25 أبريل 2019م

الاعتصام أمام القيادة العامة يحمل دلالتين ورمزيتين في تكامل وتضاد، الأولى هي ثورة الشعب وقوة الجماهير ونضالها السلمي ومدلولاتها السياسية والاجتماعية، وتأثير الجماهير الحاسم، والثانية في داخل القيادة العامة ومحيطها حيث توجد القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وهنالك نقاط التقاء عميقة ونقاط تضاد كذلك.



في ثورتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985م واقعيا كان يوجد هنالك جيشان مع اختلاف توازن القوى في كل مرحلة، هما القوات المسلحة والأنانيا الاولى في 1964 والجيش الشعبي في 1985م، وكانت القوات المسلحة فيما يخص الجانب الحكومي هي صاحبة اليد الطولى. الآن يختلف المسرح السياسي، وباختلافات عميقة وربما جذرية في مسرح الترتيبات الأمنية، فاليوم توجد خمسة جيوش بالسودان وربما أكثر ، وهذا يضع قضية الترتيبات الأمنية كأهم قضية، ويضع قضايا الديمقراطية والأمن والمواطنة بلا تمييز في المحك، فما هي هذه الجيوش:

١. القوات المسلحة.
٢. قوات الدعم السريع.
٣. الجبهة الثورية وقوى الكفاح المسلح الأخرى.
٤. التشكيلات العسكرية للإسلاميين والسلفية الحربية.
٥. المليشيات القبلية.

لكل هذه القوى العسكرية تاريخها ومصالحها الاجتماعية والسياسية، ووجود هذه الجيوش وانتشار أكثر من إثنين مليون من قطع السلاح الخفيف على امتداد السودان والحروب الواسعة في ليبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وتشاد وهشاشة الوضع في القرن الاأفريقي يجعل من قضية الترتيبات الأمنية الجديدة في السودان أهمية حاسمة يجب أن تستأثر بأولى اهتمامات القوى السياسية والمجتمع المدني، وأن تكون في مقدمة أجندتها لإنها ذات تأثير فعلي على قضايا الديمقراطية والأمن والمواطنة بلا تمييز والحقوق الدستورية المتساوية، ويجب طرح هذه القضية للحوار بين كافة الأطراف، فالسودان يحتاج إلي ترتيبات أمنية جديدة ورؤية ثاقبة لإدارة هذا الملف، وإعادة هيكلة القوات المسلحة وبناء جيش وطني جديد يأخذ معيار المواطنة بلا تمييز بشكل جدي ويعبر بالسودان نحو المصالحة والسلام الإجتماعي الحقيقي ولن يتأتى ذلك إلا بالقبول برابطة سياسية اقتصادية ثقافية جديدة تنحاز للفقراء والناس العاديين غض النظر عن النوع والإثنية والمنحدر الاجتماعي والإقليم الجغرافي. إننا لا نريد أن نبدّل الضحايا بضحايا آخرين بل نريد انصاف كل الضحايا، إن ذلك يعني في النهاية بناء سودان جديد.

القوات المسلحة:-

حفيدة قوة دفاع السودان، أصلها مع جيش الفتح الغازي وكتشنر باشا، وزرع بذور الوطنية فيها الوطنيون الكبار علي عبداللطيف وعبدالفضيل الماظ وثابت عبدالرحيم وسليمان محمد وفضل المولى وسيد فرح، وانحاز الوطنيون في صفوفها لاسيّما صغار الضباط والرتب المتوسطة وأصحاب الرؤية السليمة في داخلها الي ثورات أكتوبر 1964 وأبريل 1985 وديسمبر 2019م.

فالقوات المسلحة شوهتها الحروب الداخلية ضد قوميات السودان المختلفة والمتنوعة، وكتبت تاريخها بدماء حروب الهامش، وتعرضت لأسوأ فتراتها ومحاولات تهميشها وإذلالها وتفكيكها من طغمة الإسلاميين الحاكمة. ودخلت في داخلها قضايا القبلية والفساد الواسع عبر الإسلاميين وغيرهم، وكان رأس النظام عمر البشير يعتبرها مهدداً لنظامه. وهي الآن في مفترق الطرق ، ولا سبيل لنهوضها الا بإعادة هيكلتها وقد أقر الفريق عماد عدوي بذلك في إحدى محاضرات هيئة الأركان، وتكوينها العلوي نيلي وقاعدتها من الهامش، وهذه إحدى مفارقاتها التي تحتاج الي معالجة في إطار مشروع وطني جديد.

الدعم السريع:

نشأت في الأصل كمليشيا وصدى لحرب النظام في دارفور، وهنالك قضايا كثيرة تؤخذ ضدها، ثم تطور تأثيرها على مستوى السودان، وظن البشير أنها ستعمل على حمايته ضد القوات المسلحة، وبدخولها حرب اليمن لامست تربة السياسات الإقليمية، وباندلاع ثورة الشعب في ديسمبر اتخذ الدعم السريع وجهاً آخراً، فقد رفض قائدها الفريق محمد حمدان حميدتي ضرب المتظاهرين وتعاون مع قيادات في القوات المسلحة والأمن للدفع بآلية الانتقال من النظام القديم إلى نظام جديد، وساهم بدور رئيسي في اعتقال البشير وعزله وإجبار إبنعوف وصلاح قوش على التنحي، وكان أقرب الي الشارع من الفريق كمال عبدالمعروف، وبلور أجندة سياسية أكثر وضوحاً من أي وقت سابق، ولكن لا تزال هنالك مخاوف وقضايا متعلقة بالحرب في دارفور وإدارة العلاقات مع القوات المسلحة والموقف الحاسم من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعلاقات الخارجية.

الدعم السريع يتكون من قوى مهمشة ولها مصالح في بناء نظام جديد قائم على المواطنة بلا تمييز، وتجربته في السودان يجب أن تكون تجربة مختلفة من تجربة الحوثيين في اليمن الذين تحالفوا مع علي عبدالله صالح ثم انقلبوا عليه، والرسائل السياسية التي بعث بها الفريق محمد حمدان حميدتي يجب الترحيب بها ويجب ايجاد تفاهم حقيقي بين القوات المسلحة والدعم السريع وقوى الجبهة الثورية وقوى الكفاح المسلح الأخرى لبناء ترتيبات أمنية جديدة والحفاظ على السلام الاجتماعي والمصالحة في مناطق الحروب وفي كل السودان وتحويل التناقضات بين هذه القوى الي منافع قائمة على بناء نظام جديد، وإعادة هيكلة القوات المسلحة لمصلحة كافة السودانيين على نحو مهني يعكس وجه المجتمع السوداني المتنوع ويبعد الجيش الوطني من التسيس الذي مارسه المؤتمر الوطني بأبشع صنوفه في السنوات الماضية.

الجبهة الثورية وقوى الكفاح المسلح:-

هذه جيوش خرجت من معطف التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ولها قضايا عادلة، ومن الانصاف لها وللمجتمع السوداني إعادة التقييم لتجربة الكفاح المسلح وعلاقتها بالديمقراطية وبالنضال السلمي الجماهيري. إن جيوش الكفاح المسلح تنهض على قاعدة قضايا عادلة والكفاح المسلح أداة لإزالة التهميش وليس صنماً يعبد في حد ذاته، والغرض الرئيسي منها تكوين رابطة سياسية اقتصادية ثقافية جديدة والوصول إلي ترتيبات أمنية مناسبة لحماية هذه الرابطة، ومن مصلحة قوى الكفاح المسلح إعادة هيكلة القوات المسلحة وفق أسس وقواعد تحرس دولة المواطنة بلا تمييز والديمقراطية، ولا تخوض الحروب الداخلية ضد المهمشين، وقوى الكفاح المسلح ساهمت بقوة في اسقاط النظام عبر ثلاثين عاما، بما في ذلك أهل جنوب السودان، وهنالك فرصة لكافة الأطراف للوصول إلي ترتيبات أمنية جديدة يجب ألّا تُهدر.

التشكيلات العسكرية للإسلاميين والسلفية الحربية:-

نواصل في الحلقة القادمة.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوات المسلحة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

نص بيان وزارة الخزانة الاميركية بشأن فرض عقوبات على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

اليوم، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة عقوبات على عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية (SAF)، بموجب الأمر التنفيذي رقم (E.O.) 14098، "فرض عقوبات على أشخاص محددين يزعزعون استقرار السودان ويقوضون هدف الانتقال الديمقراطي".

يأتي هذا الإجراء بعد تصنيف قائد قوات الدعم السريع (RSF)، محمد حمدان دقلو موسى (حميدتي)، في 7 يناير 2025. بالإضافة إلى ذلك، فرض المكتب عقوبات على شركة وفرد متورطين في شراء الأسلحة نيابة عن منظومة الصناعات الدفاعية (DIS)، التي تعد الذراع الشرائية للقوات المسلحة السودانية والتي فرضت OFAC عقوبات عليها في يونيو 2023.

وقال نائب وزير الخزانة والي أدييمو: "الإجراء الذي اتخذناه اليوم يؤكد التزامنا بإنهاء هذا الصراع".

وأضاف: "ستواصل الولايات المتحدة استخدام أدواتها لوقف تدفق الأسلحة إلى السودان ومحاسبة هؤلاء القادة على تجاهلهم الصارخ لحياة المدنيين".

ارتكبت القوات المسلحة السودانية تحت قيادة البرهان هجمات قاتلة ضد المدنيين، بما في ذلك غارات جوية على بنى تحتية محمية مثل المدارس والأسواق والمستشفيات. كما تتحمل المسؤولية عن الحرمان المتعمد والممنهج من وصول المساعدات الإنسانية، واستخدام تجويع المدنيين كتكتيك حربي.

وقرر وزير الخارجية أنتوني بلينكن في ديسمبر 2023 أن أعضاء من القوات المسلحة السودانية ارتكبوا جرائم حرب.

وتُعتبر تكتيكات الحرب الفظيعة التي تنتهجها القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع السبب الرئيسي لإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث أُعلن عن مجاعة في خمس مناطق من البلاد.

قيادة القوات المسلحة السودانية
عبد الفتاح البرهان هو قائد القوات المسلحة السودانية.

قاد البرهان وحميدتي قائد قوات الدعم السريع في أكتوبر 2021، انقلابًا عسكريًا أطاح بالحكومة الانتقالية المدنية في السودان، ومنذ ذلك الحين، عارض البرهان العودة إلى الحكم المدني في السودان ورفض المشاركة في محادثات السلام الدولية لإنهاء القتال، مفضلاً الحرب على التفاوض وحل التصعيد بحسن نية.

وتبنت القوات المسلحة السودانية تحت قيادته تكتيكات حرب شملت القصف العشوائي للبنية التحتية المدنية، والهجمات على المدارس والأسواق والمستشفيات، وعمليات الإعدام خارج نطاق القانون.

وتم تصنيف البرهان بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098 لكونه شخصًا أجنبيًا يشغل منصب قائد أو مسؤول رفيع أو عضو مجلس إدارة للقوات المسلحة السودانية، وهي كيان انخرط أعضاؤه في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو استقرار السودان.

مورد الأسلحة للقوات المسلحة السودانية
أحمد عبد الله هو سوداني أوكراني ومسؤول في منظومة الصناعات الدفاعية (DIS)، التي تُعد الذراع الشرائية الرئيسية للقوات المسلحة السودانية.

سعت منذ تصنيف منظومة الصناعات الدفاعية في يونيو 2023، الشركة إلى شراء أسلحة ومعدات بطرق غير رسمية.

ولتجنب العقوبات، تقوم المنظومة بأنشطة شراء من خلال شركات خاصة تعمل نيابة عنها. ويشغل عبد الله منصب المدير التنفيذي لشركة Portex Trade Limited، التي تعاملت مع جهات متورطة في بيع المعدات العسكرية.

ومن أبرز أنشطته تنسيق شراء طائرات بدون طيار إيرانية الصنع من شركة دفاع أذربيجانية لشحنها إلى السودان.

تم تصنيف عبد الله كشخص أجنبي مملوك أو خاضع لسيطرة أو يعمل لصالح، بشكل مباشر أو غير مباشر، منظومة الصناعات الدفاعية، وهي جهة تم حظر ممتلكاتها ومصالحها بموجب الأمر التنفيذي 14098.

شركة Portex Trade Limited
هي شركة مقرها هونغ كونغ يسيطر عليها عبد الله. وقد تم تصنيفها كشخص أجنبي مملوك أو خاضع لسيطرة أو يعمل لصالح، بشكل مباشر أو غير مباشر، عبد الله، وهو شخص تم حظر ممتلكاته ومصالحه بموجب الأمر التنفيذي 14098.

التراخيص الإنسانية
لتجنب عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان، أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية تراخيص عامة واسعة النطاق تسمح بفئات معينة من المعاملات التي تحظرها أوامر العقوبات بموجب الأمر التنفيذي 14098.

يشمل ذلك الأنشطة التي تتعلق بالبرهان، قائد القوات المسلحة السودانية؛ وحميدتي، قائد قوات الدعم السريع؛ وأشخاص آخرين تم حظرهم بموجب الأمر التنفيذي 14098.

يسمح البند 31 CFR § 546.512 من لوائح عقوبات استقرار السودان (SSSR) بمعاملات إنسانية معينة لدعم المنظمات غير الحكومية، بينما يسمح البند 31 CFR § 546.513 بمعاملات متعلقة بتوفير الزراعة والدواء والأجهزة الطبية.  

مقالات مشابهة

  • مجلس الصحوة الثوري – قيادة موسى هلال: الاحتفالات التي عمت أرجاء البلاد استفتاء حقيقي لدعم الشعب للقوات المسلحة
  • تشييع جثامين 3 ضباط من شهداء القوات المسلحة والأمن بصنعاء
  • بالفيديو .. البرهان من عطبرة يهدد ويتوعد .. “بِندخِل ليه صاروخ”
  • الأمة القومي يدين الانتهاكات ضد الجنوبيين وسكان ولاية الجزيرة
  • الجيش السوداني يستنكر قرار الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات ضد البرهان
  • السودان.. أمريكا تُعاقب البرهان وفردا آخر وشركة لتوريد أسلحة
  • السودان: اتهامات لقوات الدعم السريع بالاختطاف والابتزاز في الحصاحيصا 
  • «بلينكن»: «البرهان» مسؤول عن جرائم حرب وعرقلة السلام في السودان 
  • عقوبات أمريكية على «البرهان» وشبكة تهريب الأسلحة التابعة للجيش السوداني
  • نص بيان وزارة الخزانة الاميركية بشأن فرض عقوبات على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان