الإسرائيلى الذى يستحق تقديرنا
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
لا الضباب مُطلق، ولا القبح شامل، لذا ينظر المرء بإكبار وتقدير إلى الذين ينحازون للحق، على حساب المال، والنفوذ، والرضا السلطوى أو الشعبى.
فهؤلاء هُم مَن صدقوا مع ذواتهم، وأرضوا ضمائرهم، وتحملوا مخاطر وآلامًا، وهم فلتات استثنائية على مر التاريخ.
ومنهم أكاديمى إسرائيلى، يستحق أن ننتبه له، ونقرأه، ونُحلله، وهو المؤرخ إيلان بابيه، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة إكستر ببريطانيا.
ويعتبر كتابه الأبرز «التطهير العرقى فى فلسطين» والذى نشره فى لندن سنة 2006، وترجمته لاحقا مؤسسة الدراسات الفلسطينية، أهم وثيقة تفضح سلسلة الجرائم التى قامت عليها إسرائيل. والكتاب ينطلق من تصحيح الرؤية الإسرائيلية لحرب 1948 من كونها حرب استقلال إلى إبرازها على حقيقتها كواحدة من أكبر جرائم التاريخ الحديث. ففى هذه الحرب تحديدا، طرد أكثر من مليون فلسطينى من ديارهم، وارتكبت مجازر بحق المدنيين، ودمرت مئات القرى وُطمست الحقائق.
لكن إيلان بابيه، العالم المُنصف، ينزع رداء انتمائه لدولة عنصرية دموية، ليُشير إلى أن أبطال التاريخ الصهيونى مثل بن جوريون، وشاريت، ورابين، وغيرهم، ليسوا سوى مجرمين تجب محاكمتهم بتهمة التطهير العرقى.
يعود المؤرخ إلى وثائق تاريخية محفوظة، ليكشف لنا كيف اجتمع يوم 10 مارس 1948 فى مبنى منظمة «الهاجاناه» بتل أبيب أحد عشر رجلا، ووضعوا خطة لتطهير فلسطين عرقيا من العرب، سميت بالخطة «دالت»، وكيف اعتمدت هذه الخطة وسائل التطهير لتشمل قتل المقاومين، وإثارة الفزع، وحرق المنازل والأملاك وزرع الألغام وطرد السكان. نُفذت الخطة على مدى ستة شهور، وأسفرت عن طرد 800 ألف فلسطينى من ديارهم، وتدمير 531 قرية، و11 حيا حضريا.
يقول «بابيه» إننا نعرف أسماء القتلة، ونعرف أسماء الضباط الكبار الذين نفذوا الأوامر على الأرض، وجميعهم وصفوا بالأبطال، وعلى رأسهم «بن جوريون» نفسه الذى قال «أؤيد التطهير العرقى، ولا أرى فيه شيئا غير أخلاقي».
ويكشف الكتاب دور الضابط البريطانى أورن وينغيرت الذى خدم بالجيش البريطانى، وأرسل إلى فلسطين سنة 1936، وافتتن بالحلم الصهيونى، وكيف أقنع المنظمات الصهيونية بضرورة التحول إلى العمل الإرهابى العنيف، لقد كانت منظمة الهاجاناه الصهيونية منشأة لحماية المستعمرات داخل فلسطين، فاسمها بالعبرية يعنى «الدفاع» لكنها تحولت للهجوم على العرب وإرهابهم بعد انضمام «وينغيرت»، إذ نفذ أول هجوم واحتلال لقرية عربية سنة 1938.
وبعد تنفيذ خطة «دالت» تعرضت قرية دير ياسين لمذبحة مروعة، وبحسب بابيه كان الإسرائيليون يطلقون الرصاص على النساء للتسلية. وبعدها انتقل القتلة إلى أربع قرى هى قالونيا، سارس، بيت سوريك، وبدو، ولم تستغرق كل قرية سوى ساعة واحدة للقضاء على أهلها، ثم يعرض الكاتب تفاصيل ما تم تنفيذه فى كل مكان: حيفا، يافا، صفد، بيسان، وغيرها. ففى عين الزيتون، جرى تقييد أكثر من سبعين شخصا، وإلقاؤهم على الأرض، وصرخ القائد فى جنوده «اذهبوا واقتلوهم جميعا»، ثم قال «هكذا حلت المشكلة».
يقول المؤلف «لم تكن المذابح التى ترتكبها الهاجاناه نوعا من العقاب على صفاقة ما فحسب، وإنما أيضا لأن الهاجاناه لم يكن لديها معسكرات اعتقال لأسرى الحرب تستوعب العدد الكبير من الأسرى».
ولم يكتف «بابيه» ببحثه العظيم عن التطهير العرقى الإسرائيلى، وإنما قدم لنا كتابا لا يقل روعة بعنوان «سبع خرافات عن إسرائيل»، وهو ما جعل وجوده داخل الدولة الصهيونية موضع خطر دائم، فهاجر إلى بريطانيا للعمل فى المجال الأكاديمى.
لقد انتصر الإسرائيلى المولود فى حيفا لضميره الإنسانى فأحق الحق، واستحق احترامنا.
والله أعلم.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: استثنائية مر التاريخ
إقرأ أيضاً:
السعودية: تصريحات نتنياهو الاستفزازية هدفها صرف النظر عن الجرائم الإسرائيلية في غزة بما فيها التطهير العرقي
سرايا - ثمنت المملكة العربية السعودية ما أعلنته الدول الشقيقة من شجب واستهجان ورفض تام حيال ما صرح به بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مشيرة إلى أن هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق وارتباطه الوجداني والتاريخي والقانوني بهذه الأرض.
وجاء ذلك في بيان صدر عن وزارة الخارجية الأحد فيما يلي نصه :
تثمن المملكة العربية السعودية ما أعلنته الدول الشقيقة من شجب واستهجان ورفض تام حيال ما صرح به بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، كما تثمن المملكة هذه المواقف التي تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية لدى الدول العربية والإسلامية.
وفي هذا الصدد؛ تؤكد المملكة رفضها القاطع لمثل هذه التصريحات التي تستهدف صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي.
وتشير المملكة إلى أن هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق وارتباطه الوجداني والتاريخي والقانوني بهذه الأرض، ولا تنظر إلى أن الشعب الفلسطيني يستحق الحياة أساساً؛ فقد دمرت قطاع غزة بالكامل، وقتلت وأصابت ما يزيد على (160) ألف أكثرهم من الأطفال والنساء، دون أدنى شعور إنساني أو مسؤولية أخلاقية.
وتؤكد أن الشعب الفلسطيني الشقيق صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
وتُشير إلى أن أصحاب هذه الأفكار المتطرفة هم الذين منعوا قبول إسرائيل للسلام، من خلال رفض التعايش السلمي، ورفض مبادرات السلام التي تبنتها الدول العربية، وممارسة الظلم بشكل ممنهج تجاه الشعب الفلسطيني لمدة تزيد على (75) عاماً، غير آبهين بالحق والعدل والقانون والقيم الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة ومن ذلك حق الإنسان في العيش بكرامة على أرضه.
كما تؤكد المملكة أن حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخاً، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، وأن السلام الدائم لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين.
وسوم: #فلسطين#السعودية#الجرائم#غزة#الاحتلال#الشعب#الرئيس
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 09-02-2025 08:37 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية