النهار أونلاين:
2024-07-10@04:08:45 GMT

تقتير العاطفة الأبوية عصف بحياتي 

تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT

تقتير العاطفة الأبوية عصف بحياتي 

سيدتي، سعيدة أنا من أنني وجدت قلبك الدافئ الحنون الذي يحتوي شجني وحزني، ولعل أكثر ما سيزيد من غبطتي أنني سأحظى بحيز من هذا الفضاء حتى يكون لجبر خاطري على يديط نصيب.

سيدتي، أنا زوجة في قمة الحيرة، فقد إستتب الحزن في قلبي منذ سنوات. وقد آن الأوان حتى أغرس السكينة التي أريد أن تكون عنوانا لحياتي وما بقي لي من عمري.

فمسلسل الآهات قضى على كلّ جميل في حياتي ولست أريده أن يلوّن سماء حياة أبنائي.

أنا متزوجة منذ أزيد من عقدين من الزمن من رجل لم اشعر معه يوما بالسعادة. فهو إبن أمه ولا يهمه سوى ان يكون في مستوى ما يريده أهله منه.

الأمر الذي جعل من قلبي لا يعزف على سنفونية الفرح لحنا، حيث أنني عشت الهوان والمذلة إلى جانب من لم ينصفني. عدا ذلك فأهل زوجي يرون في غياب أبي عن حياتي سببا في تصغيرهم وتحقيرهم لي.

هذا هو مربط الفرس في حياتي سيدتي، حيث أنني لطالما لمست من أهل زوجي تضييقهم الخناق عليّ كون أمي مطلقة وكون أبي يحيا في مدينة أخرى ولا يزورنا إلا قليلا.

أرى فراقا كبيرا في التعامل بيني وبين زوجات أخ زوجي ممن لهنّ آباء، حيث أنهن تحضين بمعاملة خاصة. هذا ما دفعني اليوم إلى أن أحاول ربط حبال الوصال مع والدي علّه يظهر في حياتي حتى يخلّصني وأولادي من هذا الرهاب الذي أحياه بين أهل زوحي. وغربة ما بعدها غربة بيني وبين أولادي الذين ينعتوني بالمستضعفة الذليلة التي لا حول لها ولا قوة أمام حماتي وبناتها.

صدقيني سيدتي أريد أن أنتفض حتى لا يحيا أبنائي ما عشته من تقتير نفسي، فكيف السبيل أن أحظى بهناء العيش والأمان؟. هل لظهور أبي في حياتي دور لأنعم ببعض السعادة. أم أنّ الأمر لا يعدو إلا أن يكون إحساسا بالنقص مني حيال ما أراه من تواجد لآباء زوجات أخ زوجي والذي لم يزدهم إلا رفعة؟

التائهة ع.سندس من الشرق الجزائري.

الرد:

تلعب التراكمات كبير الدور في أن يعرف المرء طريقا للسعادة بعد سلسلة من الأسى التي مر بها. حيث أن الذكي من يجعل من الإنكسار والإحباط محفزا ليغرف من السعادة. في حين يبقى من يشكّ في قدرته عاجزا على أن يجد لقلبه مخرجا من هالة كبيرة من الحزن واللوعة.

هذا تماما ما حدث معك أخية، حيث أنك وللأسف لازلت تحيين تحت وطأة الحرمان الذي تسبب فيه غياب والدك عن حياتك. لدرجة بتّ متوجّسة من غد غامض لا تدرين كيف سيكون وتحت كنفك أبناء محتاجون إلى رعاية وعناية وحب وإحتواء.

من الجميل أنك عرفت مربط الفرس، الذي من خلاله تمكنت من فهم ذهنية أهل زوجك الذين إستصغروك لأنك عشت من دون أب. فعوض أن يحتضنوك ويلفوك بالحب والإحتواء أداروا لك ظهرهم وعاملوك بما زاد من حدّة ألمك خاصة مع علمهم أن زوجك لا يفقه في لغة المشاعر والعواطف شيئا.

ومن هذا المنطلق وإيمانا منك أنّ هذا ما قد يردّ لك الإعتبار بين من شكلوا لديك عقدة. فمن الطبيعي أن تتواصلي مع والدك وتستنجدي به، فحتى لو أنه يحيا بعيدا عن المدينة التي تحيون فيها فمن حقك أن يكون عزوتك بين أهل زوجك، فيلوم من يستحق اللوم. ويزجر من يستحق الزجر، حتى لا تسوّل لأي كان نفسه لأن يضرّك ويهينك.

كذلك، ومن واجبك أيضا أن لا تنقلي عدوى الخوف والإحساس بالهوان لأبنائك. بالعكس كوني أنت حصنهم المنيع واللبؤة التي لا تترك ايا كان الإقتراب من ابنائها.

عليك سيدتي وعوض تضييع الوقت في البكاء على الأطلال أن تصنعي لنفسك كيانا يغير من لغة تعامل أهل زوجك معك إلى لغة إحترام ولين. فما خطبك إن أبى والدك الظهور في حياتك ومنحك العاطفة والمكانة التي ترجينها؟.

من الضروري ايضا أن تحسسّي زوجك بفداحة ما يقدم عليه، فمهما كانت قيمتك رخيصة عنده. فلأولاده حقّ الحماية والرعاية النفسية وليس الإضطهاد والهوان.

إجعليه يفهم هو وأهله أن ما تمارسينه من خنوع وسكوت لا يعني أبدا الخوف أو الذلّ بقدر ما هو نوع من الإحترام الذي تريدين لأبنائك أن يحيو فيه بين أهلهم. فأنت تدوسين على كرامتك حتى لا يكون مصيرهم أن يحيوا بعد طلاقك من أبيهم-بعد إستحالة العيش تحت سقف واحد-منكسرين متذمّرين.

مفاتيح الحياة الجديدة التي تتوقين إليها سيدتي بين يديك، فلا تهوّلي من الأمور ولا تمنحي لأي كان دور السبب في أن تعانقي السعادة. لأن هذه الأخيرة قناعة وليست أناسا يحسبون أن بيديهم قوة الحلّ والربط في حياة الآخرين.

ردت: “ب.س”

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: فی حیاتی حیث أن

إقرأ أيضاً:

هيهات منَّا الذلة

 

 

 

أ. د. حيدر أحمد اللواتي

جَرَت عادة المجتمعات البشرية أنْ تقوم بإحياء مناسبات تاريخية لها صلة بما تعاصر من أحداث مُهمة، سعيًا منها للاستفادة العملية والمعنوية من تلك الحوادث التاريخية، واليوم يواجه عالمنا الإسلامي تحديات جسام، ويتعرض أهلنا في فلسطين إلى قمع وظلم لا تصفه الكلمات، ومقابل هذا الظلم والقمع تتجسَّد أمام أعيننا أجمل وأروع صور الصمود الذي تقفه ثلّة صامدة بموقف قلَّ نظيره في مواجهة القوة العالمية الغاشمة، وتتجلَّى لنا قيم العزة والشجاعة التي يُسطرها أبطال المقاومة في العالم أجمع.

وتُصادف هذه الأيام أحد أهم الحوادث التاريخية التي مرَّت في تاريخنا الإسلامي ألا وهي "واقعة عاشوراء"، وهي الواقعة التاريخية التي حدثت في سنة 61 للهجرة، واستشهد فيها الإمام الحسين بن علي سبط النبي المصطفى، وتعرض أهل البيت فيها للسبي، فتم سبي السيدة زينب بنت الإمام علي وعدد من نساء أهل البيت من كربلاء إلى الكوفة، ومنها إلى الشام، وهي أولى الحوادث في تاريخ المسلمين التي تسبى فيها نساء مؤمنات. ومن العجيب أن  تكون السبايا بنات النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم!

وسبب الواقعة أنَّ الإمام الحسين عليه السلام، رفض بيعة يزيد بن معاوية، معللاً ذلك بقول بأنه "رجل فاسق فاجر"، وأنَّ "على الإسلام السلام بأن ابتليت الأمة براعٍ مثل يزيد"، وعلى الرغم من قلة المناصرين للإمام الحسين، إلا أنه أصرَّ على رفض البيعة، وعندما حذَّره بعض قوّاد الجيش الأموي الذي قدم لمحاربته، انتفض في وجه قائد الجيش قائلاً: "أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ سأمضي، وما بالموت عار على الفتى *** إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلماً

وآسى الرجال الصالحين بنفسه *** وفارق مثبورا وباعد مجرما

فإن عشت لم أندم وإن مت لم ألم *** كفى بك ذلا أن تعيش وترغما

وكانتْ المواجهة في يوم العاشر من المحرم، وعلى إثرها استُشِهد الإمام الحسين عليه السلام.

إنَّ أهم ما يميز "واقعة عاشوراء" أنَّ الإمام الحسين وأصحابه جسَّدوا فيها كل القيم النبيلة والتي يمكننا الاستفادة منها في غرسها في نفوسنا وفي نفوس أبنائنا ونحن نعيش ذكرى هذه الواقعة الأليمة، فتغدوا قيم الإباء ورفض الظلم والعزة والكرامة قيمًا مغروسة في أجيال المستقبل، من خلال استحضار مواقف وأقوال الإمام الحسين؛ إذ لا يمكن لمُنصِف يمرُّ على واقعة كربلاء إلا ويشعر بالعزة والكرامة والفخر من المواقف والشعارات والخطب التي أطلقها الإمام الحسين وأنصاره الذين رافقوه في مسيرته نحو الشهادة الخالدة.

فمنذ أول مواجهة بين سفير الإمام الحسين مسلم بن عقيل، وبين الكتيبة الأموية التي أُرسِلت لاعتقاله عندما كان في الكوفة، صرخ فيهم مسلم بن عقيل بعد أن جرَّد سيفه هادرًا بأرجوزته: أقسمتْ ألا أقتل إلا حرًّا... وإن رأيت الموت شيئا نكرا.

وظلَّت قيم الحرية والإباء ملازمة للحسين والثلة المؤمنة معه، وتردَّدت على شفاههم طيلة يوم العاشر من المحرم؛ فكان صوت الحسين يهدر تارة بقوله: "هيهات منَّا الذلة"، و أخرى بـ"لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد"، وثالثة: "كونوا أحرارا في دنياكم". ولهذا غدا الإمام الحسين سيد أباة أهل الضيم، وغدا مُعلِّم الإنسانية وأستاذها الذي علَّمها مفاهيم الحرية والإباء والعزة على مر العصور والتاريخ، وظلت ذكراه حاضرة في قلوب محبيه ومريديه، وغدا عَلَمًا لكل ثائر على الجور والظلم، كما ظلَّ الحسين وظلت ذكرى شهادته تقضُّ مضجع الظالمين؛ فالحسين كان ولا يزال بمواقفه وشعاراته التي رفعها يوم عاشوراء يوقظ الضمائر ويحيي النفوس، إلا أنَّ عظم المأساة جعلت البعض من محبي الإمام الحسين ومريديه يفرغون مناسبة إحياء ذكراه من كل قيم العزة والإباء، ويصرِّون على اختزالها بدموع يذرفونها، وصيحات يرددونها، وبحزن يعتصر قلوبهم بما لاقاه الحسين من محن وبلاء، بل ووصل ببعضهم أنْ يقفوا أمام كل من يريد أن يُحيي قيم الحسين في أيام شهادته، مُعللين ذلك بأنه يومٌ مخصص للحزن وذرف الدموع، مع أنَّ القرآن الكريم يؤكد أهمية أخذ العظة والعبرة من الحوادث التاريخية: "لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِم عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَبِ" (يوسف:111).

 ومن الملاحظ أنَّ المؤرخين يروون بأن الجيش الذي قاتل الإمام الحسين كان هو أيضًا يذرف الدموع عليه، كما كان أنصاره يذرفون دموعهم، لكن الفرق لم يكن قط في البكاء بين من نصره ومن خذله، وإنما انحصر الفرق بينهما في الموقف والقيم التي حملها الطرفان.

وبمقابل هؤلاء، هناك فئة أخرى من المسلمين وقفوا موقفًا سلبيًّا من الإمام الحسين وثورته، وألبسوا الثورة ثوبًا طائفيًّا، وبذلك حرموا أنفسهم من شم عطر الكرامة والشعور بالفخر من تاريخ الحسين ومن عطائه الثري.

إنَّ علينا نحن المسلمين أن ننتبه لهذه الحملات التي تسعى لبتر علاقتنا بالشخصيات الإسلامية الأصيلة وبالقيم التي جُسدت في مواقفهم؛ من خلال تحجيم تلك الشخصيات تارة، وإفراغها من قيمها التي جسدتها تارة أخرى؛ فعاشوراء كيفما نظرنا لها فهي معينٌ ثري لنهل دروس الكرامة والإباء، وحريٌّ بعالمنا الإسلامي لما يمر به من تحديات، وما يتعرض له أهلنا في فلسطين، أن يستغل هذه المناسبة ويتزود منها بقيم العزة والكرامة والإباء لنغرس في نفوس أبنائنا البطولة والشجاعة والشهادة في سبيل الله، وتكون حاضرة أمام أعيننا ونحن نتابع أبطال المقاومة في مختلف بقاع العالم من غزة وجنوب لبنان إلى سوريا وإيران واليمن والعراق، وهم يحملون قيم الحسين ومبادئه في وجه الظلم والجور، ويجسدون صرخته التي أطلقها يوم عاشوراء "هيهات منَّا الذلة".

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • نقطة.. سطر جديد
  • أوّلُ القَصَصِ «1»
  • الأسطورة ومساءلة الوعي
  • ساوثجيت يقاتل من أجل "حياته"
  • من خُد دِي إلى خُد دُول!
  • ساوثجيت يقاتل من أجل حياته!
  • مخطط حرب التجويع
  • هيهات منَّا الذلة
  • ماذا بعد الحرب: اليوم التالي
  • عام هجري جديد 1446هـ