تقتير العاطفة الأبوية عصف بحياتي
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
سيدتي، سعيدة أنا من أنني وجدت قلبك الدافئ الحنون الذي يحتوي شجني وحزني، ولعل أكثر ما سيزيد من غبطتي أنني سأحظى بحيز من هذا الفضاء حتى يكون لجبر خاطري على يديط نصيب.
سيدتي، أنا زوجة في قمة الحيرة، فقد إستتب الحزن في قلبي منذ سنوات. وقد آن الأوان حتى أغرس السكينة التي أريد أن تكون عنوانا لحياتي وما بقي لي من عمري.
أنا متزوجة منذ أزيد من عقدين من الزمن من رجل لم اشعر معه يوما بالسعادة. فهو إبن أمه ولا يهمه سوى ان يكون في مستوى ما يريده أهله منه.
الأمر الذي جعل من قلبي لا يعزف على سنفونية الفرح لحنا، حيث أنني عشت الهوان والمذلة إلى جانب من لم ينصفني. عدا ذلك فأهل زوجي يرون في غياب أبي عن حياتي سببا في تصغيرهم وتحقيرهم لي.
هذا هو مربط الفرس في حياتي سيدتي، حيث أنني لطالما لمست من أهل زوجي تضييقهم الخناق عليّ كون أمي مطلقة وكون أبي يحيا في مدينة أخرى ولا يزورنا إلا قليلا.
أرى فراقا كبيرا في التعامل بيني وبين زوجات أخ زوجي ممن لهنّ آباء، حيث أنهن تحضين بمعاملة خاصة. هذا ما دفعني اليوم إلى أن أحاول ربط حبال الوصال مع والدي علّه يظهر في حياتي حتى يخلّصني وأولادي من هذا الرهاب الذي أحياه بين أهل زوحي. وغربة ما بعدها غربة بيني وبين أولادي الذين ينعتوني بالمستضعفة الذليلة التي لا حول لها ولا قوة أمام حماتي وبناتها.
صدقيني سيدتي أريد أن أنتفض حتى لا يحيا أبنائي ما عشته من تقتير نفسي، فكيف السبيل أن أحظى بهناء العيش والأمان؟. هل لظهور أبي في حياتي دور لأنعم ببعض السعادة. أم أنّ الأمر لا يعدو إلا أن يكون إحساسا بالنقص مني حيال ما أراه من تواجد لآباء زوجات أخ زوجي والذي لم يزدهم إلا رفعة؟
التائهة ع.سندس من الشرق الجزائري.
الرد:تلعب التراكمات كبير الدور في أن يعرف المرء طريقا للسعادة بعد سلسلة من الأسى التي مر بها. حيث أن الذكي من يجعل من الإنكسار والإحباط محفزا ليغرف من السعادة. في حين يبقى من يشكّ في قدرته عاجزا على أن يجد لقلبه مخرجا من هالة كبيرة من الحزن واللوعة.
هذا تماما ما حدث معك أخية، حيث أنك وللأسف لازلت تحيين تحت وطأة الحرمان الذي تسبب فيه غياب والدك عن حياتك. لدرجة بتّ متوجّسة من غد غامض لا تدرين كيف سيكون وتحت كنفك أبناء محتاجون إلى رعاية وعناية وحب وإحتواء.
من الجميل أنك عرفت مربط الفرس، الذي من خلاله تمكنت من فهم ذهنية أهل زوجك الذين إستصغروك لأنك عشت من دون أب. فعوض أن يحتضنوك ويلفوك بالحب والإحتواء أداروا لك ظهرهم وعاملوك بما زاد من حدّة ألمك خاصة مع علمهم أن زوجك لا يفقه في لغة المشاعر والعواطف شيئا.
ومن هذا المنطلق وإيمانا منك أنّ هذا ما قد يردّ لك الإعتبار بين من شكلوا لديك عقدة. فمن الطبيعي أن تتواصلي مع والدك وتستنجدي به، فحتى لو أنه يحيا بعيدا عن المدينة التي تحيون فيها فمن حقك أن يكون عزوتك بين أهل زوجك، فيلوم من يستحق اللوم. ويزجر من يستحق الزجر، حتى لا تسوّل لأي كان نفسه لأن يضرّك ويهينك.
كذلك، ومن واجبك أيضا أن لا تنقلي عدوى الخوف والإحساس بالهوان لأبنائك. بالعكس كوني أنت حصنهم المنيع واللبؤة التي لا تترك ايا كان الإقتراب من ابنائها.
عليك سيدتي وعوض تضييع الوقت في البكاء على الأطلال أن تصنعي لنفسك كيانا يغير من لغة تعامل أهل زوجك معك إلى لغة إحترام ولين. فما خطبك إن أبى والدك الظهور في حياتك ومنحك العاطفة والمكانة التي ترجينها؟.
من الضروري ايضا أن تحسسّي زوجك بفداحة ما يقدم عليه، فمهما كانت قيمتك رخيصة عنده. فلأولاده حقّ الحماية والرعاية النفسية وليس الإضطهاد والهوان.
إجعليه يفهم هو وأهله أن ما تمارسينه من خنوع وسكوت لا يعني أبدا الخوف أو الذلّ بقدر ما هو نوع من الإحترام الذي تريدين لأبنائك أن يحيو فيه بين أهلهم. فأنت تدوسين على كرامتك حتى لا يكون مصيرهم أن يحيوا بعد طلاقك من أبيهم-بعد إستحالة العيش تحت سقف واحد-منكسرين متذمّرين.
مفاتيح الحياة الجديدة التي تتوقين إليها سيدتي بين يديك، فلا تهوّلي من الأمور ولا تمنحي لأي كان دور السبب في أن تعانقي السعادة. لأن هذه الأخيرة قناعة وليست أناسا يحسبون أن بيديهم قوة الحلّ والربط في حياة الآخرين.
ردت: “ب.س”
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس: الرجاء هو المحرك الذي يعضد المربي في التزامه اليومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبل قداسة البابا فرنسيس، صباح اليوم السبت، في قاعة بولس السادس بالفاتيكان أعضاء الجمعية الإيطالية للمعلمين الكاثوليك؛ والاتحاد الكاثوليكي الإيطالي للمعلمين والقادة والمربين والمنشئين؛ وجمعية أولياء أمور المدارس الكاثوليكية.
ووجّه البابا فرنسيس كلمة رحّب فيها بضيوفه وقال: يسعدني أن ألتقي بكم بمناسبة الذكرى السنوية لجمعياتكم: الذكرى السنوية الثمانين للجمعية الإيطالية للمعلمين الكاثوليك وللاتحاد الكاثوليكي الإيطالي للمعلمين والقادة والمربين والمنشئين، والذكرى السنوية الخمسين لجمعية أولياء أمور المدارس الكاثوليكية. إنها مناسبة جميلة للاحتفال معًا وتذكر تاريخكم والتطلع إلى المستقبل. هذه الممارسة، هذه الحركة بين الجذور والثمار، هي مفتاح الالتزام في المجال التربوي.
وأضاف البابا فرنسيس يقول: يتمُّ لقاؤنا في الزمن الليتورجي لعيد الميلاد، زمن يُظهر لنا أسلوب الله التربوي. وما هو "أسلوبه التربوي"؟ إنه أسلوب القرب. مثل المعلّم الذي يدخل عالم تلاميذه، يختار الله أن يعيش بين البشر لكي يعلّمهم بلغة الحياة والمحبة. وُلِد يسوع في حالة من الفقر والبساطة، وهذا الأمر يذكّرنا بأسلوب تربوي يُقدّر ما هو جوهري، ويضع في المحور التواضع، المجانية، والاستقبال. يعلّمنا الميلاد أن العظمة لا تتجلى في النجاح أو في الغنى، بل في المحبة وخدمة الآخرين.
وتابع: إن أسلوب الله تربوي هو تربية على العطاء، ودعوة إلى العيش في شركة معه ومع الآخرين، ضمن مشروع أخوّة عالمية، وهو مشروع تحتل فيه العائلة مكانة مركزية لا بديل لها. كذلك، يشكل هذا الأسلوب التربوي أيضًا دعوة للاعتراف بكرامة كل شخص، بدءًا من الذين يُستَبعَدون ويعيشون على الهامش، كما كان يتمُّ التعامل مع الرعاة لألفي سنة خلت، ولتقدير قيمة كل مرحلة من مراحل الحياة، بما في ذلك الطفولة.
وأوضح البابا: يتزامن لقاؤنا اليوم أيضًا مع بداية مسيرة اليوبيل، التي انطلقت قبل أيام قليلة عبر الاحتفال بالحدث الذي دخل من خلاله الرجاء إلى العالم بتجسّد ابن الله. إن اليوبيل لديه الكثير ليقوله لعالم التربية والمدرسة. في الواقع، إنَّ "حجاج الرجاء" هم جميع الأشخاص الذين يبحثون عن معنى لحياتهم، وكذلك الذين يساعدون الصغار على السير على هذا الدرب. فالمعلم الجيد هو رجل أو امرأة رجاء، لأنه يكرّس نفسه بثقة وصبر لمشروع النمو الإنساني. ورجاؤه ليس ساذجًا، بل هو متجذر في الواقع، تعضده القناعة بأن كل جهد تربوي له قيمته، وأن لكل شخص كرامة ودعوة تستحقان الاهتمام.
وأردف الأب الأقدس يقول: الرجاء هو المحرك الذي يعضد المربي في التزامه اليومي، حتى في الصعوبات والإخفاقات. ولكن ماذا علينا أن نفعل لكي لا نفقد الرجاء ولكي نغذيه كل يوم؟ علينا أن نبقي أنظارنا ثابتة على يسوع، المعلم ورفيق الدرب: هذا ما يسمح لنا بأن نكون حقًا حجاج رجاء. فكّروا في الأشخاص الذين تلتقون بهم في المدرسة، من شباب وبالغين: "جميعهم يرجون. في قلب كل إنسان يكمن الرجاء كرغبة وانتظار للخير، حتى وإن لم يكن يعرف ما سيحمل الغد معه". هذه الآمال البشريّة، من خلال كل واحد منكم، يمكنها أن تلتقي بالرجاء المسيحي، الرجاء الذي يولد من الإيمان ويعيش في المحبة. رجاء يتخطّى كل رغبة بشرية، لأنه يفتح العقول والقلوب على الحياة وعلى الجمال الأبدي.
وأفاد يقول: إنَّ المدرسة تحتاج إلى ذلك! اشعروا بأنكم مدعوون إلى بلورة ونقل ثقافة جديدة، تقوم على اللقاء بين الأجيال، وعلى الإدماج، وعلى التمييز بين الحق والخير والجمال؛ ثقافة مسؤولية، شخصية وجماعية، لمواجهة التحديات العالمية مثل الأزمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، والتحدي الكبير للسلام. في المدرسة، يمكنكم أن "تتخيّلوا السلام"، أي أن تضعوا أسس عالم أكثر عدالة وأخوّة، بمساهمة جميع التخصصات وبإبداع الأطفال والشباب.
ونوه قائلا: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أنتم هنا اليوم للاحتفال بمناسبات مهمة لجمعياتكم، التي ولدت لكي تقدّم مساهمة للمدرسة، من أجل تحقيق أهدافها التربوية بأفضل طريقة ممكنة. وليس للمدرسة كمجرد وعاء، وإنما للأشخاص الذين يعيشون ويعملون فيها: الطلاب، المعلمون، الأهل، الإداريون، وجميع أفراد الطاقم. في بداية مسيرتكم، كانت هناك البصيرة بأن المدرسة، بطبيعتها، هي مجتمع يحتاج إلى مساهمة الجميع، وأنه لا يمكن تحسينها إلا من خلال الاتحاد والسير معًا. لقد عاش مؤسسوكم في أزمنة كان فيها من الضروري الشهادة لقيم الشخص البشري والمواطنة الديمقراطية وتعزيزها، من أجل الخير العام؛ وكذلك قيمة الحرية التربوية.
ولا تنسوا أبدًا من أين أتيتم، ولكن لا تسيروا ورؤوسكم ملتفتة إلى الوراء، متحسرين على "الأيام الجميلة الماضية"! بل فكّروا في حاضر المدرسة، التي هي مستقبل المجتمع، وهي تواجه تحوّلاً تاريخيًا عميقًا. فكّروا في المعلمين الشباب الذين يخطون أولى خطواتهم في عالم التعليم، وفي العائلات التي تشعر بالوحدة في مهمتها التربوية. قدّموا لكل واحد منهم، بتواضع وحداثة، أسلوبكم التربوي والتشاركي.
واختتم البابا فرنسيس حديثه: أشجّعكم على القيام بكل هذا معًا، من خلال نوع من "الميثاق بين الجمعيات"، لأنكم بهذه الطريقة يمكنكم أن تشهدوا بشكل أفضل لوجه الكنيسة داخل المدرسة ومن أجل المدرسة. إنَّ الرجاء لا يخيِّب أبدًا والرجاء لا يبقى ساكنًا أبدًا، الرجاء هو في مسيرة على الدوام، وهو الذي يجعلنا نسير. سيروا إذًا قدمًا بثقة! أبارككم من كل قلبي، وأبارك جميع الذين يشكّلون شبكة جمعياتكم. ومن فضلكم، لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.