الفرق بيننا وبين البلابسة المستهبلين (٣)
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
(كأنما أتجرعُ كأسَ السُّم)..
• إنَّ هذه المطحنةَ -وأعني بها مطحنةَ إجتياحِ وتدمير المدن السودانية- لن تتوقف إلا بتوقف الحربِ نفسها، والتي من إفرازاتها حتماً -وبكل أسف- إجتياحُ المدن ونهبها وتدميرها !!
ولماذا لا تتوقف الحرب إذن؟!
لأسباب كثيرة، وربما إحداها أن جيشنا ظلَّ (يستنكفُ) في مفاوضات إيقاف الحرب أن يقف كتفاً بكتف إلى جانب (الجنجويد الرباطة القتَلة المغتصبين) الذين كان قد ربّاهم ودلّلهم وعلَّمهم (ودارى) عليهم، وصنعهم على عينِه، فكيف بالله (يجي) ويجلس معهم في مفاوضاتٍ متكافئة نِداً لند ورأساً لرأس، من أجل إيقاف الحرب معهم، بل وكيف يتجرأ الجنجويد من (أساسو) ويشنون حرباً على الجيش الذي صنعهم؟!
طبعاً هذا الشعور من حيث أنِفة (الكرامة) يبدو صحيحاً، ولكنه على واقعِ الأرض ربما لا يكون واقعياً !!
• إن إجتياح المدن من قِبل الدعم السريع وتخريبها مدانٌ في كل حال، وبأشد العبارات، وهو عملٌ بشِعٌ ضمن أعمال الحربِ البشعة، لِما فيه من ترويعٍ وقتلٍ وإنتهاكاتٍ ضد المدنيين غير المحاربين، ولكن إدانات الدنيا كلها لن تنفع الجيش ولن تنصره، ولن تضر الجنجويد على الاقل في الوقت الراهن ولن تهزمهم، ولو إجتمع أهل السودان كلهم، جميعهم، وأدانوا الجنجويد فذلك لن يضرهم على الفور ولن ينفع الجيش على الفور!!
إن الذي ينفع في هذا الوضع، بعدما رأينا أداء الطرفين الأرعنين طوال ثمانيةَ أشهر، هو فقط أن تقف هذه الحرب، وبسرعة، وعلى الفور.
• ولكن إذا ما أصرّ الطرفان (الأرعنان) على مواصلة الحرب السِّجال، فلربما في (النهاية البعيدةِ جداً) سينتصر جيش (الدولة) بعدما يكون قد لملم أطرافه وحشدت له عاصمة الدولة الجديدة، والتي هي بورتسودان، الأعوانَ والحلفاءَ والأسلحةَ والمعداتِ والطيران والرجال، ولكن عندئذ سيكون ثمنُ الإنتصار مفزِعاً جداً، وهو خراب البلاد، وفساد أحوال العباد، وسوف لن يجد الجيشُ بلداً ولا أرضاً ولا شعباً ولا دولة، ولا طعماً لإنتصاره لو حدث !!
• الزعيم آية الله الخميني وعندما تحولت الحربُ بين بلاده والعراق إلى حربِ مدن، ورجحت كفة العراق فيها (حرب 1979م) إذ دُمِّرت مدنٌ إيرانية كثيرة، وبأكثر مما تدمرت مدن العراق، وأضطر لقبول قرار مجلس الأمن رقم 598 بتاريخ 20 يولية 1988م، (وفي ذات يوم صدوره) تخيَّل، وحين وقَّع على وقف إطلاق النار مُكرهاً وباكياً قال (إنني كأنما أتجرعُ السُّم) !!
• إن قرار وقف الحرب من جيشٍ نظاميٍّ قديمٍ وراسخ بسبب (تساوي المغالبة) مع (ماليشيا متمردة) صنعها بنفسه، وعلى عينِهِ، سيكون قراراً مُراً كالعلقم، عليه، وعلى البلابسة، وعلى الكيزان الذين (يستحمرونه) ولهذا نرى مراوغات البرهان التي لا تنتهي، ولكنَّ الحرب أصلاً عملٌ بائس، وتكون خياراتها مريرةً وقاسيةً أحياناً، وربما تكون أحياناً بطعم تجرع كأس السم الزعاف !!
• أوقفوا هذه الحرب الملعونة..
•••
bashiridris@hotmail.com
//////////////////////
////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
إبرة البرهان .. آلة التفكيك المدمرة لأبنية الجنجويد
من المعلوم في دائرة النقد الأدبي ،
أن الناقد الفيلسوف جاك دريدا ،
صاحب النظرية ” التفكيكية ” ، قد واجه نقدا غليظا منقطع النظير لمنهج نظريته التفكيكية المدمرة التي أعلنها وكرسها نهايات القرن العشرين .
فالتفكيك هو تدمير للأبنية الشائهة وإزالتها ، ومن ثم إعادة بناء أو تأسيس أبنية أخرى تتوهج بإشراق جديد للإنسانية ، بلا أكاذيب وأوهام .
قاسى دريدا من غلظة الناقدين لنظريته التفكيكية ،
إلا أنه ثابر ،
فبقدراته وافكاره النقدية ،
ومهاراته الذكية ،
مضى عابرا بسلام في نشر نظريته ،
وتسويقها من خلال التطبيقات التي أجراها بنفسه كاشفا عن نظريته الجديدة ، بوصفها الأكثر تناسبا مع وقائع العصر ومطلوباته .
استدعيت ذلك النموذج في التفكير المغاير للسائد والمألوف ..
وأنا أتأمل وقائع حرب الكرامة ، التي اتبع فيها الفريق أول عبدالفتاح البرهان – قائد الجيش – منهجا غير مألوف في مواجهة مليشيات الجنجويد .
ولعمري ما عرف التاريخ ، قائدا للجيش واجه نقدا غليظا مثلما وجهه البرهان ، ضدا
للمنهج الذي الذي أطلق عليه ” الحفر بالإبره ”
وبدا وقتئذ لدى أغلب الجمهور أن البرهان ليس إلا كتلة منتجة للتناقضات المريعة .
غير أنه وبمرور الوقت ، رغم المآسي والآلام ، تتجلى حقيقة أخرى .
أن الفريق أول عبدالفتاح البرهان سعى بذهن مبدع خلاق متجاوزا الذهنيات التقليدية ، بحثا عن منهج قتالي يتناسب مع الواقع المشاهد والمحسوس والملموس لديه على أرض الواقع والموضوعي .
فافترع منهجه الحربي التفكيكي المدمر الجديد ” الحفر بالإبرة ” .
استطاع بالمهلة والتمهل وبمهارة فائقة أن يفكك الأبنية الحربية الدولية التى امتطت ظهور .
” الإبرة ” برعت في عمليات الحفر وتفكيك الجنجويد لا عسكريا فحسب ، بل شعبيا ودبلوماسيا .
نتائج إجتماع مجلس الأمن الدولي ، والفيتو الروسي الذي انتصر للإرادة السودانية ، ما ذلك إلا دال من دوال نجاح ” إبرة البرهان ” .حفرا وخلخلة وتفكيكا ودمارا شاملا للجنجويد بإذن الله .
من اجل ان نعيد بناء السودان من جديد ، وإزالة كل أنساق أبنية الوهم والاكاذيب .
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
فضل الله أحمد عبدالله إنضم لقناة النيلين على واتساب