشاركة نحو 45 طفلا، تتراوح أعمارهم من 8 إلى 13 عامًا، من مختلف الدول بينها كندا وفرنسا وإنجلترا والمملكة العربية السعودية والإمارات والولايات المتحدة، فضلا عن استغلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة للوصول إلى أبنائنا المصريين بالخارج حول العالم، بالتعاون مع د. وسيم السيسي، الطبيب والمؤرخ المصري، ود سامي عبد العزيز، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، وبموسيقى تصويرية من إهداء وتأليف الموسيقار الكبير هاني شنودة، وذلك لنشر سلسلة من الفيديوهات التعريفية بالتاريخ والحضارة المصرية بالتعاون مع مؤسسة يارو المتخصصة في تقديم الخدمات الثقافية والتاريخية.

كما أكدت وزيرة الهجرة على الاعتماد على أحدث أساليب التكنولوجيا الحديثة في إطلاق تطبيق إلكتروني للمبادرة الرئاسية "اتكلم عربي"، يتيح الفرصة للأجيال المصرية الناشئة بالخارج لتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة في أي مكان عن طريق الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، بالاعتماد على أحدث طرق التعلم التفاعلية من خلال تقديم تجربة معايشة متكاملة لثقافتنا المصرية وعاداتنا وتقاليدنا لا تخلو من المرح والألعاب، موجهة الدعوة إلى الجميع للدخول على صفحات الوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي لتحميله.

ولفتت السفيرة سها جندي إلى حرصها على عقد عدد من الندوات التثقيفية التي تستهدف أبنائنا في الداخل من المتعلمين في المدارس الدولية في مصر، وأبنائنا في الخارج من الجيل الثاني إلى الخامس من أبناء المصريين، لاهتمامنا بغرس جذور اللغة العربية في وعي أبنائنا بالداخل والخارج، والاحتفاء بالشخصية المصرية وتاريخها وإرثها الحضاري، وكان آخرها بالتعاون مع د/ وسيم السيسي ود/ ميسرة عبدالله، نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة للشئون الأثرية.

وفي ختام كلمتها، وجهت السيدة وزيرة الهجرة رسالة قائلة: "أبنائي الأحباء، أصدقائي الأعزاء، أشهدكم أن تتمسكوا بثقافتكم المصرية، وتحافظوا على لغتكم العربية التي هي أجمل اللغات وأغناها، وتذكروا دائمًا أن تنوعنا في اختلافنا، ولغتنا العربية علامة على تفرد ثقافتنا فحافظوا عليها لتحتفظوا بتفردكم.. وكل عام واللغة العربية حية ومتميزة وفريدة".

من جانبها، استعرضت د. نوريا سانز، المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة، أهمية الاهتمام بالتنوع الثقافي والعلوم الاجتماعية، وغيرها من المرتكزات التي يمكن الانطلاق منها للتعاون، مشيرة إلى حرص اليونسكو على صون التراث الثقافي وهوية الشعوب، ولذلك نلتقي اليوم للاحتفاء بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.

وتابعت سانز أن هناك فريقا كبيرا من اليونسكو يعمل في مصر، بما تمثله من حضارة وتاريخ، موجهة الشكر لفريق العمل، كما أوضحت أن اختيار الفن العربي ليكون ضمن فعالياتنا باعتباره سمة مميزة تميز اللغة والثقافة العربية، موضحة أن اللغة العربية لغة للمعرفة والثقافة ولها فضل كبير في مختلف العلوم والمعارف، مشيرة إلى أنها واحدة من أكثر اللغات انتشارا حول العالم، معربة عن تقديرها لهذا التنوع الثقافي.

وتابعت سانز أن هناك حشدا كبيرا من المهاجرين يتحدثون اللغة العربية، ولذلك فهناك اهتمام كبير بدراسة اللغة العربية، والتناغم بين اللغة والثقافة التي تحويها، ودورها في ربط الشعوب ومعرفة تاريخها وحضارتها، مؤكدة ترحيبها بالمشاركة مع وزارتي الهجرة والثقافة في هذه الفعالية.

من جهته، أوضح د. هشام عزمي، رئيس المجلس الأعلى للثقافة،  أن احتفالية اليوم تواكب مرور 50 عاما، على اعتماد اليونسكو اللغة العربية واحدة من اللغات الرسمية في أروقتها، مشيرا إلى دورها في حفظ تاريخ العرب وإبداعاتهم، وإتاحتها عوالم زاخرة بالتنوع.

واستعرض عزمي جانبا من جهود وزارة الثقافة في دعم الأنشطة الثقافية وتعزيز الهوية المصرية في مختلف الفعاليات، بالتعاون بين وزارات ومؤسسات الدولة المصرية، لتأصيل الروح الوطنية وعاداتنا وتقاليدنا الراسخة، مضيفا أن لغتنا العربية لغة ثرية، ولذلك تضم أنشطة وزارة الثقافة التعريف برموزنا الأدبية والخط العربي، والشعر والنثر وفنون المسرح، وغيرها من الأنشطة التي تربط الأجيال الصغيرة والشباب بهويتهم وتاريخهم وثقافتهم المتفردة، على مدار التاريخ.

وفي السياق ذاته، أوضح د. جمال مصطفى، مدير قصر الأمير طاز، جانبا من تاريخ القصر المملوكي والذي يعود تاريخه إلى العام 1352م، ليبقى علامة مميزة على تفرد العمارة المملوكية، مشيرا إلى أن مصر تعد معرضا مفتوحا للتراث والثقافة، بما تمتلكه من مقومات ثقافية ومعالم لا يوجد مثلها في العالم أجمع.

وأعرب مدير قصر الأمير طاز عن عميق الشكر لاختيار قصر الأمير طاز ليستضيف فعالية الاحتفال بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، ليضيف إلى تاريخ القصر حاضرا وطنيا وملمحا ثقافيا متميزا، نفخر بأن يكون لدينا في مصر هكذا معالم يقف لها التاريخ احتراما.

هذا ويتضمن برنامج مؤتمر إحياء اليوم العالمي للغة العربية بقصر الأمير طاز عدة فعاليات، من بينها عقد حلقة نقاشية بعنوان "اللغة العربية: إبداعات الحاضر وآفاق المستقبل"، وافتتاح معرض الخط العربي، وتنظيم ورشة للخط العربي للأطفال المصريين المقيمين بالخارج ولكنهم يتواجدون في مصر بهذه الفترة، ويختتم المؤتمر فعالياته بعرض فني ثقافي عبارة عن إنشاد للمنشد الشهير محمود ياسين التهامي.

يشار إلى أن المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" انطلقت في نوفمبر 2020، ثم انطلقت المرحلة الثانية تحت عنوان "جذورنا المصرية" في فبراير 2023، وقد تحقق ما يزيد عن  7 ملايين مستخدم منذ انطلاقها، بفضل المرحلة الثانية من المبادرة تحت شعار "جذورنا المصرية" التي حققت تفاعلًا كبيرًا في إطار استراتيجية لمواجهة تغييب الوعي وتزييف التاريخ المصري، وهذه جهود وزارة الهجرة بصدد المبادرة على النحو التالي:

• تم إطلاق المرحلة الثانية من المبادرة لزرع القيم وتعزيز الهوية والتعريف بالحضارة المصرية القديمة، تم البدء بمحاضرات تفاعلية في 3 مدارس دولية (مدرسة كيبلنج الإنجليزية ، ومدرسة الليسيه فولتير، والمدرسة الألمانية الأوروبية بالقاهرة Europa Schule Kairo ) بمشاركة د. وسيم السيسي، ود.ميسرة عبد الله ، لتعريف الطلبة بالحضارة المصرية العريقة والعادات والتقاليد وتميز الحضارة المصرية كونها  اول من وضع قواعد علوم الطب والدواء ، وعلوم الفضاء، وعلوم الفنون والرسم والموسيقي، وتم تسجيل اللقاءات التفاعليه ونشر ومشاركة الفيديوهات لأبنائنا بالخارج من الجيل الرابع والخامس لترسيخ الهوية المصرية لدي جيل المستقبل.

• تم إطلاق اول معسكرات  المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" تحت شعار "جذورنا المصرية"  بالمتحف القومي للحضارة المصرية، بمشاركة عدد (45) طفلا من أبناء المصريين المقيمين بالخارج من الأجيال الثانى والثالث والرابع والخامس تتراوح أعمارهم من (8 إلى 13) عاماً من عدد (6) دول شملت (كندا وفرنسا وإنجلترا والمملكة العربية السعودية والامارات  والولايات المتحدة) ، باستضافة ورعاية  المتحف القومي للحضارة المصرية ، وبالتعاون بين وزارة الهجرة مع شركة "الزمرة" المتخصصة في تنظيم وإقامة المعسكرات للأطفال والشباب. للتعريف بالحضارة المصرية القديمة.

• "المرحلة الثانية" من  التطبيق الالكترونى الخاص بالمبادرة تشمل 120 ساعة تدريب.

• تنفيذ عدد (16) معسكرات لأبناء المصرين بالخارج من الجيلين الثاني والثالث، لتعليم اللغة العربية وتعميق الهوية المصرية لأبناء المصريين.

• تدشين حملة ترويجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي (حيث وصلت إجمالي عدد المشاهدات عبر كافة الحسابات الإلكترونية إلي 219 مليون مشاركة ومشاهدة) ، جارى العمل لإطلاق موقع إلكترونى وتطبيق موبايل للحملة.

• تم إطلاق (203) فيديوهات تعليمية بالرسوم المتحركة. بالإضافة إلى 12 حلقة لبرنامج توعية للداعية / مصطفى حسنى مع النائبة / دينا عبد الكريم.

• في إطار مشاركة الجماهير تم نشر عدد  ( 11 ) فيديو  تشمل عدد (10) فيديوهات بمشاركة المصريين بالخارج) ، بالإضافة إلى فيديو بمشاركة ذوى الهمم.
• إعداد وإنتاج (15) حلقة من برنامج "بالعربي كده"، وهو برنامج تفاعلي لبناء الوعي باللغة العربية.

• نشر فيديوهات المبادرة على شاشات العرض بمطار القاهرة الدولى ، تدشين حملات  ترويجية على صفحات التواصل الاجتماعى ، إطلاق المرحلة الثانية من المبادرة تحت شعار "جذورنا المصرية" وعقد حلقات نقاشية مع طلاب المدرسة الأوروبية الدولية الألمانية بالقاهرة ، ومدارس ليسية فولتير الفرنسية وكيبلنج الإنجليزية.

• اطلاق تطبيق "اتكلم عربي" بالتعاون مع نهضة مصر، وهو أول منصة الكترونية لتعليم اللغة العربية موجهة للمصريين بالخارج، بهدف تعليم الأطفال اللغة العربية والتعرف على الثقافة والتقاليد المصرية والعربية للحفاظ على الهوية العربية.

• إعداد وإنتاج الأغنية الرسمية للمبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" وقد بلغت نسبة المشاهدة مليون و251 ألف مشاهدة.

IMG-20231217-WA0070 IMG-20231217-WA0072 IMG-20231217-WA0062 IMG-20231217-WA0056 IMG-20231217-WA0064 IMG-20231217-WA0052 IMG-20231217-WA0050 IMG-20231217-WA0044 IMG-20231217-WA0040 IMG-20231217-WA0030

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المرحلة الثانیة من المبادرة الیوم العالمی للغة العربیة من المبادرة الرئاسیة المصریین بالخارج أبناء المصریین القومی للحضارة قصر الأمیر طاز وزارة الثقافة اللغة العربیة وزارة الهجرة بالتعاون مع اتکلم عربی تحت شعار واحدة من IMG 20231217 إلى أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

معرض الكتاب يناقش مستقبل اللغة العربية

 


ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، شهدت القاعة الرئيسية ندوة فكرية حملت عنوان "اللغة العربية: رؤية مستقبلية"، حيث اجتمع نخبة من أعضاء مجمع اللغة العربية لمناقشة قضايا اللغة العربية بين الماضي والمستقبل.

شارك في الندوة كل من الدكتور مأمون عبد الحليم، والدكتور محمد فهمي طلبة، والدكتور محمود الربيعي، فيما أدار الحوار الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، الذي استهل اللقاء بتوجيه الشكر إلى الهيئة العامة للكتاب، مشيدًا بأهمية هذا الحدث الثقافي الذي بات يحتل مكانة رفيعة بين معارض الكتاب الدولية.

تحدث مدكور عن اللغة العربية بوصفها لغة ذات خصوصية فريدة، فهي لم تنشأ من رحم لغة أخرى كما هو الحال مع اللغات الأوروبية مثل الفرنسية أو الإيطالية، بل تمتد جذورها عميقًا في التاريخ، حتى ظهرت منذ قرون طويلة بهذه القوة والثراء، متجليةً في الشعر والنثر، ثم ما لبثت أن انتشرت في مختلف أنحاء العالم.

من جانبه، طرح الدكتور محمود الربيعي رؤيته حول مستقبل اللغة العربية، مشيرًا إلى أن التنبؤ بمستقبل اللغات يعتمد على قراءة الحاضر، فكما أن لكل أمة مشروعًا قوميًّا تنطلق منه نهضتها، فإن اللغة يجب أن تكون في صميم هذا المشروع. وأكد أن العربية، مثلها مثل الكائنات الحية، تمر بمراحل من التقدم والتراجع، فلا يمكن أن تظل ثابتة كما هي، ولا أن تعود إلى شكلها القديم بحذافيره، بل ينبغي أن تتطور بما يلبي احتياجات الناطقين بها.

وانتقل الحديث بعد ذلك إلى مستويات اللغة، حيث استعرض الربيعي تصنيف اللغوي السعيد بدوي، الذي قسم العربية إلى عدة مستويات، منها "فصحى التراث"، التي باتت حكرًا على المواعظ الدينية، ولم تعد مستخدمة في الحياة اليومية، ما يجعلها غير مؤهلة لتكون لغة المستقبل. أما "فصحى العصر"، فهي الأقرب إلى الواقع، إذ تمثل تطورًا طبيعيًا لفصحى التراث، مع بعض التعديلات التي تجعلها أكثر سلاسة في الاستخدام. ولتجنب الانحدار نحو العامية، شدد الربيعي على أهمية التمسك بفصحى العصر، ودعمها عبر ثلاث ركائز أساسية: تحسين التعليم القومي، وإلزام وسائل الإعلام باستخدام الفصحى، وتقريب اللغة من الناس من خلال الفنون، كما فعلت أغاني أم كلثوم، التي جعلت العامة ينطقون العربية الفصحى دون شعور بالغربة عنها.

أما الدكتور محمد فهمي طلبة، فقد تناول محورًا بالغ الأهمية، وهو دور الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، موضحًا كيف أصبحت التقنيات الحديثة جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية، خاصة مع تزايد أعداد الطلاب وصعوبة التواصل المباشر مع المعلمين. وأكد أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد ترف، بل بات ضرورة فرضها العصر، حيث يسهم في تصحيح الامتحانات إلكترونيًا، وتقييم مستوى الطلاب بدقة، وتطوير برامج تساعد على تعلم النطق الصحيح للعربية وقراءة القرآن بالتجويد، لتؤدي دورًا مشابهًا لدور المعلم الحقيقي. كما أشار إلى التعليم عن بعد، معتبرًا إياه أحد الحلول الذكية التي توفر بيئة تعليمية تفاعلية تحاكي الواقع.
وفي سياق استعراض اللغة العربية عبر العصور، قدم الدكتور مأمون عبد الحليم رؤية متفائلة، معتبرًا أن اللغة العربية اليوم تعيش واحدة من أزهى عصورها في مصر. وألقى نظرة على تاريخ العربية، موضحًا أنها في حقبة ما قبل الإسلام كانت محصورة في الجزيرة العربية، لكنها مع ظهور الإسلام وانتشار الفتوحات أصبحت لغة عالمية، ووصلت إلى الأندلس والبرتغال وجنوب فرنسا، بل إنها كانت لغة الإدارة والعلم في العصر العباسي، حيث دُرست بها الطب والهندسة والكيمياء في جامعات قرطبة، وظل كتاب "القانون" لابن سينا يُدرَّس في فرنسا لمدة 25 عامًا باللغة العربية.
غير أن الحال لم يبقَ على ما هو عليه، فقد شهدت العربية تحديات كبرى مع سقوط الأندلس، وامتداد الحكم العثماني، الذي فرض التركية كلغة رسمية، مما أدى إلى تراجع العربية في كثير من البلاد.

واستمر التدهور حتى القرن العشرين، حين عادت الحركة القومية العربية إلى الواجهة، ورافقها إحياء للغة العربية، حيث نشأت مجامع لغوية ومؤسسات تهتم بصونها وتطويرها، ما أعاد لها بعضًا من مكانتها المفقودة.

في ختام الندوة، أجمع المشاركون على أن اللغة العربية ليست مجرد أداة تواصل، بل هي هوية وثقافة وأساس لأي مشروع قومي نهضوي، مشددين على ضرورة دعمها عبر التعليم، والإعلام، والتكنولوجيا، لضمان بقائها لغة حية قادرة على مواكبة تطورات العصر والاستمرار في أداء دورها الحضاري.

مقالات مشابهة

  • «أبوظبي للغة العربية» يختتم مشاركته الثرية في «القاهرة الدولي للكتاب»
  • استعدادا لمبادرة " مدرستي تكتب وتقرأ بطلاقة " مدير تعليم مطروح تتابع ورش العمل لمعلمي اللغة العربية
  • «أبوظبي للغة العربية» ينظم حفل قراءة وتوقيع كتاب «الهوية الوطنية» لجمال السويدي
  • زيارة نائب وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج للمستشفى القبطى بزامبيا
  • «غرف دبي» تنظم ورشتي عمل حول قوانين قطاع الإنشاءات والعقود
  • معرض الكتاب يناقش مستقبل اللغة العربية
  • أهم وأسرع مصادر العملة الأجنبية.. إشادة برلمانية بدور المصريين بالخارج في رفع الاحتياطي النقدي
  • رؤية مستقبلية للغة العربية.. ندوة بمعرض الكتاب عن دور الذكاء الاصطناعي في التطوير
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يزور مركز الاستعراب في أذربيجان
  • خبير عقاري: تراجع شراء المصريين للعقارات بالخارج نتيجة للنهضة العمرانية بمصر