تضمنت استراتيجية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتوطيد سلطته ممارسات اقتصادية أدت إلى الانهيار المتكرر للعملة، ومستويات التضخم المدمرة، والزيادات الحادة في الفقر، والانكماش المستمر في القطاع الخاص، وواحدة من أشد الأزمات المالية في تاريخ مصر الحديث.

هذه القراءة طرحها تيموثي كالداس، في تحليل بـ"المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء خوض السيسي قبل أيام انتخابات رئاسية من شبه المؤكد أن يفوز فيها بفترة رئاسية ثالثة تستمر 6 سنوات.

وتابع أن "صندوق النقد الدولي يقدر أن الدين الخارجي لمصر وحده يساوي الآن 50% من ناتجه االمحلي الإجمالي. وتنفق الحكومة أكثر من 100٪ من إيراداتها لسداد وخدمة ديونها".

و"في حين أن الثورة الشعبية في عام 2011 هي التي أنهت حكم الرئيس الراحل حسني مبارك (1981-2011)، فقد قدمت أيضا للجيش فرصة لمنع أي قتال على خلافة ابنه جمال وتحييد الرأسماليين المقربين، وهو مركز السلطة الذي كان مبارك يهيئه داخل النظام لدعم جمال"، كما أردف كالداس.

وأضاف أن "الإطاحة بمبارك كانت فرصة لإدراج امتيازاتهم تحت سيطرة النظام الذي يقوده الجيش، وكانت استراتيجية السيسي لتحقيق ذلك، مع تعزيز وتوسيع سلطة نظامه الجديد، محورية في الصعوبات الاقتصادية الحالية التي تواجهها مصر".

اقرأ أيضاً

تحديات داخلية وخارجية.. هذا ما ينتظر السيسي في ولايته الثالثة

شركات النظام

و"تحرك السيسي لضمان أن الشركات المملوكة للنظام، وفي المقام الأول للجيش وأجهزة المخابرات العامة، أصبحت تهيمن على قطاعات النمو الرئيسية وتكون بمثابة حراس البوابة لفرص الأعمال، مثل تطوير العقارات والإنتاج الإعلام، والسياحة، والمعادن والطاقة، وخاصة المقاولات والبناء"، بحسب كالداس.

وأردف: "لضمان هيمنته على هذه القطاعات، كان النظام بحاجة إلى كميات غير عادية من رأس المال (...). وفي عام 2016، عندما اتهم الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات (حكومي) هشام جنينة الجيش بسرقة أكثر من 67 مليار دولار على مدى 4 سنوات، تم فصله بسرعة (وسجنه أيضا)".

وتابع: "ولجمع الأموال اللازمة لتمويل استراتيجية النظام لتعزيز سلطته، اعتمدت القيادة على الاقتراض الضخم".

ولفت إلى أنه وفقا للبنك المركزي، بلغ الدين الخارجي لمصر في يونيو/ تموز 2013، عشية انقلاب السيسي (على الرئيس الراحل محمد مرسي) 43.2 مليار دولار (17.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، وفي انعكاس لفورة اقتراض النظام، وصلت مستويات الدين الخارجي إلى 164.7 مليار دولار أو 40.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول يونيو/ حزيران 2023.

وبشأن أوجه إنفاق هذه الأموال، قال كالداس إنه "على مدى العقد الماضي، استخدم النظام الدولة بشكل متهور لتمويل أنشطته الاقتصادية وتوطيد سلطته، وتعاقدت الدولة على عائدات حقوق الملكية لبناء مشاريع الإسكان ومحطات تحلية المياه والطرق والجسور والقصور الرئاسية والعاصمة الإدارية الجديدة، وكانت بينها مشاريع ضرورية وأخرى غير ضرورية".

وشدد على أنه "وسط هذا التدهور في مالية الدولة وانهيار العملة المحلية، ارتفع معدل التضخم، وسقط ملايين المصريين في براثن الفقر".

اقرأ أيضاً

تعميق أزمة مصر أم تقليص اقتصاد الجيش.. أيهما يختار السيسي؟

اقتصاد هش

و"يحاول قادة مصر إلقاء اللوم على الصدمات الخارجية لفيروس كورونا وحرب روسيا على أوكرانيا في الأزمة الاقتصادية في البلاد، لكن التدفقات الخارجة كشفت عن مدى هشاشة الاقتصاد الذي بناه السيسي"، كما أضاف كالداس.

وتابع: "في عام 2019، قبل هذه الصدمات الخارجية، كان من الواضح بالفعل أنه مع ارتفاع معدلات الفقر وانخفاض المشاركة في القوى العاملة وانكماش القطاع الخاص، فشل الاقتصاد المصري في تعزيز النمو الشامل أو نمو القطاع الخاص أو خلق فرص العمل".

وزاد بأنه "لتجنب التخلف عن السداد والحفاظ على ما تبقى من الدولارات القليلة، قيدت الحكومة الوصول إلى العملة الصعبة للواردات؛ مما خنق النشاط الاقتصادي والاستثمار".

كالداس قال إنه "بعد مفاوضات مطولة في عام 2022، توصلت الحكومة إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج اقتراض جديد بقيمة 3 مليارات دولار فقط على مدار 46 شهرا، ولكنه جاء لأول مرة مع محاولات جوهرية لمعالجة هيمنة النظام على الاقتصاد والاستغلال الجائر لمالية الدولة".

وأوضح أن "برنامج الصندوق الجديد دعا إلى شفافية غير مسبوقة بشأن الشؤون المالية لجميع شركات القطاع العام، بما في ذلك المملوكة للجيش، لكن الحكومة فشلت في الوفاء بالتزاماتها؛ ما انعكس في رفض الصندوق إجراء مراجعة للبرنامج وصرف شرائح إضافية من القرض".

واستدرك: "لكن الصندوق يناقش حاليا مضاعفة حجم قرض مصر، وأعلنت المفوضية الأوروبية عن استثمارات بقيمة 9 مليارات يورو.. ويجب أن تكون هذه التمويلات مشروطة كحافز للبدء أخيرا في تفكيك سياسات وممارسات النظام المفترسة والمتهورة".

و"عند التفكير في أداء الاقتصاد المصري خلال السنوات العشر الأولى من حكم السيسي (بدأ في عام 2014)، من الصعب فهم على أي أساس يعتقد أنه يصالح لولاية رئاسية ثالثة مدتها 6 سنوات"، كما زاد كالداس.

اقرأ أيضاً

على عكس مرسي.. هكذا يتمسك السيسي بالرئاسة عبر غزة وإسرائيل

المصدر | تيموثي كالداس/ المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

قيادي بـ"مستقبل وطن": جولة السيسي الخليجية تحمل رسائل استراتيجية وتدعم التضامن العربي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال المهندس مصطفى مزيرق، القيادي بحزب مستقبل وطن، إن جولة  الرئيس عبدالفتاح السيسي، الخليجية، والتي تشمل قطر والكويت، تأتي في توقيت بالغ الأهمية وتحمل عددا من الدلالات الاستراتيجية، في وقت تعيش فيه المنطقة عددًا لافتًا من التحديات الإقليمية الراهنة، ما يدفع من ضرورة تعزيز وتيرة التضامن العربي العربي، لمواجهة تلك التحديات ومزيد من التنسيق لمواجهتها والزود عن مخاطرها.

ولفت مزيرق، إلى أن  الرئيس يضع قضايا الأمة العربية في مقدمة أولوياته، ولاسيما القضية الفلسطينية التي أطلق عليها سابقا ب"قضية القضايا"، مشيرا إلى أن دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وفقا لمبادرات السلام والقرارات الدولية، ترأست مباحثات الرئيس السيسي ونظيره القطري، قبيل اختتام زيارة السيد الرئيس للدوحة، ناهيك عن أهمية تعزيز جهود الوساطة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية للوصول إلى وقف إطلاق النار ووضع حد لنهاية الحرب على غزة التي شهدت جرائم حرب من الكيان الصهيوني ضد الأشقاء الفلسطينيين.

وثمن المهندس مصطفى مزيرق، عاليا، مخرجات زيارة  الرئيس للدوحة، والتي ترأستها التفاهمات بين قيادتي البلدين والتوافقات حول كافة الملفات المطروحة، ولاسيما وبجانب القضايا الإقليمية الشائكة، كان هناك توافقا على حزمة استثمارات قطرية مباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار خلال الفترة المقبلة، وهو ما يعزز من متانة العلاقات الوثيقة بين البلدين الشقيقين، ويؤكد الثقة الدولية في المناخ الاستثماري المصري، وقدرته على جذب مزيد من الاستثمارات بفضل الإصلاحات الهيكلية على المستوى التشريعي والبنية التحتية ورقمنة الخدمات المقدمة.

وأشاد مزيرق، كذلك، بالاستقبال التاريخي  للرئيس عبدالفتاح السيسي في الدوحة، وكذلك ما شهدناه مساء اليوم في الشقيقة الكويت، وهو ما يعكس حالة الحب والإخاء التي تكنه الدول العربية لشقيقتهم الكبرى مصر، وثقتهم في قيادتها الرشيدة، وما تلعبه من دور محوري إقليمي ودولي، لإحلال السلام وحلحلة الأزمات العالقة ومساعدة بعض الدول الشقيقة للخروج من كبوتها تأسيسا على الحفاظ على مفهوم الدولة الوطنية.

واختتم مزيرق، حديثه بالقول: إن قرارات  الرئيس وتحركاته وجولاته الخارجية ومواقفه التاريخية تؤكد قطعا أن مصر ستظل حائط الصد للدفاع عن قضايا أمتها العربية وأن الأمن القومي العربي جزء متأصل من الأمن القومي المصري، مؤكدا أن الشعب المصري يقف خلف قيادته السياسية داعما لها ومؤيدا لقراراتها وسيظل ظهيرا وسندا للسيد الرئيس الذي لطالما يبذل كل الجهد لتوفير حياة كريمة لأبناء شعبه ويحافظ على مصلحة أمته، ويقف صلدا أمام التحركات العدائية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وزعزعة أمن واستقرار المنطقة برمتها.

مقالات مشابهة

  • حزب الاتحاد: جولة الرئيس السيسي الخليجية خطوة إستراتيجية لتعزيز التعاون العربي
  • التسويق السياحي كأداة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد والهوية
  • العرباوي :الرئيس تبون وضع أسس رؤية استراتيجية تنموية
  • الرئيس السيسي يختتم زيارته للكويت بمباحثات إستراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية
  • رئيس الحركة الوطنية: جولة الرئيس السيسي الخليجية خطوة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية
  • قيادي بـ"مستقبل وطن": جولة السيسي الخليجية تحمل رسائل استراتيجية وتدعم التضامن العربي
  • بسمة جميل: جولة الرئيس السيسي الخليجية خطوة مهمة لتعزيز الموقف العربي
  • شراكة استراتيجية تخدم مصالح الشعبين.. الصحف القطرية تبرز زيارة الرئيس السيسي للدوحة
  • مستقبل وطن: جولات الرئيس السيسي تجسد رؤية مصر لتعزيز التضامن العربي ودعم فلسطين
  • ورشة عمل تعريفية بالجمعية الطبية السورية الألمانية لتعزيز العمل التشاركي ‏والنهوض بالواقع الصحي