قبل نحو أسبوع من تنظيم الانتخابات المحلية التي سينبثق عنها مجلس الجهات والأقاليم، تصاعدت الدعوات في تونس لمقاطعة هذه الانتخابات، المقرر تنظيمها يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

ووقّعت 261 شخصية من سياسيين ومستقلين وممثلين عن المجتمع المدني عريضة وطنية مفتوحة تحت عنوان "لا للانتخابات المحلية"، دعوا من خلالها التونسيين إلى مقاطعة هذه الانتخابات، بوصفها "محطة أخرى لإلغاء مؤسسات الجمهورية الديمقراطية"، بحسب نص البيان الذي نشره ائتلاف صمود.

واعتبر الموقعون أن دعوة الناخبين إلى انتخاب المجالس المحلية دون أن يكون لهذه المجالس قانون أساسي يحدد دورها وصلاحياتها هو "أمر غير مسبوق في تاريخ الدول والشعوب"، وأن الهدف من تركيز هذه المجالس هو "إضعاف السلطة المحلية وتشتيتها وجعلها هي الأخرى أداة طيعة في يد السلطة التنفيذية".

وتجمع هذه العريضة توقيعات قياديين في أحزاب التيار الديمقراطي، والمسار الديمقراطي الاجتماعي، والحزب الاشتراكي، والتكتل من أجل العمل والحريات، والقطب، والحزب الجمهوري، والحزب الاجتماعي التحرري، والعمال، وائتلاف صمود، بالإضافة إلى نشطاء سياسيين مستقلين وممثلين عن منظمات وجمعيات حقوقية.

محاولة لإضفاء شرعية

ويوضح الأمين العام لحزب العمال، حمة الهمامي، أن هذه العريضة تأتي في سياق الدفاع عن مكاسب الثورة، وفي مقدمتها المؤسسات الجمهورية الديمقراطية.

واعتبر الهمامي أن الانتخابات المقبلة ليست سوى محاولة جديدة لإضفاء "شرعية مزيفة".

وأضاف: "الانتخابات المحلية لا يمكن أن تعبر عن إرادة الناخبين الحقيقية، على اعتبار أنها ستخطو على نفس المنوال الذي خطت عليها الاستشارة الوطنية والدستور والانتخابات البرلمانية التي حققت نسب مشاركة ضعيفة جدا".

ويؤكد الهمامي أن العريضة انطلقت بـ 261 إمضاء ولكنها ستتجاوز هذا العدد بكثير، مشيرا إلى أن الأطراف الموقعة على درجة كبيرة من التنوع السياسي والمنظماتي.

بدوره، قال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، نبيل حجي، إنه من العبث الحديث عن انتخابات محلية وعن تمثيل جهوي في خضم توجه سياسي وقع فيه نسف مؤسسات الدولة المنتخبة.

وأضاف: "الناخبون سيتجهون إلى مراكز الاقتراع لانتخاب أشخاص لا يعرفون ما هي المهام التي ستوكل إليهم والمترشحون أنفسهم يجهلون أدوارهم وصلاحياتهم وما هو موقع مجالسهم بالنسبة للبلديات أو المعتمديات".

وأشار حجي إلى أن العريضة الوطنية الداعية لمقاطعة هذه الانتخابات تتزامن مع حالة عزوف واضحة من الشعب التونسي، مستدلا على ذلك بالعدد الضئيل للمترشحين، وبوجود حوالي 20 دائرة بمترشح وحيد.

وقال حجي إن التونسيين لا يبالون بهذه لانتخابات، وأن اهتماماتهم منصبة حول مشاغلهم الاقتصادية والمواد الأساسية المفقودة وغلاء المعيشة.

صفر فاعلية

على الجهة المقابلة، يرى القيادي في حزب البعث صهيب المزريقي، أن هذه الدعوات لا يمكن أن يكون لها تأثير على وعي الشعب التونسي، وأن نطاق انتشارها لا يتجاوز وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف، "رغم الصعوبات التي يواجهها مسار 25 جويلية حاليا، فإن الشعب مازال مؤمنا بضرورة عدم الرجوع إلى مرحلة العشرية السوداء السابقة، وهو ما يجعله إلى اليوم يتشبث بالمسار ويعتبره وسيلة لتحقيق أهداف الثورة المغدورة في الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية".

ويرى مزريقي أن هذه الدعوات لن تكون لها فعالية، على اعتبار أن الشعب التونسي فقد الثقة في كل الأحزاب التي حكمت البلاد في العشرية الماضية سواء عن طريق الحكم المباشر أو عن طريق التحالفات المغشوشة.

وقال مزريقي إن "المشاركة في الانتخابات المحلية هو واجب وطني في المقام الأول الهدف منه المساعدة على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتلبية احتياجات التونسيين والمساهمة في التنمية الجهوية، وهي ليست مجرد تقليد انتخابي يراد منه القول إننا نبني ديمقراطية".

واعتبر السياسي التونسي أن الغرفة البرلمانية الثانية، التي ستنبثق عن هذه الانتخابات، هي أفضل ما جاء به دستور 25 جويلية، على اعتبار أن مجلس الجهات والأقاليم سيكون له اليد العليا في الموافقة على الموازنة وعلى مخططات التنمية والضامن لتحقيق التوازن بين الجهات والحد من التمييز التنموي بين المحافظات.

جماهيرية دون عمق شعبي

وفي تعليق حول الموضوع، قال المحلل السياسي، مراد علالة، إن دعوات المقاطعة واهتمام الناس بالعمل السياسي هو "علامة صحية" لوجود تنوع وحرص على إبراز هذا الاختلاف في المواقف داخل المجتمع بطريقة حضارية مدنية سلمية.

من ناحية ثانية، يرى علالة أنه رغم جماهيرية المجموعات الموقعة على العريضة سواء السياسة منها أو المدنية، فإنها لا تمتلك عمقا شعبيا قادرا على تغيير المعادلات.

وأضاف: "الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات من عدمها هي فعل سياسي صحي ولكنه لن يؤثر على العملية الانتخابية ومن الصعب القول لاحقا إن من قاطع الانتخابات هو نتيجة التجاوب مع هذه العريضة".

وتابع: "ولكن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الهشة والمناخ العام في البلاد قد لا يشجع على مشاركة واسعة في الانتخابات".

ويتوقع المحلل السياسي أن لا تتجاوز نسبة المشاركة في انتخابات 24 ديسمبر تلك المسجلة في الاستحقاق البرلماني السابق أو في الاستفتاء على الدستور، مشيرا إلى أن المشروع السياسي للرئيس قيس سعيد سيحافظ على نفس الخزان الانتخابي.

ويذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد علقت على دعوات المقاطعة عن طريق ناطقها الرسمي محمد التليلي المنصري الذي أكد أنه لن يكون لهذه الدعوات أيّ تأثير على مسار الانتخابات المحلّية.

وذكّر بأن القانون الانتخابي المعتمد في تونس منذ الثورة، لا يفرض اعتماد عتبة انتخابية محددة كشرط لقبول النتائج، مؤكدا أن الهيئة ستعتمد النتائج التي ستفرزها الانتخابات مهما كانت نسبة المشاركة فيها.

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: الانتخابات المحلیة هذه الانتخابات

إقرأ أيضاً:

الغويل: بناء مستقبل ليبيا يبدأ برؤية وطنية شاملة وإرادة موحدة

ليبيا – صرّح وزير الدولة لشؤون الاقتصاد السابق، سلامة الغويل، بأن بناء مستقبل ليبيا يتطلب رؤية متكاملة ترتكز على تحقيق التوازن بين القوى المختلفة، وتهدف إلى تهدئة المخاوف وتحقيق تطلعات الشعب الليبي.

وفي منشور عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك“، تحت عنوان “ملامح رؤية وطنية شاملة نحو حكومة ليبيا القادمة“، أكّد الغويل أن الأولوية هي استعادة سيادة الدولة واستقرارها، بما يعزز فرص التنمية ويحقق الأمل في حياة أفضل لجميع الليبيين.

التوازن بين القوى الوطنية

الغويل دعا إلى أن تكون الدولة مساحة للتعاون بين جميع مؤسساتها العسكرية والأمنية، والسياسية، والتشريعية، والقضائية، مشددًا على أن الجيش والأجهزة الأمنية يجب أن يكونوا ليس فقط حماة للأمن، بل شركاء في عملية إعادة الإعمار والتنمية.

وأشار إلى أن البرلمان ومجلس الدولة يقع على عاتقهما تنظيم الحياة السياسية لضمان تمثيل عادل لكافة مكونات الشعب الليبي، وتعزيز التوافق الوطني، مؤكدًا أن التفاعل المثمر بين مجلس الدولة ومجلس النواب يعكس إرادة الجميع في تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة

وأوضح الغويل أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توزيع الموارد بشكل عادل بين الأقاليم، وتوفير فرص اقتصادية لجميع أبناء ليبيا، مع التركيز على تطوير البنية التحتية وتنمية الموارد الوطنية، مشيرًا إلى دور القضاء في حماية حقوق المواطنين وتعزيز العدالة، ودور الإعلام في دعم الرؤية الوطنية ونقل الحقيقة بمهنية.

التأكيد على وحدة الدولة

وشدد الغويل على أن ليبيا ليست ملكًا لحكومة أو شخص بعينه، بل هي ملك لجميع الليبيين، ولن تُقبل أي محاولات لتفكيك وحدتها أو تقسيم شعبها. وأضاف: “سنظل، بإذن الله، يدًا واحدة في مواجهة أي تحديات تهدد استقرارنا وأمننا”.

مهام الحكومة القادمة

وأكد الغويل أن الحكومة القادمة يجب أن تكون حكومة شراكة وتوافق تسعى إلى تحقيق الأمن والازدهار. وبيّن أن الهدف ليس فقط الحفاظ على استقرار الدولة، بل أيضًا استعادة ثقة الشعب في مؤسساته، وإعادة بناء ما تم تدميره في الماضي.

وأضاف: “نحن في بداية مرحلة جديدة، وسنواصل العمل بتفانٍ لخلق ليبيا موحدة ومزدهرة”.

الوصول إلى انتخابات شفافة

وأشار الغويل إلى أن أحد أبرز أهداف المرحلة القادمة هو الوصول إلى انتخابات شفافة وعادلة تعكس إرادة الشعب الليبي بأمانة وصدق. وأوضح أن هذه الانتخابات ستكون حجر الأساس لبناء مؤسسات ديمقراطية، يتم فيها اختيار القادة بناءً على الكفاءة والشرعية الشعبية، مؤكدًا أن الجهود ستُبذل لضمان نزاهة العملية الانتخابية من خلال الإشراف الدولي والمحلي لضمان نجاحها.

رسالة تطمين

وفي ختام حديثه، قال الغويل: “أنا على يقين بأن التفاهم والعمل الجماعي بين جميع الأطراف في الدولة هو الطريق الأنسب لبناء دولة ديمقراطية يسودها القانون وتحكمها المؤسسات. لن تكون هناك أي فئة أو جهة مهمشة، بل سيظل الجميع شركاء في إدارة الوطن وتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى”.

وأضاف: “الأمل في بناء ليبيا يتجسد في العمل المشترك والإرادة الوطنية الصادقة. معًا، سنحقق تطلعات الشعب الليبي نحو حياة كريمة ومستقبل مشرق، عبر انتخابات شفافة وآمنة تعكس إرادتهم وكرامتهم”.

مقالات مشابهة

  • الملاذ الآمن يكشف عن تراجع الفضة بالأسواق المحلية 4.8 % خلال أسبوع
  • دعوات الى تشريع يخفض رواتب وامتيازات اعضاء البرلمان المقبل
  • اتصالات مصرية مكثفة مع وزراء خارجية عرب بشأن سوريا
  • اعتماد نتائج الانتخابات البلدية بشكل نهائي، مع حجب نتائج بلديتين
  • الغويل: بناء مستقبل ليبيا يبدأ برؤية وطنية شاملة وإرادة موحدة
  • «الهجرة غير الشرعية» على رأس ملفات لقاء وزير الداخلية التونسي بسفير الاتحاد الأوروبي
  • تقرير أمريكي: الانتخابات المحلية تعكس قدرة ليبيا على تنظيم عمليات ديمقراطية رغم الانقسامات
  • وزارة التنمية المحلية في أسبوع.. 3 برامج وتطوير المجازر بـ1.97 مليار
  • "التنمية المحلية * أسبوع" نشرة الحصاد من 13 وحتى 19 ديسمبر 2024
  • اجتماع ليبي-ألماني: دعم الانتخابات المحلية وتعزيز قدرات البلديات