عربي21:
2024-12-26@00:35:37 GMT

نجاعة الماكينة الإعلامية للمقاومة الفلسطينية

تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT

مضت السبعون وأكثر، ولم ينجلِ آخر يوم فيها إلّا بعد أن تمكنت المقاومة الفلسطينية ممثلة بشعبنا الفلسطيني وحركة المقاومة الإسلامية حماس، من إثبات حضورها على كافة الصعد، عسكريا وسياسيا وإعلاميا، فالمقاومة التي كانت تبحث عن معبرٍ ومطار، أصبحت اليوم بمثابة فوبيا لدى خصومها الذين يتجرعون قتلاهم فرادى وجماعات.

.

ولعل أحد أسباب هذا النضوج المتسارع، هو نجاع الماكينة الإعلامية للمقاومة الفلسطينية، حيث كان لذلك دورٌ كبير في إرهاق الاحتلال، وأضحت دوائر ومثلثات القسام الحمراء خبرا منتظرا عند المساء، نضجرُ إذا لم نرها، في حين لم يحصد الاحتلال الإسرائيلي سوى كذباته التي تكشفت تباعا. وهذا ليس بالجديد عليه، لأنه صاحب باعٍ طويل في الكذب الصبياني الذي ينكشف عند أول تحقيق، وبالتالي لا مجال للمقارنة أبدا بين النهجين، بعد أن تمكن إعلام المقاومة من إثبات مصداقيته من خلال العوامل التالية:

تفوقت فيديوهات القسام بعشرات الأضعاف على فيديوهات الاحتلال التي تظهر القتال من طرف واحد فقط، دون وجود خيال واحد من الطرف الآخر، فتجد نفسك أمام مشهد فيه جنود إسرائيليون يركضون ويطلقون الرصاص من دون وجود هدف أمامهم على الإطلاق، وكأنك أمام مشهد تمثيلي مكتمل الأركان يهدف إلى التقليد الأعمى الذي لا طائل منه
أولا: كل الفيديوهات التي يعرضها الإعلام العسكري لكتائب القسام عن المواجهات الميدانية، تتميز بإظهار الخصمين ومواقع كل منهما وتجهيزاته العسكرية وعتاده، ما لا يدع مجالا للشك مطلقا، ثم تبدأ بعد ذلك عملية الاستهداف المباشر للقوات المتوغلة وناقلاتها العسكرية ودباباتها، ثم تأخذك إلى المشهد من زاوية أخرى تُطلعك على النتيجة، فترى بأم عينك ما يجري من عدة زوايا وكأنك شاهد عيان من قلب غزة، ثم تتعالى الصيحات التي ترى من خلالها فرحة أصحاب الأرض بعد تحقيق الهدف الذي يتم تأكيده من وسائل إعلام الاحتلال في اليوم التالي، حين يبدأ العويل والنحيب..

وبلغة التحليل العسكري، تفوقت فيديوهات القسام بعشرات الأضعاف على فيديوهات الاحتلال التي تظهر القتال من طرف واحد فقط، دون وجود خيال واحد من الطرف الآخر، فتجد نفسك أمام مشهد فيه جنود إسرائيليون يركضون ويطلقون الرصاص من دون وجود هدف أمامهم على الإطلاق، وكأنك أمام مشهد تمثيلي مكتمل الأركان يهدف إلى التقليد الأعمى الذي لا طائل منه. فالمقاتلون الفلسطينيون الذين أظهرهم الاحتلال عراة، مُدّعيا استسلامهم، تبين فيما بعد أنهم مدنيون وإعلاميون ولا علاقة لهم بالعسكر، ولكنها لعنة التخبط في مستنقع غزة التي عادت عليهم بالوبال.

ثانيا: إن الفيديوهات التي تعرضها المقاومة الفلسطينية، تحتوي على عنصر المفاجأة وعوامل مستحدثة أُضيفت إلى السجل، ولم تكن مواد تقليدية مكررة، كإشارات المثلثات والدوائر التي وردت في طليعة المقال، وأصبحت مادة دسمة في السوشيال ميديا تُستخدم للسخرية من ضعف جنود الاحتلال، وأصابت الاحتلال الإسرائيلي في مقتله الإعلامي، فحاول التقليد ولكنه لم يفلح إلا بصورة عشرة "قلوب حُب" محطّمة، عرضها وزير الخوف القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عبر منصة إكس، في إشارة إلى الضباط العشرة القتلى في حي الشجاعية بغزة..

كما تعمدت المقاومة في إعلامها استحداث عناصر صوتية جديدة في الفيديوهات، من خلال بعض العبارات التي يتداولها المقاتلون الفلسطينيون أثناء المواجهات الميدانية، لتصبح "ترند" بعد العرض بدقائق يكتسح منصات التواصل الاجتماعي، ولنا خيرُ دليل في ذلك مصطلحات (ولّعت، اضرب قول يا رب، اتخردقت، الله أكبر ولله الحمد.. إلخ..)..

عمدت المقاومة في إعلامها استحداث عناصر صوتية جديدة في الفيديوهات، من خلال بعض العبارات التي يتداولها المقاتلون الفلسطينيون أثناء المواجهات الميدانية، لتصبح "ترند" بعد العرض بدقائق يكتسح منصات التواصل الاجتماعي
ثالثا: تمكن إعلام المقاومة الفلسطينية من استقطاب العقول والانتباه، من خلال إظهار بعض المقاتلين وهم يرتدون بدلات الرياضة في خضم المواجهات وفي قلب الميدان. ومخطئ من يظن أن ذلك يحصل من قبيل الصدفة، بل باعتقادي أن المقاومة تعمدت إرسال رسائل للاحتلال، وتلك الرسائل قد وصلت، ولهذا راح هذا الجيش يلقي بمنشوراته على أهالي قطاع غزة، يعرض عليهم من أمواله الحرام مكافآت مالية ضخمة، مقابل الإدلاء بمعلومات عن قادة حركة حماس التي أصبحت كابوسا جاثما على صدره.

رابعا: أدرجت المقاومة الفلسطينية مصطلحات عسكرية في ضخها الإعلامي، وأعادت إحياء تلك المصطلحات، فمسافة الصفر أصبحت قولا وفعلا، واستخدامها لمصطلح مُغتصَبة بدلا من "مستوطنة" دفعنا إلى ضرورة انتقاء الألفاظ اللغوية، وكذلك امتناعها عن لفظ "إسرائيل" مقابل اعتمادها على مصطلح "الاحتلال الصهيوني".

وجديرٌ بالذكر أن المتحدث العسكري لكتائب القسام أبو عبيدة، أسَرَ قلوب الملايين أكثر مما أسر جنود الاحتلال، من خلال لغته العربية الفصحى، وحسن انتقائه للألفاظ. وكمختص باللغة العربية أقول إنني لم أرصد خطأ واحدا يتيما في كل الخطابات التي استمعت إليها، ولا حتى بالضمة والفتحة والكسرة.

وأمام هذا الزخم الإعلامي، وجد إعلام الاحتلال نفسه يتخبط في وحل الكذب رويدا رويدا، فكذبة قطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين صبيحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر من طرف المقاومة الفلسطينية، تم تفنيدها من الإعلام الإسرائيلي نفسه.

أمام هذا الزخم الإعلامي، وجد إعلام الاحتلال نفسه يتخبط في وحل الكذب رويدا رويدا، فكذبة قطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين صبيحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر من طرف المقاومة الفلسطينية، تم تفنيدها من الإعلام الإسرائيلي نفسه
فقد حذف الصحفي الإسرائيلي إيشاي كوهين مقابلة نشرها تضمنت مزاعم تدعي أن مسلحين فلسطينيين علقوا الرضع والأطفال على حبل، في مستوطنات إسرائيلية بغلاف غزة، وقال كوهين عبر منصة "إكس"، إن الشخص الذي أدلى بهذه المزاعم، وظهر في شريط الفيديو هو من الجيش الإسرائيلي، لتنهال عليه الانتقادات من الأوساط الإسرائيلية نفسها. فقد قالت إحدى المُعلّقات تعقيبا على ما فعله كوهين: "بالأمس نشر يشاي كوهين مقابلة مرعبة مع ضابط وصف شيئا صادما، لا يتطابق تماما مع المعطيات على الأرض، وفي النهاية قام يشاي كوهين بحذف الفيديو، ولكن في الوقت الحالي قام حساب مشهور بتحميل الفيديو، وفي غضون 8 ساعات شاهده مئات الآلاف. كيف يمكنك تحميل مثل هذا الفيديو عبر الإنترنت دون التأكد بنسبة 100 في المئة من صحته، هذا تصرف غير مسؤول؟".

وختاما أتساءل: إذا كانت كل هذه النجاعة الإعلامية للمقاومة الفلسطينية في خضم المواجهات، وفي قلب الحصار بين جدران القطاع الذي يحتوي فقط على 365 كم مربع، وسط تخاذل الحلفاء وتخلّي الدول العربية والإسلامية.. فكيف سيكون الحال تُرى في أوضاع معاكسة؟!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة الفلسطينية الإعلامية الاحتلال غزة فلسطين غزة الاحتلال الإعلام المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة أمام مشهد دون وجود من خلال من طرف

إقرأ أيضاً:

لا تستطيع قوة التغلب علينا.. الحرس الثوري الإيراني يكشف طبيعة دعمه للمقاومة

أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، اليوم الاثنين، دعم جبهة المقاومة اللبنانية بكل الوسائل المتاحة، مشيرا إلى أنها "هي من تصنع أسلحتها بنفسها وتقاتل بإمكاناتها".

ووفقا لوكالة "تسنيم"، قال سلامي، خلال مؤتمر الصلاة العام في مدينة بندر عباس جنوب إيران اليوم  إن "فلسطين لا تزال حية، إنهم ما زالوا يقاتلون وأركان المقاومة تعمل وفق دوافعها الذاتية وكل طرف يقاتل بإمكاناته الخاصة ولا يعتمد على أحد".

وتابع :"نحن ندعم جبهة المقاومة لكنهم يصنعون أسلحتهم بأنفسهم، نحن من نفذ عملية الوعد الصادق وقوتنا تمتد إلى ما وراء حدود إيران".

نائب قائد الحرس الثوري الإيراني: سنهاجم إسرائيل عبر الوعد الصادق 3قائد الحرس الثوري الإيراني: القوى الأجنبية تسعى لتقسيم سوريارغم علمه بتحركات المعارضة..الحرس الثوري الإيراني يكشف سر عدم تدخله في سوريا

وأشار سلامي إلى أنه "لا توجد قوة في العالم سواء في البر والبحر والجو تستطيع التغلب على الحرس الثوري".

وتابع قائلا: "مقاتلو الحرس الثوري يدافعون عن إيران الإسلامية بكل كيانهم وقلوبهم المطمئنة وآمالهم الراسخة وخطواتهم الثابتة ليكونوا مصدر قوة لشعبنا العزيز في جميع أنحاء البلاد".

ولفت إلى أن "المقاتلين لا يغفلون عن المناجاة أثناء الحرب وهم يدركون أن الغفلة عن الأعداء تؤدي إلى هجوم مباغت منهم".

مقالات مشابهة

  • المقاومة تكشف زرع الاحتلال أجهزة تجسس بمستشفيات غزة بهذه الطريقة (شاهد)
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة لـ 45361 شهيدًا
  • طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تقصف بلدة طمون شمال الضفة الغربية
  • لجان المقاومة الفلسطينية تشيد بالقصف الصاروخي اليمني على “تل أبيب” 
  • الصحة الفلسطينية: الجيش الإسرائيلي يكثف اعتداءاته على المستشفيات شمال غزة
  • الصحة الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي يواصل استهداف المنظومة الصحية في شمال غزة
  • حماس تدين انتهاكات السلطة الفلسطينية وخطاب التحشيد المجتمعي ضد المقاومة
  • أمن السلطة الفلسطينية يداهم مناطق في جنين بحثا عن عناصر تابعة للمقاومة
  • لا تستطيع قوة التغلب علينا.. الحرس الثوري الإيراني يكشف طبيعة دعمه للمقاومة
  • صنعاء تصنع نهجا جديدا للمقاومة في وجه كيان الاحتلال الإسرائيلي