الخبير في علم الآثار عبدالله محسن لـ "الموقع بوست": شبكات محلية ودولية وراء تهريب آثار اليمن.. برعاية أطرافٍ وشخصياتٍ نافذةٍ
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
تستمر عمليات تجريف ونهب آثار اليمن وبيعها في المزادات بالعواصم والمدن الغربية خلال السنوات الأخيرة، في ظل تقاعس دور الحكومة وجهات ذات الاختصاص.
ومنذ اندلاع الحرب في اليمن تعرضت الآثار والمخطوطات اليمنية والتي تقدر بمليون قطعة لعملية تجريف ونهب وتخريب وتهريب إلى خارج البلاد خصوصا في الأعوام الأخيرة، وتم بيعها في بلدان مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل.
الواقع إنه لا يكاد يمر أسبوع أو شهر، دون الإعلان عن مزاد عالمي لبيع الأثار اليمنية المهربة، هذه الظاهرة تعاظمت مع إنقلاب جماعة الحوثي على الدولة في 21 سبتمبر 2014م التي تواجه تهما بأنها من تقوم بعملية التهريب والمتاجرة بآثار البلاد، بالتعاون مع أطراف في الحكومة المعترف بها دوليا.
ويُعدّ اليمن متحفاً مفتوحاً، ولا يكاد يخلو موقع أو منطقة فيه من تاريخ محكي أو آثار مطمورة أو حضارة ازدهرت وبُنيت، في حين تعرض نحو 12 متحفاً من أصل 20، وفق مسؤول سابق في الهيئة العامة للآثار والمتاحف بصنعاء، للنهب والتدمير والخراب المنظم على يد الجماعة الحوثية.
وتضم معظم المتاحف العالمية والإقليمية كثيراً من تماثيل الوعول البرونزية والذهبية أغلبها سبق أن هُربت عبر عصابات من اليمن، حيث يعد أشهرها قلادة الوعل "الذهبي" بمتحف لندن، ووعل "مريمة" في دار الآثار الإسلامية في الكويت، ووعل مجموعة آل ثاني في فرنسا.
نتوقف في حوارٍ مع الخبير في علم الآثار عبدالله محسن لـ"الموقع بوست" وهو أحد المهتمين الذين عملوا مؤخراً في كشف وتتبّع عمليات بيع الآثار اليمنية في عدد من المناسبات والمزادات العالمية، للحديث عن عمليات التهريب وأسبابها والشبكات التي تقف وراء ذلك.
نص الحوار:
*بشكل غير مسبوق زاد بيع آثار اليمن في المزادات العالمية خلال الأعوام الأخيرة.. كيف تفسر ذلك؟
**تهريب الآثار ليست ظاهرة جديدة بل هي قديمة من فترة الاحتلالين البريطاني لجنوب اليمن والعثماني لشماله، وإلى تلك الفترة وما أعقبها من حكم السلطنات والحكم الإمامي تنسب أكبر عمليات التهريب في السابق. إلا أن الظاهرة تطورت كثيراً خلال الحرب الحالية وتجاوزت أي مستوى على الإطلاق.
اقرأ أيضا: الإعلان رسميا في "تل أبيب" عن مزاد لبيع 15 قطعة من آثار اليمن
ويمكننا تفسير ذلك بتلاشي دور الدولة على المستوى التنفيذي، وعدم مواكبة قانون الآثار لمستجدات الظاهرة، وضعف قانون الآثار فيما يتعلق بالعقوبات الرادعة لعمليات النهب والتدمير للمواقع الأثرية والمتاجرة بالآثار. ولأنه لا صوت يعلو فوق صوت الحرب، ولا مصلحة تعلو فوق مصلحة تجار الحروب أصبح التهريب أمرا عادياً ولم يعد خافيا على العيان. وأصبحت الآثار سلعة متاحة للبيع والشراء، أمام نظر الحكومة وأجهزتها التنفيذية. وأحيانا بحماية ورعاية أطراف وشخصيات نافذة فيها.
*هل للحرب في اليمن تأثير وراء تهريب الآثار إلى خارج البلاد؟
**الحروب تولد الفوضى، خصوصا عندما تكون حروبا عبثية، والفوضى بوابة كل المشكلات والظواهر السلبية، لذا كان للحرب في اليمن تأثير بالغ على حال الآثار. وهذا لا يعني أن الحرب وحدها هي السبب.
اقرأ أيضا: بيع تمثالين من آثار اليمن.. الأعلى سعرا في مزاد دويتش "إسرائيل"
فالاضطرابات والاحتقان السياسي والصراعات وإن لم تكن حرباً مسلحة، لكنها في حقيقة الأمر تصنع ذات الفوضى التي تصنعها الحروب وتساهم في رفع مستوى الجريمة المنظمة، ومنها تخريب المواقع الأثرية والمتاجرة بالآثار، ولذلك يمكن اعتبار الفترة من 2003 حتى اليوم أكبر فترات تهريب الآثار.
*هل هناك شبكة تهريب منظمة لتهريب الآثار ومن يقف وراءها؟
**بالطبع هناك شبكات وليست شبكة واحدة لتهريب الآثار، ليس من الطبيعي ولا المنطقي أن نشاهد هذه الكميات الكبيرة من القطع الأثرية في المزادات ودور العرض وأسواق الفن دون أن تكون هناك جهات منظمة مدعومة محليا ولها طرقها في التهريب وتمتلك دورة مالية تستطيع من خلالها تبييض الأموال الناتجة عن هذه التجارة.
من الصعب الإفصاح عن قيادات هذه الشبكات كونها شبكات جريمة منظمة، هذا واجب أجهزة الدولة وهي الغائب المنتظر.
*هل هناك أطراف بعينها تقف وراء التهريب؟
**لا يمكن اتهام دولة أو تنظيم أو حزب أو جماعة بالوقوف مباشرة وراء التهريب، لكن هناك في الغالب في بعض هذه الكيانات الاعتبارية أشخاص لهم علاقة بالتهريب.
وعلى الرغم من صراعاتهم وحروبهم، إلا أنهم متفقون فيما يتعلق بالتجارة المشبوهة كالآثار والسلاح، وكل مسؤول لا يؤدي دوره وواجباته الوطنية تجاه هذه الظاهرة الخطيرة هو طرف مشارك في التهريب، دون أدنى شك، وإن لم يهرب قطعة أثرية واحدة ولم يجنِ أي أرباح مباشرة أو غير مباشرة من ذلك.
*برأيك كيف تتم عملية التهريب هل برا أم جوا عبر المطارات؟
**في الغالب يكون التهريب عبر البر ثم الجو، وبحسب ما أفادتنا مصادر في المنافذ البحرية فإن التهريب عبر الموانئ والمرافئ ازداد في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ.
اقرأ أيضا: عمره أكثر من 2500 عام.. بيع مجسم نسائي من آثار اليمن بـ 900 يورو في مزاد عالمي
أما بالنسبة للجو فقد أكد لي وزير خارجية سابق بأن عدد من السفراء أبلغوه بعد متابعتهم لقضايا آثار في الخارج بأنهم وجدوا أن الكثير منها قُدم كهدايا من مسئولين يمنيين لأجانب.
وأرى أن هذه الهدايا لن تكون بالحجم الكبير رغم وجودها، كما ساهم التسيب في إصدار الجوازات الدبلوماسية قبل وبعد الحرب في تسهيل التهريب عبر المطارات.
*كيف تُقيّم دور الحكومة وجهات ذات الاختصاص بشأن تهريب الآثار والإعلان عنها وبيعها في المزادات العالمية؟
**الأصل أن تُقيم الحكومة دورها وما تقوم به أولا بأول لتلافي توسع ظاهرة تهريب الآثار، لكن الاستقطابات السياسية الحاصلة تكاد تعطل كل فرصة لتحقيق إنجاز ما.
اقرأ أيضا: وعل برونزي من آثار اليمن يعرض للبيع في مزاد عالمي بلندن نهاية نوفمبر الجاري
لا يمكن تحميل الهيئة أو الوزارة المسئولية بشكل منفرد، المسئولية تقع أيضاً على المنافذ الجمركية والأجهزة الأمنية ورئيس الوزراء شخصيا ورئيس الجهورية في مناطق سيطرة حكومته ورئيس المجلس السياسي الأعلى في مناطق سيطرته ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في مناطق سيطرة قواته، والأمر ينطبق على حكام الأقاليم غير المعلنة في مناطق نفوذهم.
*هل هناك تحرك جدي من الحكومة في استرداد بعض آثار البلاد المنهوبة في الخارج؟
**هناك تحرك من وزارة الثقافة والخارجية والسفارات اليمنية في الخارج في بعض قضايا الآثار في فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأسبانيا، وتقف الإمكانات المالية وضعف رئاسة الوزراء ومكتب الرئاسة والمناكفات السياسية أمام نجاح هذه الجهود.
وهنا أود أن أشير إلى الجهود الاستثنائية، للدكتور محمد جميح سفير اليمن لدى اليونيسكو، في ملفات بعض قضايا الآثار في الخارج.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن آثار اليمن تهريب مزادات عالمية فساد من آثار الیمن تهریب الآثار فی المزادات فی الخارج اقرأ أیضا فی مناطق آثار فی
إقرأ أيضاً:
مراقبون: خطة ترامب بشأن غزة قد تزعزع استقرار الشرق الأوسط وأوروبا أيضا
أمر وزير الدفاع الإسرائيلي الجيش الإسرائيلي بالاستعداد "للمغادرة الطوعية" لسكان القطاع المحاصر.
لم تمر تصريحات دونالد ترامب بشأن قطاع غزة مرور الكرام، فقد أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، بالفعل أمرًا للجيش بالاستعداد لـ "المغادرة الطوعية" للفلسطينيين في غزة.
السيطرة الأمريكية على القطاع وطرد سكان غزة إلى الدول المجاورة وتحويل القطاع الفلسطيني إلى "ريفييرا الشرق الأوسط": تلك هي خطة الرئيس الأمريكي.
وعلى الرغم من محاولة البيت الأبيض التخفيف من وطأة هذه التصريحات، إلا أن القلق لا يزال قائمًا.
وفي هذا الإطار، تحدث هيو لوفات، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR)، لـ"يورونيوز"، بأن "ما يقترحه ترامب كارثي طبعا بالنسبة لغزة، ولكنه سيكون أيضًا عامل زعزعة استقرار لدول المنطقة".
وكان الرئيس الأمريكي قد اقترح في عدة مناسبات إمكانية تهجير 1.8 مليون شخص من سكان القطاع إلى الدول المجاورة.
ويعيد هذا المقترح إلى الأذهان عمليات التهجير القسري التي حدثت بعد النكبة وقيام دولة إسرائيل عام 1948، ثم نكسة حزيران عام 1967.
يضيف هيو لوفات: "لنتخيل أن مليون غزي يتم تهجيرهم إلى مصر، وهي دولة ذات إمكانيات اقتصادية محدودة، حيث لا يملك سكان القطاع أي روابط قوية باستثناء الجوار الجغرافي. هل يعتقد أحد حقًا أن مليون لاجئ من غزة سيبقون في مصر؟ لا، بل سيسعى الآلاف، بل عشرات الآلاف منهم، لتحسين فرصهم الاقتصادية في أماكن أخرى، بما في ذلك أوروبا".
وبحسب العديد من الخبراء، فإن هذا المخطط يتعارض مع القانون الدولي. وفي هذا السياق، يقول مايكل وحيد حنا، مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية:* إن "القانون الدولي لا يسمح بالتهجير القسري والتطهير العرقي. وهذا سيشكل جريمة حرب، وجريمة دولية".
Relatedترامب: إسرائيل ستسلمنا قطاع غزة بعد انتهاء القتال ونتنياهو يصفها بـ"خطة اليوم التالي" "غزة أرضنا ولن نرحل".. فلسطينيون في دير البلح يحتجون على تصريحات ترامبغزة.. دمارٌ وركامٌ ورياحٌ عاتية أجهزت على ما تبقى من ملاجئ وفاقمت معاناة النازحينطوفان من الانتقاداتمن جانبهما، رفضت كل من مصر والأردن مرارًا وتكرارًا فكرة تهجير سكان غزة إلى خارج القطاع. وفي هذا السياق، يقول مايكل وحيد حنا لـ يورونيوز: إن ذلك "سيكون مثيرًا للجدل بين الشعوب العربية، التي سترى في ذلك دعمًا وتواطؤًا في عملية تطهير عرقي للفلسطينيين من أرضهم".
ويضيف حنا إنه "في حالة مصر، على سبيل المثال، سيكون هذا الأمر بالغ الحساسية داخل المؤسسات العسكرية والأمنية، التي لطالما اعتبرت مسألة غزة وتهجير سكانها بمثابة خط أحمر".
ومن ناحيته، وصف هيو لوفات هذا المخطط بأنه "غير واقعي" و"وهمي". تابع قائلاً إن "علينا الحديث عن خطط الرئيس ترامب لأنه رئيس الولايات المتحدة، ويمكنه تخصيص موارد سياسية واقتصادية كبيرة لتحقيقها. لكن في النهاية، هذه مجرد محاولة لصرف الانتباه عن الأولويات الحقيقية، مثل ضمان هدنة بين إسرائيل وحماس، تحقيق الاستقرار في غزة، إنهاء حكم حماس بطريقة حقيقية ودائمة، وإيجاد حل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني والإقليمي".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية كيف تفاعلت الدول الأوروبية مع مقترح ترامب بشأن تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"؟ كاتس يوعز للجيش بإعداد خطة لترحيل أهل غزة ومقتل جنديين إثنين في انهيار رافعة بالقطاع سكان غزة يجدون في الطاقة الشمسية بديلا لمواجهة أزمة شحّ الكهرباء في القطاع المدمر غزةدونالد ترامبالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأردن مصر