إسطنبول- بعد مضي نحو 7 أشهر على الانتخابات التركية العامة الرئاسية والنيابية -والتي وصفت بأنها الأصعب في تاريخ تركيا الحديث- مجددا تطفو على السطح السياسي في تركيا أخبار وتفاصيل الاستعداد للانتخابات المحلية القادمة بعد 3 أشهر تقريبا، فما أوجه الاختلاف والتشابه بين هذه الانتخابات وتلك؟

مؤخرا، أعلن حزب الجيد -وهو ثاني أحزاب المعارضة/ الطاولة السداسية- أنه سيدخل الانتخابات المحلية القادمة بشكل منفصل ودون تحالفات، وبحسب عدد من المختصين يعد هذا الإعلان تغيرا مهما في العوامل والظروف الانتخابية مقارنة بالانتخابات السابقة، مع تأكيدهم على احتمال حدوث تغير أو تراجع بشكل ما.

ويقول الصحفي والكاتب عبد القادر سلفي "بشكل حقيقي، الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة كانت الأهم في آخر 20 عاما في تركيا كونها كانت محطة لتحديد مستقبل واستقلال تركيا، فقد كانوا يبحثون لهم عن "زيلينسكي"، وهذا كان واضحا من خطاب بايدن الشهير قبيل الانتخابات".

وأشار سلفي في حديثه للجزيرة نت إلى أن المخطط لم ينجح بفضل وعي الشعب التركي وقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وتابع الكاتب التركي "رغم أهمية الانتخابات الأخيرة فإن الانتخابات المحلية القادمة مهمة جدا، لأنه في الفترة الأخيرة أصبحت الانتخابات المحلية معبرة ومؤشرة وأحيانا كثيرة محددة للانتخابات العامة".

نتيجة الانتخابات الرئاسية في تركيا لعام 2023 (الأناضول) الفرق والأهمية

ووفقا لسلفي، سيتم اختبار الاستقرار والقيادة والأمان التي تم تحقيقها من قبل الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال الانتخابات المحلية.

وتابع "لو استمرت هذه المنجزات للحزب الحاكم في الانتخابات المحلية فهذا يعني دعما وموافقة على سياسات أردوغان، وسيخرج لنا أردوغان أكثر قوة وحضورا محليا ودوليا".

وبشأن شكل وعوامل المنافسة، قال سلفي "لا شك في أن إسطنبول تحمل أهمية ورمزية كبيرة، فهي بوابة أردوغان إلى عالم السياسة، ومن الطبيعي أن تكون نقطة اهتمام ومنافسة".

وأضاف الكاتب التركي أن المعارضة –الطاولة السداسية– تعمل حاليا على تجميع قواها وترتيب كل أوراقها لدعم أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري من أجل الفوز مجددا برئاسة بلدية إسطنبول.

وبشأن هذه الجهود، قال سلفي "هناك ضغوط على حزب الجيد، وهناك ترتيبات تتم لتأمين دعم باقي أعضاء الطاولة".

الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة ألقت بظلال سلبية على تحالف المعارضة التركية وتماسكها (غيتي) أهم العناصر

وبشأن أهم النقاط التي ستجعل فوز (استعادة) أو خسارة الحزب الحاكم في إسطنبول ممكنا، يضيف سلفي "قد يبدو للمتابع أن حظوظ المعارضة أكثر في إسطنبول وأنقرة، أتوقع أن العدالة سيفوز فيهما، أو على الأقل في إسطنبول، لأنه يعمل (حزب العدالة والتنمية) بمنظومة صارمة لاختيار المرشح المناسب، وهذا أمر مهم، وأيضا أعتقد أنه سيركز على لغة العمل والإنجاز التي تعد نقطة ضعف عند مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو".

ومضى سلفي في تقديراته "إذا لم يخطئ الحزب الحاكم في المرحلة المقبلة فأعتقد أنه سيفوز في الانتخابات المحلية عموما بالقوى ذاتها وبنسبة أصوات أعلى من الانتخابات العامة، وبذلك سيمضي بقوة في قيادة تركيا لـ5 سنوات، وفي حال حدوث العكس وفازت المعارضة -لا أتوقع ذلك- فسيكون هناك مشهد صعب أمام إدارة الحزب الحاكم".

وفي هذا الجانب، قال الباحث ورئيس مركز أوبتيمار للأبحاث حلمي داشدمير المعروف بتوقعاته الدقيقة "في الانتخابات العامة يختار الناخب الرئيس التركي وحزبه بناء على تاريخه وتجربته وسياسته وقصص نجاحه السابقة، فيما ينصرف عن المعارضة نتيجة الغموض في رؤيتها وبرامجها العملية".

وتابع داشدمير حديثه خلال أمسية نقاشية حضرتها الجزيرة نت "في الانتخابات المحلية يلعب المرشح وشخصيته المحلية وطبيعة الفوائد والخدمات المتوقعة منه دورا مهما في ترجيح واختيار الناخب للحزب".

وأوضح رئيس أوبتيمار أن مرشح المعارضة المعلن في إسطنبول أكرم إمام أوغلو قد فقد نسبة من قبوله الشعبي وحضوره الذي تميز به في الانتخابات المحلية الأخيرة عام 2019، وأن سبب ذلك يعود إلى طبيعة وجودة الخدمات المقدمة ولحراكه وطموحه السياسي العام على حساب مهام رئاسة البلدية.

وأضاف داشدمير "فهم المجتمع ورغباته نقطة مهمة وحساسة في الانتخابات، خاصة في الانتخابات المحلية، وأهم النقاط هو اختيار المرشح الصحيح الذي يلبي رغبات وتطلعات الجمهور ويحوز قبول وقناعة الناخب من خلال حضوره ومشاريعه التي تمس حياتهم مباشرة".

من جانبه، قال الصحفي والكاتب عبد القادر سلفي "مرشحو المعارضة للمدن الكبرى أصبحوا معروفين، في أنقرة سيواصل منصور يافاش، فيما يواصل أكرم إمام أوغلو في إسطنبول، لكنْ هناك مدن أخرى مهمة كإزمير وأضنه ومرسين، أعتقد أن حزب الشعب الجمهوري سيعمل على الاستعاضة عن مرشحيه فيها بمرشحين جدد أكثر قربا وتوافقا مع إدارة الحزب الجديدة".

وبخصوص الحزب الحاكم وتحالفه تابع سلفي "حزب العدالة والتنمية في توافق مع حزب الحركة القومية بخصوص المدن الكبرى، ووفق ذلك لن يرشح الأخير أحدا فيها، وسيدعم مرشح العدالة والتنمية".

ووفق تقديرات سلفي -التي دعمها تصريح حديث للرئيس أردوغان- فمن من المتوقع إعلان العدالة والتنمية عن مرشحيه نهاية العام الحالي.

إسطنبول تتمتع برمزية تاريخية وروحية كبيرة في وجدان الشعب التركي (الجزيرة) شكل المنافسة

ومؤخرا، شهدت الانتخابات العامة التركية الرئاسية والبرلمانية حضورا بارزا لملفي الاقتصاد واللاجئين بين ملفات التنافس وتسجيل النقاط، وكذلك كان الواقع في الانتخابات المحلية الأخيرة عام 2019، وفي ظل الواقع الحالي يتوقع حضورهما في الانتخابات القادمة نهاية مارس/آذار المقبل.

وأشار الباحث حلمي داشدمير إلى أن عام 2019 -خاصة ملف الاقتصاد- كان له دور مهم في تعبير الناخب عن غضبه وخسارة الحزب الحاكم لإسطنبول خصوصا، وتابع "لكن الملف الأهم هو فهم المجتمع واختيار المرشح المناسب".

وتابع داشدمير "الانتخابات المحلية تحمل مهمة البوصلة للانتخابات العامة القادمة عام 2028، وأعتقد أن جبهة المعارضة غير مؤهلة للمنافسة وفق ملفات وشروط الانتخابات المحلية، وعكس هذه الحالة نجده في الحزب الحاكم وتحالفه".

من جانبه، قال الكاتب سلفي "لا شك في أن ملفات مهمة كالاقتصاد واللاجئين ستكون حاضرة على أجندة الانتخابات المحلية لكن بشكل مختلف وبنسبة أقل عن الانتخابات العامة"، مؤكدا أن للانتخابات المحلية أجندة خاصة ومواضيع معينة أكثر حضورا.

وتابع الصحفي التركي "أعتقد أن الحزب الحاكم سيتبع إستراتيجية المنافسة عبر المشاريع والمخططات، وسيعمل على التركيز على قيمة وحجم إنجازات المعارضة خلال سنوات حكمها للمدن الكبرى".

ويجمع عدد من الخبراء على أن مشاريع مثل التحول الحضاري ومعاناة الحياة اليومية ومستوى التضخم والخدمات المقدمة من البلديات التي تلامس حياة المواطن مثل المواصلات ستؤدي دورا مهما في سباق الانتخابات المحلية في تركيا.

يذكر أن بلدية إسطنبول لم تخرج من يدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان –حزب الرفاه/ حزب العدالة والتنمية– منذ 1994 حتى عام 2019، ويوليها الرئيس التركي مكانة مهمة في حياته السياسية والاجتماعية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الانتخابات المحلیة الرئاسیة والبرلمانیة الانتخابات الرئاسیة الانتخابات العامة العدالة والتنمیة أکرم إمام أوغلو الحزب الحاکم فی إسطنبول الحاکم فی فی ترکیا عام 2019

إقرأ أيضاً:

أنقرة ومصالحها في شمال العراق.. الأسباب الحقيقية لبقاء القوات التركية

10 مارس، 2025

بغداد/المسلة: في خطوة مفاجئة، أعلن زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، من سجنه في تركيا، حل الحزب وإنهاء عملياته العسكرية. ورغم هذا الإعلان، تستمر الطائرات التركية في التحليق فوق مناطق محافظة دهوك شمال العراق، مع استمرار الاشتباكات بين القوات التركية ومسلحي الحزب.
و يعبّر سكان القرى الحدودية في دهوك عن استيائهم من استمرار الصراع المسلح، مشيرين إلى أن الأوضاع الأمنية لم تتغير بعد إعلان أوجلان.
في بغداد، يشهد البرلمان حراكًا متزايدًا للضغط على الحكومة لاتخاذ خطوات جادة لإخراج القوات التركية من الأراضي العراقية وإغلاق قواعدها العسكرية، بما في ذلك قاعدة زليكان الواقعة قرب الموصل.

رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، كريم المحمداوي، أكد على ضرورة اتخاذ قرار يقضي بخروج القوات التركية وعناصر حزب العمال الكردستاني من جميع الأراضي العراقية، معتبرًا أن وجود القوات التركية في العراق “لم يعد مبررًا” بعد إعلان أوجلان.
من جانبها، طالبت وزارة الدفاع التركية حزب العمال الكردستاني بتسليم السلاح فورًا، مؤكدة استمرار عملياتها العسكرية ضد مسلحي الحزب في العراق وسوريا.
تحليلًا للموقف، يرى مراقبون أن أنقرة لن توقف عملياتها العسكرية طالما لم يتم نزع سلاح الحزب بشكل فعلي. ورغم إعلان أوجلان، تشير المؤشرات إلى أن الحزب غير مستعد لنزع سلاحه والدخول في مفاوضات، وقد يقوم بتجميد عملياته العسكرية، لكن مسألة نزع السلاح مستبعدة في ظل غياب مفاوضات جدية.

وترى تركيا في وجود قواتها داخل العراق ضرورة استراتيجية لمكافحة حزب العمال الكردستاني، حيث تعتبره تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. كما أن وجودها العسكري يمنحها نفوذًا إقليميًا في شمال العراق، خاصة في ظل التوترات مع حكومة بغداد وأربيل.

علاوة على ذلك، تحاول أنقرة تأمين مصالحها الاقتصادية، لا سيما مشاريع الطاقة وخطوط النفط التي تمر عبر الإقليم الكردي. العامل الجيوسياسي يلعب دورًا رئيسيًا، إذ تسعى تركيا إلى تعزيز حضورها العسكري لمنع أي فراغ أمني قد تستغله قوى أخرى، مثل إيران. كما أن الاحتفاظ بقواعد عسكرية دائمة في العراق يمنحها أوراق ضغط في ملفات سياسية وأمنية متعددة بالمنطقة.

في هذا السياق، دعا مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، إلى انسحاب كل من حزب العمال الكردستاني والقوات التركية من شمال العراق، مشددًا على ضرورة إنهاء النزاع المسلح الذي أودى بحياة عشرات الآلاف.
ويبقى السؤال حول ما إذا كان حل حزب العمال الكردستاني سيؤدي فعليًا إلى إنهاء الوجود التركي في العراق، أم أن الأمور ستظل على حالها في ظل استمرار العمليات العسكرية والتوترات القائمة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • غرينلاند.. المعارضة تفوز في الانتخابات البرلمانية
  • المعارضة في غرينلاند تفوز بالانتخابات وسط مساعي ترامب لشراء الجزيرة
  • أداء باهت وأحداث مفككة.. لهذه الأسباب يخيب "العتاولة 2" آمال جمهوره
  • تحالف جديد للمعارضة بكوت ديفوار استعدادا لرئاسيات 2025
  • مفتي الجمهورية: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل لهذه الأسباب
  • هل يُعتقل عمدة إسطنبول قبيل العيد؟
  • تقرير تحليلي: لهذه الأسباب.. توسع النفوذ العسكري التركي في إفريقيا وليبيا
  • أنقرة ومصالحها في شمال العراق.. الأسباب الحقيقية لبقاء القوات التركية
  • الحزب الكندي الحاكم ينتخب رئيس وزراء جديدا خلفا لترودو
  • الحزب الحاكم في كندا ينتخب مارك كارني رئيسا جديدا للوزراء