عربي21:
2025-04-27@05:00:40 GMT

يريدونها حربا دينية

تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT

الإسرائيليون في ورطة بسبب صعود اليمين الديني، وهيمنته على جزء هام من الفضاء السياسي والاجتماعي والقانوني وحتى العسكري، فهو المستفيد الأكبر من التحالف الحكومي الذي تم مع الليكود برئاسة نتنياهو. وقد كشفت الهجرة العكسية لليهود من داخل إسرائيل إلى دول غربية والتي بدأت من قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، عن أسباب متعددة لهذه الهجرة، من بينها تراجع القوى العلمانية سياسيا واجتماعيا، مما ترتب عنه تغير موازين القوى لصالح الجماعات التي تريد تطبيق التعاليم التلمودية في الفضاء العام، وتحويل الكيان إلى دولة توراتية خالصة.



وما الصراع الذي حصل بين التيارين الديني والعلماني حول الإصلاح القضائي إلا دليل قاطع على عمق هذا الانقسام المجتمعي الكبير، وما حمله في طياته من تداعيات مستقبلية ضخمة سواء على البنية الداخلية للمجتمع الإسرائيلي الذي يتجه تدريجيا نحو التفكك. كما أن غلبة اليمين الديني سيدفع بالصراع نحو وجهة دينية من الصعب التكهن بنتائجها. فمن بين رموزه إيتمار بن غفير، من حزب القوة اليهودية ووزير الأمن القومي، المعروف بعنصريته وتحريضه على الإرهاب. وقد سبق الرئيس الإسرائيلي أن حذر منه وقال عنه "كل العالم يخافون منه". وتحدثت عنه صحيفة هاريتس بالقول: "لغة الفصل العنصري هي لغته الأم، لا يعرف غيرها. لقد نشأ على أفكار التفوق اليهودي واليوم في مرحلة البلوغ، يجسد رؤيته للعالم".

أما الشخصية الثانية فهو بتسلئيل وسموتريش، رئيس حزب الصهيونية الدينية ووزير المالية، وهو أيضا من بين الرموز الشرسة لهذا التيار المتعدد التنظيمات والأحزاب.

هذا التيار الراديكالي هو المتسبب الرئيسي في تفجير الأوضاع، وعجّل بعملية طوفان الأقصى. وقد استغل نفوذه داخل الحكومة ليصعد من استهداف المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى، واعتقد بأن الظرف مناسب للشروع في تغيير معالمه تحت حراسة المؤسسة الأمنية وحمايتها، في استفزاز غير مسبوق لمشاعر الفلسطينيين بمسلميهم ومسيحييهم. كما تولى بن غفير بنفسه توزيع الأسلحة على المستوطنين داخل الضفة من أجل إرهاب الفلسطينيين، ومكّنهم من صلاحية تهجيرهم بالقوة للتخلص من وجودهم داخل الضفة الغربية.

الخطاب الصهيوني بامتياز، قائم على الاستعلاء وتوظيف التراث الديني اليهودي بشكل فج. ولا ندري كيف يثق الغرب العلماني في هؤلاء، ويتعامل معهم، ويدعمهم، ويرى فيهم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!! ويصر هذا الغرب العلماني في المقابل على وصف حماس بالإرهابية لمجرد كونها تدافع عن وطنها المحتل
بقطع النظر إن كان كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون" وثيقة حقيقية أم مزيفة روجها خصوم اليهود لتشويههم وتبرير اضطهادهم في أوروبا، فالأكيد أن بعض القادة الدينيين وحتى سياسيين في إسرائيل يرددون خطابا شبيها بما ورد في ذلك الكتاب بشكل مدهش.

يعتبر وزير الداخلية الحاخام أرييه درعي زعيم حزب "الشاش" في مقابلة مع موقع "هيدابروت" العبريأن "العرب هم دوابّ موسى، ويجب علينا فقط ركوبهم للوصول إلى الوجهة النهائية. فشراء سرج جديد وعلف جيد للدابة من واجب صاحبها، ولكن يجب أن ينظر صاحبها إليها كوسيلة للركوب فحسب. مكان الدابة في الإسطبل ولا أحد يذهب بها إلى غرفة استقبال بيته. إن المسلمين سيبقون عدواً لليهود ما دام القرآن كتابهم، والعرب هم أبناء هاجر أَمَة إبراهيم لذلك يجب أن يكونوا عبيدا لليهود. الشعب اليهودي هو شعب الله المختار، وهو الشعب الحامل للرسالة وليس لغيره الحق في ذلك، وكل من يدعي ذلك يستحق العذاب".

من بين القادة رئيس الحكومة نتنياهو الذي أعلن في إحدى المناسبات "نحن أمة النور.. هم (يقصد غير اليهود) شعوب الظلام". وأكد على أن "الشعوب الأخرى ستكون الحارثين التابعين لنا، ستمتصون حليب الأمم، وإن ثرواتها ستكون من نصيبنا وسيعمها الظلام". هذا الخطاب الصهيوني بامتياز، قائم على الاستعلاء وتوظيف التراث الديني اليهودي بشكل فج. ولا ندري كيف يثق الغرب العلماني في هؤلاء، ويتعامل معهم، ويدعمهم، ويرى فيهم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!! ويصر هذا الغرب العلماني في المقابل على وصف حماس بالإرهابية لمجرد كونها تدافع عن وطنها المحتل.

لا بد من مواجهة هذه النزعة التخريبية التي تهدف إلى تديين الصراع في فلسطين. لقد تبلور خطاب فلسطيني وطني غير معاد للإسلام والأديان، يعتبر الصراع مع الكيان الصهيوني صراعا سياسيا في جوهره، وحتى حركة حماس التي لا تخفي مرجعيتها الدينية تتجنب في خطابها الرسمي التورط في وصف الصراع بكونه دينا ضد دين. وعلى القيادة أن تواصل التأكيد على ذلك، ولا تسمح لأي كان بتجاوز الثوابت الوطنية الجامعة لكل الفلسطينيين بتعددهم الديني والعقدي والسياسي.

القوى الدينية الإسرائيلية المتطرفة تعمل بدون كلل ولا ملل على جر المقاومة إلى ساحة الحرب الدينية، لأنها تعلم أن ذلك سيُدخل البلبلة في الساحة الفلسطينية، ويسهل الطريق إلى عزلها والانفراد بها من قبل كل القوى في الداخل والخارج من أجل التخلص منها
فالقوى الدينية الإسرائيلية المتطرفة تعمل بدون كلل ولا ملل على جر المقاومة إلى ساحة الحرب الدينية، لأنها تعلم أن ذلك سيُدخل البلبلة في الساحة الفلسطينية، ويسهل الطريق إلى عزلها والانفراد بها من قبل كل القوى في الداخل والخارج من أجل التخلص منها.

ويكفي أن تعترف الدوائر الإسرائيلية بأن من بين العوامل التي جعلت رئيس الحركة يحيى السنوار "يحظى بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني قبل وبعد إطلاق طوفان الأقصى، أنه كان يخاطب الشعب بكل ألوانه وفصائله".. لا يتدخل في خصوصيات أي طرف ولا يتعرض لعقيدته، يجمع ولا يفرق، وما يشغله هو الوطن والبحث عن سبل تخليص فلسطين من هذا الكابوس.

وكم كان جميلا وراقيا عندما رد أحد القسيسين في بيت لحم على سؤال أحدهم: ماذا لو لم يتمكن المسلمون من الأذان في مسجدهم، أجاب على الفور: أؤذن بدلا عنهم.. بهذه العقلية والروح يمكن تفويت الفرصة على دعاة تحريك الفتن والتعيّش منها، وقتل القضايا العادلة وتشويه النضال الصادق. هؤلاء قوم يخربون بيوتهم بأيديهم.. لن يكون لهم مستقبل إذا لم يجدوا من يجاريهم في غثيانهم وهيجانهم الذي لن يتوقف إلا بانقراضهم، وكلما أصروا وتوغلوا في هذا الطريق ألّبوا العالم ضدهم، وسيتخلى عنهم حتى حلفاؤهم المقربون.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيليون الصراع اليهودية الفلسطينيين المسلمين إسرائيل فلسطين المسلمين اليهود صراع مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من بین

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: المؤسسات الدينية تبذل جهودًا كبيرة في نشر الوسطية

أكد دكتور/ نظير محمد عياد، مفتي جمهورية مصر العربية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، على أهمية توظيف الفقه الإسلامي وأصوله في مواجهة التحديات المعاصرة التي تعيق بناء الإنسان، مثل العولمة الثقافية والغزو الفكري وفقدان الهوية.

وأشار عياد، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر العلمي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، تحت عنوان "بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة"، إلى أن التحديات الراهنة التي تعيق مهمة بناء الإنسان تشمل أيضًا "فوضى الفتاوى" والتغيرات الجيوسياسية، مؤكدًا أن المؤسسات الدينية كالأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف تبذل جهودًا كبيرة في نشر الوسطية ومواجهة الأفكار المنحرفة، قائلا "لا بد من تعاون مؤسسي شامل لتكثيف الجهود في حماية الإنسان وتحصينه بالإيمان والمعرفة والانتماء".
 
واستعرض مفتي الجمهورية جهود الفقهاء التاريخية في مراعاة مصالح الإنسان عبر قواعد مثل "سد الذرائع" و"فقه الأولويات"، مشيرًا إلى أن هذه المنظومة مكّنت الفقه الإسلامي من التكيف مع متغيرات العصر، مؤكدا أن خصائص المرونة والسعة في الفقه جعلته قادرًا على استيعاب النوازل وضمان استقرار المجتمعات".

وطرح عياد خلال مشاركته بالمؤتمر عدة مبادرات علمية ومجتمعية، منها: إعداد "معلمة بناء الإنسان في ضوء الفقه الإسلامي" وذلك بالتعاون بين دار الإفتاء وكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وإطلاق جائزة سنوية لأفضل بحث علمي يسهم في تأصيل مفاهيم بناء الإنسان، وتطوير مناهج جامعية متخصصة في "فقه بناء الإنسان" تجمع بين الأبعاد التشريعية والمقاصدية، اضاف إلى إصدار سلسلة كتب مبسطة تستهدف الشباب لتوضيح دور الفقه في مواجهة التحديات المعاصرة، داعيا  إلى تعزيز مشاركة كليات الشريعة في الفعاليات التوعوية، قائلًا: "التحديات تتطلب تضافر الجهود الأكاديمية والمجتمعية لترسيخ القيم الدينية والإنسانية".

وينعقد المؤتمر العلمي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، اليوم برعاية  الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تحت عنوان "بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة"، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين، للتباحث حول رؤى مبتكرة تعزز بناء الإنسان وتصنع الحضارة في مواجهة تحديات العصر، وإبراز دور المنظومة التشريعية في تحقيق مقتضيات بناء الإنسان وتفعيل خطط التنمية المستدامة، إضافة إلى محاولة استخلاص حلول نوعية ومبتكرة قادرة على تحقيق حياة كريمة للإنسان نابعة من رؤية الدولة المصرية.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: المؤسسات الدينية تبذل جهودًا كبيرة في نشر الوسطية
  • أخطر نهر بالعالم.. تلغراف: هكذا قد يشعل السند حربا عالمية ثالثة؟
  • ميتا تشن حربا على المحتوى العشوائي في فيسبوك
  • الغبارى: أسرائيل لن تخوض حرباً مباشرة مع أى جيش وتستخدم الوكلاء
  • وزير الشؤون الدينية الأندونيسي يلتقي وكيل وزارة الشؤون الإسلامية بالعاصمة جاكرتا
  • نظر دعوى حظر فدوى مواهب ومنعها من التدريس والدعوة الدينية.. غدا
  • روسيا: وجود قوات غربية في أوكرانيا قد يشعل حرباً عالمية
  • قائد الثورة: على الأمة الإسلامية مسؤولية دينية وأخلاقية وإنسانية في مواجهة المشروع الصهيوني
  • إغلاق تابوت البابا فرنسيس في مراسم دينية مهيبة
  • رئاسة الشؤون الدينية تعزّز جهودها الإثرائية لقاصدي المسجد الحرام