طولكرم- لوهلة ظن الفلسطيني سامر جابر (أبو عدي) أنه اقتحام عادي ينفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم بشمال الضفة الغربية، وأنها مجرد ساعات تنتهي وتنقضي معها حالة من الخوف عاشها وعائلته قلقا على نجله محمود الذي أصيب بنيران الاحتلال.

وفي عملية عسكرية إسرائيلية مكتملة الأركان شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء أمس السبت، تواصلت لأكثر من 12 ساعة، واستخدم فيها آلياته وجرافاته العسكرية على الأرض، وطائراته المسيرة التي تقصف صواريخها من الجو، قتل 5 شبان، وجرح واعتقل العديد، ودمر البنية التحتية في المخيم، وهدم 3 منازل أحدها بيت أبو عدي.

سامر جابر يشير إلى مكان الرصاص خلال اقتحام سابق لجيش الاحتلال لمنزله (الجزيرة) تركوه ينزف

كان أبو عدي طوال تلك الساعات ينتظر أحدا يطمئنه على ابنه محمود (23 عاما) المصاب والمضرج بدمائه بين أحد أزقة حارة المنشية وسط المخيم، ولم يعرف أنه غدا شهيدا، بعد 6 ساعات تركه الاحتلال ينزف خلالها، دون أن يسمح للأطقم الطبية بالوصول إليه وإنقاذه،  وكانت إصابته "خفيفة" كما وصفها هو نفسه لأصدقائه، ومن تحدث إليهم عبر الهاتف.

وبصاروخ من طائرة مسيرة قصفت الموقع الذي وُجد به، استشهد المقاوم محمود جابر، كما استشهد آخرون بقصف ثانٍ، بينما كانت آليات الاحتلال على الأرض تجرِّف الشوارع وتدمرها، واعتلى قناصة الجيش أسطح البنايات بمجرد اقتحامهم للمخيم لاستهداف كل ما يتحرك بنيران بنادقهم.

ورغم صعوبة المشهد وأثر وقعه على أبو عدي وعائلته، غير أنه كان متوقعا، فالاحتلال كان يطارد نجله الشهيد محمود، ولا يزال يطارد شقيقه الأكبر محمد جابر (أبو شجاع، 25 عاماً) ويستهدف كل أقاربه للضغط عليه والنيل منه، حيث يتزعم "كتيبة مخيم نور شمس" المقاومة، ويطلبه الاحتلال ومقاومين آخرين بالمخيم.

"طريق خطّوه ومشوا فيه"

وباستشهاد محمود تكون عائلة أبو عدي جابر قد جمعت بين كل أشكال المعاناة الفلسطينية، بدءا بنكبتهم وتهجيرهم من بلدتهم قنير قضاء حيفا، التي لطالما حكى لأبنائه عنها، وانتهاء بحالة اللجوء في مخيم نور شمس، وبين الحدثين حكايات كثيرة بين الأسر والموت والتهجير والهدم والمطاردة.

اعتقل أبو عدي و3 من أبنائه لمرات عدة وسنوات كثيرة، وما زال اثنان منهم (عدي وأحمد) رهن الاعتقال حتى الآن، وهدم منزله مرتين بشكل جزئي وكامل، وعاث به الاحتلال خرابا ودمارا خلال عشرات الاقتحامات، خاصة في الآونة الأخيرة خلال ملاحقة أبنائه، وتعرض وزوجته وأطفاله لأذى مباشر بالاعتداء والتنكيل من جنود الاحتلال، حتى إنهم كانوا يهجرون منزلهم ليلا ويعودون له نهارا.

منزل سامر جابر قبل قصفه من قِبل الاحتلال حيث هجره بعد اقتحام الجيش (الجزيرة)

يقول أبو عدي للجزيرة نت، بينما تدافع المئات من أبناء المخيم وخارجه لتعزيته باستشهاد ابنه في قاعة المخيم "مشهد الموت صعب، والفراق أصعب، لكنه الطريق الذي خطه أبنائي بمقاومتهم ومشوا فيه، وأدركوا أن مصيرهم بين النصر أو الشهادة" ويضيف "الأمل بالعودة للوطن والانتصار يتحقق بالدم والشهداء، وبغيره لن نتحرر".

ويتابع أبو عدي "حتى آخر لحظة، وقبل استشهاده بساعتين، التقيت بمحمود بين أزقة المخيم، وتحدثت إليه ببضع كلمات، وطلب مني أن أدعو له وأوصاني برعاية نفسي، وتبسم ثم فارق ولسان حاله كما يخبرني دائما أنه ماضٍ بهذا الدرب، وأن كل اعتداءات الاحتلال لن تثنيه أو تنال منه".

"نصر أو شهادة"

يقول إبراهيم النمر إحدى قيادات مخيم نور شمس "لا ذنب لهذا اللاجئ المهجَّر من أرضه والمشرد في أصقاع شتى، إلا أنه حلم بالعودة إليها، وتحريرها من نيران الاحتلال، فكان مصيره الموت"، ويضيف أن هذا حال صديقه المواطن سامر جابر الذي وقف ثابتا، يصبر المعزين له باستشهاد نجله، وهو يتمتم محتسبا إياه شهيدا عند الله.

ويواصل النمر حديثه للجزيرة نت "لم تتوقف معاناة أبو عدي عند قصة استشهاد ابنه، فلديه مطارد آخر قد يكون الموت مصيره، ولديه أسيران أيضا، وقصف منزله عقابا له ولعائلته، ولكن ذلك لم يؤثر به".

وأمام هذا المصير المجهول وانغلاق كل أفق بحل سياسي، يقول القيادي النمر "لا خيار للفلسطينيين سوى العيش بهذه المرحلة، وهي إما نصر وعودة باتجاه الوطن الأم، حيفا وكل المناطق التي هجروا منها، أو الموت والاستشهاد"، ويضيف "لا هجرة ثانية ولا خيار آخر، فكل أشكال المأساة جربناها".

ودَّع الشهيد محمود قبل فترة أصدقاء ومقاومين معه في المخيم، واليوم يودعه والده وعائلته، وبينهم شقيقه المطارد "أبو شجاع"، على وقع هتافات الانتقام والثأر له، بينما تصرخ عمته عند ثلاجة الموتى في مشفى الشهيد ثابت الحكومي "طلبتها ونلتها يا عمتي، يا مهجة قلبي، الله يرحمك".

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مخیم نور شمس

إقرأ أيضاً:

1200 مستفيد من المخيم الطبي الـ 15 لـ «الشارقة الخيرية» في كلباء

الشارقة: «الخليج»
بحضور الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب سموّ الحاكم في مدينة كلباء، والدكتور يعقوب النقبي، عضو مجلس إدارة «جمعية الشارقة الخيرية»، وعبدالله سلطان بن خادم، المدير التنفيذي، أطلقت الجمعية مخيمها الطبي ال15 في مدينة كلباء، مستهدفة تقديم خدماتها الصحية المجانية لنحو 1200 شخص، في إطار جهودها الدؤوبة لتعزيز صحة المجتمع، ودعم الأسر المتعففة.
ويشمل المخيم مجموعة واسعة من التخصصات الطبية تشمل: العيون، والأسنان، والباطنية، والنسائية، وطب الشيخوخة، مع مشاركة فاعلة من «القافلة الوردية»، للكشف المبكر عن أمراض السرطان. وتوفير الأدوية المجانية للحالات التي تستدعي العلاج.
وأكد عبدالله سلطان بن خادم، أن المخيم الطبي يأتي تجسيداً لرؤية صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الداعمة لتوفير الرعاية الصحية الشاملة للجميع. وهذه المبادرات ركيزة أساسية في عمل الجمعية، نحو مجتمع أكثر صحة وسلامة.
وأوضح أن الجمعية تحرص على أن تكون خدماتها الطبية مجانية بالكامل، بدايةً من الفحص وحتى صرف الأدوية اللازمة، بما يخفف الأعباء المالية عن المرضى. والمخيم يوفر أحدث الأجهزة الطبية ويشرف عليه نخبة من الأطباء والمتخصصين لضمان تقديم خدمات ذات جودة عالية. وأشار إلى أن استهداف 1200 شخص، يأتي ضمن خطة الجمعية للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستفيدين، مع التركيز على توعية المجتمع بأهمية الكشف المبكر، لاسيما عبر مشاركة «القافلة الوردية».
وأضاف أن الجمعية مستمرة في تنظيم مثل هذه المخيمات الطبية دورياً، تعزيزاً لدورها الإنساني والتنموي، ومواكبةً لتوجهات إمارة الشارقة نحو تحقيق أعلى مستويات جودة الحياة والصحة العامة.
ودعا أفراد الجميع، خصوصاً الفئات المحدودة الدخل، للاستفادة من الفحوص والعلاجات المجانية.

مقالات مشابهة

  • سلسلة جرائم إسرائيلية.. سقوط 1079 شهيدًا فلسطينيًا خلال أسبوع
  • مبتورو الأطراف بغزة.. معاناة تتفاقم مع الحصار وإبادة الاحتلال
  • 2,180 عائلة في القطاع أبادهم الاحتلال ومسحهم من السجلات
  • محمود فوزي: مشروع قانون الثروة المعدنية نموذجًا للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
  • ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة إلى 52314 شهيدًا
  • الثوابتة: الاحتلال يقتل أكثر من 18 ألف طفل وأكثر من 12 الف امرأة واباد أكثر من ألفي عائلة فلسطينية
  • محمود فوزي: مشروع قانون الثروة المعدنية نموذج للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
  • عاجل - غارات الاحتلال الإسرائيلي على غزة تودي بحياة 24 شهيدًا
  • 1200 مستفيد من المخيم الطبي الـ 15 لـ «الشارقة الخيرية» في كلباء
  • الإبادة الجماعية مستمرة.. 53 ألف شهيد و118 ألف جريح في غزة