صحيفة التغيير السودانية:
2024-10-08@14:59:37 GMT

كيف شاركت المرأة في ثورة ديسمبر؟

تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT

كيف شاركت المرأة في ثورة ديسمبر؟

بقلم: تاج السر عثمان بابو

(1)

نتابع بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة ديسمبر الدور الكبير الذي لعبته المرأة في ثورة ديسمبر ، كما رصدناه منذ اندلاع الثورة ، واستمرار مشاركتها كما في مقاومة الحرب اللعينة الدائرة رحاها الآن بين الدعم السريع والجيش، التي تضرر منها النساء والأطفال، اضافة للحرب علي اجساد النساء كما في حالات الاغتصاب والعنف الجنسي واختطاف البنات التي وثقتها منظمات حقوق الانسان والأمم ألمتحدة باعتبارها جرائم حرب ، مما يتطلب وقف الحرب وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمات، ومواصلة العمل لاسترداد الثورة.

شأن كل الثورات العظيمة في التاريخ مثل: الثورة الفرنسية والثورة الروسيةالتي لعبت فيها المرأة دورا كبيرا ، لعبت المرأة السودانية دورا كبيرا في ثورة ديسمبر باشتراكها في المظاهرات ويث الحماس وسط الثوار ، وكشف معلومات العدو للثوار، وايواء الثوار من بطش عناصر الأمن والارهابيين ، والمشاركة بفعالية في اعتصام القيادة العامة ، ونالت نصيبها من الاعتقال والتعذيب و الاستشهاد والاصابات بالرصاص الحي والتحرش بهدف ارهابها عن المشاركة في الثورة والضرب بالهراوات والغاز المسيل للدموع ، وتعرضت لجريمة الاغتصاب بعد مجزرة القيادة العامة . الخ.

جاء ذلك امتدادا لارثها في الحركة الوطنية منذ الثورة المهدية وثورة 1924 و ثورة الاستقلال 1956 ، وثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة مارس أبريل 1985.

كان طبيعيا أن تلعب المرأة السودانية دورها في ثورة ديسمبر ، فقد عانت من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والسياسي والاجتماعي والاثني واضطهادها كجنس ونوع، وقاومت قهر النظام الإسلاموي الفاشي الذي تعاظم بمتوالية هندسية حتي وصل الي التعذيب الوحشي للمعتقلات السياسيات والتحرش بهن.

والواقع أن المرأة السودانية واجهت ببسالة النظام الفاسد بعد انقلاب 30 يونيو 1989م ، بمختلف الأشكال ورفضت العودة بها الي عصر الحريم وتعرضت للكثير من صنوف التنكيل والاضطهاد (الاعتقال ، التشريد، القمع، الاغتراب.الخ)،وكان دورها واضحا في المظاهرات والمواكب والاضرابات والحركة الجماهيرية الرافضة لسياسات النظام القمعية وارسال الشباب الي محرقة الحرب.

قاومت المرأة النظام الفاسد الذي يعبر عن مصالح الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي افقرت شعب السودان ، وسحبت الدعم عن التعليم والصحة ومارست سياسة الخصخصة التي شردت مئات الالاف من العاملين من وظائفهم مثل: تدمير السكة الحديد والنقل النهري والخطوط الجوية السودانية ومشروع الجزيرة وبقية المشاريع الزراعية، اضافة للتفريط في وحدة السودان بانفصال الجنوب، ومصادرة الحقوق والحريات السياسية والنقابية، وفرض حالة ومحاكم الطوارئ ، وممارسة التعذيب والقمع الوحشي للمظاهرات والمواكب السلمية التي يكفلها الدستور.

(2)
لاحق نظام الانقاذ النساء بأساليب فظة ومهينة: اما بدعاوي الحجاب وقانون النظام العام الذي كان سيفا مسلطا علي رقاب الشابات بمطاردتهن واهانتهن بهدف ارهابهن وتحجيم دورهن في النشاط العام، ومنعهن من الانخراط في الحركة الجماهيرية الهادفة الي انتزاع الحقوق والحريات الديمقراطية، ورفع الغلاء وتحسين الأحوال المعيشية، وتوفير المستقبل ألافضل لفلذات اكبادهن. كما يتم حرمان النساء من العمل الشريف بمطاردتهن في الأسواق لكسب العيش الكريم.

كما عانت المراة السودانية من عقوبة الجلد ، تلك العقوبة المذلة للكرامة الانسانية التي مارسها نظام السفاح نميري منذ قوانين سبتمبر 1983م، وتم التوسع فيها بشكل وحشي تحت نظام الانقاذ بعد أن تم تقنينها في قانون العقوبات 1991.

جري القمع الوحشي للطالبات اللائي كن يعانين من وضع مزري في المعيشة والسكن في الجامعات والمعاهد والكليات، ويُحرمن من القبول في تخصصات معينة بمحاولات تقليل الأعداد للقبول في مايسمي بكليات القمة (الهندسة ، الطب،..) بصرف النظر عن النسب المميزة التي حزن عليها. والتمييز ضد النساء في الترقي للمناصب العليا في الخدمة العامة بمختلف الدعاوي. هذا اضافة لقانون الأحوال الشخصية الذي كان يحرم المرأة من حق اختيار الزوج بحرية، كما يحرمها من السفر ولو لمهام رسمية الا بموافقة ولي الأمر، ورغم أنها كانت حقوق مكفولة بدستور 2005 ، مما وضعها تحت رحمة الرجل علما بأنها انسان كامل الأهلية عقليا وبدنيا.

عانت المرأة في المناطق المهمشة من آثار الحرب الجهادية الدينية التي اشعلها النظام في الجنوب وجبال النوبا والنيل الأزرق وشرق السودان ودارفور وما نتج عنها من مآسي وكوارث مثل: النزوح والجرائم ضد الانسانية مثل: حرق القري، والاغتصاب، والابادة الجماعية، ومآسي فقدان الأبناء والأزواج ( الأرامل).

اضافة للحروب أدي التدمير الكبير للقطاع الصناعي و الزراعي بالخصخصة وتشريد العاملين والعاملات ، وتدميرالبيئة بممارسة القطع العشوائي للاشجار، مما أدي الي الجفاف والتصحر وهجرة الالاف من المزارعين والرعاة من الريف الي المدن، واتساع فئة النساء الفقيرات صانعات الأطعمة والشاي وبيع الملابس المستعملة والأدوات المنزلية زهيدة السعر ، وتقدر هذه الفئة بنسبة 85% من الباعة في بعض أسواق اطراف العاصمة، وأن اغلبيتهن بين سن: 20- 25 سنة، وأن بناتهن الصغار حتي سن 15 سنة يساعدن ويشاركن في البيع، ويعاني هؤلاء النسوة من هاجس : الرسوم ومصادرة أدوات عملهن(الكشات).

عانت النساء العاملات من سيف التشريد المسلط علي رقابهن، حيث بلغت نسبة المشردات أكثر من 55% من مجموع المشردين أغلبهن في سن العطاء (25- 35 سنة)
وفي مصانع المناطق الصناعية بالعاصمة وبقية المدن كانت وما زالت العاملات صغيرات السن يعانين من استغلال فظيع ، حيث أن عقود عملهن باجور متدنية وبلا حقوق نقابية أو تنظيم نقابي، إضافة الي ضيق فرص العمل للخريجين والشباب ( حيث يقدر عدد الخريجات العاطلات باكثر من 53% من العاطلين)، هذا اضافة لانتشار ظاهرة الطلاق وظاهرة النساء السجينات حتي نشأ جيل جديد من المواليد في السجون.

برغم أن المرأة تشكل نصف المجتمع (49% من السكان)، الا أنه وبعد30 عاما من حكم الانقاذ ، لاتزال الأمية بين النساء في الريف 85% وفي المدن 60%، رغم ازدياد عدد الطالبات في الجامعات. اضافة الي رفض نظام الانقاذ التوقيع علي اتفاقية سيداو التي طرحت وضع حد لكل أشكال التمييز ضد المرأة.

(3)
تواصل المرأة السودانية نضالها بعد ثورة ديسمبر استنادا لارث ومكاسب حققتها بعد الاستقلال، فقد شاركت المرأة في ثورة اكتوبر 1964م، كما انتزعت حق الانتخاب الذي قررته أول وزارة بعد الثورة وفازت فاطمة أحمد ابراهيم كأول امراة سودانية تدخل البرلمان في دوائر الخريجين. وفي عام 1965م، تم تشكيل لجنة لمراجعة اجور ومرتبات العمال والموظفين ، ما يهمنا هنا ، أن تلك اللجنة أوصت بتطبيق مبدأ الأجر المتساوى للعمل المتساوى للرجل والمرأة علي حد سواء ( طبق في مجالات الطب والتمريض والتدريس)، ولم يطبق في جميع الوظائف الا في عام 1972م، واستمر الوضع حتي اشتراك المرأة في القوات النظامية والسلك القضائي والدبلوماسي والتوسع في التعليم العالي (الاحفاد، الجامعة الاسلامية،..الخ)، وارتفاع عدد الطالبات في الجامعات. كما ارتفعت مساهمة المرأة في النشاط السياسي والثقافي والفني والمسرحي والرياضي. قاومت المرأة الأنظمة الديكتاتورية (عبود، نميري، الانقاذ)، وتعرضت للقمع والاعتقال والتعذيب والفصل التعسفي من العمل، والهجرة للخارج.
كما شهدت تلك الفترة اهتماما عالميا بقضية المرأة ( المواثيق الدولية) مثل: الأجر المتساوى، التمييز في التعليم، الحقوق السياسية للمرأة، سيداو1979م، مؤتمر بكين، سيداو الاختياري 1999.

(4)
أخيرا، رغم القهر الا أن المرأة هزمت نظام الانقاذ وشقت طريقها في مختلف الميادين. كما دفعت ظروف الحرب والفقر والتشريد بالكثير من النساء للعمل، كما كثرت حالات الطلاق للاعسار ، واتسعت ظاهرة سجن النساء والولادة داخل السجون (أطفال مواليد السجون).كما اتسعت أعداد المراكز ومنظمات المجتمع المدني التي سلطت الضوء المختلفة علي قضايا المرأة من زوايا مختلفة وتعددت أشكال تنظيمات المراة وكانت الحصيلة اهتمام واسع ومتنوع بقضية المرأة وهذا يشكل معلما بارزا في مسيرة المرأة السودانية.

رغم النجاحات التي حققتها المرأة السودانية في انتزاع بعض حقوقها، والدور التاريخي الرائد الذي لعبه الاتحاد النسائي السوداني في ذلك، الا أنه ينتظرها الكثير من المعارك من أجل مساواتها الفعلية التامة مع الرجل أمام القانون، والنضال من أجل التوقيع علي الاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة والالتزام بتنفيذها، وانتزاع قانون ديمقراطي للأحوال الشخصية يضمن حقوقها في القوامة والحضانة والشهادة والارث وعقد الزواج والطلاق والنفقة والأجر المتساوي للعمل المتساوي، والغاء القوانين التي تحط من كرامة المرأة مثل : قانون العقوبات للعام 1991، والغاء كل القونين والممارسات التي تبيح الاعتداء علي جسدها وكرامتها، واعتبار الاغتصاب جريمة من جرائم الحرب، وتحسين اوضاع المرأة النازحة، وتجاوز مناهج التعليم التي تكرّس دونية المرأة، وتمثيل المرأة في كافة مستويات الحكم بنسبة 50% علي الأقل.،وأن تحرير المراة لاينفصل عن تحرير المجتمع من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والديني والاثني والنوعي.

الوسومتاج السر عثمان بابو

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المرأة السودانیة نظام الانقاذ المرأة فی

إقرأ أيضاً:

لمياء كامل: منتدى النساء المبدعات فرصة رائعة لتمكين المرأة في العلوم والتكنولوجيا

ينطلق منتدى النساء المبدعات بالرياض في المملكة العربية السعودية يومي 7 و8 أكتوبر 2024، والذي سوف يضم مجموعة استثنائية من القيادات النسائية المتميزة ورائدات الأعمال والمبتكرات من جميع أنحاء العالم تحت رعاية الأميرة نورة بنت سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود.
وتشارك في المنتدى من مصر، لمياء كامل مؤسس قمة صوت مصر والمدير التنفيذي لشركة CC Plus للعلاقات العامة والاستشارات الإعلامية ومساعد وزير السياحة والآثار للترويج السابق، لتكون من المتحدثين الرئيسيين في المنتدى بصفتها رائدة في مجال الاتصال السياسي والعلاقات العامة.
أثرت لمياء كامل بشكل كبير على قطاعي السياحة والعلاقات العامة في مصر، وقد عززت خبرتها، خاصة خلال فترة عملها كمساعد سابق لوزير السياحة والآثار للترويج، المشهد بالقطاع السياحي في مصر بشكل كبير، مما جعل لها دور كبير في إعادة تقديم مصر في الصورة الحديثة ونشر رسالة إيجابية عن الدولة المصرية.

 واستكملت لمياء المسيرة واتباع هذا النهج من خلال عملها في القطاع الخاص وتحديدًا من خلال منصة قمة صوت مصر، فهي صاحبة الرؤية والمحرك الأساسي لأول منصة في مصر تهدف إلى تحسين الصورة الذهنية لمصر أمام العالم وتسهم في بناء الهوية الوطنية وهي قمة صوت مصر والتي استضافت بنجاح سبع دورات منها ما حظي برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي ودولة رئيس الوزراء. وفي عام 2006، أسست لمياء شركة سي سي بلاس للعلاقات العامة والاستشارات الإعلامية، والتي نمت منذ ذلك الحين لتصبح واحدة من شركات العلاقات العامة الرائدة في مصر. 
يسلط منتدى النساء المبدعات الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه المرأة في قيادة الابتكار والإبداع على الصعيدين المحلي والعالمي. ويعد المنتدى منصة رائدة تجمع المبدعات وقادة الفكر ورواد الأعمال من جميع أنحاء العالم لتبادل الأفكار واستعراض الإنجازات. وبالإضافة إلى لمياء كامل، سيستضيف المنتدى مجموعة من المتحدثين المؤثرين، بما في ذلك نخبة من العلماء المتميزين الحائزين على جوائز، ورجال الأعمال ذوي الرؤية، ويهدف الحدث إلى تعزيز الإبداع في مجالات الأعمال والفنون والتعليم وغيرهم، وخلق منصة للحوار والعمل في عالم اليوم سريع الخطى.
وأعربت لمياء كامل، عن سعادتها للمشاركة بهذا المنتدى موضحة أن المنطقة العربية بصفة عامة والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة تشهد حالياً طفرة غير مسبوقة على جميع الأصعدة مستندة على تراثها الثقافي والحضاري الغني، والذي تمكنت من توظيفه في العديد من المجالات الصناعية والإبداعية والعلمية..
وصرحت لمياء كامل: "منتدى النساء المبدعات يمثل فرصة رائعة للعمل على تعزيز رسالة تمكين المرأة العربية في مجالات الأعمال والعلوم والتكنولوجيا والصناعات الإبداعية وكذلك تسليط الضوء على الدور المحوري للإبداع في مجالات العلاقات العامة والأعمال.
وأشارت "كامل": تأتي أهمية هذا المنتدى لدعم وتحفيز المرآة العربية وتشجيعها على استغلال طاقاتها الإبداعية واغتنام المزيد من الفرص لتحقيق النجاح. في شتى المجالات.. وهو ما نراه حالياً في مصر والمنطقة العربية، فمثلما يعزز المنتدى الابتكار والريادة، فإننا نخطو خطا حثيثة وثابتة لإحياء ماضينا العريق مع التركيز على مواكبة المستقبل. ومع اقتراب المنتدى أتطلع إلى المزيد من تبادل الأفكار الاستماع الى التجارب الملهمة للمتحدثين الاخرين واستكشاف معاً كيف يمكن للإبداع أن يشكل مستقبل الأعمال".
 

مقالات مشابهة

  • كانت ديسمبر خريف للدولة السودانية وربيع للجنجويد
  • تهليل لاختبار جذوة ثورة ديسمبر
  • «أم ياسر» تتحدى تقاليد البدو.. غيّرت حياة مجتمعها بـ«الإرشاد السياحي»
  • « ديسمبر باقية وستنتصر».. حملة سودانية اسفيرية ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي
  • ثورة ديسمبر
  • منتدى النساء المبدعات بالرياض يستعرض تمكين المرأة العربية في المجالات المختلفة
  • لمياء كامل: منتدى النساء المبدعات فرصة رائعة لتمكين المرأة في العلوم والتكنولوجيا
  • ثورة ديسمبر كانت تحمل معها آمال وتطلعات وأحلام بالحرية والسلام والعدالة
  • ثورة ديسمبر جاءت من اجل عزة وطن والان الوطن يستباح
  • ثورة ديسمبر مرحلة تجاوزها تاريخ البلد، وماتت وشبعت موت