جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-16@23:09:51 GMT

أمير العفو.. إلى رحمة الله

تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT

أمير العفو.. إلى رحمة الله

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

"إننا لن ندخر وسعًا وجهدًا في سبيل حماية مقدرات ومكتسبات وطننا الحبيب، ولن نتوانى في اتخاذ أي قرار يضمن للبلاد أمنها واستقرارها، في ظل نهجنا الديمقراطي الأصيل ودستورنا القويم وعاداتنا وأعرافنا العريقة. واعلموا أن الكويت والكويتيين أمانة في أعناق قيادتها السياسية" نواف الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله.

********

في الثلاثين من سبتمبر من العام 2020، تولى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مسند الإمارة في دولة الكويت، بعدما كان وليًا للعهد في فترة حكم الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح؛ حيث تمت مبايعته وليًا للعهد في 20 من فبراير من عام 2006، بعدما صدر مرسوم أميري بتعيينه في 6 من فبراير عام 2006.

وفي يوم السبت الموافق السادس عشر من ديسمبر من عام ألفين وثلاثة وعشرين ميلادية، انتقل الشيخ نواف إلى رحمة الله، مُخلِّدًا ذكرى حسنة وأثرًا طيبًا ملؤه التواضع والرحمة والعمل الإصلاحي ومكافحة الفساد، رحمه الله رحمة واسعة وغفر له وأسكنه فسيح جناته.

وفي نفس اليوم وبعد وقت قصير من إعلان وفاة الأمير نواف الأحمد، عقد مجلس الوزراء الكويتي اجتماعًا طارئًا، ونادى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميرًا على دولة الكويت، وإعلان تعطيل الوزارات والقطاع العام والخاص لمدة ثلاثة أيام، وإعلان الحداد الرسمي في البلاد لفترة أربعين يومًا.

حفظ الله حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد ووفقه لما فيه خير للبلاد والعباد.

والشيخ نواف الأحمد- رحمه الله- من مواليد 25 يونيو 1937، ونشأ وترعرع في بيوت الحكم منذ ولادته، وتلقى تعليمه في مدارس الكويت، وفي 12 فبراير 1962. وتولى منصب محافظ حولي، وبعدها تولّى عدة وزارات منها الداخلية والدفاع والشؤون الاجتماعية والعمل، ثم في 16 أكتوبر 1994 تولى منصب نائب رئيس الحرس الوطني بدرجة وزير، ثم عاد للحكومة؛ حيث تولى وزارة الداخلية من 13 يوليو 2003، حتى فبراير 2006. وكانت آخر مناصبه الوزارية منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في 16 أكتوبر 2003.

تسلّم الشيخ نواف الأحمد الحكم في فترة دقيقة من تاريخ الكويت؛ حيث كانت أزمة "كوفيد-19" تشغل العالم بتفاصيلها، وبعد استلامه للإمارة، كانت واضحة نواياه لبدء صفحة سياسية داخلية جديدة، وطي ما مضى من أمور أدت لصدور أحكام قضائية بحق عدد من الشخصيات السياسية؛ حبث كان عدد من رموز المعارضة البرلمانية خارج البلاد، وقد أصدر سمو الأمير الراحل قرارات بالعفو والصفح عن الكثير منهم، وعادوا بالفعل إلى البلاد دون أية مساءلة أو شروط، أحرارًا في بلدهم وبين ذويهم. بعدها توالت قرارات العفو والصفح، حتى كانت آخر القرارات قبل أيام من وفاته رحمه الله.

ورغم فترة حكمة القصيرة كقياس تاريخي، فقد ترك أثرًا لا يُنسى، وتوالت مبادرات العفو في عهده، ويكاد الوضع قد وصل إلى عدم وجود سياسي واحد خارج البلاد بفضل مبادراته الطيبة، وبالطبع كانت محاولات الإصلاح السياسي الداخلي تسير جنبًا إلى جنب مع جهود مكافحة الفساد؛ حيث كُشفت أمور عديدة في هذا الصدد، ولم يُوضع غطاءً لأي متهم؛ بما فيهم أفراد من الأسرة الحاكمة الذين تقلدوا مناصب مُهمة سابقًا، ولأول مرة في تاريخ البلاد يُدان منتسبون لمرفق القضاء بتهمٍ مُتعددة؛ مما أعطى انطباعًا بأن المسطرة متساوية مع الجميع، ولا حصانة إلا للعمل الذي لا يحمل شبهات. ولا شك أن للعدالة قدرها المؤثر في استقرار أي بلد، ولها أثر بالغ في تحول التنمية وتطور البلاد، وحفظ الحقوق.

لا ريب أن الدنيا زائلة، وأن ابن آدم ليس مُخلدًا فيها، والشيخ نواف الأحمد من عينة الذين تركوا أثرًا وانطباعًا حسنًا، فقد كان مُحترمًا في تفاصيل حياته منذ المنصب الأول محافظًا لحولي، حتى تبوأ مسند الإمارة، يستحيل أن تجد أحدًا يتهمه في ذمته المالية، أو أنه استخدم صلاحياته للتعسف وفرض أمور تنطوي على ضرر بالمواطنين، لكنه كان لينَ الجانب متدينًا متواضعًا، وفي نفس الوقت كان عطوفًا مع أبنائه من الذين أصدرت بحقهم أحكامٌ قضائية، فأصدر لهم العفو تلو الآخر؛ ليعودوا لبلدهم ويساهموا في نهضته وبلا أي شرط أو قيد أو مساءلة.

يتذكره الكثير كرجل يُصلّي وسط الناس دائمًا في المسجد المجاوِر لمنزله، خاصةً صلاتي الفجر والجمعة؛ حيث يأتي بسيارته الخاصة وهي سيارة عادية جدًا وليست من السيارات الفخمة، رغم أنه يملك كل شيء من مال وجاهٍ وسلطة، لكنه- رحمه الله- طوّعها له ولم تُطوِّعه، فكانت الذكرى الجميلة لحاكم إحدى أغنى الدول في العالم متواضعًا بين شعبه الوفي.

إن نموذج الشيخ نواف تاريخيًا قلَّ نظيره، فلم تُبهرْهُ السُلطة، ولم يرفع ذاته بصولجان الحكم، لكنه رفع نفسه ورفعه الله بتواضعه وتديُّنه ورحمته لشعبه وصيانته للأمانة.

رحم الله الشيخ نواف، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته، وحفظ الله سمو الأمير مشعل الأحمد ووفقه لقيادة الكويت للتطور والازدهار، آمنةً مُطمئنةً بقيادته رعاه الله.

قال تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 105).

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أمين الإفتاء: مجتمع بلا رحمة يفقد صلته بالله

شدّد د. عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أن الرحمة ليست مجرد قيمة أخلاقية، بل هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي. 

وأوضح أن المجتمع الذي يغيب عنه التراحم لا يمكن وصفه بالمجتمع الرباني، لأنه فقد أحد أهم المعاني التي أرادها الله في خلقه.

وقال الورداني في تصريح له، إن بداية تكوين الإنسان نفسه تنطلق من الرحمة، مستشهدًا بأن كلمة "الرحم" التي يولد منها الإنسان مشتقة من "الرحمة"، وهو ما يجعل الرحمة جزءًا أصيلًا من تكوين المجتمع من لحظة الميلاد. 

وأضاف: "كما يبدأ القرآن الكريم بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، ينبغي أن يبدأ المجتمع أيضًا بالرحمة كمنهج وسلوك".

أدركت الإمام في الركوع ولم أردّد تكبيرة الإحرام.. فهل صلاتي صحيحة؟ أمين الفتوى يجيبكيفية الجمع بين الحج والعمرة في نفس الوقت.. أمين الفتوى يوضح

وأكد أن القرآن الكريم هو كتاب من كتب الرحمة، والمجتمع بدوره يجب أن يكون كتابًا آخر تتجلى فيه معاني الرحمة والمودة، مستشهدًا بقول الله تعالى: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب"، مشيرًا إلى أن المجتمع الذي يسير في طريق الله لا يقوم إلا على المحبة والتآلف.

وتطرق الورداني إلى التحديات التي تواجه العالم المعاصر، من تدهور في القيم إلى قسوة في العلاقات الإنسانية، معتبرًا أن هذه المظاهر علامات على سقوط حضارات لم تجعل الرحمة ضمن بنيانها. 

وقال إن الحضارات التي تنسى البعد الإنساني مصيرها الزوال، مهما بلغت من تقدم مادي.

كما لفت إلى أن التحديات الكبرى مثل الأزمات البيئية والصراعات لا ينبغي أن تفصل الإنسان عن رحمته، بل هي فرص لإعادة اكتشاف معنى الرحمة في السلوك اليومي والمواقف الجماعية.

 وأضاف: "الكون ليس ملكًا لنا وحدنا، بل هو لله، ونحن لسنا بمفردنا فيه.. الله معنا، وسبقت رحمته كل شيء".

وختم كلماته بالتأكيد على أن ما يدفع الإنسان للخير والدعاء والمساندة ليس إلا شعورًا داخليًا نقيًا بالرحمة، وهي التي تمنحه الكرامة، وتربطه بخالقه، وتمنعه من الانجرار خلف القسوة، قائلًا: "بدأنا من عند الله، وبدأنا بالرحمة، فهي التي تُبقي على إنسانيتنا حيّة".

مقالات مشابهة

  • أمين الإفتاء: مجتمع بلا رحمة يفقد صلته بالله
  • سرب من الطائرات الحربية الكويتية يرافق طائرة الرئيس السيسي أثناء مغادرته الكويت «فيديو»
  • أمير البلاد في مقدمة مودعيه..الرئيس السيسي يغادر الكويت
  • هل يجوز أداء ركعتين فقط بنية تحية المسجد والسنة القبلية..علي جمعة يوضح
  • 12 صورة ترصد وصول الرئيس السيسي الكويت.. والشيخ مشعل في مقدمة مستقبليه
  • أمير الكويت يستقبل الرئيس السيسي بالمطار الأميري
  • أمير الكويت يستقبل الرئيس السيسي فور وصوله إلى البلاد
  • شيخ شمل قبائل علكم بعسير الشيخ عبدالله آل حامد في ذمة الله
  • الرئيس السيسي يزور الكويت اليوم
  • مجمع البحوث الإسلامية: لا تقل هذه الكلم .. تطردك من رحمة الله