الدعم السريع: بين أم باغة والكسّابة (1-2)
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
أثار الصحافي عثمان فضل الله مسألة متعلقة بطبيعة قوات "الدعم السريع" وتراكيبها قلت إثارتها في الخطاب حولها. وقيمة إثارة فضل الله في أنه ممن لا يمكن اتهامه بالتحامل على هذه القوات. فهو من أنصار وقف الحرب الآن وكثير اللوم للقوات المسلحة على امتناعها عن أن تعطي السلام فرصة.
قال فضل الله إن الوضع في الحرب اقترب من الانفلات.
و"أم باغة" مما يطلق على الجماعة من الجنجويد الذين اشتهروا بربط باغات البلاستيك الفارغة سوى من حصى بداخلها بسروج خيولهم خلال مهاجمتهم لأهل القرى لإرهابهم. وبين قوى "الدعم السريع" اليوم طلاب غنيمة آخرون مستنفرون من قبلها عرفوا بـ"الكسابة" (جمع كاسب) ممن كتبت عنهم شبكة "عاين" قصة أخيرة بعنوان "الكسابة: النهابون والدعم السريع".
فلم يعد "الدعم السريع"، بحسب فضل الله، جيشاً موحداً وإنما مجموعات عسكرية يرغب قادة "الدعم" في التنسيق بينها. لكن "المؤشرات جميعها ترجح احتمالية تفككها وتحولها إلى عصابات تهاجم المدن من أجل السلب والنهب في ظل الضعف البائن على الأجهزة الأمنية والعسكرية".
والمصادر عند فضل الله تشير إلى وعي قادة "الدعم" بهذا التطور السلبي وسعيهم لتحاشي مآلاته بتوقيع اتفاق سلام مع القوات المسلحة وحث قادة ميليشياتها على الانضباط. ومن ضمن إجراءات ضبط قواته امتنع "الدعم السريع" عن تسليح "أم باغة" أو "الكسابة" لأنهما قوى غير مستقرة ولا طاقة لها بتشكيل وحدة عسكرية.
هذا الانفلات الذي لفت إليه فضل الله في "الدعم السريع" مما أخذه عليهم أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي بشدة في بيان له بتاريخ السادس من ديسمبر الجاري. فقال إنه بينما ارتكبت القوات المسلحة جرائم حرب نجد "الدعم السريع" يرتكب جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً. فقام بمؤازرة الميليشيات المتحالفة معه بترويع النساء خلال العنف الجنسي، أو مهاجمتهن في منازلهن، أو اختطافهن من الشوارع، أو استهداف أولئك الذين يحاولون الفرار إلى بر الأمان عبر الحدود. وأضاف الوزير الأميركي أن في ذلك صدى من الإبادة الجماعية التي وقعت قبل عقدين من الزمان في دارفور. فطاردوا المدنيين من شعب المساليت هذه المرة أيضاً، وتركوهم ليموتوا في الشوارع، وأضرموا النيران في منازلهم بزعم أنه لا مكان لهم في السودان. وحذر بلينكن من أنه إن لم ترتدع أطراف الحرب فسيخضع تدفق المال والسلاح لهما إلى الرصد والإيقاف.
وبدا أن "الدعم السريع" رأى سوء عاقبة الانفلات عليه فخرج باستراتيجية غير التي كان يلقى بها مثل هذه الاتهامات في أول عهده بها. فكان يرد جرائم النهب والاغتصاب إلى متفلتين بين صفوفه خضعوا للعقاب، أو للقوات المسلحة التي تتزيا استخباراتها بزيه وتفسد في الأرض، أو إلى المحكومين الذين خرجوا من السجون التي لم تعد حفيظاً عليهم بعد اندلاع الحرب. ووجدت هذه الاستراتيجية الجديدة تعبيرها في خطتين: أولهما تقديم "الدعم السريع" ككيان معني بحقوق الإنسان لا مجرد مدافع عن انتهاكه لها. فانتهز سانحة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان من قريب ليحتفي بالمناسبة ويؤكد التزامه بمعانيها. فأكد "الدعم" موقفه الثابت من احترام "حقوق الإنسان والعمل على ترقيتها وتطويرها وحمايتها" التزاماً بقواعد القانون الدولي الإنساني، بل اتخذ من المناسبة منصة لازدراء خصمه السادر في خرق حقوق الإنسان. فأدان الحرب التي يشنها قادة الجيش وحلفاؤهم المتطرفون في حزب "المؤتمر الوطني" لنظام الإنقاذ المباد.
ودفع وعي "الدعم السريع" بشرور الانفلات عليه، من جهة ثانية، للتعبير عن أسفه لأحداث العنف القبلي التي جرت في مدينة الدلنج وما حولها بولاية جنوب كردفان قبل أسبوع. ونعى فقد الأرواح جراء هذا العنف، ودمار الممتلكات، والاستقطاب القبلي دون المنتظر من الجميع في هذه المرحلة المفصلية في الحرب ضد قوى الظلام، أي فلول النظام القديم من وراء الجيش. وهي القوى التي امتهنت، في قوله، الفتنة القبلية لـ30 عاماً من دولتها في البلاد.
وأدان "الدعم" بقوة العنف القبلي في الدلنج وما حولها، وأكد وقوفه على مسافة واحدة من المكونات القبلية. وناشد رموز المنطقة تفويت الفرصة على المتربصين بأمنهم واستقرارهم "لتحقيق مكاسب سياسية عجزوا عن تحقيقها في ميدان الحرب التي أشعلوها في الخرطوم". وجدد "الدعم" التزامه بتأسيس دولة المواطنة بلا تمييز في بلد تميز بالتنوع الذي يريدون له أن يكون عاملاً من عوامل القوة والثراء والاستقرار.
ونواصل
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع فضل الله
إقرأ أيضاً:
النائب العام السوداني: 200 ألف مرتزق أجنبي يقاتلون مع الدعم السريع
قال النائب العام السوداني الفاتح محمد عيسى طيفور إن هناك تقارير تتحدث عن دخول أكثر من 200 ألف مرتزق إلى السودان ليقاتلوا إلى جانب قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
ووفق الفاتح محمد عيسى طيفور، هناك تقارير تتحدث عن دخول أكثر من 200 ألف مرتزق إلى السودان من عدد من الدول.
وأشار إلى أن آخر هؤلاء المرتزقة هم كولومبيون، وهنالك دول جوار معروفة دخلت منها المرتزقة، على حد قوله.
وأضاف طيفور "هؤلاء الكولومبيون جلبوهم من وراء البحار لتدمير البنية التحتية"، مشيرا إلى أن الحكومة الكولومبية اعتذرت وقالت إن هؤلاء الأشخاص قد تم خداعهم.
وأردف "تم القبض على 120 شخصا من المرتزقة وسيحاكمون وفق القوانين السودانية في محاكمات عادلة تتوافر فيها كافة اشتراطات المحاكمة العادلة".
وفي 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت وزارة الخارجية السودانية، تلقيها اعتذارا من كولومبيا على مشاركة بعض مواطنيها في القتال إلى جانب قوات الدعم السريع.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت القوات المشتركة (الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا) والتي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، أنها استولت على قافلة إمداد عسكري لقوات الدعم السريع، تحمل أسلحة ومعدات عسكرية ومرتزقة بينهم كولومبيون.
إعلانوبثت على صفحتها الرسمية عبر فيسبوك مقطع فيديو عرضت من خلاله وثائق تعود لمواطنين كولومبيين يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع، في حين لم يصدر عن الأخيرة أي تعليق بهذا الخصوص.
جرائم حرب
واتهم النائب العام السوداني قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم الاعتداء والقتل بحق المدنيين، كما ارتكبت جرائم عنف جنسي ممثلة في الاسترقاق الجنسي والاغتصاب والحمل القسري بقصد إحداث التغيير الديمغرافي، على حد قوله.
وأضاف "وقد ارتكبت جرائم حرب، وضد الإنسانية، وتطهيرا عرقيا، وكذلك جرائم إرهابية باعتدائها على مطارات مدنية، وإتلافها أجهزة الملاحة وإخراجها عن الخدمة".
وأردف طيفور أن قوات الدعم السريع احتلت 540 ألفا من العقارات المدنية، بينها 80% منازل مواطنين، وأخرجت 250 مستشفى من الخدمة، بينها 14 مستشفى اتخذتها ثكنات عسكرية.
وتابع "إجمالا ارتكبت المليشيا (الدعم السريع) مخالفات تقع تحت البند 18 من القانون الجنائي السوداني الذي يشتمل على مواد متعلقة بجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية وجرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية.
وذكر طيفور أن الدعم السريع ارتكبت جرائم خطيرة أيضا في حق الأطفال، حيث جندت 10 آلاف و500 طفل.