لماذا لن تتوقف إسرائيل عن القتال في غزة رغم الخسائر المتزايدة؟
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
(CNN)-- قُتل تسعة جنود إسرائيليين في هجوم واحد في شمال غزة، الثلاثاء، وهو الحادث الذي كان من بين أكثر الحوادث دموية للقوات الإسرائيلية منذ بداية عمليتها البرية في 27 أكتوبر.
وقد أحدثت هذه الأخبار صدمة في جميع أنحاء إسرائيل، حيث لا يزال الكثيرون يشعرون بالحزن من الهجوم الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر. لكن المحللين يقولون إنه من غير المرجح أن يؤدي هذا الحادث إلى إضعاف التأييد للحرب بين الجمهور الإسرائيلي.
قال الخبيرة الأمنية والكولونيل المتقاعد في الجيش الإسرائيلي ميري آيسين لـCNN: "في الوقت الحالي، بالنسبة للجمهور الإسرائيلي، (التهديد من) القدرات العسكرية لحماس هو لدرجة أننا على استعداد للذهاب إلى عدد كبير نسبيا (من الضحايا) لتدميرها".
ويخدم زوج آيسين وأطفالها الثلاثة حاليًا في الجيش الإسرائيلي. وأضافت: "هذا لا يعني أنني أريد التضحية بأطفالي.. لا، هذا يعني أنني لا أعرف كيف سأتمكن من العيش هنا إلا إذا قمنا بتدمير حماس".
ومع ذلك، فإن هجوم الثلاثاء أصاب الإسرائيليين بشدة، وليس فقط بسبب العدد الكبير من القتلى.
قالت آيسين: "هذا المزيج من أنه كان لواء محددًا سقط فيه الكثير من الضحايا وكان يضم عددًا كبيرًا من الضباط رفيعي المستوى، جعل الأمر مؤلمًا للغاية. إننا نتألم اليوم".
وأضافت: "يكون الأمر صعبًا دائمًا عندما يُقتل الجنود، ولكن عندما يكون هذا المستوى من القيادة، فإن ذلك يضربك في أحشائك"، وتابعت: "هؤلاء هم القادة الذين قادوا مئات الجنود".
وقالت آيسين إن الحادث سلط الضوء على الطبيعة غير المتوقعة لنوع الحرب التي تشنها إسرائيل حاليا في غزة. اقتصرت المرحلة الأولى من العملية على الهجمات الجوية والمدفعية، التي تسببت في سقوط عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين، لكنها حافظت على سلامة الجنود الإسرائيليين لأن الجيش الإسرائيلي يتمتع بالتفوق الجوي على غزة.
ولكن بمجرد أن وضع الجيش الإسرائيلي قواته على الأرض، تغير الميزان إلى حد ما. ووفقا للجيش الإسرائيلي، أمضت حماس وقتا طويلا في التحضير لهذه الحرب، حيث قامت ببناء نظام أنفاق واسع، ونصب الفخاخ والدفاعات. وهذا على الأرجح أحد الأسباب التي جعلت هذا الغزو أكثر فتكاً بالنسبة للجيش الإسرائيلي من عمليته البرية في غزة عام 2014، والتي استمرت 51 يوماً وأدت إلى مقتل 67 جندياً إسرائيلياً.
وقالت آيسن: "في حرب المدن، تكون الميزة دائمًا للمدافع، ولهذا السبب قامت حماس ببناء نفسها في الساحة الحضرية وأنشأت ساحة تحت الأرض تحت هذه المنطقة الحضرية المحددة"، مضيفًة أنه في مثل هذه الحالات، تحتاج القوات المهاجمة إلى "خلق مزايا محلية" لتحقيق النجاح. وأضافت: "بالأمس، لم ينجح الأمر".
وقال الجيش الإسرائيلي إن الوحدة المتورطة في حادثة الثلاثاء هي لواء جولاني، وهي وحدة مشاة كانت تعمل داخل حي الشجاعية في وسط شرق غزة.
وفي بيان صدر الأربعاء، قال الجيش الإسرائيلي إن مقاتلي حماس “ألقوا متفجرات على الجنود وأطلقوا النار عليهم من داخل مبنى سكني توجد فيه أيضا بنية تحتية للإرهاب تحت الأرض".
وقال اللواء المتقاعد في الجيش الإسرائيلي إسرائيل زيف لـ CNN إن الحادث وقع في جزء مكتظ من حي الشجاعية، الذي قال إنه “معروف باستغلاله من قبل إرهابيي حماس لنشر العديد من قاذفات الصواريخ وإخفاء حفر الدخول إلى الأنفاق تحت الأرض، والتي تحرسها الفخاخ المتفجرة".
وقال زيف إن "القتال وتطهير الوجود الإرهابي في هذه المنطقة أمر محفوف بالمخاطر للغاية ويتطلب مستوى عال من الشجاعة والتصميم”، موضحًا أن الحادث كان مميتًا بشكل خاص لأنه بعد أن واجه فريق المشاة الأول مقاتلي حماس والفخاخ المتفجرة، سارعت فرق أخرى للرد.
وأضاف أن "هذا الاندفاع كان السبب الرئيسي لارتفاع عدد الضحايا".
"العالم لا يفهم ما يجري"
وبينما لا تزال الغالبية العظمى من الإسرائيليين تؤيد العملية في غزة، قال زيف إن هناك البعض الذين بدأوا يشككون في الطريقة التي تُدار بها الحرب.
وأضاف: "مثل هذه الحوادث تدفع إلى استخدام إجراءات بعيدة مثل القوات الجوية، بدلا من إرسال قوات للقتال وجها لوجه في تلك المناطق الحضرية القاتلة".
وقال كل من زيف وأيسين إن القتال على الأرض سيساعد في تقليل الخسائر في صفوف المدنيين مقارنة بالقصف الجوي.
لقد كان العدد الهائل من القتلى المدنيين في غزة بمثابة اختبار خطير للدعم الدولي لإسرائيل، حتى أن بعض أقرب حلفائها يدعون إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
قالت آيسين إنها ترى اتساع الفجوة بين الرأي العام داخل إسرائيل ووجهات نظر من هم خارج البلاد.
وأضافت: "أشعر بالتأكيد أن العالم لا يفهم ذلك، إنهم لا يفهمون أننا نرى هذا كتهديد وجودي، وأننا لا نستطيع العيش هنا طالما أن القدرات العسكرية لحماس موجودة".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الجيش الإسرائيلي حركة حماس غزة الجیش الإسرائیلی فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل ألغت غوغل قمة التعاون مع الجيش الإسرائيلي؟
بعد عام من بدء الحرب على غزة أصبحت العلاقة الوثيقة التي تجمع بين "غوغل" وجيش الاحتلال الاسرائيلي أكثر وضوحًا، إذ تكشفت أوراق تثبت استخدام الأخير لتقنيات "غوغل" في استهداف المدنيين داخل قطاع غزة وتعزيز قدرات جيشه.
ولكن يبدو أن أواصر هذه العلاقة تمتد إلى أبعد من الدعم اللوجستي المتمثل في التقنيات والمنتجات المختلفة، إذ ظهرت مجموعة من الصور والمستندات التي تثبت نية "غوغل" استضافة قمة تقنية لدعم جيش الاحتلال الإسرائيلي والتوفيق بينه وبين الشركات الناشئة التي تقدم خدمات يمكن للأخير الاستفادة منها.
قمة الجيش الإسرائيلي التقنية باستضافة وتنظيم "غوغل"بدأت القصة عندما لاحظ موقع "إنترسبت" (The intercept) ظهور مؤتمر مفاجئ عبر تطبيق تنظيم المؤتمرات "لوما" (Luma)، وكان هذا المؤتمر يحمل عنوان "مؤتمر الجيش الإسرائيلي التقني"، ووفق بيانات التطبيق، فإن المؤتمر كان موجهًا للمستثمرين والمبتكرين ومؤسسي الشركات التقنية التي تسعى للتعاون مع الجيش الإسرائيلي.
وفي خانة مكان المؤتمر، تم وضع "حرم غوغل في تل أبيب" مع وضع اسم "غوغل" و"ميتا" ضمن منظمي المؤتمر والرعاة الرسميين له إلى جانب قسم الأبحاث والتطوير في وزارة الدفاع الإسرائيلي "مافات" (Ma’Fat).
تدخل "غوغل" في هذا المؤتمر لم يقتصر فقط على التنظيم والرعاية، بل تضمن جمع المعلومات من كل المشاركين في المؤتمر، وهو ما تم توضيحه في اتفاقية مشاركة المعلومات الموجودة داخل التطبيق، وهو ما يشير إلى ارتباط وثيق بين "غوغل" والمؤتمر وغايات أخرى للشركة من هذا المؤتمر.
إعلانولكن عندما توجه موقع "إنترسبت" بسؤال إلى عملاق البحث، فإن الصفحة المتعلقة بهذا المؤتمر اختفت تمامًا من التطبيق، وجاء الرد الرسمي على لسان أندريا ويليس المتحدثة الرسمية للشركة بأن "غوغل" لا علاقة لها بهذا التطبيق، واكتفت الشركة بهذا الرد ولم تجب على أي سؤال آخر للموقع.
وفي يوليو/تموز الماضي، ظهرت صفحة أخرى متعلقة أيضًا بمؤتمر مماثل تابع لجيش الاحتلال، وظهر عبرها اسم "غوغل" كأحد المنظمين، وبحسب الشركة المنظمة للمؤتمر، فإن وجود اسم "غوغل" وسط المنظمين كان خطأً من طرفهم.
وذلك رغم أن بعض المستندات الداخلية في "غوغل" تؤكد رعايتها للمؤتمر، وهو الأمر الذي يثير المزيد من التساؤلات، إذ إن هذا لا يعني إلغاء "غوغل" لأي مؤتمر لها، ولكن الاختفاء من قائمة الرعاة ومن الواجهة الإعلامية.
الجيش الإسرائيلي يفرض رقابة عسكرية مشددة على سير الحرب على جبهات متعددة (الصحافة الأجنبية) لماذا تنكر "غوغل" هذه المؤتمرات؟في أبريل/نيسان الماضي، اندلعت مجموعة من التظاهرات التي تهاجم "غوغل" وترفض تعاونها مع الحكومة الإسرائيلية في المشاريع التي يتم استخدامها بشكل عسكري وتشارك بشكل مباشر في حرب غزة، هذه التظاهرات كانت من موظفي "غوغل" أنفسهم إلى جانب بعض المؤيدين الخارجيين.
بالطبع، قامت إدارة "غوغل" بإقالة بعض المرتبطين بالتظاهرات وقد وصلوا إلى 50 موظفا، وهو الأمر الذي أثار حنق المتظاهرين، وجعلت "غوغل" تبدو بشكل مريب أكثر، خاصةً وأن هذه التظاهرات كانت ضد مشروع أعلنت عنه "غوغل" سابقا تحت اسم "نيمبس" (Nimbus)، وهو يهدف لتزويد جيش الاحتلال بمجموعة من الخدمات السحابية لتعزيز قدراته.
تمكنت "غوغل" من تهدئة الرأي العام ضدها، ولكن هذا لا يعني تخليها عن المشروع أو توقفه، إذ كشفت بعض المستندات التي وصلت إلى موقع "إنترسبت" أن الشركة ما زالت ماضية في جهودها دون أي تغيير في الخطط.
إعلانوبينما قد يبدو تعاون "غوغل" مع جيش الاحتلال الإسرائيلي أمرًا مألوفًا نظرًا لكثرة الشركات التقنية العالمية المتعاونة معه، فإنه يثير العديد من التساؤلات خاصةً وأن المشروع مستثنى من قواعد "غوغل" العامة للصفقات التجارية والعسكرية، وذلك وفق مستندات مختلفة وصلت إلى موقع "إنترسبت".
تمنع قواعد "غوغل" العامة الشركة من المشاركة في أي مشروع قد يستخدم من أجل سلب الحقوق أو تعريض المدنيين للضرر الذي قد يصل إلى الموت في حالات عديدة، وهو ما ينطبق تمامًا على مشروع "نيمبس"، لذا قامت "غوغل" بابتكار آلية قوانين جديدة تشرّع هذا الاستخدام ضمن هذا المشروع فقط، أي أن حماس أو غيرها من الفصائل المقاومة لا يمكنها الاستفادة من تقنيات "غوغل" ذاتها، لأن القوانين العامة للشركة تمنع ذلك.
وبعد أن وجدت "محكمة العدل الدولية" أن وجود دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية هو أمر مخالف لكافة القوانين الدولية وأدانت الجهود العسكرية وجرائم الحرب المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني في حرب غزة الأخيرة، أصبح موقف "غوغل" أكثر صعوبة، كونها الآن تتعاون مع مجرم حرب بحكم المحكمة الدولية.
هل تغير "غوغل" خططها؟من الصعب الجزم بأن "غوغل" تعتزم تغيير خططها فيما يتعلق بالتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ إن الشركة ما زالت تتعاون معه رغم قرار محكمة العدل الدولية ومحاولة الشركة إبعاد نفسها بشكل رسمي عن جيش الاحتلال.
كما أن مكتب الشركة ما زال موجودًا فضلا عن افتتاحها مكتبًا جديدًا للأبحاث داخل اسرائيل وفق تقرير "رويترز" في يوليو/تموز الماضي ودفعها أكثر من 300 مليون دولار لتأجير مساحة عمل في أحد الأبراج البارز بتل أبيب في يونيو/حزيران الماضي.
كل هذه الجوانب تؤكد أن الشركة ما زالت ماضية في خطط التعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي رغم المعارضة العالمية التي تواجهها فضلًا عن الاعتراضات الداخلية ضد هذا التعاون، فهل ترضخ "غوغل" مستقبلًا؟ أم يجب على المعارضين اتخاذ خطوات أكثر وضوحًا؟