صحيفة التغيير السودانية:
2025-04-09@16:13:09 GMT

كيف شاركت المرأة في ثورة ديسمبر؟

تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT

كيف شاركت المرأة في ثورة ديسمبر؟

بقلم: تاج السر عثمان بابو

(1)

نتابع بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة ديسمبر الدور الكبير الذي لعبته المرأة في ثورة ديسمبر ، كما رصدناه منذ اندلاع الثورة ، واستمرار مشاركتها كما في مقاومة الحرب اللعينة الدائرة رحاها الآن بين الدعم السريع والجيش، التي تضرر منها النساء والأطفال، اضافة للحرب علي اجساد النساء كما في حالات الاغتصاب والعنف الجنسي واختطاف البنات التي وثقتها منظمات حقوق الانسان والأمم ألمتحدة باعتبارها جرائم حرب ، مما يتطلب وقف الحرب وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمات، ومواصلة العمل لاسترداد الثورة.

شأن كل الثورات العظيمة في التاريخ مثل: الثورة الفرنسية والثورة الروسيةالتي لعبت فيها المرأة دورا كبيرا ، لعبت المرأة السودانية دورا كبيرا في ثورة ديسمبر باشتراكها في المظاهرات ويث الحماس وسط الثوار ، وكشف معلومات العدو للثوار، وايواء الثوار من بطش عناصر الأمن والارهابيين ، والمشاركة بفعالية في اعتصام القيادة العامة ، ونالت نصيبها من الاعتقال والتعذيب و الاستشهاد والاصابات بالرصاص الحي والتحرش بهدف ارهابها عن المشاركة في الثورة والضرب بالهراوات والغاز المسيل للدموع ، وتعرضت لجريمة الاغتصاب بعد مجزرة القيادة العامة . الخ.

جاء ذلك امتدادا لارثها في الحركة الوطنية منذ الثورة المهدية وثورة 1924 و ثورة الاستقلال 1956 ، وثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة مارس أبريل 1985.

كان طبيعيا أن تلعب المرأة السودانية دورها في ثورة ديسمبر ، فقد عانت من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والسياسي والاجتماعي والاثني واضطهادها كجنس ونوع، وقاومت قهر النظام الإسلاموي الفاشي الذي تعاظم بمتوالية هندسية حتي وصل الي التعذيب الوحشي للمعتقلات السياسيات والتحرش بهن.

والواقع أن المرأة السودانية واجهت ببسالة النظام الفاسد بعد انقلاب 30 يونيو 1989م ، بمختلف الأشكال ورفضت العودة بها الي عصر الحريم وتعرضت للكثير من صنوف التنكيل والاضطهاد (الاعتقال ، التشريد، القمع، الاغتراب.الخ)،وكان دورها واضحا في المظاهرات والمواكب والاضرابات والحركة الجماهيرية الرافضة لسياسات النظام القمعية وارسال الشباب الي محرقة الحرب.

قاومت المرأة النظام الفاسد الذي يعبر عن مصالح الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي افقرت شعب السودان ، وسحبت الدعم عن التعليم والصحة ومارست سياسة الخصخصة التي شردت مئات الالاف من العاملين من وظائفهم مثل: تدمير السكة الحديد والنقل النهري والخطوط الجوية السودانية ومشروع الجزيرة وبقية المشاريع الزراعية، اضافة للتفريط في وحدة السودان بانفصال الجنوب، ومصادرة الحقوق والحريات السياسية والنقابية، وفرض حالة ومحاكم الطوارئ ، وممارسة التعذيب والقمع الوحشي للمظاهرات والمواكب السلمية التي يكفلها الدستور.

(2)
لاحق نظام الانقاذ النساء بأساليب فظة ومهينة: اما بدعاوي الحجاب وقانون النظام العام الذي كان سيفا مسلطا علي رقاب الشابات بمطاردتهن واهانتهن بهدف ارهابهن وتحجيم دورهن في النشاط العام، ومنعهن من الانخراط في الحركة الجماهيرية الهادفة الي انتزاع الحقوق والحريات الديمقراطية، ورفع الغلاء وتحسين الأحوال المعيشية، وتوفير المستقبل ألافضل لفلذات اكبادهن. كما يتم حرمان النساء من العمل الشريف بمطاردتهن في الأسواق لكسب العيش الكريم.

كما عانت المراة السودانية من عقوبة الجلد ، تلك العقوبة المذلة للكرامة الانسانية التي مارسها نظام السفاح نميري منذ قوانين سبتمبر 1983م، وتم التوسع فيها بشكل وحشي تحت نظام الانقاذ بعد أن تم تقنينها في قانون العقوبات 1991.

جري القمع الوحشي للطالبات اللائي كن يعانين من وضع مزري في المعيشة والسكن في الجامعات والمعاهد والكليات، ويُحرمن من القبول في تخصصات معينة بمحاولات تقليل الأعداد للقبول في مايسمي بكليات القمة (الهندسة ، الطب،..) بصرف النظر عن النسب المميزة التي حزن عليها. والتمييز ضد النساء في الترقي للمناصب العليا في الخدمة العامة بمختلف الدعاوي. هذا اضافة لقانون الأحوال الشخصية الذي كان يحرم المرأة من حق اختيار الزوج بحرية، كما يحرمها من السفر ولو لمهام رسمية الا بموافقة ولي الأمر، ورغم أنها كانت حقوق مكفولة بدستور 2005 ، مما وضعها تحت رحمة الرجل علما بأنها انسان كامل الأهلية عقليا وبدنيا.

عانت المرأة في المناطق المهمشة من آثار الحرب الجهادية الدينية التي اشعلها النظام في الجنوب وجبال النوبا والنيل الأزرق وشرق السودان ودارفور وما نتج عنها من مآسي وكوارث مثل: النزوح والجرائم ضد الانسانية مثل: حرق القري، والاغتصاب، والابادة الجماعية، ومآسي فقدان الأبناء والأزواج ( الأرامل).

اضافة للحروب أدي التدمير الكبير للقطاع الصناعي و الزراعي بالخصخصة وتشريد العاملين والعاملات ، وتدميرالبيئة بممارسة القطع العشوائي للاشجار، مما أدي الي الجفاف والتصحر وهجرة الالاف من المزارعين والرعاة من الريف الي المدن، واتساع فئة النساء الفقيرات صانعات الأطعمة والشاي وبيع الملابس المستعملة والأدوات المنزلية زهيدة السعر ، وتقدر هذه الفئة بنسبة 85% من الباعة في بعض أسواق اطراف العاصمة، وأن اغلبيتهن بين سن: 20- 25 سنة، وأن بناتهن الصغار حتي سن 15 سنة يساعدن ويشاركن في البيع، ويعاني هؤلاء النسوة من هاجس : الرسوم ومصادرة أدوات عملهن(الكشات).

عانت النساء العاملات من سيف التشريد المسلط علي رقابهن، حيث بلغت نسبة المشردات أكثر من 55% من مجموع المشردين أغلبهن في سن العطاء (25- 35 سنة)
وفي مصانع المناطق الصناعية بالعاصمة وبقية المدن كانت وما زالت العاملات صغيرات السن يعانين من استغلال فظيع ، حيث أن عقود عملهن باجور متدنية وبلا حقوق نقابية أو تنظيم نقابي، إضافة الي ضيق فرص العمل للخريجين والشباب ( حيث يقدر عدد الخريجات العاطلات باكثر من 53% من العاطلين)، هذا اضافة لانتشار ظاهرة الطلاق وظاهرة النساء السجينات حتي نشأ جيل جديد من المواليد في السجون.

برغم أن المرأة تشكل نصف المجتمع (49% من السكان)، الا أنه وبعد30 عاما من حكم الانقاذ ، لاتزال الأمية بين النساء في الريف 85% وفي المدن 60%، رغم ازدياد عدد الطالبات في الجامعات. اضافة الي رفض نظام الانقاذ التوقيع علي اتفاقية سيداو التي طرحت وضع حد لكل أشكال التمييز ضد المرأة.

(3)
تواصل المرأة السودانية نضالها بعد ثورة ديسمبر استنادا لارث ومكاسب حققتها بعد الاستقلال، فقد شاركت المرأة في ثورة اكتوبر 1964م، كما انتزعت حق الانتخاب الذي قررته أول وزارة بعد الثورة وفازت فاطمة أحمد ابراهيم كأول امراة سودانية تدخل البرلمان في دوائر الخريجين. وفي عام 1965م، تم تشكيل لجنة لمراجعة اجور ومرتبات العمال والموظفين ، ما يهمنا هنا ، أن تلك اللجنة أوصت بتطبيق مبدأ الأجر المتساوى للعمل المتساوى للرجل والمرأة علي حد سواء ( طبق في مجالات الطب والتمريض والتدريس)، ولم يطبق في جميع الوظائف الا في عام 1972م، واستمر الوضع حتي اشتراك المرأة في القوات النظامية والسلك القضائي والدبلوماسي والتوسع في التعليم العالي (الاحفاد، الجامعة الاسلامية،..الخ)، وارتفاع عدد الطالبات في الجامعات. كما ارتفعت مساهمة المرأة في النشاط السياسي والثقافي والفني والمسرحي والرياضي. قاومت المرأة الأنظمة الديكتاتورية (عبود، نميري، الانقاذ)، وتعرضت للقمع والاعتقال والتعذيب والفصل التعسفي من العمل، والهجرة للخارج.
كما شهدت تلك الفترة اهتماما عالميا بقضية المرأة ( المواثيق الدولية) مثل: الأجر المتساوى، التمييز في التعليم، الحقوق السياسية للمرأة، سيداو1979م، مؤتمر بكين، سيداو الاختياري 1999.

(4)
أخيرا، رغم القهر الا أن المرأة هزمت نظام الانقاذ وشقت طريقها في مختلف الميادين. كما دفعت ظروف الحرب والفقر والتشريد بالكثير من النساء للعمل، كما كثرت حالات الطلاق للاعسار ، واتسعت ظاهرة سجن النساء والولادة داخل السجون (أطفال مواليد السجون).كما اتسعت أعداد المراكز ومنظمات المجتمع المدني التي سلطت الضوء المختلفة علي قضايا المرأة من زوايا مختلفة وتعددت أشكال تنظيمات المراة وكانت الحصيلة اهتمام واسع ومتنوع بقضية المرأة وهذا يشكل معلما بارزا في مسيرة المرأة السودانية.

رغم النجاحات التي حققتها المرأة السودانية في انتزاع بعض حقوقها، والدور التاريخي الرائد الذي لعبه الاتحاد النسائي السوداني في ذلك، الا أنه ينتظرها الكثير من المعارك من أجل مساواتها الفعلية التامة مع الرجل أمام القانون، والنضال من أجل التوقيع علي الاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة والالتزام بتنفيذها، وانتزاع قانون ديمقراطي للأحوال الشخصية يضمن حقوقها في القوامة والحضانة والشهادة والارث وعقد الزواج والطلاق والنفقة والأجر المتساوي للعمل المتساوي، والغاء القوانين التي تحط من كرامة المرأة مثل : قانون العقوبات للعام 1991، والغاء كل القونين والممارسات التي تبيح الاعتداء علي جسدها وكرامتها، واعتبار الاغتصاب جريمة من جرائم الحرب، وتحسين اوضاع المرأة النازحة، وتجاوز مناهج التعليم التي تكرّس دونية المرأة، وتمثيل المرأة في كافة مستويات الحكم بنسبة 50% علي الأقل.،وأن تحرير المراة لاينفصل عن تحرير المجتمع من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والديني والاثني والنوعي.

الوسومتاج السر عثمان بابو

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المرأة السودانیة نظام الانقاذ المرأة فی

إقرأ أيضاً:

مرسيدس تُطلق ثورة القيادة الذاتية بهدوء في S Class 2026

تستعد مرسيدس بنز حاليًا لإدخال تحديث كبير للقيادة الذاتية في سيارة S Class 2026، مما يمثل خطوة جديدة نحو تعزيز تقنية القيادة الذاتية لدى صانع السيارات الفاخرة. وعلى الرغم من أن التفاصيل لا تزال شحيحة.

مرسيدس AMG تصبح أغلى قليلاً في عام 2025

وسيشمل هذا التحديث قدرات موسعة للقيادة الذاتية من المستوى الثالث، مما يتيح للسيارة التعامل مع سيناريوهات قيادة أكثر تعقيدًا مع تدخل أقل من السائق.

أبرز ملامح التحديث في سيارة S Class 2026: تعزيز القدرة على القيادة الذاتية من المستوى الثالث، قدمت مرسيدس بالفعل نظام القيادة الذاتية من المستوى الثالث من خلال نظام Drive Pilot، الذي يسمح بالقيادة بدون استخدام اليدين في ظروف معينة «مثل القيادة على الطرق السريعة أو في حركة المرور البطيئة».

S Class 2026

من المتوقع أن يوسع التحديث لسيارة S Class 2026 هذه القدرات، مما يمكّن السيارة من العمل بشكل مستقل في مجموعة أوسع من البيئات، بما في ذلك المناطق الحضرية والمواقف المرورية الأكثر ديناميكية.

تحسين مجموعة المستشعرات لدعم الميزات المتقدمة للقيادة الذاتية، من المرجح أن تحتوي سيارة S-Class 2026 على مجموعة مستشعرات محدثة. قد تشمل هذه التحسينات ليدار عالي الدقة، وكاميرات إضافية، وأنظمة رادار محسّنة لتوفير رؤية شاملة ومتكاملة لمحيط السيارة.

تحسينات البرمجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، سيكون محور التحديث هو التقدم في خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للسيارة. ستساعد هذه التحسينات السيارة على فهم بيئتها بشكل أفضل، وتوقع سلوك مستخدمي الطريق الآخرين، واتخاذ قرارات قيادة أكثر أمانًا وكفاءة.

S Class 2026

تكامل سلس مع نظام الملاحة، سيقوم النظام المحدث بإدخال تكامُل أعمق مع برنامج الملاحة الخاص بالسيارة، مما يتيح تحسين المسار بناءً على بيانات حركة المرور في الوقت الفعلي واتخاذ قرارات مستقلة أثناء الرحلات الطويلة.

التركيز على السلامة والراحة، ستُجري شركة مرسيدس بنز وبهدوء تحديثًا ضخمًا على نظام القيادة الذاتية في سيارة اس كلاس فيس لفت المجددة القادمة.

مرسيدس اس كلاس

كما هو الحال دائمًا، تضع مرسيدس تركيزًا قويًا على السلامة وراحة الركاب. من المتوقع أن يقلل النظام الجديد من إجهاد السائق عن طريق التعامل مع مهام القيادة المملة أو المجهدة، مع ضمان أمان الركاب في جميع الأوقات.

نظام القيادة الذاتية في سيارة S Class 2026

يبدو أن مرسيدس تتبع نهجًا متوازنًا في الإعلان عن هذا التحديث، ربما لتجنب المبالغة في الوعد أو رفع التوقعات قبل الأوان. تختلف الموافقات التنظيمية على القيادة الذاتية من المستوى الثالث وما فوقها اختلافًا كبيرًا بين المناطق، وقد تكون الشركة تنتظر إرشادات أكثر وضوحًا قبل تقديم ادعاءات رسمية حول قدرات النظام.

S Class 2026

بالإضافة إلى ذلك، فإن المنافسين مثل تسلا وبي ام دبليو يتبعون أيضًا تقنيات القيادة الذاتية بقوة، لذلك قد تحافظ مرسيدس على سرية خططها للحفاظ على ميزة تنافسية.

ماذا يعني هذا للمستقبل؟

يؤكد تحديث S Class 2026 التزام مرسيدس بقيادة الجهود في مجال القيادة الذاتية ضمن فئة السيارات الفاخرة. من خلال الجمع بين الأجهزة المتطورة والذكاء الاصطناعي المتطور، تهدف الشركة إلى إعادة تعريف ما يمكن أن يتوقعه السائقون من سياراتهم - ليس فقط كوسائل نقل ولكن كمرافق ذكية قادرة على إدارة جزء كبير من تجربة القيادة.

وعلى الرغم من أن القيادة الذاتية الكاملة (المستوى الخامس) لا تزال بعيدة لسنوات كونها تطلب موافقات دولية وطرق مناسبة وهناك مصاعب عديدة بالنسبة لشركات تأمين السيارات ضمن هذا الفئة من المركبات التي تعتمد فقط على التقنيات بدون تدخل سائق بشري، إلا أن التحديثات التدريجية مثل هذه تقربنا من مستقبل حيث يمكن للسيارات التنقل بأمان على الطرق مع القليل جدًا من التدخل البشري أو بدونه. في الوقت الحالي، تعد سيارة S Class 2026 نظرة على هذا الواقع الذي ليس ببعيد.

اقرأ أيضاًبورش ومرسيدس تواجهان خسائر بقيمة 3.7 مليار دولار بسبب رسوم ترامب

أداء رياضي فائق وفخامة.. مواصفات وسعر سيارة مرسيدس AMG GT 43 2025

«مرسيدس - بنز إيجيبت» تستهدف زيادة إنتاجها بالسوق المصري 30% خلال عام 2025

مقالات مشابهة

  •  نواب العمل الاسلامي ينسحبون من جلسة اليوم بعد رفض المجلس اضافة عبارة “مع مراعاة أحكام الشريعة”
  • مجلس النواب: بوراص شاركت في طشقند بأعمال لجنتين للاتحاد البرلماني الدولي
  • النويري من “طشقند”: الدولة الليبية حرصت على تمثيل النساء في السلك الدبلوماسي
  • المدية.. 6 جرحى في اصطدام بين سيارتين بحي 15 ديسمبر
  • ديسمبر كلها كانت “جنجويدية”
  • مرسيدس تُطلق ثورة القيادة الذاتية بهدوء في S Class 2026
  • أبوظبي تستضيف النسخة الثانية لمؤتمر بتكوين مينا 8 ديسمبر المقبل
  • أبوظبي تستضيف مؤتمر بيتكوين مينا ديسمبر المقبل
  • ماك بوك آير بشريحة إم 4.. ثورة آبل الجديدة في عالم الحواسيب المحمولة
  • ثورة في مكافحة «الفيروسات».. تعرّف عليها!