تشهد جزر موريشيوس تجربةً سياسيةً كانت الأكثر نجاحًا وديموقراطية في أفريقيا، كما تستقبل أكثر من مليون زائر سنويًّا، ويقطنها أكثر من مليون ونصف مواطن، يعمل معظمهم في مجالي السياحة والزراعة، ولا تملك أي ثروات وموارد طبيعية عدا الثروة البشرية، التي حققت بهم نهضةً سياسيةً واقتصاديةً كبيرةً.

حملات تموينية بالزقازيق للتأكد من وصول الدعم لمستحقيه


وتقع دولة جزر موريشيوس في المحيط الهادئ، على بُعد ألفي كيلو متر من الساحل الشرقي للقارة الأفريقية، وتبلغ مساحتها 2040 كيلومترًا، ووصفت بأنها أغنى دولة أفريقية، وأرض التسامح الدينى والعرقي، وأعلى متوسط دخل للفرد في أفريقيا.

 
تاريخ من الاستكشاف العربي إلى الاستعمار الإنجليزي
أثناء تجارة العرب مع أفريقيا ومدغشقر في العصور الوسطى عرف البحارة العرب جزر موريشيوس ولكنهم لم يجدوا ما يغريهم بالبقاء في هذه الجزر الاستوائية غير المأهولة التي تقع في المحيط الهندي على بعد ألفي كيلومتر شرق الساحل الأفريقي وذكر المؤرخ الجغرافي الإيطالي ألبرتو كارتينو أن العرب كانوا أول من اكتشف جزر موريشيوس في عام 975 ميلادية وأطلقوا عليها اسم دنيا العروبة.
بعدما تركها العرب لعدم وجود أي ثروات تدفعهم للبقاء بها تكرر نفس الامر مع البحارة البرتغاليون في أوائل القرن السادس عشر ولم يستوطنوها أيضًا.
وبعد أن هجرها العرب ومن بعدهم البرتغاليون وصلت إلى جزر موريشيوس سلسلة من المستعمرين الأوروبيين بداية من هولندا ونهاية بفرنسا ثم بريطانيا ، وجاء الاحتلال البريطاني في عام 1810 بعد هزيمة نابليون واستسلم الفرنسيون سلميًا في موريشيوس بشرط الحفاظ على ممتلكاتهم في الجزيرة، وعلى النظام القانوني الفرنسي. ووافق البريطانيون، وحولوا موريشيوس إلى أكبر مصدر لقصب السكر في الإمبراطورية البريطانية.

أهميتها الاستراتيجية للمستعمريين
كان لموريشيوس أهمية استراتيجية في مدخل المحيط الهندي في تجارة أوروبا مع الهند والشرق الأقصى ، ولكن هذه الأهمية تراجعت بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869.
افتتحت قناة السويس المصرية أمام الملاحة العالمية عام 1869، فأصبحت السفن التجارية تمر من قناة السويس بدلًا من الذهاب إلى ميناء «إيل دي فرانس» للمرور حول أفريقيا، مما أثر سلبًا في «موريشيوس» وميناء «إيل دي فرانس»، وفي الوقت ذاته ازداد الاستهلاك العالمي من سكر البنجر لانخفاض سعره عن سكر القصب، فتراجعت إيرادت السكر مع تراجع مكانة الميناء في أفريقيا.
مع بداية الحرب العالمية الأولى ارتفعت أسعار السكر ، مما ساهم في ازدهار الاقتصاد في «موريشيوس» مرةً أخرى بسبب وفرة محصول قصب السكر هناك، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية ضعفت الإمبراطورية البريطانية وبدأت في فقدان ما تبقى من مستعمراتها رغم الانتصار في الحرب، وفي عام 1968 أعلنت «جزر موريشيوس» استقلالها عن بريطانيا، وأصبحت دولةً ملكيةً مستقلةً، وفي 12 مارس (آذار) 1992 جرى إلغاء الملكية وإعلان دستور الجمهورية.


ويسكن حاليًا دولة «جزر موريشيوس» أكثر من مليون ونصف المليون مواطن، ويوجد بها مجموعة متنوعة من الأعراق والأديان التى تعيش معًا في سلام وتناغم، ويعد الهندوس المجموعة الأكبر بين السكان بنسبة 50%، يليهم المسيحيون بنسبة 30% ثم المسلمون بنسبة 17%، بجانب مجموعات عرقية ودينية أخرى، ويتحدث السكان اللغتين الإنجليزية والفرنسية بشكلٍ أساسي.
المصادر الاقتصادية
يعتمد الاقتصاد في «موريشيوس» على مصدرين مهمين، المصدر الأول هو زراعة قصب السكر والتبغ والشاي، وتصدير تلك المحاصيل الزراعية إلى جانب المنسوجات، والمصدر الثاني هو السياحة، ويعود ذلك لشواطئها الخلابة في المحيط الهندي وغاباتها الرائعة ومناخها الاستوائي؛ والتى نجحت بفضل ذلك في استقطاب أكثر من مليون سائح سنويًّا للبلاد، وبالرغم من عدم تعدد مصادر الدخل في الدولة، فإن الاقتصاد في «موريشيوس» واحد من أقوى الاقتصادات الأفريقية.
ولا تملك «موريشيوس» موارد أو ثرواتٍ طبيعية يمكن الاعتماد عليها؛ لكنها تمتلك ثروة بشرية اهتمت بها حكومة «موريشيوس» منذ اليوم الأول للاستقلال عن الإمبراطورية البريطانية، وحاولت تنميتها والاستفادة منها قدر المستطاع ، فأصبح التعليم إجباريًّا ومجانيًّا لكل مواطن في حتى الدراسة الجامعية، كما اهتمت الدولة أيضًا بصحة المواطنين، فجعلت الرعاية الصحية مجانية بالكامل لكل مواطن في البلاد، وتتضمن مجانية الرعاية الصحية إجراء العمليات الجراحية باهظة الثمن مثل جراحات القلب وزرع الأعضاء وغيرها.
ويعد متوسط دخل الفرد السنوي في جزر موريشيوس الأعلى في قارة أفريقيا بقيمة 16.500 ألف دولار سنويًّا، وأكثر من 90% من سكان البلاد يمتلكون منازلهم الخاصة، فلا تعاني البلاد من موجات المشردين ومفترشي الطرقات والشوارع.
النشاط السياحي 
وتعد موريشيوس من أهم وجهات السياحة الفاخرة، خصوصًا بعد أن حصلت على جوائز عالمية لكونها أفضل جزيرة سياحية في العالم ووجود أفضل شاطئ سياحي خلاب فيها، وذلك في عام 2012 في بورصة السياحة العالمية. وتقع موريشيوس الآن في الترتيب الثالث إقليميًا، و56 على مستوى العالم في ترتيب أفضل الوجهات السياحية ، وهي تتمتع بمناخ استوائي ومياه صافية ودافئة وشواطئ سياحية من الطراز الأول ، ويسكن موريشيوس الآن شعب متنوع الأعراق وعلى درجة جيدة من الثقافة السياحية.
وتقدم موريشيوس لسياحها أيضًا فنادق ومنتجعات سياحية جيدة الإدارة وعالية الكفاءة بخدمات جيدة وبنية تحتية حديثة. ولا يواجه سياح موريشيوس أي مخاطر أمنية، وكانت الحوادث القليلة التي تعرض لها سياح موريشيوس تشمل عمليات احتيال وغش في تكلفة الخدمات والتسعير المزدوج.
وتطورت موريشيوس منذ نيلها الاستقلال في عام 1968 من دولة فقيرة تعتمد على الزراعة إلى دولة متوسطة الدخل متنوعة الموارد ويعتمد اقتصاد موريشيوس بنسبة كبيرة على السياحة ثم يأتي بعدها كثير من الصناعات، مثل المنسوجات والخدمات المالية والسكر. وفي السنوات الأخيرة تحاول موريشيوس تطوير مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطوير العقار وصناعة الضيافة السياحية الفاخرة. وهي تنشط أيضًا في مجالات التعليم والطاقة المتجددة والخدمات الطبية.
ولا توجد في موريشيوس موارد بترولية، ولذلك فهي تستورد حاجاتها من البترول ومشتقاته، وتحاول تطوير موارد طاقة مساعدة مثل توليد الطاقة من المياه والشمس والرياح. وهي تحاول هذا العام تطوير السياحة البحرية لجذب أصحاب اليخوت إليها.
وتعتمد موريشيوس على الاقتصاد الحر وتوفر مناخًا مساعدًا على الاستثمار، وبها إحدى أكبر المناطق الاقتصادية الحرة في العالم. ويقدر حجم اقتصادها بنحو 22 مليار دولار في إحصاء عام 2014. كما أن نصيب الفرد من الدخل القومي يصل إلى 17 ألف دولار سنويًا، وهو من أعلى الدخول في أفريقيا.
ويتمتع السائحون في موريشيوس بكثير من الوصفات الغذائية التي تتنوع بين المطابخ الصيني والهندي والفرنسي مع بعض الأطباق المحلية التي تعتمد على أنواع التوابل والبهارات المحلية.

النباتات والحيوانات النادرة

تحظى موريشيوس ببعض أكثر النباتات والحيوانات ندرة في العالم وأسهم في ذلك عزلة الجزر عن العالم الخارجي وعدم وجود سكان فيها حتى القرون الوسطى ومع ذلك فإن زيادة التعداد الآدمي واستقدام أنواع جديدة من الحيوانات والنباتات والطيور أصبح يهدد البيئة الطبيعية في موريشيوس ولم يتبق من الغابات الاستوائية التي كانت تغطي كل الجزر تاريخيا إلا نسبة اثنين في المائة ضمن إطار محميات طبيعية.
وقد اندثر أكثر من مائة نوع من فصائل النبات والحيوان في موريشيوس كما أن كثيرًا منها يواجه الآن خطر الانقراض. وبدأت في موريشيوس جهود المحافظة على البيئة في الثمانينات بمشروعات لإعادة زراعة وتربية الأنواع المهددة وتقديمها إلى المحميات الطبيعية.
ومن أشهر الأنواع المنقرضة في موريشيوس طائر الدودو الذي استقر في الجزيرة منذ أربعة ملايين عام وفقد القدرة على الطيران لعدم وجود أعداء طبيعيين له في الجزيرة. ومع وصول البحارة الأجانب إلى الجزيرة كان الطائر الذي يزن 50 رطلا مصدرا سهلا للغذاء. ومع استقرار الهولنديين في موريشيوس جلبوا معهم أنواعًا جديدة من الحيوانات، مثل الفئران والقرود والخنازير التي كانت تتغذي على بيض الدودو في أعشاشه الأرضية. وتحول الدودو إلى طائر نادر ثم انقرض بعد أن تم قتل آخر طائر من هذا النوع في عام 1681.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أکثر من ملیون فی موریشیوس فی أفریقیا فی عام

إقرأ أيضاً:

«الوطني الفلسطيني» يدعو المجتمع الدولي للتعامل بشكل عملي مع القرارات الأممية التي تدعم القضية الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

رحب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار الفلسطيني، الذي يطالب إسرائيل بإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين.

وقال «فتوح» - في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أمس الأربعاء - "إن هذا القرار انتصار لعدالة القضية الفلسطينية، ويعكس تأييد المجتمع الدولي للحق الفلسطيني وحقه في تقرير المصير، ويدعو إسرائيل إلى الالتزام الكامل بمسؤولياتها القانونية التي تفرضها المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ويؤكد على ضرورة إنهاء جميع أشكال الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الفلسطينية المشروعة، وعلى رأسها إنهاء الاحتلال عن الاراضي الفلسطينية المحتلة وتعويض المتضررين وعودة النازحين إلى اماكن إقاماتهم وتفكيك المستوطنات باعتبارها غير قانونية وخرق للقانون الدولي واتفاقيات جنيف" مؤكدا أن استمرار هذا الزخم الدولي، هو خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال. 

كما جدد دعوته للمجتمع الدولي أن يتم التعامل بشكل عملي مع القرارات الاممية التي تدعم القضية الفلسطينية، داعيا إلى اتخاذ خطوات عملية لإنهاء حرب الإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها وجرائمها المستمرة للقانون الدولي، والعمل على تحقيق السلام العادل والشامل المبني على قرارات الشرعية الدولية.

في السياق، رحب أمين سر اللجنة التنفيذية حسين الشيخ، بتصريحات ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أمام مجلس الشورى السعودي، والتي أكد فيها أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال الشيخ - في تصريحات أوردتها (وفا) - "أعبر عن امتناني باسم القيادة الفلسطينية ممثلة بالسيد الرئيس محمود عباس على مواقف الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان والمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبا في ظل الدعم اللا محدود الذي شكّل حاضنة للقضية الفلسطينية وداعما رئيسا لها".

مقالات مشابهة

  • «الوطني الفلسطيني» يدعو المجتمع الدولي للتعامل بشكل عملي مع القرارات الأممية التي تدعم القضية الفلسطينية
  • ضوابط وشروط تراخيص معاهد تدريب البحارة العاملين على اليخوت.. اعرف التفاصيل
  • مليارديرات هوليود.. من أين جنى أغنى مشاهير الفن ثرواتهم؟
  • وزير الصحة: مصر أكبر منتج للأدوية في أفريقيا والشرق الأوسط
  • دولة عربية في الصدارة.. أكثر الدول استقطابا لأصحاب الثروات في 2024
  • كيف انتهى الحكم العماني في شرق أفريقيا؟ كتاب يجيب (2من2)
  • كيف انتهى الحكم العماني في شرق أفريقيا؟ كتاب يجيب (2 من2)
  • مصادر: "الخطوات المتهورة" التي تخطط لها حكومة نتنياهو في الشمال قد تورِّط إسرائيل في مشكلة أكثر صعوبة
  • مصر: نحن أكثر دولة متضررة من التصعيد في البحر الأحمر.. ويجب إنهاء حرب غزة
  • وزير الخارجية المصري: بلادنا أكثر دولة متضررة من التصعيد في البحر الأحمر