بين شهيد ومطارد وأسير.. عائلة جابر نموذج معاناة متكامل للفلسطيني
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
طولكرم- لوهلة ظن الفلسطيني سامر جابر (أبو عدي) أنه اقتحام عادي ينفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم بشمال الضفة الغربية، وأنها مجرد ساعات تنتهي وتنقضي معها حالة من الخوف عاشها وعائلته قلقا على نجله محمود الذي أصيب بنيران الاحتلال.
وفي عملية عسكرية إسرائيلية مكتملة الأركان شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء أمس السبت، تواصلت لأكثر من 12 ساعة، واستخدم فيها آلياته وجرافاته العسكرية على الأرض، وطائراته المسيرة التي تقصف صواريخها من الجو، قتل 5 شبان، وجرح واعتقل العديد، ودمر البنية التحتية في المخيم، وهدم 3 منازل أحدها بيت أبو عدي.
كان أبو عدي طوال تلك الساعات ينتظر أحدا يطمئنه على ابنه محمود (23 عاما) المصاب والمضرج بدمائه بين أحد أزقة حارة المنشية وسط المخيم، ولم يعرف أنه غدا شهيدا، بعد 6 ساعات تركه الاحتلال ينزف خلالها، دون أن يسمح للأطقم الطبية بالوصول إليه وإنقاذه، وكانت إصابته "خفيفة" كما وصفها هو نفسه لأصدقائه، ومن تحدث إليهم عبر الهاتف.
وبصاروخ من طائرة مسيرة قصفت الموقع الذي وُجد به، استشهد المقاوم محمود جابر، كما استشهد آخرون بقصف ثانٍ، بينما كانت آليات الاحتلال على الأرض تجرِّف الشوارع وتدمرها، واعتلى قناصة الجيش أسطح البنايات بمجرد اقتحامهم للمخيم لاستهداف كل ما يتحرك بنيران بنادقهم.
ورغم صعوبة المشهد وأثر وقعه على أبو عدي وعائلته، غير أنه كان متوقعا، فالاحتلال كان يطارد نجله الشهيد محمود، ولا يزال يطارد شقيقه الأكبر محمد جابر (أبو شجاع، 25 عاماً) ويستهدف كل أقاربه للضغط عليه والنيل منه، حيث يتزعم "كتيبة مخيم نور شمس" المقاومة، ويطلبه الاحتلال ومقاومين آخرين بالمخيم.
"طريق خطّوه ومشوا فيه"وباستشهاد محمود تكون عائلة أبو عدي جابر قد جمعت بين كل أشكال المعاناة الفلسطينية، بدءا بنكبتهم وتهجيرهم من بلدتهم قنير قضاء حيفا، التي لطالما حكى لأبنائه عنها، وانتهاء بحالة اللجوء في مخيم نور شمس، وبين الحدثين حكايات كثيرة بين الأسر والموت والتهجير والهدم والمطاردة.
اعتقل أبو عدي و3 من أبنائه لمرات عدة وسنوات كثيرة، وما زال اثنان منهم (عدي وأحمد) رهن الاعتقال حتى الآن، وهدم منزله مرتين بشكل جزئي وكامل، وعاث به الاحتلال خرابا ودمارا خلال عشرات الاقتحامات، خاصة في الآونة الأخيرة خلال ملاحقة أبنائه، وتعرض وزوجته وأطفاله لأذى مباشر بالاعتداء والتنكيل من جنود الاحتلال، حتى إنهم كانوا يهجرون منزلهم ليلا ويعودون له نهارا.
منزل سامر جابر قبل قصفه من قِبل الاحتلال حيث هجره بعد اقتحام الجيش (الجزيرة)يقول أبو عدي للجزيرة نت، بينما تدافع المئات من أبناء المخيم وخارجه لتعزيته باستشهاد ابنه في قاعة المخيم "مشهد الموت صعب، والفراق أصعب، لكنه الطريق الذي خطه أبنائي بمقاومتهم ومشوا فيه، وأدركوا أن مصيرهم بين النصر أو الشهادة" ويضيف "الأمل بالعودة للوطن والانتصار يتحقق بالدم والشهداء، وبغيره لن نتحرر".
ويتابع أبو عدي "حتى آخر لحظة، وقبل استشهاده بساعتين، التقيت بمحمود بين أزقة المخيم، وتحدثت إليه ببضع كلمات، وطلب مني أن أدعو له وأوصاني برعاية نفسي، وتبسم ثم فارق ولسان حاله كما يخبرني دائما أنه ماضٍ بهذا الدرب، وأن كل اعتداءات الاحتلال لن تثنيه أو تنال منه".
"نصر أو شهادة"يقول إبراهيم النمر إحدى قيادات مخيم نور شمس "لا ذنب لهذا اللاجئ المهجَّر من أرضه والمشرد في أصقاع شتى، إلا أنه حلم بالعودة إليها، وتحريرها من نيران الاحتلال، فكان مصيره الموت"، ويضيف أن هذا حال صديقه المواطن سامر جابر الذي وقف ثابتا، يصبر المعزين له باستشهاد نجله، وهو يتمتم محتسبا إياه شهيدا عند الله.
ويواصل النمر حديثه للجزيرة نت "لم تتوقف معاناة أبو عدي عند قصة استشهاد ابنه، فلديه مطارد آخر قد يكون الموت مصيره، ولديه أسيران أيضا، وقصف منزله عقابا له ولعائلته، ولكن ذلك لم يؤثر به".
وأمام هذا المصير المجهول وانغلاق كل أفق بحل سياسي، يقول القيادي النمر "لا خيار للفلسطينيين سوى العيش بهذه المرحلة، وهي إما نصر وعودة باتجاه الوطن الأم، حيفا وكل المناطق التي هجروا منها، أو الموت والاستشهاد"، ويضيف "لا هجرة ثانية ولا خيار آخر، فكل أشكال المأساة جربناها".
ودَّع الشهيد محمود قبل فترة أصدقاء ومقاومين معه في المخيم، واليوم يودعه والده وعائلته، وبينهم شقيقه المطارد "أبو شجاع"، على وقع هتافات الانتقام والثأر له، بينما تصرخ عمته عند ثلاجة الموتى في مشفى الشهيد ثابت الحكومي "طلبتها ونلتها يا عمتي، يا مهجة قلبي، الله يرحمك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مخیم نور شمس
إقرأ أيضاً:
ارتفاع عدد ضحايا العدوان على غزة لـ45317 شهيدًا.. والاحتلال يرتكب 5 مجازر خلال 24 ساعة
أكدت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الاثنين، ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 45317 شهيدًا وإصابة 107713 آخرين منذ 7 أكتوبر لعام 2023.
وأفادت الصحة الفلسطينية، في تقريرها اليومي، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت نحو 5 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، ووصل منها للمستشفيات 58 شهيدًا و86 مصابًا خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وأضافت الصحة الفلسطينية، أنه لايزال عدد من الضحايا متواجدين تحت الركام وفي الطرقات، مشيرة إلى أن طواقم الإسعاف والدفاع المدني لا تستطيع الوصول إليهم.
يذكر أن، حركة حماس بدأت عملياتها العسكرية «طوفان الأقصى» ضد الاحتلال الإسرائيلي، يوم السبت الموافق 7 أكتوبر 2023، وجاء ذلك كرد فعل على كافة الأعمال الإجرامية والمجازر المتنافية للقوانين الدولية التي ترتكب ضد المدنيين الفلسطينيين.
وفي منتصف تلك الأحداث نفذت هدنة بين طرفي الصراع لمدة 7 أيام تقريبًا، وتم ذلك بوساطة جهود مصرية قطرية أمريكية، وشملت هذه الهدنة وقف إطلاق النار داخل قطاع غزة والحفاظ على أرواح الأطفال والمدنيين، بالإضافة إلى تبادل الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين المتواجدين في أيدي المقاومة والاحتلال الصهيوني.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة لليوم الـ444 ردًا على عملية طوفان الأقصى، مما أسفر عن وقوع أكثر من 54 ألف شهيد وآلاف المصابين والمفقودين.
اقرأ أيضاًالصحة الفلسطينية تناشد المجتمع الدولي لإدخال المساعدات إلى مستشفى كمال عدوان
الصحة الفلسطينية: قطاع غزة كشف الوجه القبيح والإجرامي للعدو الإسرائيلي
الصحة الفلسطينية: ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 44758 شهيدا